تستعد العوائل في النجف الاشرف لإستقبال شهر رمضان المعظم بالدعاء
ان يعم الامن والسلام كل ارجاء العراق، وأيضا بالشكوى من إرتفاع أسعار
السلع الغذائية.
وتعد النجف من اهم المراكز الدينية في العراق حيث تحتضن مرقد الامام
علي بن ابي طالب ،وهى تحتفل برمضان بشكل يكاد يختلف عن بقية محافظات
العراق ، حيث تكثر الزيارات لمرقد الامام علي وتشهد حركة دائبة منذ وقت
الفطور وحتى ساعات الصباح الاولى.
كما تزدهر اسواقها بمعروضات اشتهرت بها المدينة دون غيرها خاصة
انواع الحلويات الخاصة مثل (الدهينية) ، وهي نوع من الحلوى المصنوعة من
الدقيق والسكر وزيت الجوز والسمن الحيواني.
وتعيش النجف خلال ايام وليالى رمضان اجواء ايمانية تختلف عن تلك
التي تعيشها في الايام العادية حيث يعكف النجفيون على قراءة القرآن في
الجوامع وتبادل الزيارات بين العوائل وتقديم وجبات الفطور في الميادين
العامة.
ورغم صعوبة الحياة والحركة وسط الاوضاع الامنية المتأزمة ، بدأت
العائلات النجفية بالاستعداد لشهر رمضان ، مما زاد الطلب على المواد
الغذائية ورفع اسعارها في اسواق المدينة.
تقول السيدة أم أحمد (43 سنة ) ، وهي ربة بيت ، لوكالة انباء (أصوات
العراق) " كل عام وقبل حلول شهر رمضان بأيام نقوم بشراء البقوليات
والشعرية والنشا والسكر والرز ونخزنها لشهر رمضان." وتضيف ان "التجار
يستغلون ازدياد الطلب على تلك المواد ويقومون برفع اسعارها."
ويقول المواطن جلال البهاش (35 سنة) " تضاعف سعر المواد الغذائية
بسبب حلول شهر رمضان فقد اصبح سعر كيلو الرز ب (1250) دينارا بعد ان
كان 900 دينار."
ويلقي بعض المواطنين بمسؤولية إرتفاع الاسعار على أصحاب المحلات
بسبب استغلالهم إقبال الناس على الشراء استعداداً للشهر الكريم ، لكن
أصحاب المحلات رفضوا الإنتقادات وألقوا باللائمة على التجار وعلى الوضع
الأمني والظروف التي يمر بها العراق.
وقال السيد حسين الحلو (صاحب مكتب في سوق الخضروات) "الحالة الأمنية
هي السبب الرئيس في ارتفاع الأسعار" ، مضيفا أن " السائقين الذين
ينقلون الخضروات قللوا من نشاطهم وتحركاتهم خارج محافظة النجف لخوفهم
من عمليات الخطف والقتل."
وتابع " كما بدأوا يحجمون عن الذهاب إلى مناطق معينة (للتبضع منها)
مثل النهروان جنوبي بغداد وأبو الخصيب في البصرة وغيرها من الأماكن
التي تكون طرقها غير آمنة وهو ما ادى الى ارتفاع اسعار المواد
الغذائية."
ولكن إرتفاع الاسعار لم يمنع العوائل ، وخاصة الميسورة منها ، من
الاقبال على شراء حاجيات رمضان وتخزينها.
ويشن مواطنو مدينة الموصل هجوما كاسحا هذه الايام على اسواق المدينة
لقرب حلول شهر رمضان المبارك حيث تعتقد الاسرة الموصلية ان مائدتها في
شهر الصوم يجب ان تكون عامرة بما لذ وطاب ، ولكن الهاجس الامني وإحتمال
إغلاق الجسور التي تربط بين شطري المدينة يفسدان بهجة الاستعدادات
لإستقبال الشهر الفضيل.
معتقدات وموروثات الموصليين ، والتي لا يختلفون فيها كثيرا عن بقية
العراقيين والعرب والمسلمين عموما هى ان مائدة فطور الصائم يجب أن
تتميز بزيادة الكمية وتعدد النوعية حيث ينبغي ان يكأفأ الصائمون بفطور
مميز بعد جوع طويل.
وبناء عليه تخصص العائلة الموصلية ميزانية اضافية لهذا الشهر الكريم
لتغطي مصاريف المواد الغذائية التي ستحتاج اليها لاقامة 30 مائدة
رمضانية عامرة بافخر انواع الطعام.
ومن جانبها ، وكعادتها كل عام ، عرضت اسواق الموصل بضاعة خاصة يزداد
الطلب عليها لاستخدامها في عمل اطباق رمضانية مميزة..فاسواق العطارية
كسوق السراي مثلا تشهد حركة بيع رائجة هذه الايام لمواد متعددة منها
البقول والمكسرات لاستعمالها في صنع الحلويات، وكذلك البهارات
بانواعها.
ولكن الرواج الاكبر تشهده اسواق المواد الغذائية هذه الايام حيث
يتزاحم الرجال والنساء لشراء إحتياجاتهم قبل حلول الظلام أو حدوث طاريء
أمني.
