أزمة المياه: فجوة مائية كبيرة بين الأغنياء والفقراء

قال تقرير للامم المتحدة يوم الخميس إن الدول الاكثر غنى في العالم يجب أن تقود جهود معالجة أزمة المياه والصرف الصحي التي تقتل وتنشر الامراض بين الملايين وتعطل الاقتصاد خاصة في افريقيا.

وأوصى تقرير التنمية البشرية لعام 2006 الذي يصدره برنامج الامم المتحدة الانمائي بأن تضمن جميع الدول لكل شخص 20 لترا على الاقل من المياه النقية يوميا وان تنفق نسبة واحد بالمئة على الاقل من الناتج المحلي الاجمالي على المياه والصرف الصحي.

وحث التقرير الذي يعطي لمحة عن الانجازات العالمية في عدد من قضايا التنمية الرئيسية كذلك الدول الصناعية الكبرى على زيادة المساعدات الدولية للدول الاكثر فقرا.

وحذر التقرير من انه بغياب عمل منسق من جانب مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا فان الملايين في العالم النامي سيستمرون في المعاناة من الفقر وضعف الصحة وتقلص الفرص الاقتصادية وهي مشاكل يمكن تجنبها.

وقال كيفن واتكينز الذي قاد اعداد التقرير الذي صدر في كيب تاون "الحكومات الوطنية تحتاج لوضع خطط وسياسات يعتد بها لمعالجة أزمة المياه والصرف الصحي."

وأضاف "لكننا نحتاج كذلك لعمل عالمي -بمشاركة نشطة من جانب دول مجموعة الثماني- لتركيز الجهود الدولية المتناثرة لتعبئة الموارد وتحفيز العمل السياسي بوضع مسألة المياه والصرف الصحي في صدارة وقلب جدول اعمال التنمية."

وجاءت الدعوة للعمل وسط دلائل مقلقة عن ان قسما كبيرا من العالم النامي لن يفي بالاهداف الثمانية للامم المتحدة في الالفية الجديدة التي اتفق عليها زعماء العالم والتي تتراوح من خفض الفقر المدقع الى وقف انتشار مرض نقص المناعة المكتسب (الايدز) بحلول عام 2015.

واذا استمرت الاتجاهات الراهنة فان دول جنوب الصحراء الكبرى في افريقيا لن تصل الى تحقيق هدف الالفية المتعلق بالمياه بحلول 2040. وستتأخر الدول العربية 27 عاما عن الموعد المستهدف.

ويتعلق الامر بحياة ملايين الاطفال فضلا عن الصحة والرفاهة الاقتصادية لاكثر من ملياري شخص اخرين يعيشون في الدول النامية حيث ينتشر الشرب من المياه الملوثة في المصارف والانهار.

ويموت نحو 1.8 مليون طفل حول العالم كل عام من الاسهال الذي يمكن منعه بالحصول على مياه نقية أو دورات مياه ونحو نصف سكان العالم النامي يكونون مرضى في أي وقت بسبب نقص المياه النقية والصرف الصحي.

ويقول التقرير انه الى جانب المنافع الصحية يتوقع النشطاء في هذا المجال ان تدعم حملة عالمية لتوفير المياه النقية النمو الاقتصادي في مناطق مثل دول جنوب الصحراء في افريقيا التي تفقد خمسة بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي سنويا بسبب نقص المياه والصرف الصحي.

وتابع التقرير أن كل دولار يستثمر في تحسين نوعية المياه والصرف الصحي سيحقق عائدا يبلغ ثمانية دولارات من خلال زيادة الانتاجية وخفض تكاليف الرعاية الصحية ويحقق مزايا اقتصادية أخرى خاصة بالنسبة للفقراء الذين عادة ما يدفعون أكثر مقابل الحصول على المياه النقية.

