الانذارات الامريكية للمالكي مؤشر على اسقاط وشيك للحكومة العراقية

 بعد خمسة أشهر من توليه مقاليد منصبه في القلعة الحصينة يجد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قيادته مصابة بالشلل على نحو متفاقم بسبب الخلاف داخل ائتلافه وبين حلفائه من الشيعة في حين يتصاعد احباط المسؤولين الامريكيين لاخفاقه في التحرك ضد الجماعات المسلحة ومعالجة حفنة أخرى من القضايا.

وفي الوقت الراهن تتراكم ضغوط عام الانتخابات على الرئيس الامريكي جورج بوش لمراجعة سياسته في العراق بينما يتفاقم العنف الطائفي ويتزايد عدد القتلى من الجنود الامريكيين هناك.

وتشير وسائل اعلام الى ان قيام مسؤولي ادارة بوش بوضع مسودة جدول زمني لتتصدى بغداد للعنف وتضطلع بدور اكبر على صعيد الامن يوحي بان واشنطن تستعد الى الضغط على المالكي بمزيد من القوة لكن مساعدي رئيس الوزراء يقولون ان عدم التماسك داخل الحكومة وتنامي الشقاق بين فصائل الشيعة يبقي المالكي رهينة لها.

فقد قالت الولايات المتحدة يوم الاثنين انها تستخدم "تحقيق الاهداف" لقياس مدى تقدم الحكومة العراقية في معالجة مشاكل الامن وقال نائب لرئيس الوزراء العراقي ان الولايات المتحدة وبريطانيا ينبغي ألا تفرا من العراق رغم تفشي اراقة الدماء.

وتزايدت الضغوط على الرئيس جورج بوش بشأن سياسته في العراق مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في السابع من نوفمبر تشرين الثاني لكن الرئيس أصر على ان الولايات المتحدة لن تسحب قواتها من العراق "حتى ننجز المهمة".

وقال ايضا في مقابلة مع شبكة تلفزيون سي.ان.بي.سي ان اجراء تغيير لمستويات القوات امر يحدده جنرالات الجيش.

واضاف "اذا قالوا اننا نحتاج الى زيادة القوات او تقليل القوات فسوف اساندهم."

واقرت حكومة بوش بما جاء في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز من ان واشنطن تضع معايير للعمل في العراق وترغب في تحقيق تقدم اسرع ولكنها نفت ما تضمنه التقرير من انها تعتزم ابلاغ العراق انه يتعين عليه تلبية هذه المعايير او مواجهة تغييرات في استراتيجية الجيش الامريكي.

وقال دان بارتليت مستشار البيت الابيض لشبكة (سي.بي.اس) التلفزيونية "سفيرنا في العراق يعمل مع الحكومة العراقية.. للاهتداء الى العلامات والمعايير التي يمكن البرهنة عليها على الطريق الذي سنسلم فيه المزيد من المسؤوليات الامنية (الى العراقيين)."

مهما يكن من أمر فان البيت الابيض قال انه ليس هناك تهديدات باتخاذ اجراءات عقابية اذا لم يحقق العراقيون تلك المعايير.

وقال توني سنو المتحدث باسم البيت الابيض للصحفيين انه لم توجه للعراقيين أي تهديدات بسحب القوات الامريكية. وقال للصحفيين "هل نصدر انذارات نهائية.. لا."

ولكن وزارة الدفاع قالت انها تريد ان يتحرك رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بشكل اسرع في مجال الامن.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع اريك راف "نود ان نرى تقدما يحدث بشكل اسرع بعض الشيء."

وفي لندن قال برهم صالح نائب رئيس الوزراء العراقي ان القوات العراقية تتولى المهام الامنية بالتدريج لكنه قال ان العراق يحتاج الى مساندة المجتمع الدولي لمحاربة ما سماه "هجوما ضاريا يشنه الارهابيون".

وقال لشبكة سكاي التلفزيونية "يجب أن نفوز في هذه المعركة وسنفوز فيها. لكن يتعين أن يدرك بقية العالم بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة أن هناك الكثير على المحك في العراق. خيار الهرب غير وارد."

واعرب صالح الذي يزور لندن لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عن أمله زيادة سرعة عملية تسليم السيطرة على الامن. وقال "بحلول نهاية العام ستكون نحو سبعة أو ثمانية من 18 محافظة في العراق تحت السيطرة المباشرة لقوات الامن العراقية."

وقال وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد للصحفيين بمقر وزارة الدفاع ان تحقيق الاهداف ينطوي على عنصر زمني ولكنها اهداف عامة ولا تتضمن مواعيد محددة.

وقال ان نقل السيطرة الامنية على محافظات عراقية وعناصر خطة المصالحة الوطنية بالبلاد من بين الاهداف التي يجري مناقشتها ولكنه شدد ايضا على انه لا توجد عقوبات في حالة عدم الوفاء "بتحقيق الاهداف".

