
اذا اردت ان تعرف ماذا سيحدث في امريكا عليك ان تعرف مايجري في
العراق...هذه المعادلة رغم غرابتها وربما عدم موضيعتها الا ان نوعية
القرارات المتخذة والتصريحات المعلنة والمتسارعة والتعامل مع الاحداث
الميدانية والضغط الذي تمارسه وسائل الاعلام الامريكية ضد كلا البلدين
يجعل من هذه المعادلة وكانها حقيقة واقعة ، التصريح الذي ادلى به
نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني لفوكس نيوز يعطي نوعا من الصداقية لتلك
المعادلة حيث يقول: ان المسلحين صعدوا من هجماتهم في العراق في
محاولة للتأثير على نتائج انتخابات التجديد النصفي للكونجرس التي تجري
الاسبوع القادم وانهم يستخدمون شبكة الانترنت لمراقبة مؤشرات الرأي
العام الامريكي.
ويضيف تشيني "سواء كانت القاعدة أو عناصر أخرى في العراق فهم
يراهنون على فرضية انهم قادرون على كسر ارادة الشعب الامريكي."
وكان تشيني والذي شارك بقوة في قرار الهجوم على العراق عام 2003
يتحدث قبل ثمانية أيام من انتخابات الكونجرس التي اظهرت استطلاعات
الرأي ان حزب الرئيس الامريكي جورج بوش الجمهوري قد يخسر خلالها هيمنته
على الكونجرس لصالح الديمقراطيين.
وينظر الى استياء الناخب الامريكي من حرب العراق خاصة بعد ان وصل
عدد القتلى بين الجنود الامريكيين خلال شهر اكتوبر تشرين الاول وحده
الى 102 قتيل كعنصر أساسي يمكن ان يضر بفرص الجمهوريين في انتخابات
السابع من نوفمبر تشرين الثاني.
وصرح تشيني بان أعداء امريكا في العراق لديهم دراية بتكنولوجيا
الانترنت لمراقبة التطورات الامريكية مما يساعدهم على تحديد توقيت
الهجمات التي تستهدف في جزء منها التأثير على الانتخابات الامريكية.
لكنه لم يقدم أدلة لتعزيز هذه النظرية.
وقال تشيني لفوكس نيوز "ما من شيء على الانترنت يستحيل وصولهم اليه.
انهم يجوبون الانترنت طوال الوقت. انهم يستخدمونها بتقنية عالية جدا."
وأظهرت استطلاعات الرأي أن أعدادا كبيرة من الامريكيين يطالبون
بانسحاب القوات الامريكية واعادتها الى الوطن. لكن بوش يرفض تحديد جدول
زمني لذلك.
وتوافق تشيني في الرأي مع الرئيس الامريكي الذي قال ان الهجمات في
العراق ربما تستهدف التأثير على الانتخابات لكنه قال أيضا ان شهر رمضان
ربما له علاقة بالامر.
وصرح اريك راف المتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) بان
استراتيجية المسلحين هي "تصعيد المعارضة للحرب والتأثير سلبا على
الرئيس."
وقال مراسل بي بي سي في واشنطن جيمس ويستهيد ان الحرب في العراق
تطغى على الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية ويخشى الجمهوريون ان
يفقدوا أغلبيتهم في الكونجرس.
وتشير نتائج استطلاعات الرأي أن ادارة بوش فقدت من شعبيتها وان عددا
متزايدا من الأمريكيين يرغب بعودة القوات الأمريكية الى بلدها، ولكن لم
يتم اعداد جدول زمني لعودة القوات الأمريكية من العراق بعد.
وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية ان عدد القوات الأمريكية في العراق قد
زاد ليبلغ 150 ألف عسكري، وهو الأعلى هذه السنة، وان كان ناجما عن
تزامن وجود فرق عائدة الى بلدها مع الفرق التي ستستبدلها.
ويقول جستين ويب مراسل بي بي سي في واشنطن ان ادارة بوش لا تعتقد ان
لدى الشعب الأمريكي صورة واضحة عن الوضع في العراق.
وتماشيا مع هذه الاراء أنشأت وزارة الدفاع وحدة خاصة مهمتها القيام
بحملة اعلامية على مدى 24 ساعة خاصة على شبكة الانترنت.
وقالت وزارة الدفاع ان هذا سيساعدها على مواجهة الاخبار غير الدقيقة
واستغلال الانترنت من أجل ذلك.
وكان وزير الدفاع الأمريكي دونالد رمسفيلد قد قال في وقت سابق ان
الولايات المتحدة خسرت حرب الاعلام، وهذا ما تأمل وزارة الدفاع بتغييره
من خلال انشاء وحدة الدعاية الجديدة كما قال المتحدث باسمها .
