لاخيارات استراتيجية بديلة في البحث عن استراتيجية جديدة في العراق.. الامال معلقة على مجموعة دراسة العراق

أفادت صحيفة نيويورك تايمز في طبعة يوم السبت ان القائمين على الجيش الامريكي بدأوا مراجعة كبيرة للاستراتيجية في العراق ومناطق التأزم الاخرى في حملة ادارة الرئيس بوش ضد الارهاب.

ونسبت الصحيفة الى مسؤولين بوزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) القول ان رئيس الاركان المشتركة للجيش الامريكي الجنرال بيتر بيس شكل فريقا ممن سمتهم بعضا من ألمع الضباط في الجيش وكلفهم بالقاء نظرة جديدة على العراق وافغانستان وغيرهما من المناطق الساخنة.

وأعلن بيس عن المراجعة ضمن سلسلة مقابلات تلفزيونية يوم الجمعة ولكنه لم يعط مزيدا من التفاصيل.

وقالت الصحيفة ان من بين الافكار التي نوقشت زيادة حجم قوات الامن العراقية بالاضافة الى جهود الولايات المتحدة لتدريبهم وتجهيزهم وتعديل حجم القوات الامريكية في العراق.

وأضافت نيويورك تايمز ان مسؤولي البنتاجون شددوا على ان هذه المراجعة اتسعت لتتجاوز المسألة العراقية وانه تجري دراسة أفكار غير تقليدية بشأن كيفية مكافحة الارهاب.

ونسبت الصحيفة الى مسؤولي البنتاجون القول بان هذه الدراسة العسكرية التي بدأت رسميا في 25 سبتمبر تجري بالتنسيق مع بقية الحكومة ولكن الفريق لم يلتق أفرادا من فريق دراسة العراق وهي اللجنة التي تدرس الخيارات في العراق.

وأشار المسؤولون الى ان أهداف الفريق هي وضع الخطوط العريضة للخيارات التي قد يرسمها بيس في سياق المشورة التي يقدمها لبوش وروبرت جيتس الذي اختاره الرئيس الامريكي ليحتل منصب وزير الدفاع.

وبين أفراد الفريق العسكري الكولونيل اتش.ار. ماكماستر ضابط الجيش الذي قاد عملية ضد المسلحين يضرب بها المثل في منطقة تلعفر في عام 2005. كما يضم الكولونيل بيتر منصور مدير مركز مكافحة الاعمال المسلحة التابع للجيش الامريكي ومشاة البحرية في ليفنوورث في كنساس. وهو الذي قاد مواجهة ضد جيش المهدي في كربلاء في عام 2004.

كما يضم الفريق الكولونيل توماس جرينوود مدير كلية مشاة البحرية الذي أشرف على تدريب قوات الامن العراقية في الانبار. ويضم الفريق في المجمل أكثر من 12 ضابطا عسكريا. ويشرف عليهم الكابتن مايكل روجرز من البحرية وهو معاون خاص لبيس.

ومن المقرر انجاز هذه المهمة التي يشارك فيها أيضا الجنرال جورج كيسي قائد القوات الامريكية في العراق والجنرال جون أبي زيد قائد القيادة المركزية الامريكية في مطلع ديسمبر كانون الاول.

وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال بيتر بايس إن قادة الجيش يجرون حوارا حول التغييرات المزمع إجراؤها وسينفذون اللازم منها.

ومن المقرر أن يلتقي يوم الاثنين الرئيس الأمريكي جورج بوش بأعضاء اللجنة المختصة برسم المقترحات الخاصة بإنهاء الصراع في العراق.

يشار إلى أن العراق كان عاملا أساسيا في هزيمة الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس واستقالة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد.

وسيتم استبدال رامسفيلد بالرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية CIA روبرت جيتس، وهو عضو في مجموعة دراسة العراق التي ستقدم تقريرها للرئيس الأمريكي الأسبوع القادم.

ويقول البيت الأبيض إنه منفتح على أية أفكار جديدة حول الصراع الدائر في العراق، كما يقول المراسلون إنه من غير المستبعد أن يحدث تغيير حقيقي في السياسة الأمريكية في العراق.

وقال الجنرال بايس لـ CBSإن القادة العسكريين ألقوا نظرة متفحصة لما فعلوه في العراق.

لكنه استدرك قائلا إن رحيل رامسفيلد عن منصبه لن يكون ذا تأثير مباشر على الوضع في العراق.

وجاءت تصريحات الجنرال بايس في الوقت الذي أعلن في البيت الأبيض عن اجتماع الرئيس بوش مع اللجنة المشكلة من الجمهوريين والديمقراطيين، والتي كان الكونجرس قد طلب منها اختبار فاعلية السياسة الأمريكية في العراق.

ويقود اللجنة وزير الخارجية الأمريكي السابق جيمس بيكر، الذي تقول تقارير إنه يعتقد أن بقاء القوات الأمريكية في العراق حتى النهاية هي إستراتيجية واهية في الأمد الطويل.

وقالت التقارير أيضا إن اللجنة تنظر في اختيارين، كلاهما سيشكلان تراجعا عن موقف إدارة بوش في العراق.

