
قال مسؤول إعلامي في بريطانيا إن بلاده أصبحت مجتمعا مراقبا
حيث تجري مراقبة الافراد مئات المرات يوميا بكاميرات أمنية كما أن
الشركات تجمع البيانات لفتح ملفات للعملاء.
وقال ريتشارد توماس إن الأجهزة الحكومية والهيئات التجارية تجمع
المزيد والمزيد من المعلومات الشخصية وإن الناس في حاجة إلى أن يعلموا
المخاطر التي تواجههم.
وصرح توماس لراديو هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) "نحن الآن
نواجه مجتمعا مراقبا. الامر لا يتعلق فحسب بوجود الكاميرات في الشوارع
ومثل تلك الامور.. بل ان التكنولوجيا تراقب تحركاتنا وأنشطتنا."
ومضى يقول "في كل مرة نستخدم فيها الهواتف المحمولة أو نستخدم
بطاقات الائتمان او نفتح الانترنت للبحث أو نمارس التسوق الالكتروني او
نقود سياراتنا يجري جمع المزيد والمزيد من المعلومات."
وذكر توماس وهو مسؤول عينته الحكومة في البرلمان لشؤون الخصوصية
والصراحة العامة أن البريطانيين يتركون "بصمة الكترونية" وان هناك حاجة
لاجراء مناقشات من أجل خطوط واضحة لمعرفة ما هو مقبول.
وقال تقرير شبكة دراسات المراقبة إن المخاوف الرسمية من الارهاب أدت
الى زيادة المراقبة وربما تؤدي الى عدم ترك أي نشاط دون مراقبة على
مختلف المستويات.
وتتراوح المراقبة وجمع البيانات وهي اجراءات من المتوقع أن تزيد
خلال السنوات العشر القادمة بين مراقبة الولايات المتحدة لكل الاتصالات
التي تمر عبر بريطانيا وبين شركات القروض التي تتابع سلوك الشراء لدى
العملاء.
ومع وجود 4.2 مليون كاميرا موصلة بدوائر تلفزيونية مغلقة في أنحاء
البلاد فإن الكاميرات تلتقط صورة المواطن البريطاني نحو 300 مرة يوميا.
كما أن الشركات أصبحت تراقب بصورة كبيرة موظفيها سواء من خلال
مراقبة تحركاتهم في سيارات الشركة عبر استخدام النظام العالمي لتحديد
المواقع الذي يعمل بالاقمار الصناعية أو من خلال احصاء عدد الازرار
التي ينقرونها على لوحات مفاتيح أجهزة الكمبيوتر.
وفي حين أن توماس قال إن هناك مزايا لا يمكن انكارها لظهور المجتمع
المراقب مثل محاربة الارهاب والجريمة فإن هناك قلقا حقيقيا من أن
المعلومات الكثيرة والتي تجمع بلا قيود من الممكن أن تسبب مناخا من عدم
الثقة.
وقال "هناك مخاطر على سلامة الفرد. يمكن انتهاك خصوصيتنا."
وذكر توماس أنه يريد إثارة مناقشة حول هذه القضية وجعل الناس يفكرون
فيما يمكن أن يحدث في المستقبل مثل تزويد كاميرات المراقبة بميكروفونات
أو الاستعانة بطائرات بلا طيار أو أجهزة تزود بها السيارات تراقب كل
كيلومتر يسيره قادة السيارات.
وأردف قائلا "لابد من اجراء نقاش عام. الأمر لا يتعلق بإثارة انتباه
الناس فحسب بل أيضا باثارة انتباه الساسة والمسؤولين الحكوميين والتأكد
من أن الشرطة وغيرها من أجهزة تنفيذ القانون تدرك أن هناك خطوطا بعينها
لا يمكن تجاوزها."
من جهة اخرى قال تقرير إن سياسة رئيس الحكومة البريطانية توني بلير
الرامية إلى مكافحة الارهاب قد "غرقت" في مصالح حزب العمال السياسية.
وذكر التقرير أنه يمكن اتهام الوزراء "باستغلال المخاوف السياسية".
وأشار إلى أنه بمحاولتهم الفوز بأصوات ناخبي الطبقة العاملة البيض
يخاطرون بعزل المسلمين الذين يمكن أن يساعدوا في هزيمة الارهاب.
وتستعد وزارة الداخلية، التي لم تعتذر عن القوانين المتشددة التي
طبقتها، للكشف عن إجراءات جديدة لمكافحة الارهاب في خطاب الملكة.
وقد يتضمن ذلك تمديد الفترة التي يمكن فيها للشرطة أن تحتجز خلالها
مشتبها بالارهاب قبل توجيه اتهام له من 28 إلى 90 يوما.
وقال التقرير، الذي أعده صندوق جوزيف رونتري الاصلاحي، إن موقف بلير
تجاه الولايات المتحدة أساء لتأثير بريطانيا على صعيد السياسة الدولية.
وأضاف قائلا "إن حملة الحكومة لمكافحة الارهاب تحركها في الأغلب
دوافع سياسية وانتخابية طمست بالفعل استراتيجية مكافحة الارهاب".
ودعا التقرير الحكومة إلى العمل على إيجاد طريقة لمحاكمة المشتبهين
بالتورط في الارهاب بمقتضى القانون الجنائي بدلا من اعتقالهم وفقا
لقوانين تعقب المشتبهين بالارهاب أو "الحجز الوقائي".