ولتاكيد موضوعية المعادلة اعلاه نقرا ما قاله الرئيس الامريكي جورج
بوش في اجتماع حاشد بجامعة ساذرن في ولاية جورجيا :" هدف الديمقراطيين
هو الخروج من العراق. هدف الجمهوريين هو تحقيق الفوز في العراق." واضاف
: "اذا استمعتم بانتباه بحثا عن خطة للديمقراطيين لتحقيق النجاح.. لا
خطة لديهم. العراق هو الجبهة المركزية في الحرب على الارهاب ورغم ذلك
فلا خطة لديهم لتحقيق النصر." الرئيس بوش لم يتحدث عن اقتصاد امريكا
وعن ضرائب الامريكيين وهذان اهم عنصرين يهتم بهما الناخب الامريكي لكن
ليس اليوم.
في هذا الشان تقول صحيفة الاندبندنت وتحت عنوان " اهداف صعبة
للقوات الأمريكية في العراق ومبعوث بوش يحاول حل الخلافات" كتبت
الصحيفة إن الرئيس بوش أوفد مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي إلى
العراق لحل الخلافات بين الجانبين بعد أن شهد هذا الشهر مقتل أكثر من
جندي 100 جندي أمريكي مع استمرار العنف الطائفي الذي يحصد أكثر من 100
ضحية يوميا حسب المصادر الأمريكية.
وقالت الصحيفة إن التوتر قد برز بين الجانبين بسبب عدم الرضا
الأمريكي من موقف حكومة المالكي المتردد من التصدي للمليشيات الناشطة
في العراق والمتهمة بالتورط في العنف الطائفي.
وتقول الصحيفة إن الوضع العراقي يلقي بظلال ثقيلة على الوضع الداخلي
الأمريكي بعد أن أظهرت نتائج استطلاع أجرته محطة فوكس نيوز التلفزيونية
إن 26 بالمائة ممن شاركوا في الاستطلاع قالوا إن العراق هو العامل
الأهم في قرار تصويتهم وهو ضعف نسبة من قالوا إن الإرهاب والاقتصاد أهم
عاملين.
وهذا الاتجاه لدى الناخب الأمريكي سيؤثر بشكل كبيرعلى نتائج
الانتخابات النصفية التي تجرى الأسبوع القادم والتي يتوقع المراقبون إن
يمنى الجمهوريون فيها بالهزيمة في ظل تصاعد الخسائر في صفوف الأمريكيين
والعنف الطائفي في العراق.
ان مسار الاحداث والوقائع الميدانية في العراق ليست محور اهتمام
الرئيس بوش وحزبه الجمهوري فقط بل هي المنهل الرئيس لحملة
الديمقراطيين في هذا الاتجاه يقول زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ
الامريكي هاري ريد :"في اليوم الذي وصلت فيه الولايات المتحدة الى
نقطة قاتمة في العراق لجأ الرئيس بوش الى نفس الهجمات الحزبية القديمة
البالية في محاولة يائسة للتمسك بالسلطة ولتجنب المساءلة عن أخطائه."
وأضاف "لسنا بحاجة الى حملة علاقات عامة جديدة. اننا بحاجة الى قائد
أعلى يفهم ان الوقت قد فات منذ زمن كي يتخلى عن نبرة الخطاب الخادعة
والمثيرة للانقسام.. ويغير المسار."
ويدعم الطرف الاخر ( العراقي ) هذه المعادلة من خلا تلك التصريحات
.
يقول طه اللهيبي عضو جبهة التوافق العراقية " هناك ضغط حقيقي نتيجة
لما وصل اليه الوضع الامني في العراق , والضغط الاميركي تزامن مع
اقتراب الانتخابات النصفية للكونغرس , ولكون شعبية الحزب الجمهوري الذي
ينتمي اليه الرئيس بوش أصبحت في أدنى المستويات , لذلك تحركت الادارة
الاميركية من أجل حل المليشيات. "
أما مفيد الجزائري من الكتلة العراقية فرأى أن التركيز يجب أن يكون
على كل القضايا العراقية وليس المليشيات فقط , وقال " الموضوع العراقي
كله أصبح رقم واحد بالنسبة للانتخابات النصفية الاميركية,فارتفاع
القتلى بين العراقيين والاميركيين سيلعب دورا كبيرا في الصراع بين
الجمهوريين والديمقراطيين ".
نديم الجابري من حزب الفضيلة الاسلامي (أئتلاف العراقي الموحد )
أعرب عن أعتقاده بأن: "علاقة الضغط الاميركي بعملية الانتخابات
وانعكاسات الوضع العراقي عليها قطعا عملية واردة , والربط في محله."
الاهتمام الامريكي المكثف بالوضع في العراق وتفعيل هذا الاهتمام –
الاعلان المشترك بين المالكي وخليل زاد ، اللقاء المتلفز بين المالكي
وبوش ، زيارة مستشار الامن القومي المفاجئة ، اعلان وزارة الدفاع عن
لجنة لتدريب وتسليح القوات العراقية ، انعقاد مؤتمر العهد في الكويت
–وبهذه الصورة المتسارعة لا يمكن الا ان ينقل حقيقة لدى المراقب ايا
كان توجهه من ان تفهم ما يجري في العراق هو المفتاح لمعرفة حقيقة ما
سيحدث في امريكا
.
|