أمريكا متهمة بتأجيجها: هل يشهد الجنوب العراقي حرب اهلية شيعية للسيطرة على الاقاليم؟

 

 

يسقط عشرات العراقيين قتلى في كل يوم. وتلقى جثث شوهها التعذيب في الشوارع. ويسود مناخ من الرعب. غير أن الاسوأ ربما لم يأت بعد.

ويقول محللون ومصادر داخل الجماعات السياسية الشيعية المختلفة ان الخطط التي تدعمها الولايات المتحدة لانشاء مناطق تتمتع بحكم ذاتي وتستفيد بشكل غير متساو من الثروة النفطية تهدد باشعال صراع أكبر بين الفصائل المتنافسة داخل الاغلبية الشيعية يمكن أن يحول العنف الفوضوي القائم بالفعل الى أقذر الحروب على الاطلاق كما تنقل رويترز ذلك.

وأقر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بحجم التهديد وقال يوم الخميس انه سيتخلى عن مشروع "الفدرالية" بالكامل اذا أثار مثل ذلك العنف.

ولم يكن القتال في مدينة العمارة التي تسكنها أغلبية شيعية في جنوب البلاد الاسبوع الماضي والذي أسفر عن مقتل مالا يقل عن 24 شخصا سوى أحدث علامة على تصاعد الخلافات داخل كتلة الائتلاف العراقي الموحد التي تهيمن على أقل بقليل من نصف مقاعد البرلمان.

والانقسامات متأصلة في صراعات بين أسر رجال الدين الشيعة الذين يهيمنون على السياسة في العراق.

وقال المالكي لرويترز في مقابلة ان الصراع في الاقاليم سيكون بين شيعة وشيعة وبين سنة وسنة. واضاف أنه اذا كانت هناك فدرالية وحارب الناس بعضهم البعض في الاقاليم فان الحكومة لن تمضي قدما في مشروع الفدرالية.

وقال عدد من المسؤولين ان خطط اجراء الانتخابات المحلية العام القادم قبل التشكيل المحتمل لاقاليم فدرالية جديدة في عام 2008 سوفد يدفع بتلك الصراعات على السلطة الى الواجهة.

وتتركز أغلب المخاوف حتى الان على الرفض للخطة من جانب الاقلية السنية التي تخشى من أن الفدرالية ستمنح الشيعة وايران حقول النفط الشاسعة في جنوب العراق وستمنح الاكراد احتياطيات النفط بشماله.

وأقر البرلمان العراقي الشهر الماضي قانونا يسمح بتشكيل أقاليم بدءا من عام 2008 رغم المعارضة من جانب السنة.

ورغم أن بعض الفصائل الشيعية وخاصة تلك التابعة لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر رددت نفس مخاوف السنة الا أن مصادر داخل المجموعات الرئيسية قالت انهم يريدون ظهور أقاليم جديدة وان جميع الفصائل تستعد حاليا للصراع للسيطرة عليها.

واعتبر حازم النعيمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة المستنصرية ببغداد قانون الفدرالية وصفة للقتال ولمزيد من الاقتتال.

واضاف أن القانون سيتسبب في قتال داخلي بين الشيعة وأن كل فصيل سيرغب في السيطرة على اقليم.

ومن بين المجموعات الرئيسية الاخرى المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق الذي يقوده عبد العزيز الحكيم الذي اقترح ضم تسعة من بين محافظات العراق الثماني عشر لتشكيل اقليم شيعي موسع يشمل الجنوب.

ويمثل الحكيم مثل الصدر أسرة من رجال الدين في مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة حيث يوجد تنافس بين عدد قليل من الزعماء الروحيين لكسب النفوذ.

وقال النعيمي ان القيادة الدينية وليس المجموعات السياسية فقط ستصارع أيضا من أجل الحصول على جانب من السلطة وهو ما يسلط الضوء على الصراعات من أجل السيطرة على حقول النفط في البصرة والمؤسسات الدينية في النجف.

وقال النعيمي استاذ العلوم السياسية أن الصدر الذي يتمتع بتأييد واسع يشمل الالاف من أعضاء ميليشيا جيش المهدي قد تكون له اليد العليا على المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وجناحه المسلح منظمة بدر اذا تحول الصراع على السلطة الى معارك بالشوارع على غرار المعارك التي شهدتها النجف قبل نحو عام.

