العمليات المسلحة في العراق ممولة ذاتيا عبر الخطف والنهب والفساد

 

قالت صحيفة نيويورك تايمز يوم الاحد ان العمليات المسلحة في العراق اصبحت ذاتية التمويل حيث تجمع عشرات الملايين من الدولارات سنويا من تهريب النفط وعمليات الخطف والتزييف وجرائم اخرى.

وقال تقرير سري للحكومة الامريكية حصلت الصحيفة على نسخة منه ان الجماعات المسؤولة عن كثير من الهجمات المسلحة والارهابية تجمع ما يتراوح بين 70 مليون دولار و200 مليون دولار سنويا من أنشطة غير قانونية.

ونقلت الصحيفة عن التقرير قوله ان ما بين 25 مليون دولار و100 مليون دولار من هذا المبلغ يأتي من تهريب النفط والانشطة الاجرامية الاخرى التي تشمل صناعة النفط المملوكة للدولة بمساعدة مسؤولين عراقيين"فاسدين ومتواطئين."

وقال التقرير ان 36 مليون دولار سنويا تأتي من الفدى التي تدفع نظير مئات من عمليات الخطف. ودفعت حكومات اجنبية لم يذكر اسمها، قال في الماضي مسؤولون امريكيون كبار ان من بينها فرنسا وايطاليا، دفعت للخاطفين 30 مليون دولار في شكل فديات في العام الماضي وحده.

ونقلت نيويورك تايمز ايضا عن التقرير قوله "اذا كانت تقديرات الدخل والمصروفات الاخيرة صحيحة فان الجماعات الارهابية والمتمردة في العراق ربما تملك اموالا فائضة تدعم بها تنظيمات ارهابية اخرى خارج العراق."

وقدم هذا التقرير الذي تم الانتهاء منه في يونيو حزيران مسؤولون امريكيون في العراق قالوا للصحيفة انهم فعلوا ذلك على امل ان تحسن هذه النتائج من تفهم الولايات المتحدة للتحديات التي تواجهها في العراق.

وقالت الصحيفة ان التقرير لا يطرح أملا يذكر في امكان فعل الكثير في اي وقت قريب لوقف تدفق الاموال الى المسلحين معترفا بقلة ما تعرفه السلطات الامريكية في العراق عن الجوانب الحاسمة في انشطة المسلحين.

وقالت نيويورك تايمز ان التقرير يرسم صورة قاتمة لقدرة الحكومة العراقية او استعدادها لاتخاذ الاجراءات الضرورية لاحتواء تمويل المسلحين.

وذكرت الصحيفة ان بعض خبراء الارهاب خارج الحكومة الذين أعطتهم الصحيفة ملخصا للتقرير انتقدوه لانعدام الدقة والاعتماد على التكهن.

وقالت الصحيفة ان هذا التقرير قامت باعداده مجموعة عمل تحقق في تمويل الجماعات المتشددة في العراق.

واكد مسؤول بادارة الرئيس جورج بوش وجود هذه المجموعة وقال انها تدرس كيفية دخول الاموال الى العراق .

وقال المسؤول ان اعضاء هذه المجموعة التي يرأسها مجلس الامن القومي من وكالة المخابرات المركزية الامريكية ومكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة مخابرات الدفاع ووزارة الخارجية ووزارة الخزانة والقيادة المركزية للجيش الامريكي التي تشرف على الحرب في العراق .

ويرأس هذه المجموعة خوان زاراتي نائب مستشار الامن القومي لمكافحة الارهاب.

وخلص التقرير ايضا الى ان العمليات المسلحة في العراق لم تعد تعتمد على المبالغ التي تتجاوز مليار دولار التي استولى عليها صدام حسين ورفاقه لدى انهيار نظام حكمه.

وقالت الصحيفة ان احتمال ان تتمكن الجماعات الارهابية التي تتخذ من العراق مقرا لها من تمويل هجمات خارج العراق تكرر على ما يبدو تأكيدات ادارة بوش ان الانتصار في هذه الحرب ضروري لمنع ان يصبح العراق ملاذا للارهابيين مثلما اصبحت افغانستان في ظل حكم طالبان.

ونقلت الصحيفة عن التقرير قوله ايضا ان الجهود الامريكية لتعقب تمويل العمليات المسلحة تتعثر بسبب ضعف الحكومة العراقية ووكالات مخابراتها الجديدة وانعدام الاتصال بين الوكالات الامريكية وبين الامريكيين والعراقيين وطبيعة اقتصاد العمليات المسلحة نفسه الذي يتم بشكل اساسي من خلال تحويلات مالية يدوية وليس من خلال وسائل يسهل تتبعها بشكل أكبر.

