مشايخ وفتاوى.. وفوهات بنادق

 سعد البغدادي

  لم يكن الفقيه يحلم في يوم من الايام ان يمتلك السلطة في العراق الى جانب الثروة الطائلة التي تأتيه من هنا وهناك تحت مسميات الوقف او النذور او الزكاة والى غيرها من المسميات الاسلامية.

حلم هذا الفقيه هو تكوين ثروة الى جانب اصدار الفتوى التي تكون مكملة لهذه الثروة.

 تحول الفقيه الى وعاظ واسكافي لدى الانظمة الاستبدادية فقد رايناهم كثيرا ما يتمسحون بهم ويستصدرون الفتاوى المحرمة  لقتل الشعب العراقي.

 فقد استطاع عبد السلام عارف استصدار فتوى من فقهاء السنة في بغداد انذاك لذبح الاكراد وفعلا اصدر امجد الزهاوي فتوى باعتبارهم عصاة ومرتدين عن الدين الاسلامي وبالتالي جواز قتلهم.

كما استطاع عبد السلام م استصدار فتوى من النجف الاشرف بجواز قتل الشيوعيين باعتبارهم كفرة ومرتدين.

الا ان الامور بعد سقوط النظام بدءت تسير بمنحى اخر بعد ان انزوت الحركات الوطنية الى الصفوف المتاخرة لاسباب طبيعية وبعد سيطرة رجال الاسلام السياسي على المشهد العراقي ومع صعود نجم هذا التيار في الشرق الاسلامي غدت السيطرة واضحة لهذا التيار.

 وبالرغم من النكبات التي تسببها في المجتمعات التي ينشط فيها هذا التيار الا ان في العراق فالامر مختلف فقد اختلط العشائري القبلي بالديني ليشكل منظومة اخرى من الاسلام السياسي

تم استغلال  المشاعر الدينية في العراق الى ابعد المديات حتى وصلنا الى النزاعات الطائفية  بسبب دخول الفكر العشائري والبرجوزاي الى جانب الديني في المشهد اليومي.

كل هذه الامور تم استغلالها بشكل بشع وعلى  كل مجريات الازمة العراقية فاصبح التنافس على ريادة تلك الطائفة او هذه من مميزات المشهد العراقي ولم تعد الاحزاب والتكتلات السنية خصوصا والمشتركة في العملية السياسية ممثلا شرعيا لتلك الطائفة فقد افرزت الايام بروز مجلس عشائر الانبار الذي اعلن بصراحة ان الاحزاب السنية غير ممثلة له.

 ومن اجل ديمومة هذا التنافس برز اتجاه اخر يقوده حارث الضاري ذلك الاتجاه الذي بدء ينافس على السلطة المفقودة او التي بدءت تنهار بفعل دخول قوى جديدة على الساحة السنية استمعنا له وهو يتهم العشائر بانهم لصوص.

 في هذه اللفظة كان الضاري صادقا مع نفسه وصفهم باللصوص ترى ماذا يمكن ان يسرق رجل كبير او شيوخ عشائر سوى ما يخاف منه الضاري سرقة المنصب الريادي وزعامة السنة.

فهو لم يتوانى عن استخدام هذا المصطلح لوصف عشائر الانبار بما يحلو له فضلا عن تهجمه عن الحكومة العراقية التي يعرف جيدا انها تحاول بكل امكانياتها للخروج من هذه  الازمة.

طبعا الحديث لايشمل الضاري لوحده بل  يندرج تحت هذا الوصف الكثيرين من رجالات القبائل الذين تمترسوا تحت الغطاء الديني من اجل اضفاء الصبغة الشرعية لتحركهم السياسي وصولا الى المرحلة الاحقة وهي استخدام فوهات البنادق من اجل تحقيق كامل الاهداف.

 حاول الضاري استخدام هذا التوجه من خلال تعاونه مع تنظيم القاعدة وهو لاينكر هذا الدعم بل حاول المجاهرة به علنا من اجل كسب المزيد من ابناء السنة الذي يتوهم انهم من انصار القاعدة او في افضل الاحوال ممن يقبلون باعمالهم.

الا ان هذا التصرف سوف يوقعه باحراجات كبيرة كما سنرى مع الاردن التي تستضيفه وهي ترى ان هذا التنظيم ارهابي ولايجوز التعاون معه.

الا ان الوضع في العراق سيظل مختلفا من خلال اشتداد الازمة الطائفية والقتل اليومي على الهوية  ,استخدام فوهات البنادق من اجل تحقيق المكاسب المادية وترسيخ مفهوم المحاصصة الطائفية  في الدولة الحديثة من قبل هذه الرجالات امر اصبح واضح الدلالة فلا يمكن للدولة ان تتجاوز هذا النسيج ووضعها  تحت الامر الواقع وبالتالي ابعاد القوى الوطنية عن الحراك السياسي.

 فوهات البنادق فتحت نارها على العراقيين ولايستطيع اي فصيل مقاوم ان يدعي خلاف ذلك وانى له الادعاء " تلك هي مفخرة الطائفيين وذلك هو الانجاز  الذي قدمه لنا التحالف القبلي الديني امراء على شاكلة الضاري.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 21  /تشرين الثاني  /2006 -29 /شوال /1427