المصالحة الوطنية وعناصر النجاح والفشل

مرتضى عبد الرسول

   ليس هناك من ينتمي الى العراق ارضا وتأريخا إلاّ ويتمنى اليوم قبل غد ان يسود السلام ارض الرسل والأئمة والاولياء الصالحين هذه الارض التي تشرفت بأشرف الخلق وأعلاهم قيمة عند الله سبحانه وتعالى، وليس هناك من يرضى بنزيف الدم العراقي وبفتاوى الذبح التي خرج بها علينا الذين ينسبون أنفسهم للاسلام زورا وبهتانا.

 واستنادا لهذا القول تكون مبادرة المصالحة الوطنية التي اطلقها رئيس الوزراء مؤخرا هدف العراقيين الذين طالت مأساتهم الممتدة من زمن الحروب المجانية والحصارات الاممية والعهد الجديد الذي تلون بانواع جديدة من القتل وبفنون الذبح التي ما انزل بها الله من سلطان في ازهاق ارواح الابرياء وقتلهم بشتى السبل والوسائل.

 ناهيك عن عمليات التهجير القسرية الواسعة التي طالت آلاف الاسر الفارة من جحيم الحرب الطائفية ومن سيوف وتهديدات ومداهمات الارهابيين والتكفيريين الجدد الى ارض اكثر أمنا وسلاما في كربلاء والنجف وواسط وغيرها من محافظات العراق.

والآن وقد صرنا وجها الى وجه مع بنود المصالحة الوطنية الأربعة والعشرين التي نشرتها وسائل الاعلام والصحف على الملأ العراقي بكل مكوناته السياسية وغيرها لكي يتدارسونها ويعملون في ضوئها وصولا الى شاطئ الامان كما هو مفترض، ولكن ثمة تساؤل يقفز الى الاذهان مفاده، ألم يأت توقيت طرح هذه المبادرة متأخر كثيرا عن وقته المناسب والصحيح؟!!.

 وهذا التساؤل يسحبنا الى تساؤلات أخرى منها كيف تتعامل المصالحة مع من أثخنوا الشعب والوطن بالجراح التي لا تلتئم كالصداميين والارهابيين ومن لف لفهم، وكيف ستعالج القرارات الارتجالية الكثيرة التي رافقت المعطيات المتسارعة بعد ازاحة النظام الشمولي الدكتاتوري، ثم من هي الجهات التي تتشاور معها الحكومة من اجل القاء السلاح والاشتراك في العملية السياسية واذا كان لهذه الجهات وجود فعلي فلماذا غابت عن الفعل السياسي قبل هذا الوقت؟!!

 ان كثيرا من علامات الاستفهام سوف تبقى عالقة في اذهاننا ونحن نتابع الخطوات الفعلية المقبلة للمصالحة الوطنية، ولعلنا لم نذكر إلاّ النزر القليل من الثغرات الكثيرة المرافقة لبنود المصالحة لكننا نعتقد ان اطلاقها جاء متأخرا وان نسب النجاح التي ستكتب لها مرهون بما يتحقق منها على ارض الواقع الفعلي في ظل تداخلات وتنافرات يصعب احصاءها، وكلنا تابع ولا يزال يتابع الخطوات العديدة التي خرجت بها مؤتمرات ولقاءات بين الاطراف العراقية داخل البلد وخارجه ولكن ظلت نتائجها حبرا على ورق لأنها لم تحمل الجدية الكافية ولا التوقيت الصحيح ولا النوايا الصادقة الحقيقية بين الاطراف المتصارعة في الساحة السياسية.

 اننا ندعو الى تأشير اسباب الازمات بدقة قبل أي كلام او اتفاق ثم المباشرة الفعلية الملموسة في التطبيق ولعل البطالة المتفشية بين الشباب العراقي خير دليل على ضعف النوايا والتطبيق كما ان انهيار قطاع الخدمات الى درجات تقارب الصفر دليل آخر على احتمال ذهاب المصالحة وبنودها ادراج الرياح ما لم تتكلل بجانب فعلي وعملي يضع النقاط على الحروف من قبل المعنيين بدقة متناهية.

كما ان المبادرة اهملت عنصرا رئيسيا يساهم في نجاح او فشل المبادرة وهو تفجير مرقدي العسكريين عليهما السلام، حيث كان لهذه الحادثة الاليمة دور كبير في تفجر الصراع الاهلي والطائفي، حيث كان الهدف الرئيسي من تفجير سامراء هو اشعال الفتنة الداخلية واحداث انشقاق داخلي كبير.

واليوم فأن المبادرة يجب ان تتضمن بنودا اساسية لاحتواء هذه الحادثة العميقة الجروح وايجاد وفاق وطني لجعل عملية بناء المرقد المقدس وحماية باقي المراقد المقدسة مدخلا لنجاح مبادرة المصالحة. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء  28/حزيران /2006 -/جمادي الاخرى/1427