
زاد الخوف من الصراع المتصاعد على السلطة بين حركة المقاومة
الاسلامية (حماس) والرئيس الفلسطيني محمود عباس من قتامة الاجواء يوم
الاثنين فيما بدأ الفلسطينيون الاحتفال بأول أيام عيد الفطر.
ويتجه الطرفان نحو مواجهة محتملة بعد عطلة عيد الفطر فيما يدرس قادة
اسرائيل توسيع الهجوم العسكري في قطاع غزة الذي يهدف الى تحرير جندي
أسير ووقف عمليات اطلاق الصواريخ عبر الحدود.
وقال سمير علي (31 عاما) وهو سائق سيارة أجرة في مدينة غزة "نحن
نخشى أن الامور تتجه نحو الاسوأ. الوضع يتدهور بسبب القتال الداخلي.
أود لو أعلم ما الذي يتصارعون عليه."
واشتد التوتر بين حركة حماس الحاكمة وحركة فتح التي يتزعمها عباس في
الاسابيع التي أعقبت انهيار محادثات كانت ترمي لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وتسبب العنف بين الجانبين في مقتل ما لا يقل عن 20 شخصا وأثار مخاوف من
احتمال نشوب حرب أهلية.
ورغم الاصوات التي ارتفعت تنادي بالتزام الهدوء فقد اشتدت المخاوف
من وقوع مزيد من أعمال العنف التي تقوض امال الفلسطينيين في اقامة دولة
لهم.
واستبعدت حماس مجرد الاعتراف الضمني باسرائيل بموجب أي اتفاق مع
عباس الذي يطالب الجماعة بتخفيف موقفها حتى يتسنى تخفيف حظر المساعدات
الذي تقوده الولايات المتحدة والذي أصاب الحكومة الفلسطينية بالشلل.
ورغم احتمال استئناف الاتصالات بشأن تشكيل حكومة وحدة بعد عطلة عيد
الفطر فلا توجد أي علامات على أن الاطراف المشاركة ستحرز المزيد من
التقدم.
وقال المحلل السياسي هاني حبيب في غزة ان التفكير في الفشل هو أمر
خطير لان الفشل سيؤدي الى استمرار الازمة السياسية الراهنة وهذا بدوره
قد يتمخض عن أزمة أمنية وعسكرية.
والخطوة التالية في يدي عباس. ومن بين الاحتمالات قيد الدرس اقالة
رئيس الوزراء والقيادي بحماس اسماعيل هنية وهو ما من شأنه ان يطيح
بالحكومة فعليا أو اعلان حالة الطواريء أو اجراء استفتاء بشأن اجراء
انتخابات جديدة.
ويتسم الخياران الاولان بالصعوبة سياسيا بسبب الاغلبية التي تتمتع
بها حماس في البرلمان بعد تغلبها على حركة فتح في انتخابات يناير كانون
الثاني التشريعية اذ ستشكل حماس اي حكومة تالية ويمكنها تحديد مدة حالة
الطواريء بثلاثين يوما.
وقد تؤدي أي محاولة واضحة لإسقاط حكومة حماس المنتخبة الى تصعيد
المواجهات بين قوات حماس وأنصار حركة فتح. ويعزز الطرفان قوتهما
وعتادهما استعدادا لمواجهة محتملة.
وقد يؤدي أي استفتاء نظريا لاجراء انتخابات جديدة لكن هذه
الانتخابات قد تكون مقامرة خطيرة بالنسبة لعباس لان حماس قد تفوز مرة
أخرى وهو ما قد يعرض منصبه للخطر. وانتخب عباس بشكل مباشر عام 2005.
وزادت احتمالات فوز حماس مرة أخرى بسبب أن فتح لم تبذل جهودا تذكر
في مجال الاصلاح السياسي منذ أن أقصاها الفلسطينيون الذين يعتبرونها
حركة يشوبها الفساد والخلافات الداخلية من الحكم.
وقال مساعد لعباس طلب عدم نشر اسمه "أبو مازن سيترك الوضع حتى
اللحظة الاخيرة.. حتى بضعة أيام بعد العيد. أتوقع أن الخيار الوحيد هو
اقالة الحكومة واعلان حالة الطواريء... وبعد ذلك يدعو لاستفتاء بشأن
الانتخابات المبكرة."
والى جانب الخوف الذي ينتاب كثير من الفلسطينيين من وقوع مواجهة
عنيفة بين حماس وفتح هناك أيضا حالة من الاحباط تسرى بينهم بسبب الازمة
الاقتصادية التي يرزحون تحت وطأتها منذ تولي حماس السلطة وفرض العقوبات
الاقتصادية عليها لحملها على الاعتراف باسرائيل ونبذ العنف.
وأثر عجز الحكومة عن صرف رواتب الموظفين كاملة لمدة أشهر على
الاقتصاد بأكمله.
وقال أحمد رزق (28 عاما) وهو موظف حكومي في غزة "لى طفلان صغيران
ولا أستطيع شراء ملابس جديدة لهما. لاأستطيع شراء حلوى أو طعام جيد.
سيكون العيد أكثر أيام حياتي حزنا."
وأضاف "على أبو مازن وهنية أن يجدا حلا والا فلننتخب غيرهما."
