حقيقة التهجير في الجنوب

بقلم فلاح الشريف

 في منحى خطير يكاد يهدد هوية المجتمع البصري تشهد البصرة ولاول مرة في تأريخها نزوح أحد مكوناتها الاجتماعية وهو ما يعرف بالاقلية السنية بفعل قوى خفية لتحقيق مآرب سياسية. ان مشهد التهجير القسري الذي تشهده بعض المحافظات العراقية بدأ من المحافظات الغربية وانتقل الى المحافظات الجنوبية، انما هو احد فصول مسلسل الارهاب في العراق بعد استهداف مرقد الامامين العسكريين ( ع) في سامراء.  

واذا علمنا ان المستهدف في المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية هم من اتباع اهل البيت (ع) فان ذلك لايكلفنا عناء لمعرفة الفاعل حيث تشكل هذه المحافظات قلاعاً لأزلام النظام السابق وحظيرة لقوى التكفير القادمة من الخارج.

 كما ان عمليات التهجير في هذه المناطق رافقتها تصفية جسدية لرجال ونساء واطفال في ابشع صورة.. لايقول عنها الاعلام سوى (جثث مجهولة الهوية ) وهذه أساليب مارسها المجرمون في ظل سلطة البعث المنحل. اما ان يشمل التهجير عوائل سنية في محافظات ذات الاغلبية الشيعية فهو امر يستدعي التقصي قبل الحكم وذلك :

       أولا : لايُعرف للشيعة في العراق والجنوب خاصة أي ممارسة اضطهاد ضد اخوتهم السنة وعلى مدى كل العصور.

       ثانياً : الاقلية السنية في جنوب العراق عاشت في اروع صورة للاخاء والتعايش المذهبي والاندماج في الواقع الثقافي والاجتماعي لجنوب العراق.

      ثالثاً : أدركت المرجعيات الدينية والقيادات السياسية الشيعية حقيقة ما يجري من احداث ودور فلول البعث المنحل وترى ان الصداميين يستخدمون الغطاء الطائفي لكسب الشارع السني في العراق وفي الدول العربية في محاولة لتوسيع ابعاد المواجهة مع الحكومة ومنع بلورة عراق جديد ونجحت هذه المرجعيات والقيادات في توجيه ردود افعال الشيعة واحتواء الاحتقان الطائفي.

  والسؤال هو من يقف خلف سنة جنوب العراق ؟ لايختلف اثنان ان التهجير لأي شريحة أو طائفة هو جريمة بحق الانسانية لتحقيق اهداف غير مشروعة ’ فهذه اسرائيل أقامت دولتها على اساس تهجيرالشعب الفلسطيني. وفي العراق قام حزب البعث بتهجير الألاف من العوائل العراقية في مطلع السبعينات والثمانينات من اجل تثبيت سلطته القمعية واليوم يتكرر المشهد ولكن بصورة اخرى حيث ان الفاعل يمارس الجريمة وهو خارج السلطة كم ان الضحايا من كافة الوان الطيف العراقي. وهذا يكشف لنا ان الجاني لايقف عند خطوط حمراء ’ اي لم يمنع انتماؤه الطائفي للمذهب السني من استهداف طائفته لتحقيق مآربه الدنيئة. فحادث اختطاف عضو البرلمان (تيسير المشهداني ) وهي عضو التوافق الممثل للسنة في العملية السياسية اضافة الى مقتل اخو طارق الهاشمي، واخو صالح المطلك، وخطف اخو العليان’ ومقتل مزهر الدليمي.... خير دليل على ذلك.

  ومن هنا لماذا لايكون الفاعل مسؤولا عن تهجير السنة في جنوب العراق ؟

    يتناقل الشارع البصري ان عوائل شيعية وخلال مهمة حمايتها لعوائل سنية أنذرت بمغادرة منازلها من قبل مجهولين استطاعت القاء القبض على مجموعة تروم تسليم منشورات تهدد العوائل السنية وتلزمهم بمغادرة البصرة ’ واتضح ان المقبوض عليهم كانوا من عناصر البعث المنحل ومن الطائفة السنية.

        ماذا يريد التكفيريون والبعثيون تحقيقه من تهجير السنة في الجنوب ؟

اهم ما يجنيه هؤلاء هو تأزيم العلاقة بين الكيانات السياسية المشاركة في السلطة وتحديداً تلك التي فرضت نفسها ممثلاً عن الطائفة السنية وبين القوى الاخرى ’ اضافةً الى استغلال معاناة المهجرين من ابناء السنة للحصول على دعم واموال الدول العربية وخصوصاً الخليجية واستخدام تلك الاموال في تمويل الارهاب .

كذلك يعتقد الكثير من ابناء الجنوب ان التكفيريين يسعون الى افراغ الجنوب من الطائفة السنية لتقليل الضرر الذي يصيبهم جراء العمليات الارهابية وخصوصاً السيارات المفخخة.

هذه هي حقيقة التهجير في الجنوب...

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد  13/اب /2006 -18/رجب/1427