والجهود لتحسين ادارة الموارد المائية قد تخفض كذلك احتمالات نشوب الحروب والصراعات المسلحة بسبب ملكية مصادر المياه وهي مورد ضروري عادة ما تعتبره الحكومات من الاصول الاقتصادية المهمة.

وفي حين أشاد العاملون في مجال التنمية الدولية بمعالجة برنامج الامم المتحدة الانمائي للمشكلة الا ان بعضهم يخشى الا يلقى التقرير استجابة أو ان يسقط في بئر البيروقراطية - فلدى الامم المتحدة نحو 24 وكالة تعمل في قضايا المياه.

وقال بول هيثرينجتون من منظمة ووتر ايد وهي منظمة غير حكومية مقرها بريطانيا ان الذين يعيشون بدون مياه نقية وصرف صحي "يحتاجون لهيئة دولية رقابية واحدة للمياه تتخذ اجراء عاجلا وتكون مستعدة لاعلان اسماء الذين يفشلون في المساهمة لفضحهم سواء كانوا مانحين او حكومات تتلقى المنح."

وقال التقرير أنه يمكن شن حملة عالمية لمعالجة مشكلة المياه النقية والصرف الصحي على غرار الحملة العالمية لمكافحة الايدز والدرن والملاريا التي حظيت بالاشادة من بعض الدوائر لمكافحتها هذه الامراض بأقل قدر من البيروقراطية.

واكد برنامج الامم المتحدة للتنمية في تقريره لسنة 2006 الذي نشر الخميس في الكاب ان عدم الحصول على مياه شرب يمثل سببا لموت قرابة مليوني طفل سنويا ويسهم في تعميق الهوة بين الدول الفقيرة والغنية.

وبحسب التقرير المعنون "السلطة والفقر والازمة الشاملة للمياه" فان اكثر من مليار شخص لا يحصلون على مياه صالحة للشرب واكثر من 2,6 مليار شخص اي نصف سكان الدول النامية لا يحصلون على الخدمات الصحية الاساسية.

وقال كمال درويش المتصرف في برنامج الامم المتحدة في مقدمة التقرير "ان الاسباب العميقة لازمة المياه ترتبط بالفقر وعدم المساواة وعلاقات القوى غير المتوازنة والسياسات غير الملائمة في ادارة الموارد المائية التي تفاقم النقص". واضاف "في كل يوم تذهب ملايين النساء والفتيات لجلب الماء لاسرهن في عملية تعزز عدم المساواة بين الجنسين ازاء فرص العمل والتعليم".

وبحسب برنامج الامم المتحدة للتنمية يموت 1,8 مليون طفل سنويا بسبب الاسهال وامراض اخرى ترتبط بغياب الميا الصالحة للشرب اي ما يمثل 4900 حالة وفاة يوميا.

واوضح كيفن واتكينز ابرز معدي التقرير خلال مؤتمر صحافي "ان هذا العدد يمثل خمس مرات عدد الاطفال الذين يموتون بسبب الايدز".

ويركز التقرير على اثر هذا الوضع على التعليم. وبحسب برنامج الامم المتحدة فان 443 مليون يوما دراسيا تضيع سنويا بسبب امراض تنتقل عبر المياه الملوثة.

واضاف التقرير "من الواضح ان الحصول على المياه الصالحة للشرب وعلى مجاري الصرف الصحي يمثل العلاج الاهم لتحسين الصحة العامة والنمو الاقتصادي".

ويؤكد التقرير انه "بعكس الحروب والكوارث الطبيعية فان ازمة المياه لا تحظى باهتمام وسائل الاعلام ولا تثير تحركا دوليا منسقا". ويضيف ان الامر يتعلق "بازمة صامتة يتعرض لها الفقراء ويتغاضى اصحاب الموارد والتقنية والسلطة السياسية عن وضع حد لها".

ويشير التقرير الى الوضع الصحي السيء في العديد من مدن الصفيح في افريقيا مثل كيبارا في نيروبي حيث يضطر عدد كبير من السكان الى استخدام "مراحيض نقالة".

