
أصبح الديمقراطيون قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على مجلس النواب
بسبب الاستياء الشعبي من الرئيس الامريكي جورج بوش والحرب في العراق
وباتوا الان يأملون في السيطرة على مجلس الشيوخ.
وبعد أن أصبح الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه بوش في موقف يضطر فيه
للدفاع عن نفسه بصفة متزايدة يرجح أن تحسم نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ
في بضع ولايات ميزان القوى.
وقبل أسبوعين من انتخابات التجديد النصفي للكونجرس التي ستجرى في
السابع من نوفمبر تشرين الثاني حقق الديمقراطيون تقدما ملموسا في
استطلاعات الرأي على أربعة أعضاء حاليين في مجلس الشيوخ في بنسلفانيا
ومونتانا وأوهايو ورود أيلاند.
ومع حاجة الحزب الديمقراطي للفوز بما يصل الى ستة مقاعد للحصول على
الاغلبية يحتمل أن يكون العامل الحاسم في السيطرة على مجلس الشيوخ هو
ما اذا كان الديمقراطيون سيفوزون باثنين من ثلاثة مقاعد يحتلها
الجمهوريون في سباق محتدم في ميزوري وتنيسي وفرجينيا وبمقعد يتنافس
عليه الحزبان في نيوجيرزي.
وقالت جنيفر دافي محللة شؤون الكونجرس في نشرة (كوك بوليتيكال
ريبورت) المستقلة عن الحزبين ان السيطرة على "مجلس الشيوخ غير مؤكدة
وسيحددها مقعد أو اثنين."
وفي مجلس النواب حيث يحتاج الديمقراطيون الى 15 مقعدا اضافيا للحصول
على الأغلبية سارع مسؤولون جمهوريون خلال الاسبوع الماضي لحشد المساندة
لمرشحيهم لمقاعد أصبحت مهددة بالضياع في منيسوتا وايداهو وواشنطن
وبنسلفانيا.
ومع اتساع جبهة الصراع لتشمل عدة مقاعد في مجلس النواب لم تكن
المنافسة عليها تعتبر محتدمة قبل شهر يتنبأ بعض المحللين حاليا بحصول
الديمقراطيين على أكثر من 20 مقعدا إضافيا.
وكان احتمال سيطرة الديمقراطيين بطريقة ممثالة على مجلس الشيوخ يبدو
مستبعدا خلال معظم العام الجاري لكن الموقف تغير مع تزايد الاستياء
العام واكتساب الديمقراطيين قوة دافعة.
وقال السناتور تشارلز شومر رئيس اللجنة المسؤولة عن الحملة
الانتخابية للحزب الديمقراطي "ما كان يبدو احتمالا بعيدا قبل ستة أشهر
أصبح احتمالا حقيقيا في الوقت الحالي."
ويقول محللون ان اقتراب الديمقراطيين من فوز محتمل في ولايات جنوبية
مثل فرجينيا وتنيسي اللتين لم يحقق الحزب فيهما نتائج طيبة في الاونة
الاخيرة وفي ميزوري حيث لم يحسم الموقف بعد يوضح مدى تراجع التأييد
للجمهوريين.
والعنوان الرئيسي لبرنامج الحزب الديمقراطي هو " أقوياء في الداخل
محترمون في العالم".
هل يمكن لهذا العنوان وتداعيات الحرب في العراق وافغانستان ان ينهي
سيطرة الجمهوريون على الكونغرس .
وتندرج تحت هذا العنوان محتويات التقرير في عدد من البنود التي ترسم
للوهلة الأولى الأجندة السياسية للحزب الديمقراطي وهي : دحر الإرهاب،
تعزيز الديمقراطية والسلم والأمن، إبعاد أسلحة الدمار الشامل عن متناول
الإرهابيين، تقوية قواتنا المسلحة، تحقيق الاستقلال في الطاقة، تعزيز
الأمن الوطني، اقتصاد قوي ومتنام، إيجاد وظائف جديدة، أسر قوية وسليمة،
إصلاح نظام الرعاية الصحية، تحسين التعليم، حماية بيئتنا، ومجتمع
أميركي قوي.
وينطلق التقرير من تأكيد على اللحظة الفارقة التي يواجهها المجتمع
الأمريكي في الانتخابات القادمة، مشيرا إلى أزمة في أمن الولايات
المتحدة وعلاقتها بالعالم الخارجي: " لأول مرة منذ أجيال، هوجمنا على
سواحلنا، وجنودنا الشجعان لا زالوا يواجهون المخاطر في العراق
وأفغانستان، وفي الحرب ضد الإرهاب، أحلافنا مُهتزّة ومصداقيتنا على
المحك."