إحدى الخيارين سيكون انسحاب القوات الأمريكية من العراق، أما الآخر فسيكون رفع مستوى الاتصالات مع سورية وإيران من أجل إيقاف القتال بين الجماعات المسلحة والقوات الأمريكية.

وقد اقترح زعماء من الحزب الديمقراطي، أثناء زيارة لهم إلى البيت الأبيض في أعقاب الفوز الذي حققوه في الكونجرس، فكرة عقد قمة حول العراق.

نانسي يبلوسي، والتي ستتولى رئاسة الكونجرس، دعت إلى تغيير في الإستراتيجية الأمريكية في العراق ووصف السياسة الحالية هناك بأنها "كارثية".

كما تقرر تقرر أن يحل لورانس ايجلبرجر الذي عمل وزيرا للخارجية الأمريكية لفترة قصيرة أثناء عهد الرئيس جورج بوش الأب محل وزير الدفاع الامريكي المعين بوب جيتس في عضوية مجموعة دراسة العراق التي من المتوقع ان تتقدم بتوصيبات بشأن نهج أمريكي جديد تجاه العراق.

جاء الاعلان على لسان معهد الولايات المتحدة للسلام الذي ينسق جهود مجموعة دراسة العراق التي يرأسها كل من وزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر وهو جمهوري ولي هاملتون عضو مجلس النواب السابق وهو ديمقراطي.

وايجلبرجر هو أحدث خبير في السياسة الخارجية من المعروفين بانتمائهم الى المذهب العملي والمرتبطين برئاسة جورج بوش الاب يرقى الى منصب يحظى باهتمام كبير.

وعمل ايجلبرجر نائبا لبيكر أثناء توليه وزارة الخارجية وأصبح وزيرا للخارجية في اغسطس عام 1992 عندما تولى بيكر منصب كبير موظفي البيت الابيض.

وتشكلت مجموعة دراسة العراق التي تضم خمسة من الديمقراطيين وخمسة من الجمهوريين في مارس اذار عام 2006 لإجراء تقييم مستقبلي للحزبين بشأن الوضع في العراق وتأثيره على المنطقة المحيطة به وتبعاته على المصالح الامريكية.

وسرت تكهنات بأن المجموعة ستقدم تقريرها بشأن النتائج التي توصلت اليها بحلول نهاية العام ولكن لم يتم تأكيد موعد محدد. ومن المقرر ان يلتقي أعضاء المجموعة مع بوش الاسبوع القادم.

ويتوقع من روبرت غيتس الذي سيخلف وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد ان يغير السياسة الاميركية في العراق لكن الخيارات الاستراتيجية والتكتيكية تبدو محدودة.

ويقول مايكل موران الخبير في مجلس العلاقات الخارجية ان "ما سيفعله خليفة رامسفلد ليس واضحا".

ويقول عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير الديموقراطي جوزف بيدن انه "كان واضحا للعالم على كل حال انه لن يطرأ تغيير في السياسة طالما يشغل رامسفلد منصب" وزير الدفاع. ويتابع "كان (رحيله) شرطا مسبقا ضروريا (للتغيير) لكنه لا يشكل حلا".

من جهته قال عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرجينيا الجمهورية جون وورنر "انا متاكد من ان غيتس سيأتي بافكاره الخاصة وهي افكار جديدة ومبادرات جديدة وانا واثق من انه سيتمكن من تصحيح الوضع في بعض" المناطق الحساسة.

ومع رحيل رامسفلد بدأ المسؤولون في واشنطن التداول في السيناريوهات البديلة للعراق من الفدرالية الى الانسحاب التدريجي للقوات الاميركية وحتى الى عقد مؤتمر اقليمي لارسال تعزيزات عسكرية كبيرة.

ويقول ماكس بوت وهو خبير آخر في مجلس العلاقات الخارجية ان "الوضع السيء اليوم قد يزداد سوءا اذا انسحبنا بهذه السهولة".

وكتب في افتتاحية نشرتها صحيفة "لوس انجليس تايمز" ان الوضع سيصبح "حرب الجميع ضد الجميع. وقد يتحول الوضع في العراق على الارجح الى الفوضى العارمة التي شهدتها الصومال وافغانستان في التسعينات".

وينتظر المشرعون والخبراء بفارغ الصبر النتائج التي ستصل اليها "مجموعة الدراسات حول العراق" المستقلة التي يديرها وزير الخارجية الاميركي السابق جيمس بيكر الى جانب النائب الديموقراطي السابق لي هاملتون وغيتس.

وقد نظرت المجموعة في خيارات عدة بينها الانسحاب التدريجي للقوات الاميركية واستئناف الحوار مع دولتين جارتين للعراق: ايران وسوريا.

وقال جون مورتا النائب عن بنسلفانيا لمحطة "سي ان ان" الاميركية "آمل ان تأتي لجنة بيكر هاملتون بجديد. اتمنى ان يصدر عنها توصيات حول بدء اعادة انتشار القوات لان هذا ما (اراده المواطنون الاميركيون) في هذه الانتخابات".

