مع الدعوة الى التعديل الوزاري في بغداد التوترات تتصاعد استباقا للاستحقاقات الجديدة

رحب سياسيون عراقيون من مختلف الطوائف يوم الاثنين بدعوة رئيس الوزراء نوري المالكي لتعديل وزاري واسع النطاق يهدف الى تعزيز جهود كبح العنف الطائفي.

وأعلنت الخطط الخاصة بتلك الخطوة في وقت وصلت فيه الخلافات العلنية بشأن الحساسيات الطائفية بين الزعماء السياسيين البارزين في البرلمان الى مستويات جديدة من الاثارة.

وقال علي الاديب المسؤول البارز بكتلة الائتلاف العراقي الموحد التي ينتمي اليها المالكي ان التعديلات الوزارية المزمعة التي أعلنت يوم الاحد ضرورية لمعالجة "الضعف" في قدرة الحكومة على توفير الامن والخدمات الاساسية.

واضاف أن العراقيين بحاجة الى تلك الخطوة المهمة لانه يمكن ملاحظة أن بعض الوزراء لا يؤدون عملهم كما ينبغي. وتابع أن الحكومة مدة ولايتها أربع سنوات وأنه لا يمكن الاستمرار على مثل هذا النسق وأن الشعب العراقي يستحق أكثر من ذلك.

وحدد عدد من النواب العراقيين وزارات الصحة والعدل والاسكان والتعمير والنقل والثقافة كوزارات يتوقع أن تشهد تغييرات. كما توقع البعض أيضا تغييرات طفيفة بوزارتي الداخلية والدفاع.

وقال سياسي سني بارز ان سلام الزوبعي نائب رئيس الوزراء والمسؤول العام عن القضايا الامنية سيتم تغييره لاتهامه من قبل زملاء له بالتصرف بما لا يتماشى مع سياسات الحكومة.

وقال حسن الشمري المفاوض البارز عن الائتلاف العراقي الموحد ان التعديلات يتوقع الانتهاء منها في نهاية العام الجاري.

كما رحبت جبهة التوافق العراقية وهي الكتلة السنية الرئيسية بالبرلمان بالتعديلات غير أنها اصرت على ضرورة اجراء محادثات قبل اتخاذ أي قرارات فيما يتعلق بالوزراء التابعين لها.

وقال سليم الجبوري المتحدث الرسمي باسم الجبهة انه لا توجد من حيث المبدأ مشكلة بخصوص التعديل الوزاري.

واضاف لرويترز ان التعديل الوزاري من حق المالكي وأن الجبهة ترغب فقط في أن يتم التشاور معها بخصوص التغييرات التي تؤثر عليها.

وأثنى عدد من النواب السنة والشيعة على قرار اتخذه فيما يبدو رجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر بمنح المالكي الحرية في اختياراته حتى اذا كان ذلك يعني فقدان أتباع الصدر لبعض الوزارات الاربع التي يتولونها حاليا ومن بينها وزارتا الصحة والنقل.

وهدد بعض النواب السنة خلال الايام الاخيرة بالانسحاب من العملية السياسية اذا لم يمنحوا سلطة أوسع وذهب البعض الى أبعد من ذلك بالتلميح الى أنهم قد يحملون السلاح ضد الجماعات المنافسة وهو ما قد يؤدي الى نشوب حرب أهلية شاملة.

وقال الزعيم السني البارز عدنان الدليمي لرويترز انه يرفض الانسحاب من العملية السياسية في الوقت الحالي غير أنه قال انه سيترك جميع الخيارات متاحة اذا رفض الاخرون التعامل مع مخاوف السنة.

وأضاف أن على الحكومة أن تلتزم باتفاقاتها السابقة ومن بينها اطلاق سراح 30 ألف سجين قال ان جميعهم تقريبا من السنة. وطالب بتوازن حقيقي في الوزارات ورفع الحصار عن مدينتي الفلوجة والرمادي اللتين تسكنهما أغلبية سنية غربي بغداد حيث توجد القوات الامريكية بقوة.

واثار بعض السنة غضب الشيعة مؤخرا باستخدامهم لغة صارمة بتداولهم مصطلح "صفويون" ومقارنة المؤسسة الشيعية الجديدة في العراق بالسلالة الحاكمة في القرن السابع عشر التي فرضت المذهب الشيعي بإيران.

