صراع اللحظات الاخيرة في الانتخابات الاميركية

اعتبر الخبراء ان الكونغرس سيشهد حالة من الشلل ايا تكن نتيجة الانتخابات البرلمانية الاميركية في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر وتوقعوا ان يعطي اعضاؤه الاولوية في عملهم التشريعي للتحضير للانتخابات الرئاسية عام 2008.

ويقول بول لايت الاستاذ في جامعة نيويورك "اعتقد ان الكونغرس سيكون مشلولا عمليا طوال السنتين المقبلتين فيما تبدأ المعركة لمعرفة من سيصل الى البيت الابيض عام 2009".

واضاف لايت "سيبدأ الديموقراطيون والجمهوريون بالتحضير لبرنامج حملتهم للعام 2008 ولن يكون احد راغبا بابداء التعاون في الملفات المؤثرة".

وعلى الصعيد الفوري يدعى الاميركيون الثلاثاء الى انتخاب او اعادة انتخاب 435 عضوا في مجلس النواب و33 من اصل 100 عضو في مجلس الشيوخ. وتكشف استطلاعات الرأي تقدما كبيرا للديموقراطيين بعد هبوط شعبية منافسيهم الجمهوريين على خلفية نقمة الاميركيين من تدهور الاوضاع في العراق.

ويعتبر لايت انه سيكون على "الطرفين" ايا تكن النتيجة ان يقررا اذا كان من مصلحتهما ان يقدما تسويات" للتمكن من التشريع او "ان يثيرا قضايا فعالة جدا" في اطار التحضير للعام 2008.

وعمليا سيكون من الصعب على المعارضة الديموقراطية ان تعتمد برنامجا مختلفا جدا في حال الفوز بالانتخابات لانها ستواجه الفيتو الرئاسي على الاقل (حيث لا يعتقد احد انه سيكون بامكانها جمع غالبية الثلثين في الكونغرس لتجاوز هذه العقبة).

اما اذا تمكن الجمهوريون من الحفاظ على الغالبية التي يتمتعون بها في مجلس الشيوخ فسيصبح الكونغرس منقسما بين مجلس نواب ديموقراطي ومجلس شيوخ جمهوري ما سيزيد الامور تعقيدا.

واعتبر ديفيد كوربين الاستاذ في جامعة نيوهامشير "يمكن ان يجد الديموقراطيون انفسهم في مواجهة وضع صعب جدا". وتابع ان الناخبين سينتظرون منهم "تغييرات تشريعية. ولكن هل سيتوصلون الى هذه النتائج؟ لا لانهم لن يستطيعوا تجاوز عقبة الفيتو (...) لن يكون لديهم الوسائل التي تسمح لهم بتحقيق اهدافهم".

بيد ان الديموقراطيين قد يتمتعون بالقدرة على التحكم بجدول اعمال الكونغرس وبتكثيف التحقيقات حول كل المسائل التي يتهمون ادارة بوش بالتورط فيها وهي بدورها وسيلة لتحديد اطر النقاش حول الانتخابات الرئاسية لعام 2008.

ورغم ان جمهوريي الرئيس بوش يسيطرون على الكونغرس فان كوربين يعتبر انهم "سيجرون سباقا مع الزمن". واضاف "حتى الآن لم يبرهنوا عن فعالية كبيرة في مجال تطبيق برنامجهم والفوز برضا قاعدتهم" في اشارة الى عدم نجاحهم في تمرير القانون المتعلق بالتنقيب عن النفط في الاسكا او اصلاح نظام التقاعد. وقال "ينبغي عليهم ان ينتبهوا كثيرا الى ما سيقومون باقراره".

وحتى اذا فاز الجمهوريون فسيكونون اقل استعدادا للتعاون مع الرئيس بوش الذي تنتهي ولايته في مطلع العام 2009 لانهم سيسعون الى التمايز عنه بهدف تعزيز حظوظهم بالفوز في الانتخابات المقبلة.

والنتيجة ان المحلل المالي في شركة "دي دبليو اس سكودر" روبرت فروليك فصل لزبائنه الاثنين الاحتمالات المترتبة عن النتائج الممكنة للانتخابات. فاذا حقق الديموقراطيون فوزا تاما للسيطرة على المجلسين سيكون هناك مأزق واذا حققوا فوزا جزئيا (في مجلس النواب وليس في مجلس الشيوخ) سيكون هناك مأزق ايضا. واذا حافظ الجمهوريون على الغالبية في المجلسين (وهو ما يعتبره معقولا بنسبة 70%) سيكون هناك مازق كذلك.

