معاناة العراقيين التي لا تنتهي مع ازمة الوقود ولهيب الاسعار المتصاعد

شبكة النبأ / إيمان بلال    

 

*المواطنون يقولون صبرنا وصل نهاية المطاف.

* على المسؤولين ان ينتبهوا للفقراء من الناس الذين يعيلون عوائلهم بسيارة الاجرة.

* بعض الاحياء السكنية لم تنم حتى الصباح بسبب مطاردة الشرطة للسيارات التي تريد أن تقف في بداية الطابور الطويل للتزود بالبنزين.

تزايدت معاناة المواطن العراقي يوما بعد يوم خصوصا مع مضاعفة ما تراكم عليه من زمن النظام السابق الذي اثقل كاهل الشعب بسلسلة الحروب واخرجه منها محني الظهر لما حمله من صعاب وجاء اليوم زمن الديمقراطية الغامضة والرفاهية المجهولة التي افقدت المواطن العراقي ابسط الحقوق المفروض ان تتوفر له, واكثر هذه الازمات فتكا بالمواطن العراقي هي ازمة الوقود التي اصبحت حديث الساعة في الليل والنهار لديه, بحيث جعلته يصبح على هم وينام على هموم .

ازمة الوقود هذه لم تولد اليوم بل منذ اكثر من ثلاث سنوات وصارت تتفاقم حتى وصلت ذروتها خاصة في مدينة كربلاء المقدسة, لما يؤمها من زوار طيلة ايام السنة مما زاد من طوابير السيارات على محطات تعبئة الوقود ورفع أسعاره في السوق السوداء .

تمر الايام وارى سائقي المركبات يرابطون النهار بطوله في الشوارع المؤدية لمحطة تعبئة الوقود متكبدين حرارة الصيف الحارقة محاولين إيجاد السبل التي تخفف عنهم بعض الشيء كتناولهم المرطبات وجلوسهم تحت ظلال الأشجار من شدة الحر والعطش او اتخذوا طريقة اخرى هذه الايام حيث اصبحوا يأتون في ساعات الليل المتأخرة جالبين معهم عدة النوم البسيط (اليطق) للمبيت بطوابير السيارات ليكونوا عند الصباح في مقدمة السيارات التي تصل اعدادها ارقاما خيالية بحيث اصبحت كالافعى الملتفة على ثلاثة احياء نهايتها عند بدايتها وبمعدل ثلاثة صفوف, المهم حتى هذه الطريقة باءت بالفشل بسبب مطاردة الشرطة لهم ومنعهم بالطرق السلمية وغير السلمية كرمي العيارات النارية التي جعلتهم كالمجرمين يختبئون بالطرق الفرعية, الامر الذي انعكس على سكنة هذه الاحياء الذين يعانون من ازدحام شوارعهم وغلقها بالنهار ومن القلق والرعب في الليل لأنهم وكما يعلم الجميع يفترشون الاسطح تخلصا من حر البيوت المفتقرة للكهرباء الوطنية وللبنزين الذي يشغل المولدات ولهذا كله قررت ان اعمل تحقيق صحفي او استطلاع للرأي لسكنة هذه المناطق ولأصحاب السيارات .

وكانت لشبكة النبأ جولة استطلاعية حول هذه الازمة المستعصية حيث استيقظتُ مبكر اليوم للعمل على ما نويت القيام به فتوجهت نحو الطابور الموجود بحي الاسكان, حين ركوبي التاكسي حاولت ان استشف بعض الامور من السائق فبعد ان القيت التحية سألته عن مقدار الاجرة فأجابني: (الف ونص ) وبدون نقاش. وحينها استدركت الموقف قائلة : عمي ليش عصبي الف ونص الف ونص . عمي لا تزعلين انا مو قصدي .. بس والله لو تدرين شلون نعاني يالله نترس بانزين تعذريني . معذور عمي معذور . وبدون أي سؤال اخر بدأ يحكي قصصه مع محطات الوقود والمتاعب التي يلاقيها.

و ما هي الا لحظات حتى وصلنا واوقف السيارة لاترجل, وبعد خطوات قليلة وجدت مجاميع السواق الذين يفترشون الارض تحت ظلال الاشجار او جدران المنازل القريبة منهم, توجهت نحو مجموعة صغيرة متكونة من ثلاثة اشخاص اولهم شاب يرتدي البنطلون ويمسك بيده الايسكريم والثاني مقارب لعمره اما الثالث فيكبرهما بعض الشيء  وهما يردتيان الدشاديش البيضاء . وبعد تفكير بين الوقوف والتحدث اليهم او تركهم قررت ان احدثهم وبدأت قائلة:

-   السلام عليكم

- ردوا جميعا وعليك السلام

- وجهت كلامي للاول ما اسمك وما هو عملك وماذا تقول عن هذه الازمة  ؟

- ابتسم ومد يده التي يمسك بها الايسكريم قائلا :-

- انا اسمي علي, طالب كلية التربية مرحلة را بعة .

