أرسل إلي بعض الأصدقاء نص الهجاء الذي كتبه أبو محمد عضو تنظيم
القتلة الذي روع مصر وأهلها طيلة العقود الماضية والذي يتحدث فيه عما
أسماه بالاختراق المالي الشيعي للصحافة المصرية والذي أدى من بين ما
أدى إلى صدور ملحقي جريدة الغد والفجر عن الشيعة في العالم وتناول من
بين ما تناول أوضاع الشيعة في مصر!!.
لم أكن معنيا بالدخول كطرف في الرد على مقالات الهجاء التي يكتبها
أبو محمد أو أم محمد لزوم أكل العيش فهي مورد الرزق الذي يتعيش منه
هؤلاء المتعطلون, لسبب جوهري وهي أن الحرب التي يشنها هؤلاء هذه المرة
ليست مع الشيعة بل هي مع الجسد الأساسي للثقافة المصرية المتمثل في هذه
الصحف.
لا أدري كيف يمكن لعاقل أن يتحدث عن صحفي مثل عادل حمودة باعتباره
قزما عميلا يتلقى الأموال من إيران أو من غير إيران لنشر موضوعات في
الصحيفة التي يرأس تحريرها وهو الصحفي الناجح الذي جعل من مجلة روز
اليوسف شيئا مذكورا ثم أصبحت لا شيء بعد أن تركها!!!.
عادل حمودة (اتفقت معه في الرأي أم لم تتفق) هو الذي جعل من الصحف
التي عمل بها (رأس مال) يباع ويشترى ويقوم تبين الآن كما قال أبو محمد
أنه مجرد عميل إيراني نائم يأخذ الأموال ليصدر ملحقا عن الشيعة مرة كل
عام!!!.
إنه الصحفي صاحب المدرسة التي تخرج فيها العديد من الصحفيين
الناجحين بعد ذلك من أمثال وائل الابراشي وإبراهيم عيسى والذي صنع صوت
الأمة ثم تركها ليصنع شيئا من لا شيء اسمه جريدة الفجر!!.
هنا تبدأ مأساة العاطلين (بالتمويل) لا بالوراثة والذين أنفقت عليهم
مليارات المسلمين من أجل إلقاء الخطب وتدبيج المقالات في هجاء الشيعة
وتكفيرهم, ولو جاءت المواضيع المنشورة من أي من الموضوعين على لائحة
التشيع لهان الأمر عليهم وعلى أسيادهم, أما أن تأتي المواضيع من قبل
الجسد الرئيسي للثقافة والصحافة المصرية فالخطب إذا جلل والحدث إذا
خطير.
ولأن أبو محمد وأبو إسحاق وأبو مصعب الزرقاوي وغير الزرقاوي هم شخوص
مصطنعة ولا وجود لهم إلا من خلال التمويل الوهابي المليوني فلا سبيل
لهم إلا الصراخ.. التمويل ... التمويل!! لأنهم اعتادوا وتعارفوا على أن
وراء كل سطر أو كلمة تكتب تمويل!! يا أخي!!!
كما أن وراء كل عظيم امرأة!!!.
هنا ظهرت مأساة العاطلين بالتمويل واضحة فاضحة جلية وهي أنه رغم كل
ما أنفق عليهم من أموال المسلمين فقد تبين لمن وراءهم أن الجسد الأساسي
للثقافة المصرية ما زال يسير في اتجاهه الأصلي رغم تطاول القرون ورغم
كل ما أنفق من أموال ورغم كل ما بني من بنايات كان من الممكن أن تقود
مصر وغير مصر إلى العصر النووي ولذا وجب الصراخ والعويل والبكاء لا على
الحرمات التي يدعي هؤلاء أنها قد انتهكت بل على الفشل المروع والحسرة
على انحسار الدور الموهوم.
لسنا مضطرين للرد على ما أطلقه أبو محمد وأبو مصعب الزرقاوي من
ترهات وصراخهم وعويلهم المتواصل حول ما أسموه بالاختراقات لأن من كتب
يقدر بالفعل على الرد ولأنهم مثقفون مصريون هالهم ما تعرض له ديننا
وتاريخنا وواقعنا من تزييف على يد هؤلاء الإرهابيين الأمويين
التكفيريين الذي يصدق في وصفهم كلمات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع
(حَتَّى يَظُنَّ اَلظَّانُّ أَنَّ اَلدُّنْيَا مَعْقُولَةٌ عَلَى بَنِي
أُمَيَّةَ تَمْنَحُهُمْ دَرَّهَا وَتُورِدُهُمْ صَفْوَهَا وَلاَ
يُرْفَعُ عَنْ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ سَوْطُهَا وَلاَ سَيْفُهَا وَكَذَبَ
اَلظَّانُّ لِذَلِكَ بَلْ هِيَ مَجَّةٌ مِنْ لَذِيذِ اَلْعَيْشِ
يَتَطَعَّمُونَهَا بُرْهَةً ثُمَّ يَلْفِظُونَهَا جُمْلَةً).
