عراقيون يشككون في جدوى مبادرة المصالحة وآخرون يرحبون بها وان جاءت متأخرة

   

اعرب عراقيون عن عدم جدوى مبادرة المصالحة الوطنية التي أعلن عنها رئيس الوزراء السيد نوري المالكي وهم يتساءلون عن كيفية تحقيق المصالحة في بلد يمكن ان يقتل فيه المرء في انفجار او بالرصاص في اي وقت.

فمن الصعب إقناع سكان حي الكرادة ببغداد بخطة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للمصالحة الوطنية.

ففي هذا الحي انفجرت قنبلة وضعت على جانب طريق تاركة اكرم جبار بعرج مؤلم وايمان ضعيف بحكومته.

ويقول جبار (23 عاما) وهو تاجر اقمشة يمشي بصعوبة بسبب اصابته بشظايا في ركبته "اذا اردت الحق المالكي لن ينجح. وانا لا اصدق حقا انه او حكومته جادون بخصوص المصالحة."

ويضيف "انه (المالكي) يقول انه يريد انهاء الطائفية لكن حكومته مليئة بالطائفيين. من المنطقي ان نعتقد أنه ستكون هناك حرب أهلية."

وقدم المالكي وهو شيعي تولت حكومته السلطة في 20 مايو ايار خطته من اجل الاستقرار خلال جلسة اعتيادية للبرلمان يوم الاحد.

وحفلت الخطة بالوعود لكنها افتقرت للتفاصيل بخصوص الكيفية التي تعتزم بها حكومته الحد من العنف الطائفي ونزع اسلحة الميليشيات والتعامل مع الانشطة المسلحة التي يقودها العرب السنة وراح ضحيتها الاف من افراد الامن والمدنيين.

وسيكون من الصعب اقناع العراقيين وبالاخص ضحايا العنف الذي يعصف بالعراق بأن هذه الخطة ستغير مسار حياتهم.

فالقنبلة التي انفجرت هذا الشهر في حي الكرادة المزدحم حيث يكسب جبار ما يعادل اربعة دولارات يوميا ما هي الا مثال على العنف الذي يقض مضاجع العراقيين بشكل يومي.

واسفرت انفجارات عن مقتل ما لا يقل عن ستة اشخاص في بغداد يوم الاحد وهو رقم بسيط بالمقارنة مع ما تشهده العاصمة عادة.

وكان جبار واخواه وهم من الشيعة قد بدأوا بفرش بضاعتهم على جانب الطريق عندما اقترب ثلاثة رجال يتظاهرون بانهم زبائن من المنطقة ثم تركوا كيسا بلاستيكيا على الرصيف انفجر بعدها بدقائق.

ولا يزال اخواه في حالة خطيرة في المستشفى.

وهو يتساءل عن كيفية تحقيق المصالحة في بلد يمكن ان يقتل فيه المرء في انفجار او بالرصاص في اي وقت.

واضاف "لا يمكن للمالكي ان يتحدث عن المصالحة الوطنية في الوقت الذي يسمح فيه لهذه الميليشيات بالتجول بحرية وقتل الناس. سياسات هذه الحكومة طائفية."

وفي قسم اخر من حي الكرادة احد احياء بغداد الاكثر هدوءا يبدي كريم مهدي تشاؤما مماثلا.

وفر مهدي من منزله في ضاحية الدورة السنية التي يسودها العنف بعد ان ضاق ذرعا من مشاهدة الجثث في الشوارع.

وقتل ابن اخيه سيف صالح في الانفجار ذاته الذي اصاب جبار وأخويه. كان صالح وثلاثة من زملاء الجامعة يشترون الفاكهة من السوق عندما انفجرت القنبلة.

ويقول مهدي عن خطة المالكي "انها لن تفلح. احزاب كثيرة جدا تريد اشياء كثيرة جدا. لا يوجد صوت موحد في العراق."

في الجهة المقابلة رحب عراقيون آخرون بمبادرة المصالحة الوطنية التي أعلن عنها رئيس الوزراء السيد نوري المالكي وأعربوا عن تطلعهم لأن تكون بداية لإنهاء العنف وعودة الأمن للعراقيين، وان اعتبروا انها جاءت متأخرة جدا.