من جهة اخرى يمضى اهالي المعتقلين الفلسطينيين عيدا كئيبا اذ يحتفل
الفلسطيني وليد الهودلي (45 عاما) بعيد الفطر وحيدا فزوجته تقبع في سجن
تلموند داخل اسرائيل منذ عام وستكون فرحته الوحيدة عودة ابنته عائشة
(عامين) اليه الثلاثاء.
كان من المفترض ان يطلق سراح عطاف عليان (36 عاما) وابنتها الاحد
الا انه وحسب زوجها وليد تم تمديد اعتقالها اداريا لمدة ستة اشهر
اضافية وذلك للمرة الثانية منذ حبسها.
وكان الجيش الاسرائيلي اعتقل عطاف قبل حوالي عام بتهم امنية وقامت
حينها بالاضراب عن الطعام لمدة 16 يوما كي تسمح لها اسرائيل بضم ابنتها
اليها وكان عمرها حينها عام واحد.
ويسمح القانون الاسرائيلي بان تضم الام ابنتها او ابنها اليها داخل
السجن حتى يكمل عامه الثاني.
وقال الهودلي لوكالة فرانس برس "حينما نجحت عطاف في ضم عائشة اليها
بعد ان خاضت اضرابا عن الطعام طلبت مني الجهات الاسرائيلية التوقيع على
مذكرة تنص على ان اتسلم ابنتي عندما تنهي عامها الثاني". واضاف "لذلك
من المفترض ان اذهب لاستلام ابنتي من سجن تلموند" الثلاثاء الذي يوافق
ثاني ايام عيد الفطر في الاراضي الفلسطينية.
وقال الهودلي والدموع في عينيه "صحيح انني ساسعد بلقاء ابنتي لكنني
لا اعرف كيف ستكون مشاعر زوجتي التي لم ارها منذ عام حينما تنتزع
ابنتها منها".
ويقول الهودلي بشيء من الغضب "قرر القاضي قبل ستة اشهر اطلاق سراح
زوجتي لقاء غرامة مقدارها 50 الف شيكل (قرابة 12 الف دولار) بعد ان
تأكد ان التهمة الموجهة لها لا تستدعي الاعتقال لكن حينما بدأنا
باجراءات الافراج قالوا لنا انه تم وضعها في الاعتقال الاداري لستة
شهور اخرى".
وحسب الهودلي فان التهمة الموجهة لزوجته هي "محاولة تقديم مساعدات
مالية لمخيم صيفي تنظمه جهة معادية".
وقد سبق اعتقال عطاف عليان في منتصف الثمانينات وحكم عليها بالسجن
لمدة عشرة اعوام بتهمة النشاط في اطار حركة الجهاد الاسلامي.
واوضح الهودلي انه وبالتنسيق مع اهالي معتقلات فلسطينيات بدأ
الاعداد لحركة فلسطينية تحت اسم "امهات اسيرات خلف القضبان" تعمل على
المستوى الاقليمي والدولي لاطلاق سراح النساء الفلسطينيات من السجون
الاسرائيلية.
وقال الهودلي "سنعمل على كافة الاصعدة وصولا الى المحاكم الدولية
للمطالبة باطلاق سراح الامهات الفلسطينيات من سجون الاحتلال".
ويقدر عدد الفلسطينيات اللواتي تعتقلهن اسرائيل بحوالي 125 معتقلة
بينهن حوالي 30 أما.
وشارك الهودلي الاحد في مؤتمر صحافي لاهالي معتقلين فلسطينيين ابدو
فيه تخوفهم من اي "صفقة تبادل محتملة" بين معتقلين والجندي الاسرائيلي
المختطف في غزة لا تلبي مطالبهم.
وطالب هؤلاء في المؤتمر الذي عقد في رام الله القيادة الفلسطينية
ب"عدم المشاركة في اي صفقة تبادل سرية مع الجندي الاسرائيلي المخطوف".
من جانبها قالت عبلة سعدات زوجة الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين المعتقل لدى اسرائيل ان "لدى الاسرى واهاليهم معلومات بانه يجري
الاعداد في هذه الساعات لصفقة تبادل اسرى مع الجندي الاسرائيلي
المخطوف".
واوضحت "لدينا تخوف من ضعف المفاوض الفلسطيني في عملية الاعداد
لصفقة التبادل التي لا نعلم عنها نحن اهالي الاسرى اي شيء" مضيفة "كلما
زاد التكتم على هذه الصفقة يزداد شعورنا بالمرارة".
وقال ناجي ابو حميد وهو شقيق لخمسة معتقلين فلسطينيين "نشم رائحة
شيء غريب يجري التحضير له فمن زيارة مسؤولين اسرائيليين الى مصر
وتصريحات لمسؤولين من هنا وهناك نشعر بان سقف ما يجري الاعداد له لا
يرتقي الى مستوى ما نطالب به".
ويطالب اهالي المعتقلين الفلسطينيين بعدم اطلاق سراح الجندي
الاسرائيلي جلعاد شاليت المخطوف في غزة الا بعد ان تفرج اسرائيل عن
المعتقلين الفلسطينيين القدامى والمرضى والاطفال.
وقال ابو حميد "نحذر القيادة الفلسطينية سواء الرئاسة او الحكومة او
المجلس التشريعي واي انسان من اننا سنقوم بتعرية كل من يحاول ان يلتف
على مطالبنا هذه".
وتحتجز اسرائيل في سجونها اكثر من عشرة الاف فلسطيني بينهم نساء
واطفال. |