لم أفاجأ بما أعلنه السيد/ صالح الورداني أخيرا عن مشروعه الجديد
(لتغيير الوجهة) بعد أن امتلأت الساحة بمشاريع تغيير الوجه (new look)
وتغيير الوجهة!!.
وكما قال الإمام علي (رب عالم قد قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه)!!.
الرجل فعل كمن قفز فجأة من قمة جبل شاهق وقبل أن يصل إلى الأرض
سألته (قناة عربية): لماذا فعلت هذا؟! رد قائلا كل شيء حتى الآن يجري
على ما يرام!!!.
سأل الأستاذ صالح الورداني: تقول إنك لم تعد شيعيا فهل هذا معناه
أنك عدت إلى المذهب السني؟ فرد قائلا "أنا انتقد الشيعة والسنة أيضا
لقد أصبحت حاليا خارج الساحتين السنية والشيعية ولم أعد اعترف بأي
منهما أنا فقط اعترف بالقرآن الكريم وآل البيت مع التأكيد على أن هناك
فرق بين الشيعة والتشيع كما هو الفرق بين الإسلام والمسلمين".
وأضاف: التشيع كمنهج هو منهج حق وتعبير حقيقي عن الدين، لكن الشيعة
شيء آخر.. هم جمهور ومجتمع يملك كل المقومات والسلبيات والمتناقضات
السائدة في أي مجتمع.
كما قال أن الوكلاء ينفقون أموال الأخماس غالبا في دائرة الدعاية
للمرجع وليس لخدمة مذهب آل البيت أو التشيع، وقد لفت نظري هذا الإنفاق
السفيه على أمور لا تخدم الإسلام والمسلمين وإنما تخدم أشخاصا واعتقد
أن "آل البيت" هم الصفوة التي هي ركيزة الإسلام بعد القرآن.
وإذا كان الرجل ما زال يعتقد أن أهل البيت هم الصفوة وهم ركيزة
الإسلام بعد القرآن بل ويعلن أنه لا يعترف إلا بالقرآن الكريم وأهل
البيت وأن التشيع كمنهج هو منهج حق فكيف تسنى له أن يعلن أنه لم يعد
شيعيا؟!.
ألم أقل لكم أن الرجل يعاني من حالة من انعدام التوازن قادته إلى
إطلاق مثل هذه التصريحات التي ينقض بعضها بعضا وأن رغبته العارمة في
إطلاق بعض العناوين الصارخة (نيو لوك) أوقعته في مأزق لا يسهل الخروج
منه.
كيف علم الورداني أن الوكلاء ينفقون الأموال (غالبا) على الدعاية
للمرجع وليس للإسلام وهل كان الرجل يدقق في حسابات كل وأكرر (كل)
المراجع؟؟ أم أنها شهوة إطلاق التصريحات؟!.
الورداني والمرجعيات
الأخ صالح الورداني كاتب معروف وله الكثير من الكتابات التي لقيت
رواجا داخل وخارج مصر ولا أعتقد أن أحدا ذهب إلى شرائها بناء على توصية
أحد من المراجع بل لأنها تحمل قيمة في ذاتها اتفقنا معها أم لم نتفق.
لم يكن صالح الورداني معتمدا في ترويج بضاعته على الوكلاء ولا على
المراجع شأنه في هذا شأن مئات الكتاب من الشيعة ومن غير الشيعة ومن
المسلمين ومن غيرهم.
تعرضت مؤلفات الورداني للسطو من بعض دور النشر لا فارق بينه وبين
غيره من الكتاب في منطقتنا العربية وهي مشكلة لن يحلها على الإطلاق
إعلانه الغريب عن (ترك التشيع) وإن أردت الدقة عن (ترك الشيعة) ولا
تكوين (جماعة الطريق الثالث) أو (جماعة إسلام بلا مذاهب) أو حتى (مذاهب
بلا إسلام) إذ أن السطو على حقوق المؤلف هي ظاهرة عربية صميمة تتعلق
بجشع الناشرين ورغبتهم في الكسب الفاحش وأنا أحد من تعرض لهذا النوع من
السطو غير المهذب.