وذكرت "نيويورك تايمز" أنها تحصلت على نسخة التقرير من مسؤولين أمريكيين بالعراق، كما أشارت إلى تلقيها تأكيدات، من مسؤول في الإدارة الأمريكية، حول وجود مجموعة التحقيق بالفعل.

وخلص التقرير السري إلى أن أرصدة وممتلكات الرئيس العراقي السابق صدام حسين ورموز نظامه لم تعد مصدراً محورياً لتمويل عناصر العراق المسلحة، ويعود ذلك جزئياً للجهود التي قادتها الولايات المتحدة دولياً لتجميد القاسم الأعظم من تلك الأموال.

وقال الناطق باسم البيت الأبيض أليكس كونانت لـCNN، إنه لن يعقب على تقرير سري، وجاء في بيان للشبكة "عملنا مع الحكومة العراقية لحرمان وزعزعة مصادر التمويل غير المشروعة للعناصر الإرهابية، مازال قائماً وذلك يتماشى جنباً إلى جنب مع فرض القانون والنظام في العراق."

وتابع البيان "مازالت الجهود جارية وتواجه تحديات فريدة تتواكب وأوضاع العراق خصوصا استخدام ممارسات مختلفة منها الخطف لجني الاموال."

وأستطرد كونانت قائلاً إن الإدارة الأمريكية تقوم بجهود غير مسبوقة لقطع موارد التمويل عن الجماعات الإرهابية منذ 11/9 كان لها مردودات مؤثرة حيث أصبح الأمر أكثر صعوبة وأكثر كلفة وأعظم خطورة على القاعدة والتنظيمات المشابهة لها في جمع الأموال ونقلها حول العالم.

وفيما رفض التأكيد مباشرة على وجود مجموعة العمل الحكومية، قال كونانت إن مجلس الأمن القومي الأمريكي ينسق جهوداً حكومية للتعامل والتصدي للقضايا المتعلقة بتمويل العناصر المسلحة.

وعلق قائلاً في هذا الصدد "جهودنا في العراق تقودها قيادة القوات المركزيةCENTCOM ووزارة الخزانة وبمشاركة ومساعدة الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى."

هذا وقد اقتبست "نيويورك تايمز" عن خبراء تجسس وأمن قولهم إن غموض التقرير يعكس مدى إدراك أجهزة التجسس الأمريكية القليل بالمجموعات المسلحة في العراق.

وفي هذا السياق قالت الشرطة البريطانية ان عصابات اجرامية في العراق والشرق الاوسط تبيع أعمالا فنية مزورة عبر مزادات على موقع انترنت اي باي وفي أسواق التحف ببريطانيا لتمويل الارهاب.

ولم يتضح حجم عملية الاحتيال لكن وفقا لوحدة الاعمال الفنية والتحف بشرطة لندن فان القطع التي يزعم أنها عراقية أو من المنطقة قد تباع الواحدة منها بمبلغ يصل الى ألفي دولار.

وأبلغ المحقق ايان لوسون الصحفيين أنه "يجري تهريب القطع الاثرية بالاطنان من دول في الشرق الاوسط وتعود (الاموال) الى المنطقة وبعضها سيصل حتما نهاية الامر الى أيدي ارهابيين."

وأضاف قوله "نعلم أن هناك صلة بالارهاب."

وقال "ثمة اتجاه لتزوير القطع الاثرية في العراق وجلبها الى بريطانيا."

ويتم بعد ذلك بيعها الى السائحين أو صغار جامعي التحف.

وفي أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 تم نهب الاف الكنوز الاثرية من البلد وتهريبها الى جامعي التحف في أنحاء العالم.

وقال لوسون ان المجرمين تحايلوا على حظر بيع أي قطع مأخوذة من العراق بعد عام 1990 بتصنيفها على أنها من "حضارة ما بين النهرين."

وكان لوسون يتحدث في معرض للاعمال الفنية المزورة والمقلدة التي ضبطتها وحدته بشرطة لندن وضرب مثلا بمخروط "من حضارة ما بين النهرين" يزعم أن تاريخه يرجع الى 2100 الى 1800 سنة قبل الميلاد.

وقال لوسون "لدينا ما يدعو للاعتقاد بأن الاموال تعود الى العراق ربما لتمويل الارهاب أو المتمردين هناك" لكنه أضاف أنه لم تتم أي محاكمات بهذا الخصوص حتى الان.  

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد  26  /تشرين الثاني  /2006 - 4 /ذي القعدة /1427