واتهمت جبهة التوافق العراقية التي يتزعمها الدليمي الحكومة الاسبوع الماضي بالوقوف موقف المتفرج بينما طردت ميليشيات شيعية سنة من بغداد لتحويل العاصمة الى "مدينة صفوية". واستخدم تنظيم القاعدة في العراق المصطلح نفسه امس خلال اعلانه المسؤولية عن تفجير قتل خلاله 35 شخصا.

وانتقد التلفزيون الرسمي الذي تهيمن عليه الحكومة التي يقودها الشيعة رجل دين سنيا بارزا أمس واتهمه بأنه يدافع عن تنظيم القاعدة.

وفي الوقت الذي تبحث فيه واشنطن عن مخرج لقواتها يأمل مسؤولون أمريكيون أن يتمكن المالكي من تشكيل حكومة يمكنها منع الانزلاق الى حرب أهلية وسيسرهم أن يحقق التعديل الوزاري ذلك.

من جهته قال السيد بهاء الاعرجي عضو مجلس النواب عن الكتلة الصدرية يوم الثلاثاء ان تسعة قتلى وخمسين جريحا سقطوا في الاشتباكات التي وقعت بين القوات الامريكية وعدد من اهالي مدينة الشعلة غرب بغداد الليلة الماضية،مطالبا البرلمان بإستجواب الحكومة عن الهجوم وتعويض الضحايا.

واضاف في تصريح هاتفي لوكالة انباء (أصوات العراق) ان الاشتباكات وقعت على خلفية مداهمة القوات الامريكية لعدد من احياء المدينة واعتقال عدد من المدنيين.

ولكن مصادر الشرطة العراقية قالت إن اربعة مدنيين فقط قتلوا فيما اصيب سبعة عشر اخرون ،وجميعهم من المدنيين، في هذه الاشتباكات.

وأكد مصدر امني في وزارة الداخلية ل( أصوات العراق) اليوم ان الاشتباكات وقعت "على خلفية مداهمة قوة امريكية مدينة الشعلة واعتقال عدد من المشتبه بهم."

ومن جانبهم ، قال شهود عيان ان اشتباكات مسلحة وقعت بين قوات من الجيش الامريكي وجماعة مسلحة في منطقة الشعلة على خلفية تدمير عجلة " همر" امريكية من قبل المسلحين قرب "علوة" الشعلة مساء امس الاثنين.

وأضاف الشهود ان الاشتباكات بين الطرفين استمرت حتى فجر اليوم واسفرت عن وقوع عدد كبير من الخسائر وهدم عدد من المنازل ، فيما طوقت القوات الامريكية المدينة وقامت بعمليات دهم وتفتيش بعدد من احيائها.

واوضح الشهود ان المسلحين استخدموا الاسلحة الخفيفة والمتوسطة ، فيما حلقت طائرات مقاتلة ومروحية في سماء المنطقة حتى الصباح. وسمع الشهود أصوات انفجارات عديدة ، مشيرين الى ان عدد الخسائر بين الجانبين غير معروف لأن الاشتباكات وقعت ليلا.

وفي وقت لاحق ، قال الاعرجي أمام مجلس النواب اليوم إن القصف الامريكي غير المبرر على مدينة الشعلة "خلف تسعة قتلى والعديد من الجرحى وإن طائرات امريكية قامت بقصف المدينة بشكل عشوائي."

واضاف الاعرجي ، مقاطعا جدول أعمال جلسة البرلمان ، ان "الاحوال الصحية في المدينة سيئة بسبب اكتظاظ مستشفى المدينة بالجرحى اضافة الى استمرار حصار المدينة من قبل القوات الامريكية لحد هذه اللحظة."

وتابع ان "هذا الهجوم جاء ليجر التيار الصدري ( جزء من الإئتلاف العراقي الموحد) الى المواجهة ،وهو المعروف بصلابته ومعارضته للاحتلال"، مضيفا ان "التيار الصدري إختار العمل السياسي لانهاء الاحتلال ، لذا فإن على مجلس النواب ان يوجه كتاب استبيان فوري الى الحكومة عن سبب الهجوم وتعويض القتلى والجرحى المتضررين منه وفك الحصار عن المدينة."

ودعا الاعرجي "الاعضاء جميعا الى استنكار الفعل واولهم اعضاء جبهة التوافق الذين هم اولى بالشعلة من التيار الصدري" ، مؤكدا ان "التيار الصدري معني بالاعظمية اكثر من جبهه التوافق كونهما مدينتين عراقيتين تهمان العراقيين ككل."

