الصين والهند عملاقان لدودان يسعيان للمنافسة في ظل المصالحة

  

تأمل الهند والصين الدولتان العملاقتان في آسيا في تحويل صداقتهما التي يشوبها الحذر الى علاقة تسودها الثقة مع وصول هو جين تاو اليوم الى نيودلهي في ثاني زيارة لرئيس صيني.

واستطاعت اكبر دولتين في العالم سكانا تناسي الذكريات المريرة لحرب حدودية عنيفة وأقامتا علاقات جديدة على اساس من العلاقات التجارية المتنامية.

ولكن انعدام الثقة الذي خلفه التاريخ مازال موجودا مما يشكل عقبة ويهدد بتعطيل ما يعتبر شراكة مربحة بين أسرع اقتصادين نموا في العالم.

ومن غير المتوقع تحقيق تقدم او ابرام اتفاق مثير خلال زيارة هو التي تستمر اربعة ايام على عكس ما حدث خلال زيارة الرئيس جيانج تسه مين عام 1996 والتي شهدت اتفاق البلدين على خفض التوتر على طول حدودهما المتنازع عليها في الهيمالايا والتي كانت سببا في الحرب التي نشبت بينهما عام 1962.

غير انها اتسمت بالثراء الرمزي للزيارات رفيعة المستوى والتوقعات بانها يمكن ان تفضي الى خطوات لتعزيز الثقة مع مرور الوقت وتخفيف الشكوك المتبادلة.

وقال سريكانث كوندابالي وهو خبير في الشؤون الصينية في نيودلهي لدراسات وتحليلات الدفاع "الدولتان بحاجة الى التحدث الى بعضهما بعضا بانتظام مع صعودهما الاقتصادي والعسكري. لايمكنهما تحمل انعدام الثقة وسوء الفهم."

وبالنسبة للصين فان الكثير من الخوف وانعدام الامن مرتبط بالتقارب المتزايد للهند مع الولايات المتحدة ودعمها التقليدي للاجئي التبت وقوة نيودلهي البحرية المتنامية في المحيط الهندي.

وبالنسبة للهند يعود الخوف الى علاقة الصين الراسخة بباكستان ومحاولاتها تطويق الهند بمنشات واستثمارات حساسة وما تنظر اليه نيودلهي على انه افتقار الى الحل الوسط بشأن النزاع الحدودي.

وبرزت احدث القضايا المنغصة يوم الاثنين عندما نظم اكثر من الف من لاجئي التبت احتجاجا في وسط نيودلهي ضد ما وصفوه بانه فظائع الصين في التبت قبل ساعات من وصول هو.

وقال تنزين شوينج احد منظمي المظاهرة "نريد ان يعرف العالم ان هو جين تاو قاتل وان الصين يجب ان تتوقف عن الاحتلال غير الشرعي لبلادنا."

وانضم الرهبان والراهبات البوذيون الى نساء التبت المسنات والطلبة في التلويح باعلام التبت وهم يهتفون "الموت لهو جين تاو" و" يحيا الدالاي لاما."

ويشمل جدول اعمال هو اجراء محادثات مع رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ والقاء كلمات امام قادة دوائر الاعمال في نيودلهي ومركز مومباي المالي وزيارة الى مدينة اجرا لرؤية تاج محل قبل التوجه الى باكستان.

وقال مسؤولون هنود إن من المتوقع ان توقع الدولتان عددا من الاتفاقات لتعزيز التعاون الدفاعي وحماية الاستثمارات الثنائية ودفع التجارة الاقليمية وتعزيز الصلات الدبلوماسية والثقافية والنقل.

وقال جاو جانشينج في معهد شنغهاي للدراسات الدولية "في هذا الموقف حيث تكون دولتان سريعتا النمو جارتين وتحتلان موقعا مماثلا في النظام الدولي من المحتم ان تثار مشاكل جديدة حتى مع حل المشاكل القديمة."

واضاف "اعتقد ان اكبر مشكلة يتعين علينا هو ان نتعامل معها هو كيف ترى كل دولة الدولة الاخرى."

ورغم انه ليس من المتوقع حدوث انفراج في الخلاف الذي مضى عليه عقود بشأن الحدود التي تمتد 3500 كيلومتر الا ان نيودلهي تأمل ان تدفع الصين الى تسوية مبكرة لنزاع ينظر اليه على انه مفتاح لعلاقات افضل.