إنهم يظنون أن الدنيا معقولة عليهم تمنحهم درها وتوردهم صفوها وأن
هذا هو قانون الكون الذي لا زوال له ولا تبديل بينما تشير كل الدلائل
إلى أن هذا الصرح الوهمي في طريقه الآن للتهاوي والانقضاض وهذه مأساة
أبو محمد وأم محمد كونه يمثل تهديدا جديا نوويا لمستقبل العيال وأم
العيال!!!.
وهذه هي مشكلتهم الحقيقية التي بدت واضحة بعد انتصار حزب الله على
العدوان الصهيوني الأمريكي وهم الذين رتبوا أوضاعهم على استمرارية تلك
الحالة المهزلة التي عاشتها الأمة الإسلامية تحت سياط وسيوف بني أمية
ومن خلفهم من ملوك السوء الذين استولوا على ثروات الأمة وألقوا إلى
هؤلاء العاطلين السبابين الشتامين بفتاتها من أجل (ترويج العقيدة
الصحيحة) التي لا تعدو كونها (أعط ما للخليفة الأموي لخليفة الخليفة
الأموي وما لله أعطه لأبي مصعب الزرقاوي أو البرقاوي) أما نحن فلنا
فتات الفتات وتلك إذا قسمة ضيزى!!!.
أبو محمد والتاريخ
الأخ أبو محمد لا علاقة له بقراءة التاريخ لا من قريب ولا من بعيد
بل هو من ذلك النوع الذي وصفه الإمام علي بن أبي طالب بقوله (إنَّ
أَبْغَضَ اَلْخَلاَئِقِ إِلَى اَللَّهِ رَجُلاَنِ رَجُلٌ وَكَلَهُ
اَللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ اَلسَّبِيلِ
مَشْغُوفٌ بِكَلاَمِ بِدْعَةٍ وَ دُعَاءِ ضَلاَلَةٍ فَهُوَ فِتْنَةٌ
لِمَنِ اِفْتَتَنَ بِهِ ضَالٌّ عَنْ هَدْيِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ
مُضِلٌّ لِمَنِ اِقْتَدَى بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ
حَمَّالٌ خَطَايَا غَيْرِهِ رَهْنٌ بِخَطِيئَتِهِ وَ رَجُلٌ قَمَشَ
جَهْلاً مُوضِعٌ فِي جُهَّالِ اَلْأُمَّةِ غَارٌّ فِي أَغْبَاشِ
اَلْفِتْنَةِ عَمٍ بِمَا فِي عَقْدِ اَلْهُدْنَةِ قَدْ سَمَّاهُ
أَشْبَاهُ اَلنَّاسِ عَالِماً وَ لَيْسَ بِهِ بَكَّرَ فَاسْتَكْثَرَ
مِنْ جَمْعِ مَا قَلَّ مِنْهُ خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ حَتَّى إِذَا
اِرْتَوَى مِنْ مَاءٍ آجِنٍ وَ اِكْتَنَزَ مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ جَلَسَ
بَيْنَ اَلنَّاسِ قَاضِياً ضَامِناً لِتَخْلِيصِ مَا اِلْتَبَسَ عَلَى
غَيْرِهِ فَإِنْ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَى اَلْمُبْهَمَاتِ هَيَّأَ لَهَا
حَشْواً رَثًّا مِنْ رَأْيِهِ ثُمَّ قَطَعَ بِهِ فَهُوَ مِنْ لَبْسِ
اَلشُّبُهَاتِ فِي مِثْلِ نَسْجَ اَلْعَنْكَبُوتِ لاَ يَدْرِي أَصَابَ
أَمْ أَخْطَأَ فَإِنْ أَصَابَ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ وَ
إِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ جَاهِلٌ خَبَّاطُ