ويتعرض الرئيس الامريكي جورج بوش لانتقادات من الديمقراطيين بسبب تعهده غير المحدد بسقف زمني "بالبقاء على المسار" في العراق وفي المقابل فقد اكد على تحليه بالمرونة فيما يتعلق بالخطط العسكرية.

ويحدد البيت الابيض خطا فاصلا بين تغيير التكتيكات وتجديد الاستراتيجية المتبعة في العراق ككل واشار الى ان تعديلا واسعا للسياسة في العراق ليس امرا وشيكا.

وقال السناتور جوزيف بايدن عن ديلاوير وكبير الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية انه لا يعتقد ان بوش سيغير سياسته في العراق قبل اسبوعين من انتخابات الكونجرس.

لكنه قال انه مقتنع من المناقشات مع اثنين على الاقل من كبار الاعضاء الجمهوريين لمجلس الشيوخ انهم سينضمون الى مسعى من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بعد الانتخابات للضغط على الحكومة الامريكية "من اجل السعي الى حل سياسي وقرار بشان كيف سنتعامل مع نشر القوات الامريكية."

بدوره حث زلماى خليلزاد سفير الولايات المتحدة فى العراق وجورج كيسى قائد القوات الامريكية فى العراق يوم الثلاثاء القادة العراقيين على النهوض بمسؤولياتهم وبذل الجهد لتحقيق الأهداف السياسية والأمنية المنشودة ، وجددا إتهامهما لسوريا وإيران بدعمهما للارهاب والصراع فى العراق.

جاء ذلك فى مؤتمر صحفى مشترك عقده خليلزاد وكيسى فى بغداد اليوم لتوضيح الاستراتيجية الامريكية فى العراق من أجل مساعدته على تطوير الديمقراطية.

وقال السفير الامريكى إن الاستراتيجية الامريكية تعتمد على ثلاث نقاط أولها مساعدة القادة العراقيين على إتمام المصالحة الوطنية، وثانيها حث قادة العراق للسيطرة على الميلشيات وفرق الموت، وثالثها إقناع من أسماهم (المتمردين السنة) بالقاء السلاح والمساهمة فى العملية السياسية.

وقال بالنسبة للنقطة الاخيرة " نحن نعتمد فى ذلك على السعودية والاردن."

وشدد على ضرورة نهوض قادة العراق بمسؤولياتهم ومهامهم ، وقال "عندها يتوجب علينا دعم العراق."

وحدد المبادرات المطروحة في محاولة لتحقيق الاستقرار في العراق، مشيرا إلى ضرورة أن تكون هناك خطة لاصلاح الوزارات الأمنية في العراق بحلول نهاية العام.

وأشار الى ما أسماه "الصراعات بين القوى السياسية الطائفية" وقال إنها بسبب " المناصب والمصالح." وأكد أن "الشعب العراقى هو الضحية لهذا الصراع الذى نريد نهايته قريبا."

وقال زلماى "فرق الموت التى تشكلت يوجد ضمنها ميليشيات ومنها جيش المهدى ولكن مقتدى الصدر اعلن انه غير مسؤول عنها."

وحمل زلماى القادة السياسيين فى العراق الاخفاق الذى حصل بالعراق الذى سبب العنف ، وقال "هناك عنف طائفي وعنف بين الشيعة وشيعة آخرون وعناصر خارجة عن القانون، وهى موجودة فى الميلشيات وضالعة فى العملية السياسية فى نفس الوقت، وبعضهم قادة عراقيون."

وقال زلماى "تغيرت استراتيجتنا لكن هدفنا بالنسبة للعراق لم يتغير ، هدفنا هو عراق ديمقراطى متعدد السياسات تشترك فيه جميع الطوائف والاقليات، لكن نحن نمر بمرحلة انتقالية صعبة، ونعتقد ان الـ 12 شهرا القادمة سيكون هناك تخفيف للقوات المتعددة مع برنامج للحد من الميليشيات."

واكد دعمه للعراقيين، وقال "رغم التحديات الا ان النجاح ممكن فى العراق فى جدول واقعى."

وجدد السفير الامريكى اتهاماته لايران وسوريا لدعمهما الارهاب والصراع فى العراق.

من جهته ،قال كيسى فى المؤتمر الصحفى "إن الوضع فى العراق ليس جيدا، وهذا امر غير جديد ."

وأرجع كيسى التمرد فى العراق إلى ثلاثة أسباب هى "تنظيم القاعدة ، وفرق الموت ، ،والذين يدعون انهم مقاومة شريفة."

وأشار الى أهمية تكثيف الخطة الامنية المطبقة فى بغداد، وقال إنها "ستحتاج الى قوات اضافية سواء من المتعددة او من القوات العراقية."

وأشار الى أن "90% من العنف فى العراق يتركز فى 30 ميلا فقط ، وهناك 5 محافظات تشهد عنفا، مقابل 13 محافظة تنعم بالسلام."

وجدد القول" لا استطيع تحديد جدول زمنى لانسحاب القوات المتعددة."