واوضح واتكينز "ان الناس يتغوطون في اكياس بلاستيك ثم يرمونها في الطريق لانه ليس لديهم خيار آخر".

ويضيف التقرير ان ازمة المياه يمكن ان تصبح مشكلة اكبر بسبب التغيرات المناخية وخاصة تزامن ارتفاع درجات الحرارة مع تراجع نسب تساقط الامطار ما يؤدي الى "فترات جفاف طويلة جدا".

وقال التقرير "ان التغيرات المناخية لا تمثل تهديدا مستقبليا بل واقعا يجب ان تتكيف معه البلدان والشعوب".

واضاف "ان وسائل عيش ملايين الناس ستتضاءل مع تباعد فترات هطول الامطار وفي بعض الحالات ستتقلص كميات الماء المتاحة بشكل كبير".

وحلت مرة اخرى النروج في المرتبة الاولى في مستوى المؤشر العالمي للتنمية البشرية بين 177 دولة. ويجمع المؤشر امل الحياة ومستوى التعليم والدخل الفردي.

  

وطالبت المنظمة الدولية بتوفير 4 مليارات من الدولارات من الدول الغنية لتنقية المياه في أنحاء متفرقة من العالم.

ويقول التقرير ان الأمراض الناجمة عن تلوث المياه عموما مثل الاسهال، تؤدي الى وفاة عدد من الأشخاص يفوق ضحايا مرضيْ الايدز والملاريا مجتمعيْن.

ويشير تقرير المنظمة الدولية الى أن 2,4 مليون شخص في أنحاء العالم ينقصهم الحصول على المياه النظيفة والدورات الصحية اللائمة.

ويقول التقرير ان الأمر لايتطلب عمليات بناء معقدة، بل في كثير من الأحيان يكون الحصول على المياه النقية سهلا عن طريق اجراءات بسيطة مثل توصيل صنابير عامة للمستخدمين في الدول الفقيرة.

ويرى التقرير أن مثل هذا الاجراء يمكن أن يقلل من نسبة الوفيات الناجمة عن تلوث المياه بنسبة تبلغ 20 %.

ويقول كيفن واتكنز الخبير المشرف على اعداد وصياغة التقرير ان العالم بحاجة الى خطة متكاملة تشبه تلك التي التزمت بها مدن أوروبا قبل 100 عام والتي أدت الى توفير المياه النقية والصرف الصحي بالصورة المعروفة حاليا.

وكانت أوروبا قبل تنفيذ تلك المبادرة تعاني من ارتفاع نسبة الوفيات من مرض الكوليرا، وأمراض تلوث المياه.

وقال واتكنز ان العصر الحديث يشهد تفرقة عنصرية بالنسبة لتوفير المياه النقية والصرف الصحي، فالأغنياء لا يعانون من هذه المشكلة بعكس الفقراء.

وقد كشف التقرير عن أن خصخصة المياه لم تؤد الى حدوث النتائج الايجابية المرجوة في هذا المجال.

ويقول ان بعض الشركات الغربية أخفقت في تحقيق وعودها بتوفير مياه الشرب النقية والصرف الصحي في دول العالم الفقيرة.

ويقدم التقرير مثالا على ذلك بسكان بعض مناطق نيروبي عاصمة كينيا، حيث يتسلمون حصة من المياه عن طريق حافلات نقل المياه، تكون تكلفتها أعلى من سعر المياه في لندن أو نيويورك.

ويقول التقرير ان فقراء دول أمريكا اللاتينية ينفقون 10% من دخلهم للحصول على مياه نظيفة لاستخدامهم اليومي.

وحذر التقرير من نتائج قاسية اذا لم يتم انتهاج سياسة استراتيجية عالمية تتعلق بالمياه واستخدامها عبر دول العالم المختلفة.  

شبكة النبأ المعلوماتية- 12 الاحد /تشرين الثاني  /2006 -20 /شوال /1427