هكذا يموت العراقيون!!!

مهند حبيب السماوي

لو نظرنا_ بموضوعية واستقراء_ إلى الموت كظاهرة تقع ألذات الإنسانية فريسة لها مهما طال هروبها وترحالها , لوجدنا أن الناس ينظرون اليها بوجهات نظر مختلفة تنطلق عموماً من  الابستيمة الثقافة التي تتحكم برؤى هذا الإنسان أو ذاك... فالموت في رأي البعض حادثة خارجية تمر بالإنسان لا يعنيه ألان الخوض بها,  ويحاول تجاهلها وجعلها بعيده عن مدار اهتمامه, بل لا يساوره أي قلق من الموت وفعله الذي يعد نهاية الإنسان الحقيقة التي لاشك فيه أبداً.

وهنالك صنف أخر يرى أن الموت ليس حادثة خارجة عنا وغريبة عن خريطة جسمنا,بل هي تشكل جزءاً أساسي من كينونتنا ووجودنا الذي سينتهي عاجلاً أو أجلاً. فالموت_ وفقاً لهذه الرؤية_ داخل في نسيج الموجود البشري ولا يمكن اعتباره شيئاً طارئاً أو حدثاً عابراً يمر بنا كما يمر بالذات البشرية في حياتها أي شي عرضي.

وفي العراق الجريح يَنظر الفرد العراقي للموت في بلادنا التي أصبحت آفلة الصوت والصدى والوجود, برؤية تتماهى وتتساوق مع الاتجاه الثاني الذي يرى في الموت جزء من قوته اليومي المعاش, ولهذا يرفض مقولة (ماركوس اورليوس)التي شبّه بها الموت بسقوط ثمرة تامة النضج , فها هو يموت كل يوم وبعده لم يكتمل نضجه في أساليب وفنون استثنائية انفرد بها بعض مسلحي العراق الذين اساؤا بشكل كبير الى المقاومة العراقية التي تستهدف المحتل, وقد حاولت في هذه المقالة جمع بعض من فنون القتل والموت في عراقنا الميت أصلاً منذ قرون عدة......

1.     السيارات المفخخة / ويقوم الفاعلون هنا بوضع كميات كبيرة من المتفجرات قد تصل إلى مئات الكيلو غرامات من مادة(TNT) أو أل(C4)  في سيارة ثم تترك في مكان وتُفجر من على بعد أمام جامع أو حسينية أو مستشفى أو في سوق شعبي أو يقودها انتحاري ليفجرها بنفسه في الهدف المطلوب, ويستخدم الفاعلون هنا مرات سيارات عادية وفي مرات أخرى سيارات إسعاف أو سيارات الأمن العراقي أو شاحنة كبيرة من اجل الإيهام بالنسبة للإسعاف وسيارات الأمن العراقي أو للأضرار بأكبر عدد ممكن من الأهداف بالنسبة للشاحنة, كما نلاحظ انه في بعض الأحيان تعمل هذه الجماعات على تفخيخ الجثث التي تقتلها وتضعها على الشارع حتى إذا ما أتت القوات الأمنية لحملها انفجرت عليها, بل قامت بعض الجماعات المسلحة بوضع المتفجرات في بعض الحيوانات الميتة في الشارع أو الحيوانات الأحياء كالحمير والأحصنة وتفجيرها عن بعد متى ما يقترب منها الهدف بل وصل الحد اللامعقول الى استئجار شقة ما ثم يوضع فيها كمية ضخمة من المتفجرات لكي تُفجر من على بعد لتتهدم العمارة السكنية على رؤوس اصحابها!!!

2.     الانتحاري / وفي هذه الحالة يضع شخص ما _اختياراً أو تحت ظروف أكراهية_ حول نفسه حزام ناسف يتألف من مواد متفجرة بكميات تتناسب مع مقدرة الشخص على إخفائها, ثم يقوم بتفجيرها وسط الأهداف سواء كانوا جنود من قوات الاحتلال ( مع العلم أنها قليلة بل اقل من القليلة) أو عراقيين مدنيين سواء كانوا في جامع أو ذاهبون لزيارة مراقد أئمتهم أو واقفين في صف مستقيم بانتظار التطوع للانخراط في أجهزة الأمن العراقية أو في سوق شعبي وسط الناس او يدخل وسط جنازة او عزاء ويفجر نفسه بل أمام دار العجزة كما حدث في البصرة أخيراً. وقد قام هؤلاء أخيراً بابتكارات جديدة إذ وضعوا المتفجرات في الحذاء من اجل الدخول واجتياز الحرس في الأماكن التي يودون تفجيرها كما فعلوا أخيراً في تفجير جامع برثا.