وحذرت المعارضة الديموقراطية الاميركية مناصريها من اي تفاؤل سابق لاوانه قبل ستة ايام من انتخابات منتصف الولاية معربة عن خشيتها من ان تساهم عوامل غير متوقعة في سلبها الفوز الذي تتوقعه استطلاعات الراي في البلاد.

وقال جيمس كارفيل احد واضعي الاستراتيجية للديموقراطيين متوجها الى الناشطين في الحزب "اعرف ان استطلاعات الرأي (...) تثلج قلبنا لكن الجمهوريين يعتقدون انه يمكنه حشد عدد كاف من (مناصريهم) اليمينيين المتطرفين لالحاق الهزيمة بنا".

ويعتبر المحلل المستقل تشارلي كوك ان "موجة (التأييد للديموقراطيين) ليست في انحسار" وغالبية الاميركيين (52% مثابل 37%) يرغبون في ان تنتقل الغالبية في الكونغرس اليهم بحسب استطلاع نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الاربعاء.

لكن عدم شعبية الحرب في العراق التي لا تزال مصدر القلق الاول للناخبين وكذلك للرئيس جورج بوش قد لا تكفي لتمكين الديموقراطيين من حصد مقاعد اكثر من الجمهوريين تخولهم تحديد جدول الاعمال السياسي خلال السنتين الاخيريتين من ولاية بوش.

ودعي مئتا مليون ناخب اميركي لاختيار الاعضاء ال435 في مجلس النواب و33 من اصل مئة عضو في مجلس الشيوخ الثلاثاء المقبل.

وليتمكن الديموقراطيون من الحصول على الغالبية يجب ان ينتزعوا من الجمهوريين 14 مقعدا على الاقل. اما في مجلس الشيوخ فيسعى الديموقراطيون الى الاحتفاظ بجميع مقاعدهم والفوز بستة مقاعد اخرى.

ومنذ البداية تشدد المعارضة على ان هذه الانتخابات يجب ان تكون استفتاء حول الرئيس بوش و"فشل سياسته".

اما بالنسبة للجمهوريين الذين يعتمدون على انتخابات سابقة نتج عنها اعادة انتخاب النواب واعضاء مجلس الشيوخ في 95% من الحالات فيرددون ان هذه الانتخابات هي اولا ذات طابع محلي.

ويقول زعيم الغالبية في مجلس النواب جون بونر ان "استطلاعات الراي على مستوى الوطن لا تعني شيئا (...) وفي حال قمنا بتعبئة مواردنا وناخبينا في الاسبوع المقبل اظن اننا سنحقق نتائج جيدة".

ويضيف" كل المؤشرات على الارض تدل على ان امورنا تسير في الاتجاه الصحيح. هناك نحو 20 عملية انتخابية يمكنها ان تفضي عن نتائج في هذا الاتجاه او ذاك".

وبالفعل بالنسبة لمجلس الشيوخ هناك على الاقل ثلاث عمليات انتخابية لا يمكن التكهن بنتائجها بسبب المنافسة الحادة بين الطرفين.

ومن اصل الدوائر الانتخابية ال45 في مجلس النواب التي يسيطر عليها الجمهوريون حاليا ويهددها الديموقراطيون تتوقع المنظمة المستقلة "ريل كلير بوليتيكس" التي تقوم بجمع استطلاعات الراي التي اجريت في الآونة الاخيرة ان تصوت عشر دوائر لصالح الديموقراطيين و20 لصالح الجهوريين.

اما في الدوائر ال15 الاخرى فالنسب تتقارب يصعب معها اطلاق اي تكهنات ما يحمل على الاعتقاد بان العوامل غير المتوقعة يمكن ان ترجح الكفة لصالح هذا الطرف او ذاك.

ويرى المعلق المحافظ ديك موريس ان الوضع يتكرر في ولايات اخرى ما يحمله على تلخيص نوايا الناخبين كما يلي "اتمنى حقا ان يفوز الديموقراطيون لكن ليس مرشحهم عن ولايتي".

