العلم ام العمل

الاعمال اعلى صوتا من الاقوال

علي حسين عبيد

لقد آثرت أن أضع لمقالي هذا عنوانا ينتمي الى أقوالنا المأثورة التي تمجّد العمل وتشيد به باعتباره العمود الفقري لمسيرة الانسان عبر الأزمان.. وهذا الاختيار لا يشكل انحيازا إعتباطيا للعمل على حساب العلم بل نكاد نتفق على اننا كمجتمعات عربية تنتمي الى قافلة (الدول النامية) - اذا جاز التعبير- لا نزال بحاجة الى العمل قبل كل شيء.

وبطبيعة الحال سنكون بحاجة الى العمل المبرمج وليس العشوائي الامر الذي يعيدنا مرة أخرى الى حياض العلم حيث لا مناص لنا من الاتكاء شبه التام عليه (العلم) اذا ما أردنا ان نواكب الطفرات الحياتية (العملية) الهائلة التي تعيشها شعوب ومجتمعات العالم بين ساعة وأخرى لا سيما الشعوب المتحضرة منه.

وفي عودة للعنوان.. نقول ان الكلام مهما عظم في مضمونه وتنوع وتعمّق في أفكاره وغاياته ومهما كان دقيقا وواقعيا ومفيدا للانسان، فإنه لا يشكل إلاّ خطوة صحيحة أولية على طريق التقدم نحو خلق حياة متطورة تنتمي الى روح العصر، ولكن هذه الخطوة حتما ستبقى ناقصة ما لم يدعمها التنفيذ (العملي)، واذا كنا نتفق على ان العلم (بصفته كلام) ينتمي الى القول المجرد من الفعل في مراحله الاولى (قبل أن نقرنه بالتجارب المختبرية وغيرها)، فإننا سنتفق ايضا على أهمية التطبيق العملي (للأقوال) العلمية كي تدخل حيز التنفيذ (العملي) وصولا الى الفائدة التي يتوخاها الانسان من جهوده العلمية المتنوعة.

 ولعلنا لا نأتي بجديد اذا ذكرنا بأن العلم في عالم اليوم ما لم يتحول الى عمل فإنه سينتمي الى حقل (الإنشاء اللغوي) الذي لا يدفع الانسان خطوة واحدة الى أمام بل ربما سيعود به الى مراحل قديمة كان قد تجاوزها منذ عقود طويلة من الزمن .. حيث سادت في تلك الازمان نزعة الكلام غير المقرون بالفعل في حين ان الاساس الذي أوصل البشرية جمعاء الى ما هي عليه اليوم من تطور مذهل وتقدم مضطرد في شتى مجالات الحياة هو نبذ الانسان لتسيّد الكلام (الأجوف/ غير المقرون بالتطبيق) على المشهد الحياتي المتحرك وتحويل القول (العلمي) الى شيء ملموس يغادر خانة المدرك الحسي او الفكري فحسب الى خانة المتحقق الفعلي.. فالانسان لم يعد بحاجة الى علم بلا عمل ولم يعد (وهو منهمك في عالم سريع التغيّر والتطور) يستسيغ الركون الى الكلام (الفارغ) من التطبيق.. فالكلام العلمي من دون ان يتحول الى عمل يبقى مجرد ملفوظات فقيرة تدور في فضاء أجوف لا يسهم في تحريك مسيرة الانسان خطوة واحدة الى أمام.

من هنا اصبحت مقولة او منهج او نظرية العلم من أجل العلم غير مستساغة، من لدن الانسان الحيوي المتحرك والسبب يكمن في ان هذه المقولة لم تعد تصلح لعصر يقاتل بسرعة وضراوة من اجل ان يتقدم خطوة جديدة نحو عالم جديد في شتى مجالات الحياة .. كما اننا يمكن ان نجزم في هذا الصدد بأن العلم من اجل العمل هو السبيل المناسب تماما لدفع الانسان خطوة جديدة في عالم بكر ينطوي على الجديد الباهر ويطمر القديم المستهلَك والضامر، واذا كنا نؤمن بأن جديد الأمس هو قديم اليوم وأن جديد اليوم هو قديم الغد وان جديد الغد هو قديم الغد الذي يليه، فإننا سنتفق حتما على أهمية أن يتحول القول الى عمل وسنوافق على ان (الاعمال - فعلا- أعلى صوتا من الأقوال).

من هنا أجدني ميّالا الى تحويل الكلام العلمي الى ملموس عملي والسبب هو ان مجتمعاتنا تأخرت كثيرا عن الركب العالمي المتقدم بسبب اعتمادها الكلام المجرد من التطبيق، بكلمة أخرى ان مجتمعاتنا هي بأمس الحاجة للعمل (والعمل المخطط له مسبقا) وليس العشوائي وطالما (ان الانسان العلمي / العملي) هو الأقدر والأجدر بتحويل الكلام والافكار الى فعل خلاّق يصب في مصلحة الفرد والمجتمع في آن واحد، لذلك يستحسن اعتماد مقولة وفكرة (العلم من أجل العمل) لأنها الطريق الأصوب والأقرب لإيصالنا الى مستوى العالم المتقدم والمتحضّر في آن واحد.

 

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء  22/اب /2006 -27/رجب/1427