تبسمت وقلت له: شكرا ياعلي اخبرني عن رأيك .

بماذا يأختي اذا عن الازمة فهي مرة .

كان رده ذا دلالة واضحة فتوجهت للرجل الكبير وسألته:

- ما اسمك وما هو عملك ومنذ متى انت هنا ؟

- حميد ابو فاطمة اعمل سائق تاكسي وانا هنا منذ الساعة السادسة صباحا والان

الساعة التاسعة وبعد امامي  ثلاث ساعات اخرى اذا ما صار شي وطردونة.

- مثل شنو ؟

- مثل اول البارحة صارت هنا (مشاجرة) بين السواق وصارتلج بالتواثي و تدخلت الشرطة وكاموا يرمون الرصاص بالهواء وطردونة بلا ما نفوول السيارات أي (ملئ خزانات السيارات) وهاي يوميين امبندين بلا شغل وبس الله يدري شلون مدبرينه .

- شتكول للمسؤلين ؟

- أي مسؤولين الله يخليج ليش هو اكو مسؤولين شو صارلهم ثلاثة اسابيع معلكين

عضويتهم لا هي للسمة ولا هي للكاع , لا الامر من هذا كله يومية جايين علينة

اطلعوا مظاهرة على مود رئيس المجلس ليش همه اشسوولنة حتى نطلع على مودهم شو بس اللغف من صاروا لسه , مو ما نريد نحجي خاف نروح بابو حديد لان هسة لايصة وما تنعرف منو كتالهه وطايحه بينه احنة الفقرة الي ما عدنة غير الله .

- والنعم بالله , شكرا ابو فاطمة .

- العفو اختي واني اسف لان صوتي صار عالي شوية ترة من نار قلبي .

-  ما صار شي بس خل اشوف الاخ الثالث شيكول . مرحبا اخي  .

-  اهلا وسهلا قبل لا تسأليني اني اسمي فلاح واني صارلي سنتين متخرج من كلية

الاداب ولحد الان لم اوظف في الدولة لذلك اشتغل من تضيق الحال بالسيارة لكن مثل ما تشوفين ظلمة ودليله الله مثل ما يكول ابو المثل .

-  متزوج ؟

-  لا والله وادور على بنت الحلال الي تقبلني ثم سألته

ما هو رايك بالي يصير الان على البنزين؟

-    ليش انتي عبالج ماكو بانزين بابا هذولة ضموه على مود ....... مو ما انريد نحجي  .

-         انت ليش خايف دحجي .

-    يله ......., لان يردون يزودون سعرة حتى يصير 850 سعر اللتر واول مرة يكولن هذا سعر المحسن وبعدين يصير كله بهذا السعر .

-    عرفت السبب الي ما تريد تقولة لكن السبب الثاني ايضا صحيح على قول  زوجي اول ما صعدوا سعر البنزين للمحسن ثم اختفى المحسن وبقى السعر فقط. ومو بعيدة يصعدوه مرة اخرى .

 

ومن بعيد لمحت شيخ عجوز يحتمي بظل احد الدور المجاورة فأتجهت نحوه .

-    السلام عليكم حجي .

-         وعليكم السلام بوية .

-         حجي من اشوكت انت هنا .

-         واللة ياعمي صليت الفجر في  بيتنا وطلعت .

-         وين بيتكم وشتشتغل ؟

-    بالحسينية (احدى المناطق الزراعية في كربلاء) فلاليح احنة وهاي البيكم انزل بيها الوارد للسوق وهاي حالتنة الي ما يرضة بيها لا عدو ولا حبيب يبوية والعيشة صعبة تدرين وماكو والي هو هالوحيد وراح بحرب الكويت وضليت اسعة على (اطفاله) وهل صاروا زلم .

-         ليش ما يساعدوك هسة ؟

-         شلون ما يساعدوني بس السيارة اخاف اخليهم يركبوها خاف يصير بيهم شي والدنيا ما تتأمن .

-         شتكول على ازمة البنزين ؟

-    اكول لو المسؤولين من كبيرهم  رئيس الوزرة لحد اقل واحد اقول           لهم لو انتو توكفون على البنزين هالقد ترضون . جان ضليتو ساكتين . التفتونة عاد كافي ترة حمضت وما عاد الهه معنى أي مو جبناهه من ضيم لضيم واكلنة (.........) واجيتو من برة وكعدتوا على الكراسي. زين لا وين ؟

بعد الذي سمعته من الرجل العجوز ورأيتي له يحكي بألم وحرقة قررت ان لا استمر بالتحقيق الصحفي واوقفه لحين ان تتغير الامور نحو الاحسن كما اتمنى ويتمنى الشعب كله وعدت مع احزان الاخرين للمنزل وقررت ان انشر ما سمعته منهم حرفيا وعذرا لبعض الكلمات العامة التي قد لا يفهمها بعض الناس.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 25/ايار/2006 -26/ربيع الثاني/1427