قاموس النبأ: الإبستمولوجيا.. الإثارة.. الأجر

 

الإبستمولوجيا:epistmology

دراسة المعرفة العلمية في نموّها، في بنيتها وفي أسسها.

يبدو أن الكلمة كانت مستعملة للمرة الأولى عام 1906 (ملحق اللاروس المصوّر) ومنسوخة عن اللفظة الإنجليزية التي تبدو أن جميس ف. فيريه، الفيلسوف الإيقوسي، قد ابتكرها في كتابه مجموعة مبادئ الميتافيزيقا (1854). ولكن المعنى الأنغلوساكسوني هو معنى ((نظرية المعرفة بصورة عامة)) أكثر مما هو ((نظرية العلم))؛ أما اللفظة الإيطالية المقابلة- - فهي، على العكس، متخصّصة على وجه الدقة بفلسفة العلم وتدلّ، بهذه الصفة، على جزء من أجزاء  أو نظرية المعرفة. ومصطلح ((فلسفة العلوم الفرنسي، يستخدم مرادفاً للإبستمولوجيا استخداماً شائعاً.

ومن المناسب أن نعترف بثلاث مناطق حدودية للإبستيمولوجيا: تاريخ وعلم اجتماع العلوم (اللذين تجاورهما من حيث أنها تتّخذ العلم موضوعاً، العلم في واقعه المشخّص والمحدّد من الناحية التاريخية)، والمنطق الصرف (التابع لها لأنه يصف أشكال البناء العلمي)، وأخيراً النظرية العامة للمعرفة التي تحدّدها الإبستيمولوجيا بوصفها بحثاً في أسس العلم. وتاريخ بروز ضرب من الإبستيمولوجيا، بوصفها فرع معرفة خاص، هو تاريخ علاقاتها مع هذه الميادين الثلاثة.

ويمكننا القول إن الفلاسفة يهتمّون بالعلوم، حتى القرن التاسع عشر، دون أن تكون الإبستيمولوجيا مطروحة بعد في مجال البحث: ففرانسيس بيكون، وليبنز، وكانت، هم الذين أسهموا، بهذا الصدد أكبر إسهام في منح فلسفة العلوم نظاماً أساسياً. وفلسفة أوغست كونت الوضعية تدشّن الإبستيمولوجيا حقاً، ومه أو ضده إنما سينمو هذا الفرع من المعرفة أول الأمر.

 

الإبستيمولوجيا التكوينية:

فرع علمي من المعرفة يدرس نشوء مقولات الفكر الأساسية.

الإبستيمولوجيا التكوينية يمكنها أن تعرّف أنها ((علم اجنّة العقل)) (جان بياجيه، 1950) إنها تنكبّ، لفهم طبيعة الفكر، على دراسة تحولاته وشروط المعرفة وقوانين تناميها. أما طرائقها، فهي طرائق تاريخية نقدية ,سيكولوجية تكوينية. ولا ينبغي أن نخلط بين الإبستيمولوجيا التكوينية وعلم النفس التكويني، الذي تلجأ إليه مع ذلك لأنها تتضمّن دائماً فروضاً سيكولوجية تخضعها لرقابة التجربة والوقائع. إنها ضرب من نظرية المعرفة، التي تقتضي عون باحثين عديدين ينتمون إلى فروع شتّى: علم النفس التكويني، المنطق، الرياضيات، تاريخ، العلوم والتقنيات، إلخ. ولهذا السبب أسس جان بياجيه (1980- 1996)، عام 1953، المركز الدولي للإبستيمولوجيا التكوينية.

 

الإثارةexcitation

استجابة فيزيولوجية يستجيب بها مستقبل حسّي، وبالتعميم عصبون أو ليف عضلي، لتنبيه حسي أو كهربائي.

تظهر الإشارة، على مستوى مستقبل أو مجموعة من المستقبلات الحسية، بتغيّر بطيء في كمون طاقة الخلية أو المجموعة الخلوية؛ وهذه الموجة هي الكمون المولّد الذي تتنامى سعته، مبدئياً، كتنامي لوغاريتم الشّدة المنبّهة، بدءاً من عتبة مطلقة من الإثارة. وينجم عن ذلك، في العصبون أو العصبونات، دفعة من كمون العمل، إيقاعه مرتفع بقدر ما تكون الإثارة قوية. فيجري الترميز العصبي الحسّي للشدّة إذن، شدّة تنبيه، بتعديل سعة الكمون المولّد، ثم بتعديل  تواتر كمونات العمل في الدرب الحسّي. والشروط الفيزيولوجية الدقيقة للإثارة معروفة جيداً على وجه الخصوص في مرحلة نقل الرسالة الحسية إلى الوصل العصبي بين المستقبل والعصبون الحسي: إصدار وسيط عصبي (الأسيتيلكولين على سبيل المثال) موجود في حويصلات الوصل العصبي. وتظهر زيادة الإثارة العصبية (في يقظة الانتباه على سبيل المثال)، على مستوى أكثر إجمالية من العمل الوظيفي للمراكز العصبية، ب انعدام التزامن في الموجات الدماغية التي يسجّلها التخطيط الكهربائي للدماغ: دورية أقلّ دقّة، سعة ناقصة، تواتر متنام. ومفهوم الكفّ يقابل مفهوم الإثارة بصورة متناظرة.