وقال هاشم فرحان العبادي ،(40 عاما).. ويعمل نجارا،لوكالة أنباء ( اصوات العراق) " المصالحة الوطنية مدخل كبير لوقف أعمال العنف التي وصلت إلى حد لا يطاق في عموم العراق، وهذا ما يتطلع إليه العراقيون.. لكي يتحقق الأمن ويمارسوا حياتهم بشكل طبيعي بعدما انهكتهم الحروب وما خلفته من مشكلات."

ويضيف العبادي أن "المبادرة التي أطلقها المالكي اليوم هي شيء جيد ،لكنها تحتاج إلى تفعيل.. لأن العراقيين عاشوا على مدى عقود من الزمن متحابين متآخين، وماحدث هو خلافات بسيطة يمكن للمصالحة أن تنهيها فيما اذا فعلت جديا."

ويقول نبيل محمود ،(28عاما).. صاحب مكتب هندسي  " لقد سبق للحكومات السابقة التي شكلت بعد غزو العراق أن نادت بالمصالحة ،وعلى حد علمي استجابت العديد من الأطراف لهذه المبادرة لكنها كانت بحاجة الى تفعيل برغم اعتراض عدد اخر من القوى السياسية ،لكنها الآن ضرورية جدا..، لأن الأهل يتصالحون فيما بينهم مهما كانت خلافاتهم ولايحتاجون لمن يصالحهم."

ويضيف محمود " كان من المفترض ان تكون المصالحة بعد الغزو مباشرة ،ولو حدث هذا لما جرى للعراقين ما جرى من خراب ودمار نراه كل يوم سببه خلافات قد تكون إلى حد ما سياسية لاعلاقة لإرادة الشعب بها.. لأن الشعب العراقي شعب طيب يحب الحياة ويحب الامن والاستقرار."

ويرى محمود أن المصالحة الوطنية " تحتاج إلى صفاء النية والجدية، ومن يمتلك الروح الوطنية عليه ألا يفكر بالتنازلات والإمتيازات.. وإنما بالروح الأخوية."

أما الحاج فوزي أبو شوكت ،(76 عاما).. متقاعد ،فيقول " أفهم من المصالحة انها عملية صلح بين اطراف متنازعة وهذا امر جيد لان بلادنا بحاجة لها وما لم تتحقق فان البلد سينزلق نحو كارثة الحرب الاهلية التي لا ترحم ولا يجني منها الشعب غير الموت والدمار والخراب."

ويضيف الحاج فوزي"انا مع هذه المبادرة التي اطلقها المالكي اليوم وكنا ننتظرها يوما بعد اخر ونأمل ان لايعكرها اصحاب المصالح الشخصية الضيقة ونتمنى ان تشمل الجميع."

وردا على سؤال فيما اذا كان يقبل بان تشمل المصالحة من تلطخت ايديهم بدماء العراقيين قال فوزي ان"من يقتل العراقيين وفي كل الازمان مرفوض ولايقبله دين ولاعقل لذا انا ضد من يقتل العراقيين بل واطالب من خلالكم بان يقدم كل من اساء للعراقين واباح دمائهم للعدالة لينالوا جزائهم."

وعبر الحاج فوزي عن امله بان يترك الساسة العراقيون خصوصا من هم بالحكم الان سياسة التهميش والاقصاء معتبرا ذلك امرا يساعد في عملية المصالحة.

اما عدنان كاظم الربيعي ( 39عاما) يعمل في نصب مكائن الحلويات فقد عبر عن ترحيبه بالمبادرة لكنه يأمل ان"لاتشمل المصالحة من سعى ومازال يسعى لقتل العراقيين خصوصا من وصفهم بجماعات (النظام السابق)."

مضيفا ان"هؤلاء قد يفسدون العملية السياسية اذا دخلو فيها لانهم اداة للخراب ولايريدون للبلد ان يستقر."

