كيف ينظر العراقيون الى المستقبل بعد خسارة الجمهوريين ورحيل رامسفيلد؟

أدت استقالة دونالد رامسفيلد أحد المهندسين الرئيسيين للغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق الى قدر من الارتياح بين العراقيين يوم الخميس لكنها لم تقدم الكثير لزيادة الثقة في امكانية وقف الانزلاق نحو الفوضى في البلاد.

وقال الرئيس الامريكي جورج بوش الذي ساءه فقدان سيطرة حزبه الجمهوري على الكونجرس ان وزير الدفاع رامسفيلد استقال لان هناك حاجة لتبني "منظور جديد" بشأن العراق. كما اعترف بأن سياسته في العراق "غير ناجحة بشكل كاف وتفتقر الى السرعة الكافية."

وقال علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة العراقية ان رحيل رامسفيلد مسألة داخلية تخص الولايات المتحدة.

وتابع قائلا ان الحكومة العراقية تتعامل مع ادارة ولا تتعامل مع أشخاص. وانها ملتزمة بتفاهم مع الادارة.

وأضاف أن الحكومة متفقة على أن التقدم لا يمضي بالسرعة الكافية بعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام ونصف على الاطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين الذي صدر ضده حكم بالاعدام يوم الاحد الماضي.

وقال الدباغ ان الحكومة تشعر بالشيء نفسه وبأن الامور لا تسير بالسرعة الكافية على مستوى الامن.

وأضاف أن هناك ضرورة لقدر أكبر من التنسيق ومشاركة أكبر للعراقيين في اتخاذ القرارات مشيرا الى أن هذا الامر ستبحثه لجنة مشتركة بشأن الامن جرى تنشيطها في الاسبوع الماضي في اطار المساعي الرامية الى تعزيز قوات الامن العراقية ونقل المسؤولية عن الامن من القوات الامريكية الى العراقيين.

والدباغ هو المتحدث باسم حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التي يهيمن عليها الشيعة والاكراد والتي تولت السلطة قبل أقل من ستة أشهر. وتابع قائلا انه يعتقد أنه من الممكن تحقيق تحسن في العراق.

وتودي الهجمات التي يشنها المسلحون والعنف الطائفي بحياة المئات في العراق كل أسبوع وتتعرض الحكومة لضغوط متزايدة بسبب التأخير في اتخاذ خطوات ملموسة لاحتواء العنف بسبب الانقسامات الداخلية بين الشركاء في التحالف.

وفي الشهر الماضي ظهر الى العلن خلاف مع واشنطن بسبب ما ينظر اليه على أنه ضغوط من قبل الولايات المتحدة لوضع "اطار زمني" لتحقيق تقدم في قضايا مثل اتخاذ اجراءات صارمة ضد الميليشيات المرتبطة بحلفاء المالكي السياسيين وتقرير توزيع عادل للنفط.

وعبر كثير من العراقيين عن رضاهم بعد أن خسر حزب بوش الجمهوري السيطرة على الكونجرس وسط موجة من السخط العام في الولايات المتحدة على مسار الحرب في العراق. لكن ردود فعلهم شابها سأم عام من الحرب.

وقال أحمد جاسم (31 عاما) ويعمل في محل لتصوير المستندات في بغداد "انني سعيد جدا لانه وزير الدفاع الذي قام بغزونا وجعل حياتنا بائسة."

وكان سعدون جاسم (30 عاما) من مدينة النجف الشيعية الجنوبية أكثر انشغالا بالمشكلات اليومية مثل نقص الخدمات الاساسية. وتساءل "أين هي الكهرباء لنشاهد التغيرات في الحكومة الامريكية.."

وقد تزيد سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب من الضغوط لتغيير المسار في العراق بما في ذلك سحب تدريجي للقوات. والديمقراطيون أيضا على وشك السيطرة على مجلس الشيوخ وفي انتظار تأكيد فوزهم في ولاية فرجينيا.

وقال يحي عيدان (50 عاما) الموظف في وزارة الصحة في الديوانية جنوبي بغداد انه لا يتوقع أن يؤدي فوز الديمقراطيين الى تغيير كبير. وقال "سياستهم هي العداء للعراق. ولديهم مصلحة خاصة في العراق ويحتلونه استنادا الى ذلك وليس من أجل مصلحة العراق كما يزعمون."

وقال ياسر جابر وهو عامل عمره 48 عاما في مدينة الفلوجة في محافظة الانبار المضطربة بغرب العراق انه تابع الانتخابات عن كثب. وأضاف "نذرت أن أذبح شاة اذا فاز الديمقراطيون لانهم سيضغطون على بوش وقد يسقط ولا يكمل مدة رئاسته."

وقال نديم الجابري الاكاديمي والعضو البارز بالائتلاف العراقي الموحد ان استقالة رامسفيلد لم تكن مفاجئة.

وأوضح ان الاستراتيجية العسكرية التي استخدمها الامريكيون انتصرت في الحرب غير أنها فشلت في تحقيق الاستقرار.

وأعرب عن اعتقاده في أن استقالة الوزير الامريكي لن يكون لها تأثير على الارض معتبرا أن المشكلات العراقية كبيرة للغاية.

وعبر بعض المواطنين العراقيين العاديين عن وجهة نظر مشابهة.