وفي الداخل، يرصد التقرير أزمة رئيسية من وجهة نظر الديمقراطيين
قائلا "طبقتنا الوسطى الكبرى تتعرّض لضغط شديد. الملايين من الأمريكيين
فقدوا وظائفهم، كما أن ملايين غيرهم يكافحون تحت العبء المتنامي
لتكاليف المعيشة اليومية."
وبالقطع يقذف التقرير الكرة في ملعب الجمهوريين: "في واشنطن، يواصل
الرئيس وحلفاؤه الضغط بعناد دون النظر إلى حاجات شعبنا أو تحديات
زماننا."
ويؤكد التقرير أن "الوقت حان لتوجّه جديد نحو أمريكا قوية في
الداخل ومحترمة في الخارج. أمريكا التي توفّر الفرص، وتكافئ المسؤولية،
وتفرح بالتنوع."
وفي مجال دحر الإرهاب، يقول الديمقراطيون "لن نستريح قبل إلقاء
القبض على أسامة بن لادن أو قبل قتله."
وفي انتقاد لسياسة الرئيس الأمريكي، جورج بوش، ينص التقرير على
"أعمال الرئيس ضد الإرهاب ظلت - رغم كلامه العنيف - دون المستوى
اللازم."
ويتعهد التقرير "بتحسين العمل الاستخباراتي للعثور على الإرهابيين
ووضع حدّ لنشاطهم، فبدءاً من الفشل في كشف مؤامرة الحادي عشر من
أيلول/سبتمبر ووصولاً إلى التقارير المضلّلة حول أسلحة الدمار الشامل
المزعومة في العراق، شهدنا فشلاً استخباراتياً لا سابق له في السنوات
الأخيرة."
ويتعهد الديمقراطيون بإطلاق حملة "للتسمية والتشهير" بأولئك الذين
يُموّلون الإرهاب. "وإذا لم تستجب الدول، فإننا سوف نُوصِدُ بوجهها
النظام المالي الأمريكي.
أما في ما يتعلق بالحالة المحددة للعربية السعودية، فسوف نضع حداً
لنهج الليّن الذي مارسته إدارة (الرئيس) بوش بالنسبة لتوفير وغسل أموال
الإرهابيين.
وتدعم استطلاعات الرأي التي نفذتها الشبكات التلفزيونبة والصحف هذا
الاتجاه ، وفق استطلاع للرأي نفذته شبكة CNNاكد تراجع شعبية الرئيس
الأمريكي جورج بوش، الناشئة بسبب كبير عن الحرب على العراق، ستؤثر على
مرشحي الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس التي ستجرى
في نوفمبر/ تشرين الثاني،.
فقد قال 55 في المائة من 1004 راشد أمريكي استُطلعت آراءهم، إنهم
غير متحمسين للتصويت لمرشح يدعم سياسات الرئيس جورج بوش، فيما قالت
نسبة 40 في المائة إنها من المرجح أن تقوم بالعكس.
وأظهر استطلاع الرأي أن الحرب على العراق كان من أبرز أسباب
المعارضة للمرشحين الجمهوريين.
فقد أعربت نسبة 58 في المائة من العينة عن رفضها للحرب التي قادتها
الإدارة الأمريكية ضد العراق، مقارنة مع نسبة 39 في المائة المؤيدة
لها.
وقال 42 في المائة إنهم يرون أن النواب الديمقراطيين يقومون بآداء
مهامهم بشكل طيب، فيما أعلن 36 في المائة تأييدهم لطريقة تعامل النواب
الجمهوريين لمختلف القضايا التي يناقشها الكونغرس.
الى ذلك دعا الديمقراطيون والكثير من الجمهوريين بوش إلى مراجعة
إستراتيجيته بشأن العراق في ظل العنف المتزايد نتيجة أنشطة المسلحين
وأعمال العنف الطائفي التي تهدد بانزلاق البلاد إلى حرب أهلية مفتوحة.
وقال كيري الذي نافس بوش على الرئاسة عام 2004 إنه لا ينبغي أن
ينتظر بوش لما بعد الانتخابات للكشف عن خطته.
وقال في مقابلة تلفزيونية بثتها شبكة ABC الأحد "أعتقد أن وضع حياة
الشبان الأميركيين على المحك والانتظار حتى يوم الانتخابات للإعلان عن
حدث أو إستراتيجية هو أمر مناف للأخلاق".
