اطفال باكستانيون فقراء يلجأون الى البحر لكسب قوت يومهم

 

لم يثن عام في سجن هندي رسول باكش (13 عاما) عن العودة الى ساحل بحر العرب بباكستان والرجوع الى البحر.

ألقي القبض على باكش عام 2004 لانه كان يصطاد السمك من مياه اقليمية هندية قرب شريط سير كريك الساحلي المتنازع عليه الواقع بين ولاية جوجارات الهندية واقليم السند الباكستاني.

لم تتغير حياة باكش الذي أفرج عنه العام الماضي في اطار عملية سلام مترددة بين الجارتين النوويتين.

ويقول باكش "كان الوضع صعبا في السجن الهندي لكن الصيد مهنتنا. لقد توارثناها عبر الاجيال ولا نستطيع أن نمارس أي مهنة أخرى لذا نخوض المجازفة."

وخزن باكش وأقاربه الطعام والوقود والثلج في زورقهم الخشبي وأبحروا من قريتهم في منطقة ثاتا على بعد 100 كيلومتر شرقي مدينة كراتشي.

يحدوهم الامل في صيد ثمين لكنهم جميعا يعرفون أنهم قد ينتهي بهم المطاف فى السجن.

باكش الذي ارتدى قميصا وسروالا واسعين هو أحد أفراد قوة عاملة قوامها 50 الف طفل تعمل في صناعة الصيد على امتداد الساحل الباكستاني البالغ طوله 1125 كيلومترا.

وقال باكش الذي حملت أسنانه بقعا بسبب مضغ جوزة التامول ونوع من التبغ يعرف باسم (جوتكا) "لا أستطيع القراءة أو الكتابة. منذ الطفولة لم ار الا والدي وأعمامي واخوتي يصطادون السمك وأنا أحب أن أسير على نهجهم."

وتنتشر عمالة الاطفال على نطاق واسع في باكستان. وأظهرت دراسة مسحية أجريت عام 1997 أن 3.3 مليون طفل يعملون في صناعات مختلفة. ولم تجر اي دراسات مسحية منذ ذلك الحين.

وبالنسبة لاسر كثيرة تعمل في مجال الصيد فان الاطفال عمالة ضرورية في الصناعة التي تعاني صعوبات متزايدة بسبب المنافسة الخارجية.

ويخرج الاطفال الى عرض البحر مع أقاربهم الاكبر سنا في زوارق صغيرة وبطيئة حيث يتعين عليهم منافسة سفن الصيد الكبيرة التي تبحر في المياه العميقة.

ومنحت الحكومة تراخيص لسفن صيد كبيرة من كوريا الجنوبية واليابان والصين للصيد قبالة ساحل باكستان ولكن خارج نطاق 65 كيلومترا من الساحل.

لكن ممتاز منضريو المسؤول بمنتدى الصيادين الباكستانيين يقول ان السفن الكبيرة تتوغل داخل هذه الحدود وتجهز على كميات هائلة من الاسماك.

وقال امجد بالوش (12 عاما) انه يقضي احيانا 40 يوما في البحر ليضمن صيدا جيدا.

وقال بالوش الذي يعيش في قرية مبارك البالغ عدد سكانها 7500 نسمة ويعيشون بلا كهرباء أو غاز أو مصدر لمياه الشرب النظيفة وتقع قرب كاراتشي "انني لا أخشى القيام بهذا."

وتوجد بهذه القرية مدرسة بلا مدرس.

وتبنى المنازل القروية المؤلفة من حجرة واحدة من الطين والقش.

وبالرغم من الظروف المروعة يضحك بالوش ويمزح مستمتعا بنسيم عليل على الشاطيء حيث يفرز الشباك استعدادا لرحلته التالية.

دادا ابراهيم (14 عاما) يقول انه يحب الصيد لانه يجلب له المال وهذا يعني الحرية.

وأضاف ابراهيم وهو يمضع التبغ المعروف باسم (جوتكا) "اذا لم نخرج ونساعد أسرنا فسنتضور جوعا."

ويقول ابراهيم انه اذا حالفه الحظ يمكن أن يجني ما بين الف و1300 روبية (16 الى 18 دولارا امريكيا) في رحلة في البحر قد تستغرق أسبوعين على الاقل.

وفي كيتي بندر أحد أقدم موانيء باكستان يفرز الشقيقان محمد وعمران ابراهيم صيدا طازجا. ويبلغ الاخوان من العمر ثمانية وعشرة أعوام على التوالي وهما الجيل الثالث لاسرة تعمل بالصيد ويقولان انهما لن يمارسا أي مهنة أخرى.

وقال عمران الذي غطت جسده النحيل اسمال بالية "لم يكن ابي سعيدا بأخذي (الى البحر) لكنني أحب البحر والنسيم. أشعر بالحرية."

وقال والدهما محمد يعقوب انه أرسل عمران الى المدرسة لثلاثة اعوام لكن الفتى لم يكن متحمسا للدراسة.

ويقول منتدى الصيادين ان كثيرا من الصيادين لا يستطيعون تحمل تكلفة ارسال أولادهم الى المدرسة لانهم محبوسون في دائرة مغلقة من الديون لاصحاب الزوارق.

وقال سيف الله تشودري المسؤول بمنظمة العمل الدولية التابعة للامم المتحدة ان الحكومة تحاول القضاء على عمالة الاطفال وتركز على صناعة الصيد.

وبدأت منظمة العمل الدولية مشروعات في القرى التي يعمل سكانها بالصيد لتعليم الاطفال القراءة والكتابة وتحسين الاوضاع الصحية وتحاول توفير وظائف بديلة.

لكن تشودري يقول ان توقف الاطفال عن الخروج الى البحر لكسب قوت يومهم سيستغرق وقتا قبل أن يحدث.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 3/تموز /2006 -/جمادي الاخرى/1427