3.     العبوات الناسفة / وهي كمية من المتفجرات تُزرع في الشارع بطريقة غير مكشوفة عبر دفنها في الشارع, حيث تنفجر على الشخص أو الهدف المطلوب محدثة خسائر كبيرة تتعدى في اغلب الأحايين الهدف المطلوب وتمتد لتصيب المدنيين في الشارع سواء كانوا رجالاً أو نساءاً أو أطفالاً.

4.     قطع الرؤوس / يمارس الفاعلون هنا القتل بطريقة مقززة وتثير الاشمئزاز والتقيؤ إذ أنهم يذبحون _كالأضاحي_ الشخص الذين يريدون  تصفيته وقتله, ويصورونه  في كاميرات من اجل عرضه , والغريب في الأمر أن هؤلاء يستطيعون قتل هذا الشخص عبر أطلاق النار عليه ألا أنهم يذبحونه بالات غريبة كالسيف أو الحربة أو السكين وغيرها بشكل يدل على وجود نوازع إجرامية بربرية وأمراض سيكولوجية لا شعورية تتحكم في تصرفاتهم الهمجية.

5.     التمثيل بالجثث / حيث نلاحظ هنا تمثيلاً مقززاً بالجثث التي يتم قتلها حيث يقطع ألراس حيناً ويوضع على الصدر أو يرمى في المزابل, أو يقطع وتُشق البطن ويوضع فيها,او يُثقب جسمه بجهاز المثقاب او (الدريل), أو يتم حرق الجثة أو تفخيخها أو يتم اغتصاب المراة وهي ميتة.

6.     الاغتيالات / وهو داء استشرى في العراق بشكل مثير للغرابة خصوصاً بعد تفجير المرقدين الشريفين في سامراء , إذ ترى أن هنالك واسعة تستهدف السنة والشيعة على الهوية من قبل مجموعات مجهولة , كما ان هنالك اغتيالات واسعة غير طائفية تستهدف شرائح مختلفة من أبناء الشعب العراق  فالأطباء وأساتذة الجامعات والمعلمون والمهندسون وغيرهم من الكفاءات العراقية يتم اغتيالهم في ظروف غامضة لا يتم الكشف والإعلان ومعرفة منفذيها ولا أهدافهم أو الغايات التي من اجلها تُنفذ هكذا عمليات يرفضها جميع أبناء الشعب العراقي, بل أن الاغتيالات تستهدف من جهة أخرى أشخاص ليس لهم في السياسة لا ناقة ولاجمل كأصحاب أفران الخبز والخضراوات وغيرها من المهن والمحلات التجارية بل ومن يبيع الثلج في الصيف .

7.     الهاونات / وفي هذا النوع من القتل تقوم هذه الجماعة المسلحة بضرب منطقة معينة بقذائف الهاون التي تقع بصورة عشوائية على المنطقة الآمنة فتقتل الناس المدنيين بلا  ذنب ولا جرم , وفي الواقع أن الهاونات في أحيان أخرى تضرب على المعسكرات الأمريكية التي ربما نجد فيها مبرراً إذا لم تؤدي إلى قتل العراقي أما أن تضرب منطقة مدنية في الهاونات فهذا ما لا يمكن أن يوصف بأي وصف وتحت أي مسمى شرعي أو مقاوم.

8.     الاختطاف / وهنا تقوم هذه الجماعات بخطف أهداف متنوعة سواء كانوا أجانب أو مواطنين أو كانوا جنود أمريكان أو من قوات الأمن العراقية أو من المدنيين أو الصحفيين أو موظفين الوزارات , بل يمكن أن يخطف أي مواطن عراقي على هويته الطائفية ثم بعد ذلك أما يُقتل أو تدفع فدية له من اجل الاستفادة من أموال الفدية في شتى المجالات سواء كانوا عصابات تبتغي الربح المادي أو مسلحين من اجل تنفيذ عمليات عسكرية.