قال ابو ناصر ،وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية ، لوكالة انباء (أصوات
العراق) " يزداد الطلب على الطرشانه (المشمش المجفف) والعنجاص المجفف
لعمل (مرقة القيسي ), كما يزداد الطلب على(قمر الدين) وهو عصير المشمش
, و (النومي بصره) و (التمرهند ) و(الزبيب) لعمل الشربات وهناك اقبال
على شراء المكسرات كالجوز واللوز والفستق لاستعمالها في عمل الحلويات."
تنوعت بضاعة ابو ناصر ولكن اكثر ما كان يميز هذه البضاعة هي
الصناديق الخشبية (للطرشانه) وهي معبأة على شكل تلال مرتفعة عن حافة
صندوقها الخشبي وبلون برتقالي صاف... اما النومي بصره والتمر هند فتكون
بأكياس مكبوسة ومفرغة من الهواء.
ومن جانبه ، قال امين حاتم ، وهو عطار " تتسوق ربة البيت كميات
مناسبة طوال ايام السنة الا ان تسوقها لشهر رمضان يختلف فالطلب يتزايد
على( الكمون) لاستخدامه في عمل شوربة العدس كذلك الطلب على( السماق)
وهو مايوضع على( البصل المشوي)المصاحب للكباب وايضا يزيد الإقبال على (
بهارات البرياني) وغيرها.."
وأضاف "وغالبا ما يتم الشراء بكميات تكفي لاشهر وليس لشهر واحد
تحسبا للطوارىء فالوضع الامني ومنع التجوال وغلق الجسور يلعب دورا
فاعلا في في حياة الناس."
ابو خليل ، بائع منتجات حيوانية ، قال " الدجاج بأنواعه (الافخاذ
وانصاف الافخاذ والدجاج الكامل غير المقطع بالاضافة الى اكباد الدجاج
وحواصلها) كلها مطلوبة اكثر في شهر رمضان.. كذلك اللحم المفروم وحبال
الظهر وكبد الغنم.. جميعها مرغوبة بكثرة في رمضان..اما منتجات الالبان
فتشترى يوما بيوم لاستخدامها كسحور عند الكثير من العوائل."
بضاعة ابو خليل محفوظة في مجمدات خاصة بها والمعروض منها كعينة هو
افضل مالديه ليختار على اساسها المشتري ..وهذه البضاعة المعروضة هي نصف
مجمدة لسهولة تقطيعها ووزنها.
أما نشوان محمد ، وهو صانع حلويات ، فقد قال " الزلابية سيدة الموقف
وبطلة الشاشة وتأتي معها البقلاوة ثم البسبوسة فالقطايف والكنافة..ولكن
طابور زنود الست يطول جدا في رمضان وخاصة في اللحظات الاخيرة قبل مدفع
الافطار بخروجها ساخنة من الفرن."
ولاهالي الموصل عادات وتقاليد لا تزال متبعة لحد اليوم وهي عمل
صواني البقلاوة المنزلية أي التي تعمل في المنازل بخبرة سنين
طويلة..ويصنع منها ما يكفي ويغطي شهر رمضان والعيد ."
ويقول مار نجيب ،وهو مدرس ، "مازلت اتسوق لرمضان لاننا علينا ان
نحتاط اكثر بسبب الوضع الامني ومنع التجوال وقطع الجسور فقد اشتريت
الزيت والمعجون والطحين والشعرية والعدس والبهارات والقمر الدين تهيئأ
لشهر رمضان ففي هذا الشهر يكون الصرف على الطعام اكثر."
وتقول باسمة سعيد ، وهى موظفة " اكثر مايزعجني في رمضان هو الوقوف
الطويل في المطبخ لاعداد اصناف اضافية , ابي يوميا يذهب للتسوق لرمضان
وحسب القوائم المعدة سلفا , لااستطيع التعليق حول مايجري في بيتنا كي
لااغضب والدي لانهم لازالوا يتبعون عادات وتقاليد ابائهم واجدادهم
والتحضير قبل فترة لرمضان بزيادة مشتريات الاغذية."
وتقول اميرة غازي ،وهى مدرسة أيضا " لقد تسوق زوجي نصف الاحتياجات ,
افضل اتمام التسوق قبل رفع الاسعار اكثر واكثر لانها العادة المتبعة
لدى بعض التجار الجشعين الذين يرفعون اسعارهم التصاعدية خلال الشهر
وخصوصا اللحم والدجاج والبيض."
ويقول ابو هذال ،وهو ميكانيكي سيارات إن " انقطاع التيار الكهربائي
هو الذي يمنعني عن شراء اللحوم والدجاج للشهر بأكمله , لقد اشتريت
احتياجات الشهر المبارك فالصائم يشتهي في الفطور في هذا الشهر اكثر مما
يشتهي في الاحد عشر شهر الباقية , اما التسوق اليومي فهو للطرشي
والحلويات الساخنة والشربت والتمر والذي يحلو لي ان اقضي وقتي به قبل
مدفع الافطار وبعد الانتهاء من عملي." |