تعاون الأستاذ صالح الورداني مع بعض المراكز الثقافية التابعة
للمرجعية ولا شك أنه أفاد واستفاد ماديا من وراء هذه العمل المشروع
فكيف استمر هو في العمل معهم طيلة هذه الفترة وهل كان الجهد الذي يقوم
به جهدا تطوعيا؟؟ لا أظن!!.
أساء السيد صالح الورداني إلى نفسه أولا وإلى الكتاب والمفكرين
المنتمين إلى منهج أهل البيت ثانيا عندما أطلق تلك التصريحات
الانفعالية غير الواعية وغير المدروسة ومنح فرصة لمن يتصيدون في الماء
العكر من جماعة قراقوش الجديدة للحديث عن (التمويل الشيعي) وكأن الشيعة
ليسوا بشرا كالبشر وليسوا مواطنين كغيرهم ممن تنهال عليهم الأموال
الوهابية والأمريكية جهارا نهارا وكأن الشيعة يروجون للشذوذ
والانحراف!!.
جماعة قراقوش الجديدة برئاسة جمال سلطان تسير على خطى أسلافهم ممن
أصدروا تلك القرارات الإجرامية القائلة (أن لا يقبل علوي ضيعة ولا يركب
فرسا ولا يسافر من الفسطاط إلى طرف من أطرافها وأن يُمنعوا من اتخاذ
العبيد إلا العبد الواحد ومن كانت بينه وبين أحد من الطالبيين خصومة من
سائر الناس قبل قول خصمه فيه ولم يطالب ببينة وكتب إلى العمال بذلك)
ومن ثم فهم يرون أن حق التمويل وركوب السيارات وامتلاك الصحف والمجلات
ودور النشر قاصر عليهم دون غيرهم فالعلوي لا يحق له أن يركب فرسا أما
الوهابي فيحق له أن يصعد عنان السماء.
الأغرب من هذا هو إثارة الورداني لقضية المرجعية وولاية الفقيه حيث
يعرف كل من كان له علاقة بالرجل أنه لم يكن يوما ممن يؤمنون بوجوب
اتباع المرجعية (ومع ذلك تعامل الجميع معه) كما أن لا أحد من مراجع
الشيعة بوسعه أن يرسل وكلاء إلى مصر ولا حتى كتب فقهية لأسباب يعرفها
الجميع أما ولاية الفقيه فتتعلق بالنظام السياسي الإيراني وهي لم ولن
تكون مدرجة على جدول أعمال الشيعة في مصر!!.
فما هو مبرر إشغال الساحة المصرية بمثل هذا اللغط؟؟!!.
وأخيرا ما هو الجديد فيما قاله الرجل من أن الشيعة لا يمثلون
بالضرورة التشيع؟! بل ونذهب أبعد من هذا لنقول أن تصرفات السيد
الورداني السابقة والحالية تقدم لنا الدليل على صحة هذه
المقولة ورغم هذه التصرفات فقد وجد دوما من يتعامل معه ويرحب به.
أما عن سؤالك عن أثر قفزة الورداني الأخيرة إلى عالم الظلمات فأود
أن أقول لك أن حركة التشيع لأهل البيت في مصر قامت وتقوم على أكتاف
جنود أغلبهم مجهولين ليسوا من هواة القفز والتصايح ولا من نجوم
الإعلانات ونتمنى للسيد الورداني النجاح والتوفيق في لُـــوكِه
الجديد!!.
أخيرا نذكر الأستاذ الورداني بنصيحة الإمام علي بن أبي طالب خاصة في
مرحلته القادمة: طُوبى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ
وَطُوبى لِمَنْ لَزِمَ بَيْتَهُ وَأَكَلَ قُوتَهُ وَاشْتَغَلَ
بِطَاعَةِ رَبِّهِ وَبَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ فَكَانَ مِنْ نَفْسِهِ
فِي شُغُل، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَة.
..................
*رد الدكتور أحمد راسم النفيس على أسئلة الدكتور خالد منتصر
المنشورة في جريدة صوت الأمة اليوم 12/11/2006. |