ومن المرجح ايضا ان تسعى نيودلهي الى الحصول على دعم الصين لاتفاق تعاون نووي مهم مع الولايات المتحدة ضمن مجموعة الموردين النوويين التي تضم 45 دولة حيث من المتوقع ان يطرح الاتفاق المثير للجدل للموافقة في العام المقبل.

كذلك من المتوقع ان تضغط كل دولة على الاخرى من اجل شفافية اكثر في الاجراءات التجارية حيث من المتوقع ان تصل الى 20 مليار هذا العام وتواصل نموها بسرعة اكبر.

وبالنسبة لبكين يعد احد جوانب القلق الرئيسية تردد الهند في السماح باستثمارات صينية في قطاعات مثل البنية التحتية والاتصالات التي تنظر اليها الهند على انها جوانب مهمة للامن القومي.

وكتب دينجلي شين من جامعة فودان في شنغهاي في مجلة (اندياز اوتلوك) يقول "زيارة هو فرصة للجارتيين لمواجهة بعضهما بعضا بثقة متجددة وادارك انهما يمكن ان تستفيدا اكثر بالتعاون عن المواجهة."

وقال "عندما يستطيع 1.3 مليار شخص الانسجام مع مليار في اسيا من المقدر ان يكون العالم اكثر سلاما واكثر املا."

وقال الرئيس الصيني لدى وصوله الى دلهي ان هدف الزيارة "تعزيز الصداقة وتفعيل التنسيق والعلاقات الاقتصادية في المستقبل".

وكان الرئيس الصيني قد وصل الى العاصمة الهندية دلهي يوم الاثنين في اول زيارة من نوعها منذ عشر سنوات.

وبعد وصوله الى الهند التقى هو رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج ومن المقرر ان يلتقي نظيره الهندي في وقت لاحق.

وستستغرق زيارة هو الى الهند اربعة ايام، يزور خلالها العاصمة دلهي ومدينة مومباي عاصمة البلاد المالية.

ويقول مراسل الـ بي بي سي إن الخلافات السياسية طالما اضرت بالمصالح الاقتصادية المشتركة بين البلدين، خصوصا وان كليهما يسعى لاحتلال مركز القوة الاقليمية الكبرى.

وكان السفير الصيني لدى الهند قد اثار مؤخرا خلافا قديما يتعلق بمطالبة بلاده باقليم آروناتشال براديش الهندي، الامر الذي دفع وزير الخارجية الهندي براناب مكرجي الى الرد بأن الولاية "جزء لا يتجزأ من الهند."

ويعود تاريخ هذا الخلاف الى عام 1962، عندما خاض البلدان حربا حدودية ضروسا كانت الغلبة فيها للصين - الامر الذي لا يزال الهنود يتذكرونه بألم وحسرة.

من جهتها، تدعي الهند ملكية منطقة اقصاي تشين الواقعة الى الشمال من اقليم كشمير، والخاضعة للادارة الصينية.

وتتخوف الهند من العلاقات التي تربط الصين بمنافستها التاريخية باكستان، بينما تنظر بكين بعين الريبة والشك الى الاواصر النامية بين دلهي وواشنطن خصوصا بعد ان وقع الجاتبان الامريكي والهندي على اتفاق يتيح للهند الحصول على التقنية النووية.

ومن الامور المعقدة للعلاقات بين البلدين استضافة الهند لحكومة التيبت في المنفى (بقيادة الدالاي لاما الزعيم الروحي للبوذيين) التي تتخذ من مدينة دارامسالا في ولاية هيماتشال براديش الهندية مقرا لها.

وكان ناشط تيبتي بارز قد صرح في الاسبوع الماضي ان الشرطة الهندية قد منعته من مغادرة دارامسالا طيلة مدة زيارة الرئيس هو للبلاد.

يذكر ان كلا من الهند والصين قد حققتا معدلات مذهلة للنمو الاقتصادي في السنوات الاخيرة، ولكن الهند ما زالت متخلفة عن الصين في مجالات عدة حسب مراسلنا.

فبينما يجيد 95 في المئة من الصينيين القراءة والكتابة، لا يجيدها سوى 68 في المئة من الهنود، اما صادرات البلدين من المواد المصنعة، فقد بلغت في حالة الصين 713 مليار دولار في العام الماضي بينما لم تتمكن الهند من تصدير الا ما قيمته 71 مليار دولار.

هذا وسيتوجه هو الى باكستان بعد انتهاء زيارته للهند.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 21  /تشرين الثاني  /2006 -29 /شوال /1427