التغيرات المناخية ستؤدي الى كوارث صحية وزراعية والعالم يختلف حول معالجتها

قال عالم يقود الجهود الرامية الى كشف النقاب عن كيفية تهديد التغيرات البيئية للحياة ان الموجات الحارة القاتلة والاعاصير وانتشار الاصابة بالملاريا ليست على ما يبدو سوى النتيجة الظاهرة لارتفاع درجة حرارة الكرة الارضية على صحة الانسان.

واضاف توني مكمايكل وهو استاذ في الجامعة الوطنية باستراليا في بكين يوم الجمعة ان "أكثر ما يثير اهتمام حكوماتنا والناس هو احتمال الحاق التغيرات المناخية ضررا بالنظام الاقتصادي.

"ولكن الأسوأ بالطبع فيما يتعلق بضروريات الحياة بشكل حقيقي هو الضرر الذي يُصيب نظام دعم الحياة."

وأصدرت الحكومة البريطانية في الاسبوع الماضي تقريرا حذر من ان ارتفاع درجة حرارة الأرض الناجمة عن انبعاث الغازات المسببة للتلوث والتي يصنعها الانسان قد تدمر النمو العالمي وتغرق العالم في أزمة اقتصادية بنفس مستوى الكساد العظيم الذي شهدته الثلاثينات.

وقال مكمايكل ان العلماء الان يحاولون فهم كيف قد تلحق أيضا التغيرات البيئة مزيدا من الأضرار بالصحة التي يصعب اكتشافها من خلال نشر أمراض لم تكن معروفة من قبل بشكل كبير وتجفيف المياه وارتفاع منسوب مياه البحر وتشريد الناس في موجات من اللاجئين البيئيين."

واضاف ان "معظم الاجابات ليست بسيطة."

ويزور مكمايكل بكين لحضور انطلاق محاولة دولية جديدة لدراسة التغيرات البيئية العالمية والصحة. وعرض تقرير للبرنامج بعض المفاتيح لحجم الخراب المحتمل .

وقال ان حمى الدنج ربما تهدد ثلاثة مليارات نسمة بسبب التغيرات المناخية والزحف الى المدن وان 40 في المئة من سكان العالم ربما يكون مهددين بالملاريا وسوء التغذية بسبب التغيرات المناخية كما ان فقد الاراضي والمياه قد يعرض 840 مليون نسمة للخطر.

وقال التقرير ان"التغيرات المناخية العالمية سيكون لها اثارها العسكية المتصاعدة على صحة الانسان ."

واضاف انه حتى اذا اتفقت الدول على خفض فوري لانبعاث الغازات الملوثة للبيئة فان التغيرات في المناخ والمرض لن يتسنى تجنبها بسبب المستويات الحالية من الغازات الملوثة للبيئة.

بدوره ذكر تقرير للامم المتحدة يوم الخميس أنه يتعين اتخاذ خطوات عاجلة لتجنب وقوع كارثة محتملة حيث ان تغير المناخ يؤدي الى نضوب مصادر المياه في المناطق التي يصيبها الجفاف مما يضر بالمزارعين الفقراء.

ويقدر عدد الاشخاص الذين يعانون من سوء التغذية في العالم بنحو 830 مليون شخص الغالبية العظمى منهم من صغار المزارعين والمشتغلين بالرعي وعمال المزارع الامر الذي يشير الى التأثيرات المدمرة الناجمة عن ارتفاع حرارة الكرة الارضية ويتطلب زيادة المساعدات الزراعية للدول الفقيرة الى ثلاثة أمثالها سنويا.

وقال تقرير التنمية البشرية السنوي للامم المتحدة ان "تغير المناخ يهدد بمفاقمة انعدام الامن المائي على نطاق لم يسبق له مثيل."

وقال التقرير "حتى مع حدوث تراجع كبير في انبعاثات الكربون فان الانبعاثات السابقة تعني ان العالم عليه الان ان يعيش في ظل تغيرات خطيرة للمناخ."

