حصار امريكي خانق يستهدف الشيعة في بغداد

  

أغلقت المتاجر أبوابها ومكث العديد من العاملين في المنزل يوم الثلاثاء في حي مدينة الصدر معقل الشيعة في بغداد بعد أن أصدر زعيم ميليشيا محلية أوامره بالقيام باحتجاج على ما وصفه "بالحصار" العسكري الامريكي للحي.

وخلال الاسبوع المنصرم كانت القوات الامريكية والعراقية تحرس نقاط التفتيش وتشن غارات في المنطقة التي يقطنها نحو مليوني فرد بحثا عن جندي أمريكي من أصل عراقي خطف في وسط بغداد يوم الاثنين من الاسبوع الماضي.

وقال محمد الكعبي المتحدث باسم مكتب رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ان المكتب أصدر أوامره لكل الموظفين الحكوميين بالبقاء في منازلهم وللمتاجر باغلاق أبوابها احتجاجا على الحصار الامريكي لمدينة الصدر.

وذكر مراسلو رويترز في المنطقة أن القليل من السيارات شوهدت في الشوارع وأن معظم المتاجر والاعمال أغلقت أبوابها. وفتحت بعض المخابز التي تبيع الخبز والسلع الاولية أبوابها.

وقال الجيش الامريكي ان القوات الخاصة العراقية اعتقلت ثلاثة أفراد في مدينة الصدر في وقت مبكر من صباح يوم الثلاثاء. وأضاف في بيان "هدف المهمة البحث عن الجندي الامريكي المخطوف والقبض على قيادات خلية ترتكب جرائم خطف وتشير تقارير الى أنها تعلم مكان الجندي."

ويقود مقتدى الصدر جيش المهدي الذي يسيطر على الشرطة وغير ذلك في مدينة الصدر والذي يلقي الجيش الامريكي وزعماء الاقلية السنية في البلاد باللوم عليه في جرائم الخطف والقتل التي ترتكبها فرق الاغتيال.

وتنشط في مدينة الصدر جماعات أخرى أيضا يصفها مسؤولون أمريكيون وعراقيون بعناصر "مارقة" من جيش المهدي وليست تحت سيطرة الصدر ومن بينهم أبو درع الذي قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي انه كان هدف غارة أمريكية فاشلة في مدينة الصدر الاسبوع الماضي والتي أسفرت عن سقوط عشرة قتلى.

وشعر المالكي بالغضب من الغارة التي قال انها فشلت في القبض على أبو درع. وكانت هذه الغارة أحد العديد من أسباب الخلاف بين حكومته وواشنطن التي تضغط عليه لحل الميليشيات مثل جيش المهدي.

ولم يذكر الجيش اسم الجندي المفقود الذي وصفه بأنه "مترجم" ولكن المالكي صرح لرويترز الاسبوع الماضي بأنه يدعى احمد الطائي وأنه خطف في حي الكرادة أثناء زيارة أقارب له.

وقال ناس لصحيفة ذا نيويورك تايمز الامريكية في عدد يوم الاثنين ذكروا الطائي بالاسم انهم أقاربه وأنهم يعتقدون أن خاطفيه من جيش المهدي. وأضافوا للصحفية انه تزوج من مسلمة سنية مثله العام الحالي وكان يزورها كثيرا.

وتمنع قواعد الجيش الامريكي القوات من الزواج من محليين في مناطق الصراع.

وذكر رئيس الكتلة الصدرية في مجلس النواب اليوم الثلاثاء إن التيار الصدري سيستنفر كل طاقاته السياسية والسلمية من اجل رفع الحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال على مدينة الصدر وعدد من المدن في بغداد لليوم السابع على التوالي.

وقال فلاح شنشل في إتصال هاتفي مع وكالة أنباء (أصوات العراق) "إن أهالي مدينة الصدر خرجوا بتظاهرة سلمية كبيرة للمطالبة بفك الحصار عن المدينة ومدن بغداد الاخرى مثل الكرادة والشعلة والحرية والطوبجي والوشاش."

وأوضح "إن القوات الامريكية لن تستجيب لهذه التظاهرة واستمرت في فرض الحصار على المدينة." مشيرا إلى أن عملية الإضراب أو العصيان المدني في مدينة الصدر جاء استجابة لطلب الاهالى , الذين يعانون منذ سبعة أيام من إغلاق مدينتهم وشل الحركة فيها .

وشهدت مدينة الصدر (شرق بغداد) صباح اليوم إضرابا عاما عن العمل , إذ توقفت حركة سير المركبات فيها تماما , فيما عطلت دوائر الدولة والمؤسسات الحكومية والمدارس فيها عدا المستشفيات , وامتنع الموظفون عن الذهاب إلى اعمالهم خارج المدينة وداخلها.وقام أهالي المدينة بإغلاق الشوارع الفرعية في المدينة.

