قاموس النبأ: البناء الاجتماعي.. التخلف الثقافي

 

البناء الاجتماعي:social structure

هو إطار المجتمع كعلاقة منظمة بين الوحدات الاجتماعية المختلفة (التجمعات القائمة على القرابة، والجنس والسن، والمصلحة المشتركة، والمكان والمنزلة) أو كنموذج مقام تبعاً لهذه العلاقة. وتعد دراسة البناء الاجتماعي جديدة نوعاً ما على الإثنولوجيا والأنثروبولوجيا الاجتماعية. ويمكن القول إنها بدأت براد كليف بروان الذي نمّى هذا المفهوم ليقابل بينه وبين مفهوم الكائن العضوي في العلوم البيولوجية. وقد حاول البنائيون فيما بعد- وخاصة ليفى شتراوس - تفيسر البناء الاجتماعي على أساس رياضي.

وهناك طريقتان على الأقل لتناول مفهوم البناء الاجتماعي، ويبدو أن كليهما مشروع. ويرجع التنافر بالتأكيد إلى غموض معنى كلمة بناء. ويقول كروبر: ((يكون لكلمة بناء في بعض الأحيان معناها البديهي، عندما نتحدث مثلا عن بناء زورق الكانو*، وهي تؤكد في بعض الأحيان الشكل، وأحياناً أخرى التنظيم كما هو الحال في مصطلح البناء الاجتماعي الذي يميل إلى أن يحل محل مصطلح التنظيم الاجتماعي)). ونجد أن معنى التنظيم هذا واضح أيضاً في تعريف كروبر وكلاكهون للبناء، ألا وهو: ((طريقة انتظام الأجزاء بعضها مع بعض)). على أن البناء الاجتماعي لا يفهم فقط كتنظيم بين أجزاء ، وإنما يمكن أن يفهم أيضاً كشكل- أو إطار مجرد- كما هو الحال في بعض التعريفات الحديثة.

1- البناء الاجتماعي هو تنظيم العلاقات الاجتماعية في كيان كل واحد. ويرتبط هذا المفهوم للبناء الاجتماعي بمفهومي الوظيفة والتشكيل (جشطالت). وقد يظهر في بعض الأحيان بشكل غير واضح في كتابات مالينوفسكى (في مفهومه عن ((الكيان الكلى العضوي)) organic whole) على حين يحدده وارنر عن وعي بأنه ((نسق للتجمعات الرسمية وغير الرسمية التي تنظم السلوك الاجتماعي للأفراد)). إلا أن راد كليف براون هو الذي قدم أحسن تعريفات هذا النوع.

فيقرر رادكليف براون أنه عندما يستخدم مصطلح بناء فإنه يعني: ((نوعاً ما من الترتيب المنظم للأجزاء أو المكونات)). وهكذا فالبناء الاجتماعي هو ((تنظيم الأشخاص في علاقات منضبطة ومحددة مؤسساتياً)) وهو ((شبكة مركبة من العلاقات الاجتماعية)).ويرى ليفى شتراوس أن راد كليف براون لا يميز هنا بين البناء الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية. ولكن هذا غير صحيح، إذ أنه هنا بصدد تعريف تنظيم العلاقات الاجتماعية وليس طراز تلك العلاقات.

2- البناء الاجتماعي عبارة عن نموذج model مقام على غرار الواقع الاجتماعي الأمبيريقي، ولكنه ليس مطابقاً له. وكان أول من قدم هذا النوع من التعريفات فيرث ، وفورتيس وليفى شتراوس. ويؤكد فورتيس أن ((البناء الاجتماعي لا يظهر مباشرة في الواقع الملموس))، ويقول ((إننا عندما نصف البناء فإننا نصبح كما لو كنا في ميدان النحو وتركيب الجمل، وليس في ميدان الكلمة المنطوقة)). ويشير فورتيس في مناسبة أخرى إلى أن البناء الاجتماعي ((ليس جانباً من جوانب الثقافة، ولكنه الثقافة كلها الخاصة بشعب من الشعوب موجهة في إطار نظري خاص)). وقد رد لوي على هذا الرأي بأنه لا يستطيع أن يفهم الثقافة الكلية لشعب ما على أنها مندرجة تحت البناء الاجتماعي. إلا أن ليفى شتراوس يؤكد التفوق الكيفي للنموذج البنائي الذي يتطلب أبحاثاً ميدانية مستفيضة: ((هناك علاقة مباشرة بين صحة وعمومية النموذج المقام على غراره)).

ويذهب نفس هذا الفريق من العلماء إلى أنه يجوز أن يندرج تحت البناء الاجتماعي مجموعة كاملة من البناءات فهو ((نظام النظم)) على نحو ما يقول ليفى شتراوس، ويتكلم إيفانز بريتشارد عن شرائح اجتماعية. وتشير هذه البناءات التحتية (الفرعية) إلى أجزاء المجتمع مثل نسق القرابة، والتنظيم الاجتماعي (بمعناه المحدود) والتدرج الاجتماعي.

ويرى ليفى شتراوس أن ((هدف دراسات البناء الاجتماعي هو تفهم العلاقات الاجتماعية بمساعدة النماذج)). وسواء فهم البناء الاجتماعي كنموذج أو كتنظيم للعلاقات الاجتماعية فإن البحث فيه يسعى نحو الأهداف التالية التي حددها راد كليف براون وهي: التصنيف المنهجي للأنساق الاجتماعية وتفهم ملامح معينة لأنساق معينة، والوصول إلى تعميمات صحيحة بخصوص طبيعة المجتمعات البشرية.

ويخلص راد كليف براون إلى أننا ((نعني طبعاً مثل هذه التعميمات عندما نتكلم عن القوانين السوسيولوجية)).

 

التخلف الثقافي:cultural lag

يطلق مصطلح التخلف الثقافي للدلالة على تخلف أحد أجزاء المركب الثقافي في أثناء علمية التغير الثقافي. وتكون ننتيجة ذلك إما رواسب ثقافية، أو أثر. وقد أوضح سوروكين أن نظرية التخلف الثقافي تقوم على النظريات التكاملية في المجتمع والثقافة. وهي النظريات التي ترى أن كل جزء من أجزاء النسق الثقافي الاجتماعي يمكن أن يتغير بنفس المعدل الذي يتغير به كل جزء آخر، وإلا أدى إلى ظهور حالات إجهاد اجتماعي. ويقول وينيك إن مصطلح التخلف الثقافي ((يستخدم غالباً للدلالة على التأخير في ترجمة التغير في الثقافة المادية إلى تغير في التكنيات اللامادية التي تتحكم فيها)).

 


* الكانو زورق طويل خفيف يقاد بمجذاف أو أكثر.

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت  19/اب /2006 -24/رجب/1427