جَهَالاَتٍ عَاشٍ رَكَّابُ عَشَوَاتٍ لَمْ يَعَضَّ عَلَى اَلْعِلْمِ
بِضِرْسٍ قَاطِعٍ يُذْرِى اَلرِّوَايَاتِ إِذْرَاءَ اَلرِّيحِ
اَلْهَشِيمِ لاَ مَلِىءٌ وَ اَللَّهِ بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ
وَ لاَ هُوَ أَهْلٌ لِمَا فُوِّضَ إِلَيْهِ لاَ يَحْسَبُ اَلْعِلْمَ
فِي شَيْءٍ مِمَّا أَنْكَرَهُ وَ لاَ يَرَى أَنَّ مِنْ وَرَاءِ مَا
بَلَغَ مِنْهُ مَذْهَباً لِغَيْرِهِ وَ إِنْ أَظْلَمَ عَلَيْهِ أَمْرٌ
اِكْتَتَمَ بِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِهِ تَصْرُخُ مِنْ
جَوْرِ قَضَائِهِ اَلدِّمَاءُ وَ تَعِجُّ مِنْهُ اَلْمَوَارِيثُ إِلَى
اَللَّهِ أَشْكُو مِنْ مَعْشَرٍ يَعِيشُونَ جُهَّالاً وَ يَمُوتُونَ
ضُلاَّلاً لَيْسَ فِيهِمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ مِنَ اَلْكِتَابِ إِذَا
تُلِيَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ وَ لاَ سِلْعَةٌ أَنْفَقُ بَيْعاً وَ لاَ
أَغْلَى ثَمَناً مِنَ اَلْكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَ
لاَ عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ اَلْمَعْرُوفِ وَ لاَ أَعْرَفُ مِنَ
اَلْمُنْكَرِ). خطبة 17 نهج البلاغة.
ولذا فهو ينصحنا بقراءة العواصم من القواصم لابن العربي وابن حجر
وغيرهم من الشيوخ ممن هم على شاكلته ممن جمعوا في كتبهم ما قل منه خير
مما كثر بينما هو يبيح لنفسه النقل عمن نقلوا عن ابن كثير وابن الأثير
وغيرهم من المؤرخين والمهم أن يعيش هو من على شاكلته وهم امتلاك قفل
العلوم ومفتاحه رغم أن المفتاح أصبح متاحا للجميع ورغم أن هذه الكتب
وغيرها موجودة على مواقع وهابية وفيها ما فيها مما لا يعرفه بحر العلوم
الوهابي أو مما يعرفه ويكتمه لو أحسنا به الظن وقلنا أنه ممن يكتمون
الحق وهم يعلمون.
السؤال الأول الذي نريد ردا عليه من أبي محمد
أو حتى من أم محمد:
هل كان هؤلاء القوم الذين خرجوا إلى البصرة وتركوا مدينة رسول الله
صادقين في دعواهم الإصلاح؟؟ ومن الذي منحهم السلطة وسول حشد الألوف
وتجييش الجيوش من أجل هذا الإصلاح في البصرة وليس في مدينة رسول الله
حيث وقعت الواقعة وهي ثورة المسلمين على الخليفة الثالث تلك الثورة
التي حاول الخليفة وأعوانه الأمويون قمعها بكل الوسائل مما انتهى بقتله
ولم يكن الثوار يهدفون إلى قتل عثمان بن عفان بل إلى دفعه إلى التنحي
وهذا حق إسلامي مشروع بينما كان يصر هو على أن الخلافة منحة إلهية
وقميص قمصه الله له من فوق سبع سماوات.
كيف قتل عثمان بن عفان؟؟
يزعم القوم أن عثمان بن عفان قتل مظلوما وأن أم المؤمنين عائشة خرجت
إلى البصرة تطالب بالقصاص من القتلة وفي رواية تدعو إلى الإصلاح.
