العنف يسرق من البغداديين فرحتهم بالعيد

كتب: حامد الحمراني

  

لم ينم ابو احمد منذ يومين عندما سألته ابنته الصغرى نادية "أين ستأخذنا في أيام العيد؟".. لتضعه أمام خيارين إما الموافقة وتحمل نتائج الوضع الأمني السيىء او ان يتحجج بأمور يعرف مسبقا انها لا تنفع لإقناعها عما تريد.

وابو احمد حاله مثل اغلب البغداديين الذين اصبحوا غير قادرين على الوفاء بمتطلبات العيد كشراء الملابس ذلك التقليد الذي تعودت عليه العائلة العراقية في ايام العيد منذ زمان اضافة الى صعوبة اصطحاب عوائلهم للتنزه والاستمتاع بسبب الوضع الامني الخطير.

يقول ابو احمد " قديما كانت بغداد عبارة عن مدينة زاهية وزاخرة بالسياحة والترفية فهناك كورنيش الاعظمية ومدن للالعاب ومتنزه الزوراء وشارع النهر وشارع الرشيد وابو نواس ومسارح كثيرة تعرض المسرحيات الكوميدية في ايام العيد فضلا عن دور السينما التي تعج بها شوارع بغداد والتي اجزم "ان ليس هناك عائلة واحدة دخلتها منذ نيسان 2003".

وأضاف ابو احمد "لقد كانت العاب الاطفال منتشرة حتى في المناطق الشعبية ويذهب الاطفال وحدهم يلعبون ويتنزهون ثم يعودون الى بيوتهم امنين..اما الان فاننا نخاف عليهم اذا وقفوا عند باب البيت فما بالك اذا ارادوا النزهة في مكان بعيد".

لقد لعبت دوامة العنف في بغداد وما رافقها من قتل واختطاف وتهجير دورا مهما في تفتيت الاواصر الاجتماعية وافسدت طقوس الناس وغيرت مفاهيمهم نحو الاشياء فقد كنا في ايام العيد نتسابق في مصافحة الاهل والاقارب والجيران في صبيحة اليوم الاول من العيد اما الان فقد انحسرت تلك الممارسات ، هذا ما اكده الحاج ابو طعمه الذي يسكن منطقة حي العامل جنوب بغداد والتي تعتبر من المناطق المختلطة حيث تضم جميع الطوائف والاديان.

وأضاف ابو طعمه (72 عاما) متقاعد"اين نذهب في العيد ونصف اهالينا في مخيمات اللاجئين حيث تم تهجيرهم قسريا من مناطقهم والنصف الاخر هرب خارج العراق، لم يبق لدينا الا الدعاء الى الله لانهاء العنف وارجاع الناس الى بيوتهم عند ذلك فقط سوف نستمتع بالعيد".

واضاف "لقد استطاعت العائلة البغدادية ان تقنع نفسها بالتنازل عن جميع مباهجها وتأجيل كثير من افراحها بسبب الظروف الامنية الصعبة التي تهدد حياتها يوميا ، فانهم يخافون وهم في بيوتهم فكيف يمكنهم التفكير في الخروج والتنزه في بغداد التي تحولت الى ثكنة عسكرية حيث الحواجز الكونكريتية وانتشار القوات العسكرية في كل مكان".

وتقول ام سيف ( معلمة في مدرسة الوئام الابتدائية) في السيدية جنوب بغداد "في هذه الايام يقلقني ويفرحني امرين في ان واحد هو قدوم المدارس وايام العيد ، ومع ذلك فقد اقنعت اولادي بالتنازل عما يسمونه بلذة وبهجة العيد والمكوث في البيت ومشاهدة العيد من خلال التلفاز واقنعتهم ايضا بتاجيل شراء الملابس الى اشعار اخر".

وأضافت "ولكنهم بعد ما اقتنعوا بذلك طالبوني بمناشدة وزارة الكهرباء بان ترحم الفقراء في ايام العيد وتقلل من ساعات القطع ليتسنى لهم مشاهدة البرامج التلفزيونية المنوعة".

اما المواطنين الاغنياء فلهم طقوسهم في العيد، ويقول سمير عطا الله وهو مدير في شركة رفض الافصاح عنها "تعودنا انا وعائلتي في ايام العيد الذهاب الى شمال العراق.. الى السليمانية بالذات وقضاء فترة العيد بعيدا عن السيارات المفخخة واللصوص والقتلة".

وتابع عطا الله "ولم نحمل أي هم الا هم الطريق الذي يربط بين بغداد والسليمانية واما غيرها فليس هناك أي شىء يعكر المزاج".

ولكن ام منير وهي ربة بيت تسكن في مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية الكبيرة تساءلت بحرقه "لم يقلقني العيد ولا متطلبات الاطفال ولا الوضع الامني السيئ الذي تعودنا عليه وانما الذي اشبعني الما وغيظا هو قرار البرلمان العراقي بتخصيص عشرة الاف دينار لكل فرد (لم يستلم لحد الان أي مواطن) فما الذي سيفعله هذا المبلغ اذا كان سعر حذاء الاطفال 15 الف دينار".  

شبكة النبأ المعلوماتية--الاثنين 23/تشرين الاول  /2006 -29/رمضان /1427