وقال عبد الله (28 عاما) ويدرس الكمبيوتر «العراق دمر منذ أمد طويل والسياسة الامريكية ثابتة أيا كان الحزب الذي سيسيطر على الكونغرس.

اذا كان بمقدور الديموقراطيين في نهاية المطاف أن يجلبوا لنا بعض الامن فأهلا بهم لكنني اعتقد انه ليس بمقدور احد النجاح».

واعرب محمد حسني (24 عاما) وهو سائق سيارة أجرة عن أمله بأن يسفر التحول في الكونغرس عن انسحاب فوري.

واضاف «قال الديموقراطيون انهم سينسحبون لكنني واثق من انهم سيخيبون املنا.

الامريكيون خربوا كل شيء والحل الوحيد هو ترك العراقيين يتعاملون مع هذه الفوضى».

وبشأن استقالة رامسفيلد قال علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة العراقية ان هذه قضية داخلية خاصة بالولايات المتحدة وان الحكومة العراقية تتعامل مع ادارة وليس مع أشخاص.

وخلال مقابلة مع تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي تحولت علاقته التي يكتنفها التوتر مع واشنطن الى مشادات علنية انه لا يعتقد ان التغيير في الكونغرس يمكن ان يحدث أي تحول ملحوظ في السياسة الامريكية في العراق.

وقال المالكي في مقابلة صورت الثلاثاء قبل انتهاء الانتخابات انه يعلم ان الولايات المتحدة ستعمل دوما من أجل مصلحتها على صعيد السياسة الخارجية وان العلاقة معها لن تشهد أي تغييرات جذرية اذا ظهرت على السطح اراء جديدة بعد الانتخابات.

وقال حسن السنيد هو سياسي بارز من الائتلاف العراقي الموحد ومقرب من المالكي لرويترز «التكتيكات قد تتغير لكن الاستراتيجية ستبقى.

الديموقراطيون قد يخفضون عدد القوات الامريكية وربما يفضلون البقاء لفترة أقصر».

غير أن فتاح الشيخ العضو الاسلامي الشيعي بالبرلمان توقع حدوث تغييرات.

ورأى أن رامسفيلد أصبح كبش فداء من أجل حدوث التغيير.

كما توقع الشيخ أن يتبع السفير الامريكي ببغداد زلماي خليل زاد رامسفيلد في غضون أيام.

غير أن كثيرا من العراقيين اجرت معهم رويترز مقابلات كانت لديهم انشغالات أكثر الحاحا.

وقال جودت حامد الذي يمتلك متجرا كبيرا في كركوك بشمال العراق «اتركني وشأني. دعونا نفكر في كسب قوتنا اليوم قبل أن نفكر في الانتخابات الامريكية.

فلنفكر في الوضع الامني المتدهور ثم نفكر بعد ذلك في الدول الاخرى».

وقال ابو صالح ويعمل في شركة سياحة في بغداد «لا اريد من الديموقراطيين سحب القوات من العراق ليتركونا نعيش هكذا... لكنني سعيد بخسارة بوش وان الامريكيين اكتشفوا الحقيقة في نهاية المطاف».

وإتهم عضو مجلس النواب العراقي والناطق الرسمي باسم الكتلة الصدرية داخل البرلمان نصار الربيعي الإدارة الأمريكية بأنها حولت العراق إلى حلبة لصراعات أجهزة الإستخبارات الأجنبية .

وقال الربيعي "الإدارة الأمريكية لا تريد أن تعترف بفشل مشروعها السياسي في العراق , بل لا تريد أن تشعر العالم ودول المنطقة بفشل مشروع ( الشرق الأوسط الجديد) الذي تعول عليه كثيرا لتعميمه على دول مرشحة وفقا لسياساتها."

وأضاف الربيعي "عملت الإدارة الأمريكية على خلق ( بديل تكتيكي) لفشل مشروعها في العراق.. وهو إيجاد أرضية ملائمة لإحداث نوع من الإنشقاقات بين مكونات الشارع العراقي

،وجندت لهذا الغرض الآلاف من الأيادي الخفية التي أوكل إليها مهمة إشعال فتيل الحرب الأهلية داخل البلاد."

ومضى عضو البرلمان قائلا " نحن كسياسيين نعتقد بوجود أكثر من ( 92) جهاز إستخباراتي يعمل داخل العراق الآن ،مهمتهم تجنيد العملاء.. وتفعيل الإقتتال بشتى أنواعه."

ولفت إلى أن "السياسية الفاشلة التي مارسها الأمريكيون في العراق خلقت تصورا عند كل مكون من مكونات الشعب العراقي بأنه هو المالك الوحيد لكل البلاد.. الأمر الذي هيأ لإختلافات ستبقى قائمة لفترة طويلة."

وحول فوز الديمقراطيين في الإنتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي ،قال الربيعي "الإنتخابات الأمريكية لاتؤثر نتائجها على الوضع في العراق ،لكن الوضع في العراق هو الذي يؤثر على الأوضاع داخل الولايات المتحدة."

وأضاف القيادي في التيار الصدري قائلا "التغيرات السياسية التي يشهدها البيت الأبيض يجب أن تتوافق مع مصالح الشعب العراقي ،ونرفض بشدة أي تبني لخط مغاير ومخالف لثوابتنا وعادات وأعراف مجتمعنا العراقي."

شبكة النبأ المعلوماتية- 11 السبت /تشرين الثاني  /2006 -19 /شوال /1427