وخاطب بوش قائلا "إذا كانت لديك إستراتيجية أفضل يا سيادة الرئيس
فنحن نستحق الاطلاع عليها الآن".
وإذا استطاع الديمقراطيون انتزاع السيطرة من الجمهوريين في انتخابات
التجديد النصفي للكونجرس في السابع من نوفمبر تشرين الثاني فستكون
التغيرات السياسية جذرية وسريعة. وفيما يلي نظرة سريعة على هذه
التغيرات.
- ستكون زعيمة الاقلية بمجلس النواب نانسي بيلوسي وهي ديمقراطية
ليبرالية في موقع يؤهلها لتكون أول امرأة تتولى رئاسة المجلس الذي أنشئ
قبل 217 عاما. ويحتل رئيس مجلس النواب المرتبة الثانية لخلافة الرئيس
بعد نائبه.
- من المرجح أن يختار الديمقراطيون زعيم الاقلية في مجلس الشيوخ
هاري ريد زعيما للاغلبية. ويتسم ريد وهو ملاكم سابق بالاعتدال وقد حصل
على درجة في الحقوق أثناء عمله شرطيا في مبنى الكونجرس. وهو يعارض
الاجهاض وينظر اليه كثير من أنصار الحزب على أنه استطاع أن يحبط مساعي
الجمهوريين لاقرار بعض المبادرات غير المقبولة.
- يعد الديمقراطيون بعقد جلسات مراجعة للنظر في احتمال تعرض اموال
دافعي الضرائب لحالات احتيال واهدار وسوء استخدام داخل ادارة بوش ولا
سيما فيما يتصل بحرب العراق.
- ينفي الديمقراطيون مزاعم الجمهوريين بأنهم يعتزمون محاكمة الرئيس
جورج بوش وعزله. ويقولون انهم سيسعون بدلا من ذلك لتنفيذ برنامجهم الذي
يطلقون عليه "توجه جديد لامريكا" والذي يشمل رفع الحد الادنى الاتحادي
للاجور والغاء بعض الاعفاءات الضريبية لشركات النفط وسحب القوات
الامريكية من العراق على مراحل.
- سيتولى الديمقراطيون رئاسة لجان مجلسي النواب والشيوخ وسيحددون
مسارا تشريعيا جديدا. ولن يتمكن الجمهوريون من ارضاء قاعدة ناخبيهم
المحافظة بطرح تعديلات دستورية لحظر زواج المثليين وحرق العلم للتصويت.
- ليس من المرجح أن يمدد الديمقراطيون العمل بخفض الضرائب الذي
ينتفع منه الاثرياء بشكل أساسي والذي استطاع بوش اقراره من الكونجرس
ومن المقرر أن ينتهي العمل به عام 2010. لكن الديمقراطيين يقولون انهم
سيحافظون على خفض الضرائب لأبناء الطبقة المتوسطة. كما سيعيدون العمل
بسياسة دفع أقساط من الضرائب قبل تاريخ المحاسبة بحيث تتم موازنة أي
زيادة في الانفاق أو خفض في الضرائب بخفض في الانفاق أو زيادة في
الايرادات.
وإذا فاز الديمقراطيون في انتخابات السابع من نوفمبر تشرين الثاني
فستنقلب الاوضاع رأسا على عقب في الكونجرس الامريكي وسيواجه الرئيس
جورج بوش كابوسا سياسيا.
واذا خسر الحزب الجمهوري الاغلبية التي يتمتع بها الان فستكتسب
الدعوات لسحب القوات الامريكية من العراق قوة جديدة وسيجد بوش نفسه
فجأة في مواجهة تحقيقات وعد الديمقراطيون باجرائها اذا سيطروا على
الكونجرس بشأن الحرب التي تثير استياء شعبيا مع تمتع لجان التحقيق
بالكونجرس بسلطة استدعاء المسؤولين للاستماع الى إفاداتهم.
كما سيواجه بوش الذي تدنت معدلات التأييد الشعبي له الى أقل من 40
في المئة مطالب الديمقراطيين بتقديم مرشحين من "الاتجاه العام" للمناصب
القضائية بدلا من المرشحين "اليمينيين" اذا كان يريد فوزهم بهذه
المناصب.
وعلى مدى الاعوام الستة الماضية وافق الجمهوريون بطريقة الية على
معظم بنود برنامج بوش المحافظ بما في ذلك خفض الضرائب الذي خصص الى حد
بعيد للاغنياء.