وطالب التقرير الحكومة بالتخلي عن الحديث عن "الحرب ضد الارهاب".
وقال التقرير "إن هذا التعبير مضلل ويفتح الباب أمام إمكانية توجيه
الاتهام لبلير باستغلال سياسات الخوف، كما أنه يفسح المجال للارهابيين
ليكونوا جنودا أو مقاتلين بدلا من كونهم مجرد مجرمين".
وكان وزير الخزانة البريطاني جوردون براون قال الأحد إن سياسة
مكافحة الارهاب ستكون "على رأس أولوياته" إذا أصبح رئيسا للوزراء.
ومن جانبه، قال زعيم المحافظين دفيد كاميرون إنه سيعين وزيرا معنيا
بمكافحة الارهاب.
من جهتها قالت رئيسة المخابرات البريطانية الداخلية إن مسلمين
متطرفين يدبرون 30 مؤامرة ارهابية كبيرة على الاقل في البلاد وان
التهديدات في المستقبل قد تشمل الكيماويات والتكنولوجيا النووية.
وقالت اليزا مانينجهام بولر المدير العام لجهاز المخابرات الداخلي
(ام.أي 5) انه يجري اعداد شبان بريطانيين مسلمين ليصبحوا مفجرين
انتحاريين وان ضباط الجهاز يتابعون حوالي 1600 مشتبه به معظمهم مولودون
في بريطانيا ولهم صلات بتنظيم القاعدة.
واضافت مانينجهام بولر قائلة في كلمة ألقتها في لندن يوم الخميس
"اننا على علم بمخططات عديدة لقتل اشخاص والاضرار باقتصادنا. ما الذي
أعنيه بعديدة.. خمسة أو عشرة. لا بل ما يقرب من 30 ... نحن على علم
بها."
ونشرت تصريحاتها في موقع المخابرات الداخلية على الانترنت.
وقالت مانينجهام بولر "هذه المؤامرات لها صلات بالقاعدة في باكستان
ومن خلال هذه الصلات تقدم القاعدة التوجيه والتدريب لجنودها المؤلف
معظمهم من بريطانيين هنا."
وأشارت الى أن الهدف من هذه التحذيرات ليس اثارة القلق بل رسم صورة
واضحة لمدى الخطر الذي تمثله القاعدة مضيفة أن الخطر يتزايد وينمو.
وحذرت "ولن يقتصر (الخطر) على المملكة المتحدة بالطبع. دول أخرى
ستواجه خطرا ارهابيا جديدا..من أسبانيا الى فرنسا ومن كندا الى
ألمانيا."
وشهدت بريطانيا العام الماضي اسوأ هجوم وقت السلم عندما نسف اربعة
بريطانيين مسلمين انفسهم في شبكة النقل العام في لندن فقتلوا 52 شخصا
واصابوا مئات اخرين.
وقال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير للصحفيين "هذا خطر نما على
مدى جيل. أعتقد أن (مانينجهام بولر) على حق تماما في القول انه (الخطر)
سيستمر على مدى جيل."
وأضاف أن درء هذا الخطر لن يتأتى الا بتطبيق قوانين صارمة لمكافحة
الارهاب ومكافحة "الدعاية المسممة" التي تؤثر على الشبان.
وذكرت الحكومة أن القانون والنظام سيشكلان جزءا كبيرا من الجلسة
البرلمانية المقبلة وأن من المتوقع تحديد اجراءات أمنية أشد في كلمة
ستلقى يوم الاربعاء المقبل.
وقالت مانينجهام بولر "ضباط الاستخبارات والشرطة يتعاونون لمكافحة
حوالي 200 من الجماعات او الشبكات تضم اجمالا أكثر من 1600 فرد تم
التعرف على هويتهم يشاركون بشكل نشط في تخطيط أو تسهيل اعمال ارهابية
هنا وفي الخارج."
واضافت ان عدد الحالات التي تتابعها اجهزة الامن قفز بنسبة 80 في
المئة منذ يناير كانون الثاني.
وقال المسؤولة البريطانية "اليوم نرى استخدام عبوات ناسفة بدائية
الصنع. وغدا التهديد ربما ..بل أقول سوف.. يشمل استخدام الكيماويات
والعناصر الجرثومية والمواد المشعة وربما التكنولوجيا النووية."
وقالت مانينجهام بولر انه واضح مما يطلق عليه اشرطة فيديو "الشهادة"
أن الدافع لدى المفجرين الانتحاريين في جانب منه هو "تفسيرهم للسياسة
الخارجية للمملكة المتحدة على انها معادية للمسلمين وخصوصا تدخل
المملكة المتحدة في العراق وافغانستان."
واضافت ان عددا متزايدا من الاشخاص ينتقلون "من التعاطف السلبي الي
الارهاب النشط" من خلال دفعهم الي التشدد او تلقينهم مثل تلك الافكار
بواسطة الاصدقاء والاهل أو من خلال عمليات تدريب منظمة في بريطانيا
والخارج.
وقالت مانينجهام بولر ان التلفزيون وغرف الدردشة على الانترنت ساعدت
في اجتذاب اعداد متزايدة.
ومضت قائلة "اننا نرى النتائج.. مراهقون يجري اعدادهم ليكونوا
مفجرين انتحاريين." |