وسيؤدي الارتفاع في درجات الحرارة وتراجع سقوط الامطار الى نقص المياه في بعض من أكثر المناطق التي تعاني من ندرة المياه في العالم في حين سيصبح تدفق المياه اقل توقعا وأكثر خضوعا لاحوال قاسية.

وسيشهد شرق افريقيا والساحل وجنوب افريقيا انخفاضا كبيرا في هطول الامطار مع حدوث تراجع في انتاجية الاغذية الاساسية.

وتشير التوقعات بالنسبة للمناطق التي تعتمد على الامطار في شرق افريقيا والتي تعاني بالفعل من جفاف مدمر وجوع الى امكانية حدوث خسائر في الانتاجية بما يصل الى 33 في المئة في محصول الذرة واكثر من 20 في المئة بالنسبة للسرغوم.

وسيؤدي سرعة ذوبان الجليد الى ارتفاع مناسيب مياه البحر وفقدان شبكة دلتا الانهار مما سيهدد مع تراجع الامطار الانظمة الغذائية الرئيسية في جنوب افريقيا ومصر.

وقال كيفين واتكينز الذي اعد التقرير للصحفيين "نقدر ان يزيد عدد الاشخاص الذين يعيشون في دول تعاني من نقص المياه من نحو 800 مليون الى ثلاثة مليارات شخص على مدى الخمسة والعشرين عاما القادمة."

واضاف واتكينز "ندفع باننا نتجه نحو كارثة انسانية متوقعة تماما."

ولن يتمكن صندوق التكيف لبروتكول كيوتو التابع للامم المتحدة سوى من جمع 20 مليون دولار بحلول عام 2012 بناء على التقديرات الحالية لمساعدة المزارعين في التغلب على تغير الانماط المناخية. ويحدد البروتوكو اهدافا لخفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري التي ينحى عليها باللوم في ارتفاع درجات الحرارة.

وجمعت مؤسسة البيئة العالمية وهي الية متعددة الاطراف للتكيف مع اخطار تغير المناخ 50 مليون دولار للتكيف خلال الفترة ما بين 2005 و2007.

وتراجعت المساعدات الزراعية بشكل سريع خلال العقد الماضي.

وتراجعت المساعدات للزراعة في الدول النامية ككل بصورة كبيرة لتصل فعليا الى 3.2 مليار دولار مقابل ما كانت عليه قبل عشر سنوات وهو 4.9 مليار دولار كما انخفضت المساعدات المقدمة الى الدول الافريقية الواقعة جنوب الصحراء لاقل من النصف عما كانت عليه في عام 1990.

وقال تقرير الامم المتحدة "تغيير هذه الاتجاهات سيكون حاسما لتحقيق تكيف ناجح."

وأوصى التقرير بالحاجة الى زيادة المساعدات المقدمة الى قطاع الزراعة في الدول النامية الى ثلاثة امثالها بحلول 2010 لتبلغ عشرة مليارات دولار سنويا للمساعدة في التغلب على الاثار المدمرة المحتملة.

وفي هذا السياق انقسم المشاركون في محادثات الامم المتحدة بشأن المناخ يوم الخميس بشأن السماح بدفن الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الدول النامية تنفيذا لبروتوكول كيوتو الذي ترعاه الامم المتحدة.

وقال رئيس أمانة المناخ في الامم المتحدة ايفو دو بوير في مؤتمر صحفي "لا أستطيع التكهن بما اذا كان هذا (الاجتماع) سيمكنه الاتوصل الى اتفاق بشأن ذلك الموضوع أخذا في الاعتبار التباين الشاسع في وجهات النظر."