ولم تحدد فترة الاضراب , الا ان ائمة المساجد والحسينيات أوضحوا خلال ندائهم الذي وجهوه الى اهالي المدينة الليلة الماضية إن الاضراب سيستمر حتى إشعار اخر.

وتفرض القوات الإمريكية طوقا إمنيا على مدينة الصدر منذ الاربعاء الماضي بعد ان قصفت عدة احياء في المدينة بالطائرات الحربية وقامت في اليوم التالي بعمليات دهم وتفتيش في عدد من المساجد والمدارس على خلفية اعلانها عن فقدان جندي امريكي في حي الكرادة في بغداد الثلاثاء الماضي .

وتسبب الحصار المستمر منذ اسبوع في تعطيل المصالح وتوقف مظاهر الحياة في المناطق المحاصرة ، كما شهدت الاسواق التجارية ارتفاعا فاحشا في الاسعار وخصوصا اسعار الفواكه والخضر بسبب عدم تمكن المزارعين من الوصول الى الاسواق لتسويق بضاعتهم حيث خلت المناطق المحاصرة تقريبا من المارة الذين كانت تعج بهم اسواقها في السابق.

وتعاني اسواق الكرادة ومدينة الصدر من الركود الاقتصادي ، فيما اغلقت اغلب المحال التجارية ابوابها بسبب الإشاعات التي تطلق بين الحين والاخر بان القوات الامريكية تعتزم شن هجوم موسع على المدينتين بحثا عن الجندي المفقود.

وقالت القوات الامريكية في حينه إن هذه العملية تمت بالتنسيق مع الحكومة العراقية وإنها تأتي ضمن اجراءات عسكرية بحثا عن جندي امريكي فقد في حي الكرادة ، وهو الامر الذي نفاه المالكي في مؤتمر صحفي في أعقاب قيام القوات الامريكية بقصف مدينة الصدر.

وقال علي العطار ،وهو أحد المزارعين الذين عرفهم اهالي الكرادة منذُ عشرات السنين ، إن " الوضع صعب للغاية واسباب ارتفاع اسعار المنتجات الزراعية من الفواكة والخضر متعددة واهمها الوضع الامني المتدهور في بغداد بالاضافة الى اغلاق الطرق المؤدية الى اماكن البيع الرئيسية."

واضاف "ولا تسمح لنا القوات الامريكية بادخال الفواكه والخضر الى المدينة حيث هناك طوق امني وعمليات تفتيش مملة تمارسها علينا هذه القوات."

وتحاصر القوات الامريكية مدينتي الصدر والكرادة وتغلق منافذها ، فيما عمدت الى وضع حواجز خرسانية على مداخل مدينة الصدر وعلى الجسور المؤدية اليها. كما تقوم بتفتيش جميع السيارات الداخلة والخارجة منها تفتيشا دقيقا مما أدى إلى إعاقة حركة السير وحدوث إختناقات في الحركة.

وأشار العطار الى ان "إغلاق الطرق المؤدية الى الكرادة رفع سعر كيلو الطماطة مثلا الى 1500دينار ، وهذا سعر مرتفع جدا قياسا بالايام العادية."

وتابع أن " أغلب العوائل هم من موظفي الدولة وبالتالي فإن إرتفاع الاسعار بهذا الشكل المثير للإستغراب سيساهم في زيادة العبْء على هذه العوائل."

ومن جهتها ، قالت الحاجة ام قاسم " تلجأ بعض العوائل العراقية في مدينة الصدر للإعتماد على ماتبقى لديها من بعض المواد الغذائية من الحصة التموينية لغرض تمشية امور عوائلها التي باتت محاصرة لأكثر من أسبوع."

وأضافت "اضطرت بعض العوائل الى الاستغناء عن بعض اللوازم لسد حاجات اخرى."

وتساءل المواطن منذر مهدي " عن اسباب صمت الحكومة العراقية جراء ما يتعرض له سكنة المدينتين من الاهالي من مضايقات القوات الامريكية."

وتابع " ماذا نفعل امام هذا الوضع المأساوي الذي يبدو انه سيطول كثيرا.. لدينا مشاغل عديدة ونحن اصحاب عوائل مطلوب منا اعالتها ،فإلى متى نبقى على هذا الحال."

ومن جانبه ، أعرب مقدم الشرطة علي الربيعي "عن مخاوفه من ان يتم ا ستهداف هذه الاختناقات التي تتسبب بها القوات الامريكية من قبل المجاميع المسلحة التي تعتبر هذه التجمعات البشرية ارضا خصبة لإيقاع اكبر عدد من الضحايا في صفوف المدنيين."

وحذر الربيعي من ان " الاختناقات ستكبر يوما بعد آخر اذا استمر الوضع على هذا الحال لان عطلة عيد الفطر قد انتهت وستعاود الناس مشاغلها من جديد."

شبكة النبأ المعلوماتية--الاربعاء 1/تشرين الثاني  /2006 -9/شوال /1427