وقال نورمان أورنستاين وهو خبير في شؤون الكونجرس بمعهد أمريكان
انتربرايس "سيكون كابوسا لبوش من عدة نواح لكن من أوجه أخرى قد تكون
فرصة."
وقال ان بوش الذي وصف الديمقراطيين بأنهم متساهلون مع الارهاب
بامكانه أن يتحرك سياسيا نحو الوسط ويمد يده للديمقراطيين في اخر عامين
له في الحكم لاصلاح قوانين الهجرة الامريكية واصلاح برنامج معاشات
التقاعد وهما هدفان فشل في تحقيقهما.
لكن أورنستاين قال ان حدوث ذلك أمر غير مرجح. واضاف "تحدثت مع كثير
من الناس الذين يعرفونه جيدا ويعدون من المقربين منه. لم أعثر بعد على
من يعتقد أنه سيغير أسلوبه المعتاد بشكل جذري."
وينفى الديمقراطيون مزاعم الجمهوريين بأنهم يعتزمون محاكمة بوش
وعزله من منصبه.
لكنهم يعتزمون السعي لتنفيذ برنامجهم الخاص الذي يطلقون عليه "توجه
جديد لامريكا" ويشمل رفع الحد الادنى الاتحادي للاجور للمرة الاولى منذ
عقد ووقف بعض الاعفاءات الضرائبية لشركات النفط وتيسير الالتحاق
بالجامعات من خلال خفض سعر الفائدة على القروض الاتحادية التي تقدم
للطلاب.
كما وعد الديمقراطيون بتنفيذ توصيات لجنة 11 سبتمبر أيلول لتعزيز
الامن والعمل على الحد من خطر ظاهرة الاحتباس الحراري وتغيير طرق تصريف
الامور في الكونجرس ردا على فضائح استغلال النفوذ.
وتوقع لاري ساباتو وهو أستاذ للعلوم السياسية بجامعة فرجينيا ألا
يسفر فوز الديمقراطيين عن تشريع كثير من القوانين قائلا "نتجه نحو حالة
من الجمود."
وقال انه اذا استطاع الديمقراطيون الحصول على 15 مقعدا على الاقل
لوضع نهاية لهيمنة الجمهوريين التي استمرت 12 عاما على مجلس النواب
المؤلف من 435 مقعدا فمن المرجح أن يكون ذلك بأغلبية ضئيلة.
وأضاف أنه سواء احتفظ الجمهوريون بسيطرتهم على مجلس الشيوخ المؤلف
من 100 مقعد أو انتزعها الديمقراطيون منهم فمن غير المرجح أن يحصل أي
من الطرفين على 60 صوتا وهو العدد المطلوب لاقرار القوانين المثيرة
للجدل.
وتوقع بوش أن يفاجئ الجمهوريون منظمي استطلاعات الرأي ويحتفظوا
بسيطرتهم على المجلسين. وفي الاسابيع الاخيرة كرر بوش التحذير الذي
أطلقه حزبه من أن "الديمقراطيين سيرفعون الضرائب."
ومن غير المرجح أن يمدد الديمقراطيون العمل بخفض الضرائب الذي
اعتمده بوش بعد انقضاء أجله في 2010 لكنهم يعتزمون العمل على الحد من
العجز في الميزانية والاحتفاظ بخفض الضرائب لابناء الطبقة المتوسطة.
وهم يقولون ان جلسات المراجعة التي سيعقدونها ستركز على ما يعتبره
المنتقدون "إهدار أموال دافعي الضرائب والتلاعب بها واساءة استخدامها"
في العراق ومجال الأمن الداخلي وجهود الاغاثة بعد الاعصار كاترينا.
وقال النائب هنري واكسمان الذي سيرأس لجنة اصلاح الحكومة اذا فاز
الديمقراطيون "الرقابة اليقظة جزء مهم من واجب الكونجرس بموجب الدستور.
وقد تقاعس الجمهوريون عن القيام بذلك على مدى السنوت الست الماضية."
وقال النائب الجمهوري روي بلانت انه اذا فاز الديمقراطيون بالسيطرة
"فسترتفع الضرائب وسيتعثر الاقتصاد وسيتولى المسؤولية حزب لا يفهم
طبيعة الحرب."
بعد هذا العرض هل نحن على اعتاب مرحلة جديده ستعيد للديمقراطين
سيطرتهم وهيبتهم التي فقدوها على مدى ردح من الزمن، وهل سيكون موعد
انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المزمع إجراؤها بعد أسبوعين هو موعد
لقلب الموازين راسا على عقب . |