وفي البصرة والنجف ومناطق أخرى تشكل ميليشيات شيعية جانبا من قوات الامن التابعة للحكومة وهو ما يزيد من تعقيد الصورة.

وقال مسؤول بالائتلاف العراقي الموحد "لا يمكنني القول بأنه لن يكون هناك قتال. في بعض المناطق قد يصبح الامر مروعا."

وأضاف "سيحاول زعماء كل الفصائل تجنب وقوع معركة.. ولكن لا يمكن حساب شيء بأي درجة من الدقة في العراق كما أن بعض العناصر المارقة في أي حزب قد تبدأها.

"اننا نتحدث عن تولي السيطرة وحكم شيعة العراق... هذا ليس شيئا قليلا للقتال من أجله .. أليس كذلك؟ ."

وساهم أبرز رجال الدين الشيعة في النجف اية الله علي السيستاني في جمع الفصائل الشيعية معا تحت لواء الائتلاف العراقي الموحد في الانتخابات التي جرت العام الماضي.

وهناك سابقة لأعمال عنف مرتبطة بمثل تلك النزاعات. فقد قتل رجل دين بارز في النجف بعد عودته مباشرة من المنفى بعد ايام من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة. ونفى الصدر اتهامه بقتل رجل الدين.

ومشاعر العداء ضاربة بجذورها بين جماعة الصدر وأسرة الحكيم ويرجع أغلبها الى عهد الرئيس المخلوع صدام حسين عندما لجأت أسرة الحكيم الى ايران بينما بقي والد الصدر الراحل في النجف مؤكدا على مطالب بزعامة العرب للمذهب الشيعي.

وقال مصدر سياسي بالمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق بتحفظ "لا يوجد شك في أن جيش المهدي يرى منظمة بدر على أنها منافس له وبعض من أفراده يعتبر أن الموالين للحكيم ليسوا أصدقاء لهم."

واضاف "بعد سقوط النظام بدأت الخلافات تطفو على السطح. حاولوا السيطرة عليه ولا يزالون يحاولون."

وقال مصدر في مكتب الشهيد الصدر في العمارة إنه تم العثور يوم الاثنين الماضي على جثة شقيق قائد جيش المهدي في العمارة مقطوعة الرأس في قضاء الكحلاء (25 كم جنوب العمارة).

واضاف عودة البحراني الناطق الاعلامي لمكتب الشهيد الصدر في العمارة أن القتيل ويدعى محمد البهادلي، شقيق فاضل البهادلي قائد جيش المهدي في المحافظة تم اختطافة من قبل جهة عشائرية على خلفية اغتيال مدير الاستخبارات الجنائية في ميسان الاربعاء الماضي.

وشهدت العمارة الخميس والجمعة الماضيين اشتباكات بين جيش المهدي والشرطة العراقية على خلفية اغتيال مدير الاستخبارات الجنائية في شرطة ميسان العقيد علي قاسم التميمي الأربعاء الماضي واعتقال عدد من عناصر جيش المهدي في المدينة من قبل الشرطة في المحافظة.

وبلغت حصيلة هذه الاشتباكات من قوات الشرطة ، بحسب قائد شرطة ميسان، 12 قتيلا و60 جريحا.

فيما بلغت الحصيلة النهائية للخسائر من الجانبين 25 قتيلا 150 جريحا بحسب، محافظ ميسان.

وقال شهود عيان إن مسلحين مجهولين قتلوا فجر اليوم الاثنين أحد ضباط شرطة ميسان أمام منزله ولاذوا بالفرار.

واضاف الشهود لوكالة أنباء (أصوات العراق) ان مسلحين مجهولين بستقلون سيارة بيضاء اللون قاموا بقتل الملازم أول سرمد ماجد الشاطى أمام داره في حي قطاع 28 وسط مدينة العمارة ولاذوا بالفرار.

ولم يصدر عن الشرطة العراقية فى العمارة أى تصريحات فى هذا الشأن.

وقال مصدر في شرطة محافظة ميسان ان مسلحين مجهولين قاموا بتفجير مركز شرطة الحكيم في محافظة ميسان فجر يوم الاحد، كما تم تفجير مركز شرطة اخر قيد الانشاء ولم تعرف حجم الخسائر بعد.

واضاف المصدر ان مسلحين مجهولين قاموا فجر اليوم بتفجير مركز شرطة الحكيم في منطقة قطاع 28 وسط مدينة العمارة مركز محافظة ميسان.