وكان الجنرال كيسي قد قال مؤخرا انه قد يكون بمقدور قوات الأمن العراقية تولي مسؤولية العراق بكامله خلال ما بين سنة وسنة ونصف.

واكد ضرورة السيطرة على جيش المهدى ، وقال "جيش المهدى يجب ان يكون مسيطر عليه."

وجدد كيسى اتهامه لايران وسوريا ، وقال "انهم يخشون نجاح العراق."

وختم المؤتمر الصحفى بالقول "سوف نستمر بتعديل وتقييم خططنا لمساعدة العراق وخلق شرق اوسط آمن يؤدى الى امريكا آمنة وعالم اكثر أمنا."

وفي مقابلة أجريت مؤخرا قال نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي ان أخطر مشكلة في العراق هي صنع القرار.

وقال مسؤول شيعي رفيع المستوى قريب من المالكي طلب عدم الافصاح عن اسمه "نزع سلاح الميلشيات قرار سياسي لا عسكري. لكن من سيتخذه.. المالكي بمفرده لا يمكنه اتخاذه رغم انه رئيس الوزراء."

وأضاف المسؤول "التحديات كبيرة لكن المسألة ليست من هو رئيس الوزراء او ما هي شخصيته."

واحتل المالكي صدارة المسرح السياسي العراقي بصورته كاسلامي شيعي قوي الشكيمة يمكنه توحيد الفصائل المتصارعة معا في اطار حكومة وحدة وطنية.

وجاء ترشيحه من جانب كتلة الائتلاف الشيعي لينهي شهورا من الخلاف بشأن سلفه ابراهيم الجعفري. وحاز أسلوبه المفعم بالنشاط اشادة المسؤولين الامريكيين المتطلعين لوجود زعيم يتسم بالحسم وقادر على وقف الانجراف نحو الحرب الاهلية.

وقال حازم النعيمي استاذ العلوم السياسية ان المالكي يدرك ان استمراره كرئيس للوزراء يعتمد على ارضاء الجماعات السياسية الاخرى واتباع الدبلوماسية في التعامل مع جميع القوى ويتسائل ان كان بمقدوره انجاز أي شيء على هذا النحو.

ويشمل ائتلافه الحاكم جماعات شيعية متنافسة بينها المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وتيار مقتدى الصدر الزعيم الشيعي الشاب الذي تنحى باللائمة على جيش المهدي الذي يتزعمه في كثير من اعمال العنف الطائفية.

ويضغط القادة الامريكيون على المالكي لشن حملة تستهدف جيش المهدي لكن رئيس الوزراء العراقي يعتمد على الدعم السياسي لتيار الصدر في البرلمان.

والقى مسؤولون امريكيون الاسبوع الماضي القبض على احد مساعدي الصدر في بغداد لكنهم اطلقوا سراحه على مضض في اليوم التالي بعد طلب المالكي الافراج عنه.

وفجر صراع آخذ في الاتساع على السلطة في المناطق الشيعة بين كتائب الصدر وبدر المتصلة بالمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق اشتباكات الاسبوع الماضي في العمارة وبلدات اخرى في الجنوب الغني بالنفط. وقد يفاقم الاقتتال بين الشيعة من سوء الوضع المتدهور بالفعل الذي تواجهه القوات الامريكية التي تقاتل مسلحين من السنة في وسط وغرب العراق.

وقال الميجر تشارلي بوربريدج المتحدث باسم القوات البريطانية في البصرة بشأن القتال في العمارة "تحدث الكثير من المناورات السياسية وتلك الاشتباكات جزء منها."

ورغم ان مسؤولي الادارة الامريكية يعلنون دعمهم للمالكي لكنهم لمحوا الى انهم لن يصبروا الى الابد. وتحدث بوش عن تغيير في التكتيكات وليس الاستراتيجيات.

وظهرت اشارات على توتر العلاقات بين واشنطن وبغداد الاسبوع الماضي عندما سعى المالكي خلال مكالمة هاتفية مع بوش الى الحصول على تأكيدات بأن الولايات المتحدة لن تحدد موعدا نهائيا لتحسين الامن والتعامل مع المشكلة الطائفية.

ويشكو بعض الساسة الشيعة من أن ضغوط الولايات المتحدة لتشكيل نظام قائم على تقاسم السلطة في عراق ما بعد الحرب بين الجماعات الاساسية الثلاث الشيعة والسنة والاكراد حال دون ممارسة حكم الاغلبية بحسم.

وقال احد مسؤولي المجلس الاعلى للثورة الاسلامية لرويترز "المالكي لم يختر حكومته. بعض الوزراء فرضوا عليه. لو اراد استبدال وزير لا يتمتع بالكفاءة باخر لا يمكنه عمل ذلك."

وحالة الشلل السياسي لا تعرقل فحسب تعهدات المالكي بنزع سلاح الميليشيات واصلاح وزراة الداخلية ولكن ايضا خطط القضاء على الفساد وتحسين الخدمات العامة. 

شبكة النبأ المعلوماتية--الاثنين 25/تشرين الاول  /2006 -2/شوال /1427