ويؤيد بعض المشاركين في المحادثات التي تعقد في الفترة من 6 الى 17 نوفمبر تشرين الثاني تقديم ائتمانات لمستثمرين من الدول الصناعية لمشروعات من اجل تخليص محطات توليد الطاقة التي تدار بالفحم في الهند والصين على سبيل المثال من الغازات المسببة للاحتباس الحراري ثم دفنها.

لكن آخرين يخشون من أن عملية احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه تكتنفها شكوك كثيرة للغاية مثل محاولة التأكد من أن مواقع التخزين في باطن الارض غير عرضة للتسريب.

فتنفيذا لالية التنمية النظيفة المنصوص عليها في بروتوكول كيوتو يستطيع المستثمرون في مشروعات مثل مزارع الريح في المغرب أو سدود توليد الطاقة الكهربائية بالقوى المائية أن يطالبوا برفع الحد الاقصى لانبعاثاتهم في دولهم نظير ما اسهموا به نحو الحد من الانبعاثات الضارة لاستخدام الوقود الاحفوري.

وربما تخصص الية التنمية النظيفة 100 مليار دولار أمريكي للدول النامية. وسبق لمجلس الية التنمية النظيفة أن رفض طريقتين مقترحتين للسماح باحتجاز وتخزين ثاني أكسيد الكربون.

وقال دو بوير ان "عددا من الدول أعربت عن اهتمامها بادراج (امتصاص الكربون وتخزينه) في إطار آلية التنمية النظيفة." وأضاف "بينما لا يزال اخرون تساورهم الشكوك في هذه التكنولوجيا ويخشون تسرب تلك الغازات."

وعلى الرغم من ذلك فان دو بوير أعرب عن أمله أن تتخذ قرارات بشأن الية التنمية النظيفة وكذلك بشأن توسيع نطاق الية التنمية النظيفة بحيث تشمل تدمير انبعاثات غازات الاحتباس الحراري القوية مثل غاز (اتش اف سي 23 ) وهو منتج ثانوي لصناعة التبريد.

وقال رئيس المجلس التنفيذي لالية التنمية النظيفة خوسيه دومينجوز ميجيز انه "جرى التركيز على كثير من المخاوف والمشكلات." واضاف "ليس هناك تدابير أو اجراءات يمكن أن تفي بالغرض."

كما أشار الى المشكلات التي يمثلها التسرب على سبيل المثال في حالة حدوث زلزال أو تآكل الاسمنت المستخدم في سد فوهات مواقع الدفن من جراء التفاعل مع ثاني أكسيد الكربون.

وقد بدأت بالفعل مشروعات تجريبية لامتصاص الكربون على سبيل التجربة مثل المشروع الذي تقوم بتنفيذه الشركة النرويجية للنفط ستات أويل لكن النفقات الباهظة تقف حجر عثرة أمامه. وتستهدف الولايات المتحدة بدء احتجاز ثاني أكسيد الكربون من احدى محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم عام 2012 سيتم بناؤها في احدى الولايتين ايلينوي أو تكساس.

وأعرب بوير عن اعتقاده بأن احتجاز الكربون سيكون جزءا من حل طويل الامد لمواجهة مشكلة تغير المناخ في وجود الية التنمية النظيفة أو في غيابها.

أما بالنسبة لدول نامية مثل الصين والهند حيث امدادات الفحم زهيدة الثمن "فان احتجاز الكربون وتخزينه سوف يصبح أحد أهم السبل التكنولوجية المستخدمة التي تسمح أن نفعل شيئا بالنسبة لانبعاثات محطات توليد الكهرباء."

ويلزم بروتوكول كيوتو 35 دولة بخفض انبعاثاتها المحلية بنسبة خمسة في المئة دون مستويات عام 1990 بحلول 2008 - 2012 في أول خطوة ملزمة قانونا لتجنب الاختلالات المناخية التي باتت تهدد بكوارث.

شبكة النبأ المعلوماتية- 11 السبت /تشرين الثاني  /2006 -19 /شوال /1427