لو كنت سفيرا مصريا معتمدا لدى مملكة البحرين لرفعت تقريرا مفصلا
إلى حكومتي في القاهرة يحوي قراءة صحيحة ودقيقة للرأي العام البحراني
المختص بالعلاقات البحرانية المصرية والمستنكر فيها بشدة الدور الأمني
الذي يؤديه بعض الأراذل من المواطنين المصريين المنتمين لمنظمة طائفية
تابعة للجنة خارجية مشتركة تضم في عضويتها أحدا من الديوان الملكي
وأحدا من وزارة الداخلية (البحرينية) وغيرهم من شذاذ الآفاق، ولأرفقت
هذا التقرير مع نص متشدد ينتهي بإعلان استقالتي كسفير معتمد احتجاجا
على دور حكومتي في تشويه الروح الوطنية المصرية الكبرى التي عبرت عنها
تضحيات حروب قومية استهدفت صون كرامة الوطن العربي والإسلامي.
ولو كنت سفيرا أردنيا معتمدا لدى مملكة البحرين لقدمت استقالتي على
الفور اقتداء بموقف السفير المصري - (فأنا أنا في كلتا الحالين) -
ولأعلنت الحرب على حكومتي لأنها لم ترقب في البحرين إلا ولا ذمة وهي
حكومة البلد الذي لم يمتلك مقومات الدولة بعد فصار بعض مواطنيه الأراذل
يتسابقون للتفوق على حكومتهم في الكسب الحرام حتى انتبذ جزء منهم مكانا
في مملكة البحرين فكان منتميا مرتزقا لمنظمة طائفية (رسمية) غير
مشروعة.
السفيران، الأردني والمصري في بلدنا، يعلمان جيدا أن مجالس البحرين
العامة والخاصة لا تخلوا من فكاهة قد تنحي بها المكانة المعروفة لدى
المصريين جانبا ولتتفوق بها على بقية البلاد العربية، كما لا تخلوا هذه
المجالس أيضا من شماتة تميزت بها في الآونة الأخيرة أمام حكومتهم
(العريقة) التي لم يتغير رئيسها منذ أربعة عقود من الزمن، وقد يتفوق
أبناء البحرين بهذه الشماتة على المعارضين الأردنيين.
السفيران يعلمان جيدا أن المواطن البحراني لا يعرف كثيرا عن البعد
العلمي للتبادر اللغوي (الفصحوي) ولكنه يأخذ بالتبادر (اللهجوي العرفي)
منه. فما ان تذكر أمام أي مواطن بحراني كلمتي (المصريين) و( الأردنيين
) حتى ينطلق ذهنه في حركة سريعة تفوق أسرع صاروخ تكنولوجي في العالم
إلى حيث صورة ذلك الإنسان المرتزق في جهاز الأمن والخابرات وجهاز
الإعلام (البحريني) ثم تبدأ عنده المرحلة الأخرى من هذه الانطلاقة
فيقذف بصواريخ الدفع الذهني الرئيسي جانبا ليسبح ذهنه بعد ذلك متجردا
خارج جاذبية اللغة وبطاقة بسيطة جدا تعرّفه بوثائق الارتزاق والشذوذ
التي تتلى هنا وهناك، لأن الواقع أصدق إنباء من الكتب.
هل يرضى السفيران المصري والأردني بهذا التبادر الشعبي البحراني
الخطير المتحصن في ذهن ابسط مواطن في أدنى أو أقصى قرية من قرى
البحرين؟. وهل يرضيان بأن يكونا آلة شيطانية في عملية تشويه تمس سمعة
بلادهما وتضحياتهما القومية رجاء في حفنة من الدنايير يجمعها رهط منحرف
فاسد من مواطنيهما أمام مرأى ومسمع من كل سفارات المنامة.
ولا أعرف كيف يلتقي هذان السفيران بنظرائهما في الحفلات والمآدب
التي تقام في فنادق البحرين بلا خجل أو خشية من فضائح فعلة مواطنيهما
المرتزقة والشاذين. وربما لا يميلان بجانبيهما إلا لبعضهما أو للسفراء
من ذوي العيوب، ولكن ذوي العيوب في قول الإمام علي(عليه السلام) ليسوا
بأحسن حال، فـ(ذووا العيوب يحبون إشاعة معايب الناس ليتسع لهم العذر في
معائبهم). فكم من فضيحة مصرية أو أردنية شاعت وكان محورها صديق قريب من
ذوي المعايب!
فليتعرف السفيران جيدا على الوظيفة الخطيرة التي يتوجب على السفراء
أداؤها بأمانة. وإذا لم يكن أحدهما أو كلاهما يعرف شيئا عن اللباقة
الدبلوماسية أمام أنظار مواطني بلادنا ؛فلا يحق لهما أن يتصلا بأي محفل
من محافل هذا البلد العزيز الذي عرف بموالاته لأهل البيت (عليهم
السلام) وكان صادقا مخلصا معهم حتى دُفّع ثمن ذلك من دماء أبنائه منذ
القرن الهجري الأول إلى يومنا هذا. ألا يمثل ذلك شيئا من التماس
والمقاربة مع أهل مصر محمد بن أبى بكر (رضوان الله تعالى عليه) ؟!. ألا
يمثل ذلك شيئا بالنسبة للعائلة الأردنية الهاشمية المالكة ؟!