وتابع المصدر "كما قام مجهولون بتفجير مركز شرطة اخر قيد الانشاء في نفس المنطقة وبنفس الوقت تقريبا."

ولم يوضح المصدر حجم الخسائر التي الحقت بمركزي الشرطة.

وقال مصدر أمني في وزارة الداخلية يوم السبت إن الشرطة العراقية تبسط سيطرتها على قضاء الهاشمية في محافظة بابل أعقاب مواجهات اندلعت صباحا بين عناصر من جيش المهدي التابع للتيار الصدري وقوات بدر التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق لم تسفر عن وقوع ضحايا.

ويمثل التيار الصدري الذي يتزعمه السيد مقتدى الصدر والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الذي يتزعمه السيد عبد العزيز الحكيم مكونين أساسيين في الائتلاف العراقي الموحد الكتلة الكبرى بالبرلمان العراقي (130 عضوا من أصل 275 عدد أعضاء البرلمان) .

وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لوكالة أنباء (أصوات العراق) إن "قوات الأمن العراقية فرضت حظرا للتجوال في الحمزة الغربي مركز قضاء الهاشمية (30 كم جنوب الحلة) بعد اندلاع المواجهات وبسطت سيطرتها على القضاء."

ولم يذكر المصدر مدة سريان حظر التجوال ولا أسباب اندلاع المواجهات بين الطرفين واكتفى بالقول "الأسباب غير معروفة."

وكان مصدر أمني مسؤول في محافظة بابل صرح إن "شرطة محافظة بابل فرضت حظرا للتجوال في الحمزة الغربي مركز قضاء الهاشمية (30 كم جنوب الحلة) بعد اندلاع مواجهات بين مسلحين مجهولين أعقبت انفجار عبوة ناسفة على بوابة مكتب للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق في مركز القضاء."

وأضاف أنه "بعد نحو ساعة من الانفجار اندلعت مواجهات بين مسلحين مجهولين بالأسلحة الخفيفة ما استدعى تدخل الشرطة والجيش بالمحافظة وإعلان حظر التجوال في القضاء لفرض النظام وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم ." لكنه لم يوضح مدة سريان الحظر.

وأوضح المصدر أن الانفجار أدى إلى جرح أحد حراس المكتب تم نقله إلى مستشفى قريب، مشيرا إلى أنه لم تتوفر بعد حصيلة عن الخسائر الناجمة عن المواجهات التي أعقبت تفجير العبوة.

وذكر أن طائرات أمريكية تحلق في أجواء الهاشمية في حين أدى إطلاق النار الكثيف في مركز القضاء المواطنين إلى التزام بيوتهم.

ولكل من التيار الصدري والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق مكاتب في مراكز المدن العراقية ومعظم الأقضية والنواحي في محافظات الوسط والجنوب.

بدوره قال القيادي في التيار الصدري الشيخ عبد الجواد العيساوي إن القوات الامريكية تعمل على إثارة الفتنة في البلاد ونشر الفوضى في المدن العراقية.

وأوضح العيساوي لوكالة أنباء ( أصوات العراق) أن " القوات الامريكية تحاول إثارة الفتن والفوضى في المدن العراقية وهذا تدخل نعتبره بمثابة إعطاء الضوء الاخضر للإرهابيين."

وكانت مدينة الصويرة بمحافظة واسط قد شهدت قصفا بالطائرات الامريكية لمكتب الشهيد الصدر في المدينة مما أدى إلى إصابة أربعة أشخاص من أتباع التيار الصدري كانوا متواجدين بالمكتب وقت القصف.

وقال العيساوي إن " عملية القصف جاءت بعد أن تمكن جيش المهدي من إلقاء القبض على شخص ( إرهابي) مطلوب للجهات الامنية العراقية."

وأضاف " بدون سابق انذار قامت القوات الامريكية بقصف مكتب الشهيد الصدر في المدينة بالطائرات واضرمت النيران في إحدى السيارات التابعة للمكتب."

ودعا العيساوي القوات الامريكية الى" التدخل في مثل هذه القضايا من خلال هيئة دبلوماسية للحوار وليس من خلال القوة العسكرية."

وقال " يجب على القوات الامريكية ان تكون من دعاة الاستقلال للعراق ولغيره." 

شبكة النبأ المعلوماتية--الخميس 28/تشرين الاول  /2006 -5/شوال /1427