في أسوأ مكان في العالم فاقدو البصر يتعلمون العيش وسط الفوضى

يقول علي حسين ان الصومال هو ليعيش فيه الكفيف.. ولكي يتمكن من البقاء على قيد الحياة تعلم حسين التمييز بين أصوات قذائف المورتر والصواريخ والمدافع الرشاشة كأفضل وسيلة لتجنب معارك الشوارع.

يتعرض حسين للتحرش والتمييز من جانب الناس ويجد العنف والاخطار في كل مكان يقصده.

وقال حسين الذي يرتدي نظارة سوداء "حياتنا معرضة للخطر. نتعرض لمعاملة سيئة من جانب المبصرين حتى أنهم في بعض الاحيان يخطفون منا العصي. انهم بلا رحمة."

وأضاف حسين البالغ من العمر 19 عاما والذي فقد بصره في عامه الاول "فاقدو البصر يجدون أنفسهم بسهولة محاصرين وسط القتال العنيف... وقد اضطرنا ذلك الى اجادة تمييز أصوات الصواريخ والمدافع الرشاشة الثقيلة وغيرها من الاسلحة الثقيلة. وبمجرد اطلاقها.. نفر ونختبيء."

والصومال ممزق بين قوات اتحاد المحاكم الاسلامية ومقرها العاصمة مقديشو والحكومة المؤقتة الضعيفة والمدعومة من الغرب ومقرها بيدوة. ويخشى الكثيرون من أن يكون الصومال على شفا حرب أهلية شاملة.

وتكثر الاشتباكات بين الميليشيات التي تستخدم شاحنات مكشوفة يتم تحويلها الى عربات عسكرية مزودة بمدافع رشاشة وقنابل وصواريخ مضادة للطائرات.

يتعلم حسين القراءة والكتابة بطريقة بريل بمدرسة رينبو للمكفوفين في ماركا وهي بلدة ساحلية تقع على بعد 125 كيلومترا جنوبي العاصمة مقديشو.

ويستعرض حسين مهاراته من أجل النجاة والتفريق بين أصوات الاسلحة المختلفة ويصفق ويصدر صفيرا عاليا يشبه الاصوات المختلفة التي تصدرها أسلحة الاطراف المتحاربة.

ويعبر علي سهل وهو عضو ميليشيا سابق عن دهشته لهذه المهارات وهو يستريح بالقرب من المدرسة في ماركا.

ويقول سهل ضاحكا "أنه عبقري... هذا هو نفس صوت البندقية ايه كيه-47 (الكلاشنيكوف) والمدافع الرشاشة والصواريخ المضادة للطائرات وقذائف المورتر."

وأقيمت مدرسة رينبو في مقديشو في أواخر عام 2004 على يد جمعية خيرية مقرها كاليفورنيا تدعى شبكة دعم مبادرة المعاقين. وتفتقر مقديشو للقانون كما ينتشر بها الدمار بعد سنوات من الفوضى.

وانتقلت المدرسة أوائل العام الجاري الى ماركا عندما اندلعت معارك عنيفة بالاسلحة بين القوات الاسلامية الناشئة وقوات زعماء الفصائل المدعومين من الولايات المتحدة والذين قسموا العاصمة الصومالية الى اقطاعيات متناحرة. وقتل المئات من سكان المدينة.

ويقول خبراء ان الخدمات التي يقدمها طاقم المدرسة المدرب ذات قيمة عالية في الصومال بشكل خاص لان الاطفال هناك أكثر عرضة لفقد البصر مقارنة بأطفال بلدان العالم المتقدم وهو ما يرجع في أغلبه الى الافتقار للرعاية المتخصصة والعلاج المبكر.

وتشير تقديرات الى أن نحو 75 في المئة من حالات الاصابة بالعمى في العالم كان يمكن الوقاية منها أو علالجها وأن نحو 90 في المئة من الذين يعانون من مشكلات في البصر يعيشون في العالم النامي.

وتقول سونج دوك تشو رئيسة مكتب شبكة دعم مبادرة المعاقين في الصومال وهي كورية جنوبية تعيش بالصومال منذ قرابة 20 عاما ان الجهل والافتقار الى أطباء عيون مؤهلين يعني مزيد من الاصابة بالعمى بين الاطفال كل عام.

وأضافت وكانت ترتدي زيا صوماليا "هناك فقط طبيبا عيون لسكان جنوب الصومال البالغ عددهم نحو خمسة ملايين." وقالت انها لم تفكر على الاطلاق في التخلي عن عملها رغم المخاطر.

وتقول "لم يمنعني انعدام الأمن مطلقا عن العمل...نريد أن يتطوع مزيد من الصوماليين ويساهموا بسخاء لنواصل عملياتنا."

ورغم الهدوء النسبي لمقر المدرسة الجديد في ماركا الا أن سونج دوك تشو تقول ان الخصومات العشائرية بالصومال انتقلت الى بعض الشبان.

وتقول "يتشاجر بعض الأطفال المكفوفين في المدرسة ويعايرون بعضهم البعض بأن لهم شعرا خشنا أو ناعما" وهي مواصفات جسمانية تميز بين الصوماليين أصحاب البشرة الفاتحة اللون والبانتويين الزنوج اصحاب البشرة السوداء.

وتضيف "الاطفال قلقون بالفعل بشأن التوترات. يجب أن ينهي الصوماليون العصبية القبلية. انها تؤثر على الاجيال القادمة."

ويقع مقر المدرسة في مبنى جدد داخل حرم متهدم خاص بمدرسة تطبيقية تطل على المحيط الهندي.

ويتفق حسين الذي كان يتحدث بينما كان يجلس بالمدرسة مع ما تقوله سونج دوك تشو قائلا انه ينبغي على الصوماليين أيضا أن يظهروا مزيدا من التعاطف مع فاقدي البصر.

ويضيف أنه ينبغي مساعدة المكفوفين أيضا من خلال التعليم حتى يمكنهم الحصول على وظائف ويساعدوا أنفسهم. غير أنه يسلم بأنه مع استمرار أعمال العنف فان مجرد البقاء على قيد الحياة سيظل له الاولوية.

وتابع "لا أعلم كيف تبدو البندقية. لا يمكنني أن أقول ما اذا كانت بيضاء أم سوداء.. لكنني أجدت تمييز الاصوات التي تصدرها أغلب الاسلحة. وقد ساعدني ذلك على الفرار من معارك خطيرة."

شبكة النبأ المعلوماتية- 11 السبت /تشرين الثاني  /2006 -19 /شوال /1427