من جهته اطلق الرئيس الاميركي جورج بوش الخميس حملة سياسية في محاولة لانقاذ الجمهوريين الذين يواجهون غضب الناخبين بشأن العراق قبل خمسة ايام من الانتخابات التشريعية المقبلة.

وتهدف مهمته التي تشمل عشر ولايات خلال ستة ايام الى تحسين صورة الحزب الجمهوري التي تلعب تاريخيا دورا حاسما في انتخابات منتصف الولاية.

ودعا بوش في تجمع انتخابي في بيلينغز في ولاية مونتانا (شمال غرب) مؤيديه الى الاستعداد للاقتراع الذي سيجرى الثلاثاء والعمل على تعبئة الناخبين الذين يفكرون في الامتناع عن التصويت او التصويت للديموقراطيين.

وقال بوش امام مئات من مؤيديه في مجمع كبير في المدينة "اعرف انكم ستساهمون معي في المرحلة الاخيرة من الحملة".

واكد الرئيس الاميركي "سننتصر في مجلس الشيوخ وسننتصر في مجلس النواب. سننتصر في هذه الانتخابات لاننا نتفهم قيم واولويات الشعب الاميركي".

وكشف آخر استطلاع للرأي اجري قبل الانتخابات لحساب صحيفة "نيويورك تايمز" ومحطة التلفزيون الاميركي "سي بي اس" ان العراق سيكون على رأس اهتمامات الناخبين في الاقتراع لاختيار اعضاء مجلس النواب (435 مقعدا) وثلث مجلس الشيوخ (33 من اصل مئة مقعد).

ورأى 76% من الاميركيين الذين شملهم الاستطلاع ان الجنود الاميركيين سيعودون الى بلدهم في وقت اقرب على الارجح اذا اصبح الديموقراطيون يشكلون اغلبية من جديد في الكونغرس بعد 12 عاما في المعارضة.

ويفترض ان ينتزع الديموقراطيون 15 مقعدا من الجمهوريين في مجلس النواب وستة في مجلس الشيوخ ليعودوا اغلبية. وتؤكد استطلاعات الرأي ان هذه النتيجة ستتحقق على الارجح في مجلس النواب.

وحول الديموقراطيون هذا الاقتراع الى استفتاء حول الحرب في العراق واداء بوش في هذا الشأن. وكشف استطلاع الرأي الاخير ان 34% من الاميركيين يؤيدون اداء بوش و29% فقط يؤيدون سياسته في العراق.

وكان تشرين الاول/اكتوبر احد الاشهر التي شهدت سقوط اكبر عدد من القتلى في صفوف الاميركيين الذي بلغت خسائرهم 104 جنود بينما قال تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" ان العراق يغرق تدريجيا في الفوضى.

لكن الخبراء والبيت الابيض يؤكدون ان الاميركيين سيحددون مواقفهم تبعا لعوامل محلية وللمرشحين.

وسيشكل اداء كل من الحزبين لاقناع الناخبين عاملا اساسيا لحسم النتيجة. لكن اليمين المحافظ يواجه مشكلة العراق وفضائح فساد وفضيحة جنسية جديدة في الكونغرس يمكن ان تؤدي الى سقوطه في الاقتراع.

وحاول بوش اقناع الناخبين في مونتانا الخميس بصحة سياسته في العراق. وقال ان الديموقراطيين "لا خطة لهم للانتصار ولا فكرة لديهم عن كيفية تحقيق النصر" مؤكدا ان "الانتقادات الحادة ليست خطة للنصر". واضاف "لا يمكن كسب الحرب الا اذا كانت هناك ارادة للقتال".

وعاد بوش الى فكرته التي يكرردها باستمرار بان الاميركيين سيتمتعون بحماية اكبر من الارهاب اذا انتصر الجمهوريون وانهم سيدفعون ضرائب اكبر اذا انتصر الديموقراطيون.

وقال مسؤول في ادارة بوش لصحافيين طالبا عدم كشف هويته "نريد ان يركز حملته على الاماكن التي يمكن تعزيز التأييد للجمهوريين فيها".

والولايات العشر التي سيزورها بوش هي الولايات التي فاز فيها اصلا في انتخابات 2004 لكنه لن يتوجه الى اي مكان تراجعت فيه شعبيته الى درجة تضر بالمرشحين الجمهوريين.

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 4/تشرين الثاني  /2006 -12 /شوال /1427