واضاف مورتا ان غيتس "سياتي بتغيير خاص الى وزارة الدفاع. فهو يستمع الى العسكريين ومنفتح على افكار الآخرين ولديه خبرة والناس يثقون به (...) وهو لن يرفض اقتراحات العسكريين".

وكرر بيدن دعوته الى تطبيق نظام الفدرالية في العراق. ويقول ان "خطتي واضحة جدا (...) وهي التوصل الى حل سياسي في العراق".

ويوضح "لنعط السنة حصة من النفط ليتخلوا عن حركة التمرد ولنجعل النظام اكثر فدرالية كما هو منصوص في دستورهم ولنعقد مؤتمرا اقليميا للحصول على عدم تدخل دول الجوار ولندعم اي حل سياسي يتم التوصل اليه في الداخل".

ويقول بوت ان "الامل الحقيقي الوحيد لاعادة النظام على الامد القصير يتمثل في ارسال تعزيزات اميركية وللاسف فان ارساء السلام في جميع انحاء البلاد قد يتطلب على الارجح ما بين 400 الف و500 الف جندي ومن الواضح ان هذه الفكرة لن تلقى نجاحا".

ويضيف ان "عددا اقل من ذلك (بين 25 وخمسين الفا) قد يكفي للسيطرة على بغداد لكن في الجو السياسي الحالي لا يبدو انه سيتم ارسال مثل هذا العدد حتى. ولن يحدث نحو الف جندي فرقا كبيرا".

وكان السفير الاميركي السابق في العراق ريتشارد هولبروك ايد فكرة عقد مؤتمر اقليمي للحصول على دعم دول الجوار وكذلك فكرة اعادة انتشار القوات الاميركية في شمال العراق عند الحدود مع تركيا.

ويحذر وورنر من التغييرات الجذرية. ويقول "علينا ان نتذكر ضرورة المحافظة على استقرار هذه الحكومة لتتمكن من ممارسة سيادتها باسم الشعب العراقي واقناع الدول المجاورة للعراق ودول المنطقة ان العراق سيبقى موحدا ولن يشهد حربا اهلية".

وتحدثت صحيفة الاندبندنت عن الخيارات الاستراتيجية التي يمكن أن تلجأ إليها بريطانيا والولايات المتحدة لمواجهة الوضع المتفجر حاليا في العراق فقالت:

الخيار الأول زيادة عدد القوات الأمريكية ومساعدة الحكومة العراقية في التصدي للجماعات المسلحة ومن ابرز مؤيدي هذا الخيار السناتور جون ماكين.

لكن عواقب هذا الخيار هو خلق مزيد من المشاكل بدلا من حلها وهذا الخيار غير مرغوب فيه من قبل بريطانيا وفي داخل الولايات المتحدة وقد يؤيد الرئيس الامريكي جورج بوش هذا الخيار لكن الديمقراطيين في مجلسي النواب والكونغرس سيعارضون هذا الخيار.

الخيار الثاني هو الخروج المباشر وهو مفيدا لكلا من الإدارة الأمريكية ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير قبل الانتخابات القادمة في البلدين لكن المسلحين سيشعرون بالنصر وبالتالي سيكثفون هجماتهم على الحكومة العراقية وستندلع حرب أهلية كبيرة وسيترك إحساسا بالذل بين القوات الأمريكية .

لهذا الخيار شعبية كبيرة في أوساط الرأي العام لكن غير مقبول من قبل السياسيين. الخيار الثالث هو الانسحاب المرحلي خلال سنة ونصف لكن مع الإبقاء على بعض القوات على الأرض للتصدي للجماعات المسلحة وبعد الاتفاق مع كل من سورية وإيران.

وحينها يمكن لجورج بوش وبلير القول إن القوات ستنسحب من العراق بعد انتهاء المهمة.

ومخاطر هذا الخيار هو قيام المسلحين بتكثيف هجماتهم حالما يعرفون الجدول الزمني للانسحاب من العراق وهذا الخيار غير وارد دون تأهيل القوات العراقية لاستلام المهام الأمنية وهذا أمر لا يبدو سهلا حاليا.

ويحبذ هذا الخيار أغلبية السياسيين في الولايات المتحدة وبريطانيا وهذا هو الخيار الأرجح مع اختلاف حول الجدول الزمني.

الخيار الرابع كما تقول الصحيفة هو البقاء في العراق إلى اجل غير محدد بغض النظر عن الكلفة المالية والبشرية عن طريق إقامة قواعد دائمة لحماية آبار النفط ومواجهة جماعات مسلحة متزايدة ومتنامية.

لكن نتائج هذا الخيار هي إن الحكومة العراقية ستبدو واجهة للاحتلال وستستهدف الجماعات المسلحة هجماتها ضد قواعد قوات التحالف في العراق دون أن تكون لهذه القوات فرصة كبيرة للقضاء على التمرد.  لكن لا يحتمل توصل الرئيس بوش والديمقراطيين إلى اتفاق على هكذا خيار.

شبكة النبأ المعلوماتية- 11 السبت /تشرين الثاني  /2006 -19 /شوال /1427