كتبت من يومها مئات الكتب وقتل الآلاف وربما الملايين من البشر
انتقاما لدم عثمان من دون أن يعرف أحد السبب المباشر لمقتل عثمان واقرأ
معي ما ذكره ابن جرير الطبري في تاريخه ونحن ننقله بحرفه وهو أيضا
منقول عن كتابنا (الجمل وفقه الطابور الخامس) الذي لم يطبع بعد:
الشرارة الأخيرة:
ولما مضت أيام التشريق أحاط الثوار بدار عثمان وأبى إلا الإقامة على
أمره وأرسل إلى حشمه وخاصته فجمعهم فقام إليه رجل من أصحاب النبي يقال
له نيار بن عياض وكان شيخا كبيرا فنادى يا عثمان فأشرف عليه من أعلى
داره فناشده الله وذكره لما اعتزلهم فبينا هو يراجعه الكلام إذ رماه
رجل من أصحاب عثمان فقتله بسهم فقالوا لعثمان عند ذلك ادفع إلينا قاتل
نيار لنقتله به فقال لم أكن لأقتل رجلا نصرني وأنتم تريدون قتلي فلما
رأوا ذلك ثاروا إلى بابه فأحرقوه وخرج عليهم مروان بن الحكم من دار
عثمان في عصابة وخرج سعيد بن العاص في عصابة وخرج المغيرة بن الأخنس بن
شريق الثقفي حليف بني زهرة في عصابة فاقتتلوا قتالا شديدا وكان الذي
أشعل القتال أنه بلغهم أن مددا من أهل البصرة قد نزلوا صرارا وهي من
المدينة على ليلة وأن أهل الشام قد توجهوا مقبلين فقاتلوهم قتالا شديدا
على باب الدار فحمل المغيرة بن الأخنس الثقفي على القوم فضربه عبد
اللهبن بديل بن ورقاء الخزاعي فقتله وحمل رفاعة بن رافع الأنصاري ثم
الزرقي على مروان بن الحكم فضربه فصرعه فنزل عنه وهو يرى أنه قتله وجرح
عبد الله بن الزبير جراحات وانهزم القوم حتى لجأوا إلى القصر فاعتصموا
ببابه فاقتتلوا عليه قتالا شديدا فقتل في المعركة على الباب زياد بن
نعيم الفهري في ناس من أصحاب عثمان فلم يزل الناس يقتتلون حتى فتح عمرو
بن حزم الأنصاري باب داره وهو إلى جنب دار عثمان بن عفان ثم نادى الناس
فأقبلوا عليه من داره فقاتلوهم في جوف الدار حتى انهزموا وخلى لهم عن
باب الدار فخرجوا هرابا في طرق المدينة وبقي عثمان في أناس من أهل بيته
وأصحابه فقتلوا معه وقتل عثمان يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة مضت من ذي
الحجة سنة خمس وثلاثين.
قتل عثمان أم دفعه للتنحي؟!
هذه هي الطريقة التي قتل بها عثمان بن عفان والأمر لا يحتاج إلى
عبقرية لمعرفة من قتل الخليفة الثالث ولماذا قتل؟!.
إنه أشهر وأوضح (سر) في التاريخ الإنساني كله!!.
أما ما يحتاج بالفعل إلى بيان وتببين فهو أن الثوار لم يكونوا
يخططون لقتل عثمان بن عفان منذ البدء, ولو كانوا يرغبون في ذلك فلماذا
صبروا عليه تسعة وأربعين يوما كان بإمكانهم خلالها قتله من دون أن
يدافع عنه أحد من المسلمين؟؟!!.
الهدف الذي كان الثوار المسلمون يسعون لتحقيقه من خلال تحركهم طيلة
هذه الفترة التي استمرت منذ بدء حصاره تسعة وأربعين يوما هو أن يخلع
عثمان بن عفان نفسه من موقع الخلافة التي نالها باختيار بشري في حين
انه كان يزعم ويدعي ويصر على أنه حصل على موقعه هذا باختيار إلهي يوم
أن ارتدى قميصه المقدس آنف الذكر.
الأمر كله لم يحدث بين عشية وضحاها بل استغرق عدة سنين قبل أن تصل
الأمور إلى نقطة اللاعودة حاول خلالها رموز الأمة وعلى رأسهم بكل تأكيد
علي بن أبي طالب وغيره من الصحابة الذين وردت أسماؤهم أثناء هذا السرد
والذين كان من بينهم نيار بن عياض أن يعيدوا الخليفة (الراشد) إلى رشده
وان يعيدوا للأمة وديعتها التي استلمها عثمان بن عفان بل ووصل الأمر
إلى إبرام اتفاقات ضمنها أصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار ولكنها
جميعا مزقت وانتهكت قبل أن يجف مدادها عن طريق اللوبي الأموي الذي أحاط
بالخليفة الثالث إحاطة السوار بالمعصم والذي استولى على قرار الأمة
الإسلامية وصادره لصالحه من يومها إلى يومنا هذا. انتهى النقل
هذا هو التاريخ الحقيقي الذي يعتقد أبو محمد أنه في حوزة أم محمد
وألا أحد يعرف شيئا عنه ولا زال التنكيل بأمة لا إله إلا الله يجري تحت
هذا العنوان وتلك الذريعة ألا وهي الاقتصاص من قتلة عثمان رغم أن مصطلح
قميص عثمان ما زال يحمل من الدلالة ما يكفي على تلك الدعاوى الكاذبة.
وإنا لله وإنا إليه راجعون. |