كيسنجر يرى ان النصر الامريكي في العراق مستحيل ويدعو الى مؤتمر دولي

دعا وزير الخارجية الاميركي الاسبق هنري كيسنجر الاحد الى عقد مؤتمر دولي لبحث مستقبل العراق الذي لم تهدأ فيه وتيرة العنف الدامي منذ الغزو الاميركي البريطاني في آذار/مارس 2003.

وقال ردا على اسئلة لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) من منزله في كونكتيكت شرق الولايات المتحدة "علينا ان نقدم في المدى القصير تحديدا دوليا لما يمكن ان يكون حلا شرعيا بمعنى امر يمكن قبوله من الدول المجاورة ومنا ومن حلفائنا".

واضاف كيسنجر الحائز جائزة نوبل للسلام "يجب في المدى القصير ان يتم تنظيم مؤتمر دولي يضم دول الجوار وربما الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن والدول صاحبة المصلحة الكبرى في حل (الازمة) مثل الهند وباكستان".

وكان كيسنجر (83 عاما) شغل منصب مستشار الامن القومي للرئيس ريتشارد نيكسون ثم وزير خارجيته ووزير خارجية خلفه جيرالد فورد. واعتبر ان نصرا عسكريا واضحا للتحالف الدولي في العراق لم يعد ممكنا وانه لا بد للتحالف من اعادة تحديد استراتيجيته في العراق.

وحذر كيسنجر من ان "حدوث انهيار مدو في العراق مهما كان رأينا في السبب ستكون له انعكاسات كارثية سيكون علينا دفع ثمنها لعدة سنوات ويمكن ان تعيدنا بشكل او بآخر الى المنطقة".

وحول العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين الولايات المتحدة وايران منذ 1980 اعتبر كيسنجر ان "امريكا يجب ان تقيم حوارا باي طريقة مع ايران".

واوضح "المشكلة الاساسية هي التالية: هل تتصرف ايران كمجاهد ديني ام كامة؟" واضاف "اذا كانت ايران امة فانه يجب ان يكون ممكنا اقامة علاقة تساهم فيها ايران مع باقي الاطراف المعنية في استقرار المنطقة ويكون لها دور محترم".

واضاف "اما اذا كانت ايران مجاهدا دينيا يحاول قلب النظام الدولي الذي نعرفه ما تجسده الطريقة التي يتحدث بها الرئيس الايراني فانه سيكون من الصعب جدا التوصل الى حل تفاوضي وسيكون هناك نوع من المواجهة في نهاية المطاف".

وقال وزير الخارجية الامريكي الاسبق هنري كيسنجر انه من المستحيل ان تحقق الولايات المتحدة نصرا عسكريا في العراق.

وقال "اذا كنت تعني بالنصر العسكري الواضح حكومة عراقية يمكن اقامتها لتفرض ارادتها على جميع انحاء البلاد وتضع الحرب الاهلية تحت السيطرة والعنف الطائفي تحت سيطرتها. فانني لا اعتقد ان هذا امر ممكن."

ودعا بوش الى "وجهات نظر جديدة" حول السياسة الامريكية تجاه العراق وسط العنف الذي لا يهدأ هناك.

وتناقض تقديرات كيسنجر تصريحاته السابقة لصحيفة "واشنطن بوست" في أغسطس/آب العام الفائت التي قال فيها إن إحراز نصر على العناصر المسلحة هو الإستراتيجية الوحيدة ذات مغزى للخروج من العراق.

وأشار قائلاً في هذا السياق "تحقيق نصر عسكري في العراق لم يعد مطروحاً."

وتابع بالقول "إذا كنت تعني بنصر عسكري نظيف إرساء حكومة عراقية تدير البلاد بأجمعها ويتسنى لها السيطرة على الحرب الأهلية والعنف الطائفي فيما تدعم الديمقراطية مسارها السياسية، لا أعتقد أن ذلك ممكناً."

وتأتي تصريحات كيسنجر المتشائمة فيما تستعد لجنة بيكر إلى تقديم توصيات تطالب إدارة الرئيس جورج بوش بتغيير إستراتيجيتها في العراق الذي يشهد تصاعد الخسائر البشرية الأمريكية هناك والتي بلغت، وحتى الأحد،  نحو 2900 قتيلاً.

وأردف قائلاً "أعتقد أننا بحاجة لإبعاد أنفسنا عن الحرب الأهلية وعلينا التحرك مبكراً نحو تحديد دولي لتعريف ماهية النتائج المشروعة.. وأعني بمشروعة  أنه يمكن دعمها عبر الدول المحيطة وعن طريقنا وحلفائنا."

وأقر أن الأحداث الراهنة قد تؤدي تقسيم العراق إلى خطوط عرقية، وحذر قائلاً "ربما من الأفضل أن لا نخطط لذلك على أسس رسمية."

واضاف ان هدف تشكيل حكومة عراقية قادرة على قمع اعمال العنف والتمرد التي يشهدها العراق حاليا لم يعد سهل المنال في وقت لم يعد التدخل الامريكي والبريطاني في العراق سهل القبول من قبل الناخبين الامريكيين والبريطانيين.

ومضى قائلا "اذا كنا نقصد بالنصر العسكري بأن تشكل حكومة عراقية تفرض سيطرتها على مجمل انحاء البلاد وتلجم الحرب الاهلية وتفرض سيطرتها على اعمال العنف وتكون مدعومة بالعملية السياسية الديمقراطية فلا اعتقد ان هذا الامر محتمل".

لكن كيسنجر حذر بأن ذلك لا يعني بالضرورة سحب القوات الامريكية والبريطانية من العراق "اذ ان اي انسحاب لجميع القوات من دون تفاهم دولي ومن دون اي حل جزئي لبعض المشاكل سيؤدي بالحرب الاهلية في العراق الى بلوغ درجات اكثر عنفا واتخاذ ابعاد ربما تتجاوز الظروف التي دفعتنا للقيام بعمل عسكري في يوغوسلافيا".

واشار الى ان "جميع البلدان المحيطة بالعراق ستتعرض وباحتمالات عالية للزعزعة .. ولذا اعتقد ان اي انهيار درامي للعراق مهما فكرنا في اسبابه سيكون له عواقب وخيمة سندفع ثمنها لسنوات عدة وستعيدنا (الولايات المتحدة) بطريقة او بأخرى الى المنطقة".

وردا على سؤال حول ما اذا حان الوقت لأن يغير الرئيس الامريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير سياستهما ومسارهما في العراق قال كيسنجر "اعتقد انه يجب علينا ان نتلمس هذا المسار ولكن لا اعتقد ان البديل يجب يكون تحقيق النصر العسكري او الانسحاب الكامل".

واضاف ان "فن القيادة يتمثل في ايجاد مسار يحمي قيمنا ومصالحنا ويحقق بعض التقدم في المنطقة من دون ان نتبع وبصورة عمياء استراتيجية - بغض النظر عمن وضعها - اثبتت فشلها في تحقيق الاهداف".

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 20  /تشرين الثاني  /2006 -28 /شوال /1427