وتقول السيدة نجاة حامد (41 عاما) تعمل فاحصة مختبر ان"المبادرة التي اطلقها المالكي هي مبادرة للجميع لانها ضرورية للجميع،وعلينا الاستفادة من تجارب الدول التي اعتمدت على المصالحة في حل مشاكلها وادت بالنهاية الى الاستقرار في الجوانب الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية،فدون المصالحة لايمكن للعراق ان يسير قدما نحو الرقي ونحو البناء والاعمار."

ويرى السيد مهند اسماعيل خليل ( 25عاما) طالب جامعي ان"المصالحة على الرغم من انها جاءت متأخرة الا انها مهمة جدا للعراقيين وعلى الجميع ان يعي اهميتها خصوصا في المرحلة الراهنة بل وعلى الجميع التمسك بها لانها نجاة العراقيين وخلاصهم من المحنة التي يعيشونها."

ويضيف ان"المصالحة يجب ان تكون شاملة ويجب ان يجلس الجميع على الطاولة المستديرة ليتناقشون ويتحاورون بجدية،طالما ينادي الجميع بوحدة العراق و بالوطنية ،فقد ان الاون للتحاور والتصالح."

بدوره دعا قيادي من التيار الصدري إلى ضرورة بدء المصالحة الوطنية "من داخل قبة البرلمان أولا "، محملا القادة السياسيين مسؤولية " الدماء التي تسيل والأرواح التي تزهق."

وقال عضو مجلس النواب عن التيار الصدري السيد بهاء الأعرجي ،في مؤتمر صحفي عقده على هامش إنعقاد جلسة مجلس النواب اليوم الأحد "بعيدا عن المضمون.. يجب أن نتكلم بصراحة من أجل مصلحة العراقيين ،الخلاف الحقيقي الموجود هو في مجلس النواب وفي الحكومة العراقية."

وتابع ".. وبالتالي هذه الدماء التي تسيل والأرواح التي تزهق هي بسبب القادة السياسيين.. وعليه يجب أن تكون المصالحة من هنا ،وإن لم نبدأ من هنا ( أي البرلمان) فلن ننجح."

وأعلن رئيس الوزراء السيد نوري المالكي اليوم (مبادرة المصالحة الوطنية) أمام مجلس النواب ،وقال إنها تقوم على ركنين أساسيين هما: الآليات المعتمدة لتطبيقها ،والمبادئ والسياسات التي تتضمنها ،وتتألف من ( 24 ) بندا رئيسيا.

وأبدى الأعرجي "دعم الجميع لخطة المصالحة" ،لكنه أشار إلى ضرورة وجود آليات تعمل على إنجاحها بقوله "جميعنا مع مشروع المصالحة الوطنية ،لكن يجب أن تكون لكل المشروعات آليات تجعل من المشروع ناجحا."

معربا عن اعتقاده بأن ما تم قراءته اليوم في مجلس النواب من خطة المصالحة هي " نجاحات شكلية ".

واستطرد القيادي في التيار الصدري ( أحد المكونات الرئيسية في الإئتلاف الموحد) موضحا

أن هناك إتهامات متبادلة بين نواب البرلمان من الكتل والتيارات المختلفة وبعضهم البعض ،

وأضاف الأعرجي "بالتالي يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا.. وصادقين مع أبناء شعبنا ،

ويجب أن تكون (هناك) طاولة كبيرة مستديرة تجمع كل الأطراف تحت قبة البرلمان."

واقترح بهاء الأعرجي على البرلمانيين "التحدث بصراحة.. وأن يطرح كل واحد ما بداخله من ( أوهام ) ، ثم نتصارح ونتصالح.. وهذه ( تشكل) 90 % من مشروع المصالحة الوطنية الحقيقية."

معربا عن إعتقاده بأن المصارحة والتصالح بين البرلمانيين "ستؤدي إلى وقف إزهاق الأرواح

.. وعزل ( الإرهابيين) في زاوية ،وهو ما سيمكن القوات الأمنية من القضاء عليهم"على حد قوله .  

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين  26/حزيران /2006 -28  /جمادي الاول/1427