العرب يتلذذون بهزيمة الجمهوريين والأوروبيون يرحبون

تلذذ العرب يوم الاربعاء بهزيمة الحزب الجمهوري الامريكي في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس قائلين ان الرئيس جورج بوش تلقى صفعة يستحقها على اساليب تعامله القاسية في الشرق الاوسط.

لكن الكثيرين استبعدوا أن تفضي الانتخابات التي منحت الديمقراطيين سيطرة جزئية على الاقل على الكونجرس الى أي تحول حقيقي في السياسة في القضايا التي تشغلهم بالاخص من الدور الامريكي في العراق الى النزاع النووي الايراني واسرائيل والسودان.

وقال مصطفي السيد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة "سيكون هناك شعور بأن العدالة أخذت مجراها جزئيا لكن ليس بالكامل."

وأضاف "الناس واقعيون. الانتصار في الكونجرس لا يعني أن الادارة ستجبر على تغيير سياستها الخارجية. بل ان الرئيس بوش معروف بالعناد نوعا ما. نهجه أيديولوجي ومن الصعب توقع أن يتغير."

ومنح الناخبون الامريكيون نصرا كبيرا للديمقراطيين الذين فازوا بحوالي 30 مقعدا اضافيا في مجلس النواب وسط موجة من السخط ازاء حرب العراق والفساد وقيادة بوش.

ومن شأن سيطرة الديمقراطيين على الكونجرس أن تكبح الكثير من خطط بوش وتعزز الضغوط من أجل تغيير المسار في العراق. كما اقترب الديمقراطيون من انتزاع السيطرة على مجلس الشيوخ في انتظار نتائج تعلن متأخرة.

لكن من السودان الى مصر والعراق حيث يرى الكثير من العرب أن السياسة الامريكية في المنطقة مستبدة ومنحازة اعتبر هذا الاحتمال جديرا بالاحتفاء.

وقال سامر كامل وهو بائع ساعات في العاصمة المصرية "انه شيء سيعتبره كل مصري أمرا ممتازا. نأمل في عدم وقوع مزيد من الهجمات على بلدان اسلامية."

ويرغب الكثير من العرب في رؤية سياسة أمريكية أقل تغلغلا في المنطقة. وهم يعارضون بالاجماع تقريبا الوجود العسكري الامريكي في العراق ويرون أن ادارة بوش منحازة الى اسرائيل في نزاعها الممتد لعقود مع الفلسطينيين.

كما يميل العرب الى معارضة الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لكبح برنامج ايران النووي ليس بالضرورة من باب المساندة القوية لطموحات طهران لكن لان واشنطن تلزم الصمت ازاء برنامج اسرائيل النووي.

كما أن بعض العرب يرون أن الولايات المتحدة ملحة جدا في المطالبة بنشر قوات دولية في اقليم دارفور السوداني الذي مزقته الحرب وحيث قال بوش ان تطهيرا عرقيا يجري هناك وهو ما تنفيه الخرطوم. ويفضل العرب نهجا أخف.

وقال السماني الوسيلة وزير الدولة السوداني بوزارة الخارجية "نأمل في علاقات من التعاون لا المواجهة."

وقال اسماعيل معراف المحلل الجزائري "سيجعل الديمقراطيون أيضا من المقترحات الامريكية للاصلاح في العالم العربي أكثر مصداقية لان فكرتهم قائمة على الشراكة لا الضغط والتدخل في الشؤون الداخلية."

واستبعد كثير من العرب أن يحدث الديمقراطيون تغيرا شاملا في السياسة لاسيما في الشأن العراقي لكن أعربوا عن أملهم أن يساهموا في دفع الادارة لتصبح أكثر دبلوماسية.

وقال خلدون النقيب المحلل السياسي الكويتي "لن تختلف استراتيجيتهم كثيرا عن استراتيجية الجمهوريين الحالية لكن قرارات السياسة لن تكون بنفس الاندفاع والغطرسة وسوء التقدير كما حدث في السنوات القليلة الماضية."

وقال عبد المنعم سعيد من مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية انه في حين أن الديمقراطيين قد يكبحون ادارة بوش قليلا في العراق الا أن حكومة منقسمة قد تقود أيضا الى تجنب واشنطن الانخراط في جبهات أخرى مثل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني مما قد يوجد فراغا.

وقال "الفراغ في نظام القوة العالمي ليس أمرا جيدا عادة... الكثير من الاشرار سيحاولون ملء الفراغ."

ورحب أوروبيون كثيرون بالهزيمة المدوية التي مني بها الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه الرئيس الامريكي جورج بوش في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس وأعربوا عن أملهم في أن يساعد فوز الديمقراطيين في انهاء خلافات بغيضة عكرت العلاقات على جانبي المحيط الاطلسي في السنوات القليلة الماضية.

لكن محللين ذكروا أن من غير المرجح أن تتغير السياسة الخارجية الامريكية بين عشية وضحاها خاصة في العراق وحذروا من أن التعامل مع الديمقراطيين قد يكون أكثر صعوبة منه عن الجمهوريين المهزومين في مجالات مثل التجارة الدولية.