9.     قتل الأطفال والنساء / آثرت أن اعزل هذه النقطة لوحدها لأهميتها الإنسانية, إذ أن  البعض في العراق ممن يحمل السلاح يقوم باغتيال النساء والاطفال لمختلف الأسباب وهو شي خطير لا أستطيع أيجاد مفردة تلائمه من جهة أولى,ومن جهة ثانية يقع الأطفال ايضاً ضحية القتل والموت لا عن طريق قذائف الهاون التي قد تسقط على أحيائهم ولا في تفجير العبوات في الشارع التي قتلت من الأطفال والعراقيين أضعاف ما قتلت من جنود الاحتلال...بل قتل الطفولة تم في تفجيران انتحاريان في بغداد عبر سيارة يقودها انتحاري حيث قتلت في الأولى 42 طفل في الثانية 36 طفل وقعوا في مركز التفجير الانتحاري, وفي صورة اقشعرت منها النفس البشرية واشمأزت من صداها روح الإنسان الذي يتعجب لهذا الأجرام والوحشية بل والأيديولوجية التي تسوغ هذا العمل الشنيع .

10. التسميم / وهنا يوزع البعض من الإرهابيين حلويات أو أطعمة مسممة أو عبر   تفجير يوضع فيها غاز سام كالكلور الذي يؤدي بالتالي إلى تسميم المواطنين وقتلهم.

11. قتل الزائرين / في هذه الحالة يُقتل الشيعة القادمون نحو المقامات الشيعية المقدسة لديهم في مناسبات ذكرى ميلاد أو وفاة أئمتهم , حيث أما أن يتعرضون لتفجير انتحاري عن طريق شخص أو سيارة مفخخة أو يضربون بالهاونات وهم في طريقهم نحو المزار أو توضع عبوة ناسفة في طريقهم أو يموتون عن طريق توزيع طعام فيه مسمم.

12.القتل في المواجهات/ هنا يموت العراقي في الشارع عندما تندلع صدفة مواجهات بين المسلحين وقوات الاحتلال فيحصل أطلاق نار عشوائي يؤدي إلى مقتل الفرد العراقي كما يمكن أن يحدث ذلك من قبل جنود الاحتلال إذا ما اقتربت منهم أو إذا ما انفجرت عبوة ناسفة أو سيارة مفخخة على ارتالهم فيبدأون بالرمي العشوائي في الشارع وبالتالي يقع المواطن الذي كان متواجداً بقربهم ضحية لهذه الأعمال.                             

 ويجب التنبيه على مسالتين مهمتين:

الأولى : أن هنالك وجوه وحركات وتنظيمات مختلفة الانتماءات ومتعددة الوجوه ومتنوعة الأيديولوجيات تقف وراء هذه الأعمال الإرهابية التي تجري في ارض العراق, فالإرهابيون التكفيريون وعناصر القاعدة من جهة أولى وأجهزة النظام السابق من جهة ثانية وقوات الاحتلال الأمريكي وعملائهم من جهة ثالثة, وعصابات الخطف والأجرام والقتل التي تبتغي الهدف المادي فقط من جهة رابعة بالإضافة إلى الميليشيات التي تتقاتل فبما بينها وتمارس الاغتيالات والتصفيات لأسباب طائفية من جهة خامسة, والحكومة العراقية التي لم تتحمل مسؤلياتها بصورة كاملة من جهة سادسة ....كل هؤلاء يتحملون مسؤولية ما يحدث في العراق وعلى درجات متفاوتة . 

الثانية: أن المقاومة العراقية _ كفعل يراد به أخراج المحتل من ارض العراق وليس أعادة النظام السابق أو رفض العملية السياسية برمتها_ هي حق مشروع لا ينكره إلا متكبر سواء كانت هذه المقاومة مسلحة أو سلمية شريطة أن لا تستهدف العراقيين كما هو الحال في بعض فصائل المقاومة المسلحة الشريفة في العراق التي أعلنت أنها ضد استهداف العراقيين والتي  نتأمل أن تتفق مع حكومة المالكي على استتباب الأمن وإخراج الاحتلال وإعادة السيادة إلى هذا البلد الجريح النازف منذ قرون عدة.

Muhaned_alsemawee@hotmai.com

شبكة النبأ المعلوماتية--الخميس 26/تشرين الاول  /2006 -3/شوال /1427