بدورهم طالب نواب برلمانيون عن محافظة الديوانية اليوم الثلاثاء الحكومة العراقية بتأمين طريق اللطيفية السريع امام المسافرين القادمين من المناطق الجنوبية وحملوا القوات المتعددة الجنسيات مسؤولية اختطاف(50) مسافرا كانوا قادمين من محافظة الديوانية جنوب العراق يوم السبت الماضي.

وقال النائب سالم الشمري عن قائمة الائتلاف العراقي الموحد اليوم خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده بقصر المؤتمرات ببغداد " نطالب الحكومة بتأمين الطريق السريع حلة بغداد اللطيفية والذي يربط مدن الجنوب ببغداد لان المسافرين على هذا الطريق يتعرضون الى حوادث القتل والتسليب خاصة زوار العتبات المقدسة."

وتابع "وكانت آخر جريمة هي اختطاف (50) مسافر من سكان محافظة الديوانية من قبل مجموعة مسلحة ترتدي زي الشرطة وقتل (12) منهم."

واكد "ان سيطرة الحكومة على المسالك الخارجية ضعيفة جدا مما يحتاج تفسير سريع خاصة ان اغلب ما يحدث هو باسمها."

وقال"كما نحمل قوات الاحتلال مسئولية ما يحدث من اختطاف في منطقة اللطيفية."

من جهته وجهة النائب جابر زيادي عن قائمة الائتلاف العراقي الموحد رسالة في نفس المؤتمر الصحفي من سكان محافظة الديوانية للحكومة مفادها ترك مسئولية حماية امن المحافظة الى سكانها في حالة تعذر ذلك على الحكومة.

وقال زيادي "لقد حملني سكان محافظات الجنوب رسالة قصيرة للحكومة يقولون فيها نحن قادرون على حماية انفسنا ولسنا في موقع الضعف والهوان حتى نتعرض في كل شهر لجريمة جديدة لكننا نعتب على الحكومة ونطالبها ان تدافع عنا واذا لم تستطع فلتدعنا ندافع عن انفسنا وتكف حواجزها الامنية عنا."

وكان الاسبوع الماضي قد شهد اختطاف (50) مسافرا على طريق حلة بغداد (اللطيفية ) جنوب بغداد ولم يعرف بعد مصيرهم .

وفي هذا السياق خطف مسلحون يرتدون زي الشرطة العراقية عشرات الرجال من مبنى حكومي بوسط بغداد يوم الثلاثاء واقتادوهم بعيدا في اطار ما قد تكون أكبر عملية خطف جماعي شهدتها المدينة.

وقال شاهد عراقي يعمل بمبنى وزارة التعليم العالي لكنه كان وقت الغارة خارج المبنى انه عاد ليرى رجال الشرطة يراقبون ما يحدث حين كان المسلحون يفحصون بطاقات الهوية لفصل السنة عن الشيعة ثم اقتادوا السنة وذهبوا.

وأكد مسؤولون بارزون يحرصون عادة على التهوين من التوترات الطائفية على ان رجالا من الطائفتين اختطفوا.

وقال عبد ذياب العجيلي وزير التعليم العالي وهو عضو في حزب سني عربي مشارك في الحكومة لمحطة العراقية التلفزيونية الحكومية "ما حدث هو اختراق امني كبير." مشيرا الى انهم اختطفوا أكثر من مئة موظف وزائر.

وقال ان المسلحين اتجهوا شرقا نحو شرق بغداد الذي يهيمن عليه الشيعة وتبعتهم وحدة من الشرطة قالت فيما بعد انها فقدت أثرهم.

والقيت المسؤولية في العديد من عمليات الخطف الجماعي على ميليشيات طائفية تعمل اما داخل قوات الامن أو بمساعدة الشرطة في تقديم المعدات.

وقال العميد عبد الكريم خلف من وزارة الداخلية العراقية ان "جميع وحدات الوزارة العاملة في بغداد دخلت الان في حالة الانذار بحثا عن الجهة التي تقف وراء العملية.. نريد ان نعلم الان من هي الجهة التي تقف وراء العملية هل هم ارهابيون ام هي جهات حكومية."

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء   14  /تشرين الثاني  /2006 -22 /شوال /1427