ربما يتذرع السفيران بـأنهما(العدة) الضعيفة أمامنا فيتهمانا
بالهروب عن مواجهة واقع حكومتنا المتردي الذي يتكسب فيه صاحب كل نطيحة
ومتردية ومختنقة أو سائبة، ولكننا نقول: اتركونا نعالج أمورنا بأيدينا
وأيدي المؤمنين وان كانت حكومتنا لا تمثل حامل (العدة) ولا تضاهيه قوة
وصبرا فيجرأ على اختراقها والطعن في (عدتها) مثل هذان السفيران بما
يبذلان من جهود دبلوماسية خارقة للعادة!!.
إن الحكومة البريطانية لم تستطع أن تعبس أمام البحرانيين وتتولى،
ولكنها استجابت فعلقت على عمى (هندرسون) حينها وأعلنت تفسيرها الكامل
لأسباب مرتبطة بوضع نظامها الإداري وإجراءاته العريقة فكان للبحرانيين
الحق في اتخاذ الإجراءات اللازمة.فهلا استطاع السفيران العربيان اللذان
يشتركان معنا في المصير القومي، إعطاء تفسيرهما لدور مواطنيهم الأمني
المشبوه ومشاركتهم السافرة في الاعتداء على حق مواطني بلادنا، ومن ثم
يكون لنا الحق الكامل في اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تكفلها القوانين
الدولية؟.
إن السفيرين يعلمان تماما أن بلادنا تعاني من سوء أداء بعض الأطراف
المعارضة، فلم يدع أحدهم إلى رفع لواء الاستنكار وإعلان الإدانة لموقف
حكومتي مصر والأردن مما يجري في بلادنا ومن تطاول على استقراره
الطائفي، وطمع هذا البعض في الانشغال بما يعتقد انه فرصة يتوجب
اغتنامها، وفاته أن (الفرصة غُنم) وليست غَنم، فمال طرف منها كل الميل
إلى السياسة وأخضع الشرع كله لها في صورة فكاهية تتهتك الأشداق لها
وتضع الأذقان. ومال طرف ثاني إلى الدعة لعجز أصاب وعيه السياسي ولهوان
ضرب أعماق ذهنه ففشل في صناعة الحلول فلم يلبث أن دعا إلى المشاركة في
الانتخابات البرلمانية بلا هوادة وحث اتباعه عليها والأخذ بها أخذ عزيز
مقتدر ولم ير في هذا الأخذ شذوذا عن أخذ موسى(عليه السلام) بقوة
الكتاب،وفاته ان (العجز مع لزوم الخير خير من القدرة على ركوب الشر).
ومال طرف ثالث إلى جر الغالبية البحرانية إلى مثالية انتخابية يعتقد
فيها إنقاذا لمسيرة فاشلة لم تدم لغيره فوصلت إليه معوجة، وفاته أنه
يجر التيار العام إلى فشل أفشل من فشل غيره، فلو دام الفشل لغيرك ما
وصل إليك!!
إن كل ذلك – على علله - لا يفتح أبواب اللعب واللهو الأجنبي
بالمواطنة على الإطلاق. وان تمادت حكومتنا وتهاونت في غيها ونأت
بسلطتها عن أداء حقوق مواطنيها وهيئت للمنظمات الطائفية السرية بيئتها
النتنة وأسندتها بالمال والدعم المعنوي والسياسي ثم امتنعت - بعد
الفضيحة - عن تشكيل متابعات قانونية مضادة من شأنها فضح القائمين على
هذه الفضيحة واتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة لحماية حق الوطن
والمواطن في الاستقرار والاطلاع على حقائق الأمور ومعرفتها ؛ فكل ذلك
لا يمثل انكشاف كل العورة ولا يستدعي التهيؤ الأجنبي لخرق حصون الطوائف
الممثلة لمجتمع البحرين.
لو كنت سفيرا أردنيا أو مصريا في مملكة البحرين لفررت هاربا إلى
الله تعالى ولامتثلت لقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (فروا إلى الله
سبحانه ولا تفروا منه فإنه مدرككم ولن تعجزوه)، ولعدت قاصدا وجه ذلك
إلى موطني على وجه السرعة حاملا ملف إلادانة لشرف حكومتي، ولعرضته على
القوى القضائية متقدما على استقالتي حتى ألمس عن قرب صدق نوايا
المواطنة عند زعامة بلادي وقيادتها. فالحساب هنا بالأديان والأوطان لا
بعملة الأموال والأصنام ؛ وإلا لكنت مشاركا في اعظم المحن مما يديم
الفتن، فهذه جريمة لا تغتفر شئت أم أبيت وكان لمواطني البحرين الحق في
إدانتي قبل حكومتي فلست بمفتون لا يعاتب.
K_almhroos@hotmail.com |