 

الأجرwage- pay

مكافأة تدفع مقابل عمل.

الأجر يمكنه أن يحسب تبعاً للزمن أو لمردود العامل. فالأجر بالزمن (بالساعة، باليوم، بالأسبوع أو الشهر) جزافي: الأجرة واحدة أياً كان العمل المنجز. ولهذا النمط من المكافأة ميزة مفادها أنه يقدّم للعامل شيئاً من الأمن وأنه مفهوم بسهولة، ولكنه غير محرّض من وجهة نظر المردود.

الأجر بالقطيعة متناسب مع إنتاج العامل: فكلما كان عدد الأشياء المصنوعة كبيراً، ارتفعت قيمة المكافأة. ولهذا النظام من دفع الأجور أيضاً مزايا ومحاذير.

فلنلاحظ أن بين المزايا تكيّف العمل مع إيقاع العامل (إيقاع يمكنه أن يتغيّر من لحظة من النهار إلى أخرى، أو من يوم إلى آخر، بحسب حالة العامل الفيزيولوجية)؛ وبين المحاذير يمثل الإرهاق الذي يتعرّض إليه العامل، ذلك العامل الذي يريد أن ينتج إنتاجاً أكبر، تقوده شهوة الربح.

والأجر يمكنه أن يتضمن علاوات، وفق مقاييس محدّدة تضاف إلى الأجر الأساسي. فثمة، على وجه العموم، مستوى أدنى من الإنتاج محدّد يكسب العامل، إذا تجاوزه، علاوة تتناسب مع كمية التجاوز. ويقضي نظام المهندس الأمريكي هنري لورنس غانت بعلاوةمستقلّة عن الإنتاج؛ وهذه العلاوة يمكنها أن تكون بين 10 بالمئة إلى 30 بالمئة من الأجر الأساسي. والعلاوة يمكنها أن تحسب أيضاً بالنقاط، إحالة إلى نظام بودو. ومن المعلوم أن المهندس الفرنسي شارل بودو (باريس، 1888- ميامي، 1944) ابتكر النقطة- الدقيقة أو ((بودو))، أي كمية العمل التي يمكن أن يقدمها إنسان عادي في دقيقة، خلال نهار من ثماني ساعات، دون أن يعرّض صحته للخطر. إن مثل هذا العامل ينتج إذن 60 بودو بالساعة، فإيقاعه، ((السرعة 60))، تؤخذ بوصفها السرعة المرجع. ويكفي لدراسة حركة، أن تقاس المدة وتقيّم، بالنسبة إلى المرجع 60، تلك السرعة التي ينجز بها العامل هذه الحركة. فنحصل عندئذ على ((القيمة بودو)) للحركة المدروسة بمجرد قاعدة الثلاثة. وهذا النظام يمكنه أن يطبّق على تنوّع كبير من الأعمال. فالعلاوة متناسبة مع النقاط التي يبلغها العامل فوق المعيار. ولكن رؤساء المشروعات ليسوا مؤيدين أبداً لهذا النظام، إذ يتعبرون أن أرباح العمال تزداد على نحو لا يتناسب مع ازدياد الإنتاج. والعلاوات توزّع جماعياً، في بعض المشروعات، على كل فريق، أو ورشة أو قسم انطلاقاً من معيار معيّن، ولكن هذه الممارسة، التي تجعل العمال الذين يعملون معاً في عمل واحد متضامنين، يفضي إلى نبذ العمال الأقلّ سرعة والأقل موهبة.

ويمارس في بعض المشروعات إشراك الأجراء في الربح. ويبدو أن لهذا النظام، الذي تشجّعه السلطات العامة الفرنسية، قليلاً من التأثير في الإنتاجية، ذلك أن زمن دفع الأجور، من جهة، بعيد جداً عن الزمن الذي كان العمل خلاله قد أنجز، ولأن مسؤولية كل عامل تكون ضعيفة جداً، من جهة ثانية، ولأن عدد العمال المعنيين، أخيراً، كبير جداً.

ويتدخّل الأجر في الرضى بالعمل تدخلاً كبيراً. فالوضع الاجتماعي، واعتبار الذات، والأمن المادي، تابعة له. وصداه على حالة العمال المعنوية واسع جداً؛ ولهذا السبب يبذل رؤساء المشروع والنقابات جهدهم لإيجاد نمط من المكافأة أكثر عدالة وأصلح لإرضاء العمال ورؤساء المشروع.

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت  26/اب /2006 -1/شعبان/1427