وتبخر التعاطف الاوروبي مع الولايات المتحدة الى حد بعيد منذ موجة التضامن التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 كما بات ينظر الى ادارة بوش بشك يصل الى درجة العداء السافر في كثير من الدول.

واعتبرت نتائج الانتخابات التي أجريت يوم الثلاثاء والتي أفقدت الجمهوريين السيطرة على مجلس النواب وهددت الاغلبية التي يتمتعون بها في مجلس الشيوخ على نطاق واسع بمثابة توبيخ شخصي لبوش وفرصة لتحقيق مزيد من التوازن في النظام الدولي.

وقال دومينيك موازي المستشار الخاص بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية "هناك بيت أبيض اقل في أمريكا الان وأمريكا أقل قليلا في العالم."

ونفرت ادارة بوش أوروبا تدريجيا بخصوص مجموعة من القضايا أهمها العراق وخليح جوانتانامو ورفضها توقيع معاهدة كيوتو التي تهدف للحد من ارتفاع حرارة الارض.

وقال بييرو فاسينو رئيس الحزب الديمقراطي الذي ينتمي الى اليسار أكبر الاحزاب الحاكمة في ايطاليا "شهدت هذه الاعوام فشل سياسة بوش الاحادية الجانب. نحتاج الان للتفكير في أن مشاكل العالم لا يمكن أن تحلها دولة واحدة فقط حتى لو كانت اقوى دولة."

وأعرب ساسة من جميع الاتجاهات عن مشاعر مماثلة في أنحاء القارة بما في ذلك بريطانيا أقرب الحلفاء الى بوش في حربه على الارهاب.

وسبب قرار رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بالمشاركة في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق انقسامات عميقة داخل حزب العمال الذي ينتمي اليه وقال أحد منتقديه ان انتخابات الكونجرس الامريكي أكدت أن الناس على جانبي المحيط الاطلسي يريدون التغيير.

وقال جون مكدونيل عضو البرلمان من حزب العمال والمرشح لزعامة الحزب بعد أن يتنحى بلير "نتائج هذه الانتخابات لم تضر بوش وحده بل تعني أن بلير أصبح الان معزولا تماما في المجتمع الدولي."

ويخول الدستور الامريكي الرئيس تحديد السياسة الخارجية. ورغم النفوذ الذي يمارسه الكونجرس من خلال لجان الاشراف التابعة له لا يتوقع كثير من المحللين أن يطالب الديمقراطيون بتغيير فوري خاصة بخصوص العراق.

وقال فرنسوا هيسبور المستشار الخاص بمؤسسة الابحاث الاستراتيجية في باريس "سيجعل الديمقراطيون حياة بوش صعبة لكنهم لن يعترضوا طريقه كثيرا لانهم لا يريدون أن يوصموا بالهزيمة في العراق."

لكن بعض صناع السياسة يعتقدون أن الديمقراطيين يحتمل أن يحاولوا دفع أوروبا للاضطلاع بمزيد من الاعباء في المناطق الساخنة لا سيما أفغانستان.

وقال كارستن فويت منسق العلاقات الامريكية الالمانية بوزارة الخارجية الالمانية للاذاعة الالمانية "هذا قادم لا محالة."

وأضاف "وأنا متأكد من أن البعض سيقولون ان الاوروبيين ينبغي أن يضطلعوا بدور عسكري وانساني في دارفور" في السودان.

كما حذر محللون من أن الديمقراطيين يمليون أكثر الى الحماية في مجال التجارة وربما يقضون على الامال في ابرام اتفاق عالمي للتجارة بانتزاع سلطة بوش في التفاوض "السريع" التي تتيح له الموافقة على صفقات.

وكتب المعلق براونن مادوكس في صحيفة تايمز البريطانية اليومية "بهذا تضيع أي فرصة في أن تساعد الولايات المتحدة في احياء جولة محادثات الدوحة للتجارة العالمية رغم أنها يحتمل أن تكون قد ماتت بالفعل. كانت (المحادثات) تحمل أملا في أن تتوقف الولايات المتحدة عن دعم الزراعة وأن تجبر أوروبا على أن تفعل الشيء نفسه."

لكن تلك المخاوف بخصوص السياسة لم تقلل مشاعر الارتياح واسعة النطاق في عديد من العواصم الاوروبية ازاء تقييد حركة بوش في وقت يتزايد فيه عدم الرضا عن القيادة الامريكية.

وكان استطلاع أجراه صندوق مارشال الالماني للولايات المتحدة ونشرت نتائجه في سبتمبر أيلول قد أشار الى أن 18 في المئة من الاوروبيين يؤيدون سياسة بوش الخارجية بينما ذكر 37 في المئة أن القيادة الامريكية في العالم مرغوبة مقابل 64 في المئة كانوا يعتقدون ذلك عام 2002.

وقال مارتن شولتز رئيس الكتلة الاشتراكية القوية في البرلمان الاوروبي "نشعر بالارتياح لرؤية بداية النهاية لكابوس في العالم استمر ستة أعوام."

شبكة النبأ المعلوماتية- 10 الجمعه /تشرين الثاني  /2006 -18 /شوال /1427