استطلاع عالمي لآراء المسلمين والغربيين حول التطرف والصدام يظهر نتائج متباينة

أعربت أغلبية لا يستهان بها من الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين عن آراء إيجابية بالمسلمين رغم استمرار وجود اختلافات حقيقية بين الجاليات المسلمة وغير المسلمة. وقد وردت بيانات المعلومات هذه في استطلاع عالمي للرأي شمل 15 بلداً وأصدر نتائجه في 22 حزيران/يونيو الحالي مشروع مؤسسة بيو للمواقف العالمية، الذي وصف النتائج الإجمالية بأنها "أكثر تنوعاً منها سلبية على الدوام."

وقد حللت وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت والسناتور والسفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة جون دانفورث ومدير مركز أبحاث بيو آندرو كوهوت نتائج الاستطلاع في مؤتمر صحفي عُقد في واشنطن العاصمة.

في حين قالت الأغلبية في جميع البلدان تقريباً التي تم استطلاع الرأي فيها إن العلاقات بين المسلمين والغربيين سيئة عموما، إلا أن الأسئلة المحددة على نحو أكبر كشفت عن نمط من الفوارق الطفيفة في الآراء بين الجاليات المختلفة. ويوحي التباين بين آراء المسلمين الأوروبيين وغير الأوروبيين بأن الاتصال الدائم بين الجاليات المختلفة يساعد في تبديد الصورة النمطية السلبية. 

وفي حين ظهر انقسام في الرأي بين الغربيين حول إمكانيات حلول الديمقراطية في الدول الإسلامية، رأت أغلبية لا يستهان بها بل وأحياناً ساحقة من المسلمين الذين شاركوا في الاستطلاع في أوروبا والدول الإسلامية أنه "يمكن للديمقراطية أن تنجح" في معظم الدول الإسلامية.

وكشف الاستطلاع عن تقلص الثقة بأسامة بن لادن بين الشعوب المسلمة. وكان هذا الاتجاه أكثر وضوحاً في الأردن (منه في أي بلد آخر)، حيث أدى هجوم إرهابي في تشرين الثاني/نوفمبر 2005 إلى مقتل 63 شخصاً وإصابة أكثر من مئة آخرين بجراح في عمان. (أنظر التقرير المتصل بالموضوع).

وقد تقلصت الثقة بزعيم القاعدة من 60 بالمئة قبل عام إلى 24 بالمئة فقط الآن. كما أعربت الأغلبية في تركيا ومصر وإندونيسيا إما عن "قدر ضئيل" من الثقة "أو "لا ثقة على الإطلاق" ببن لادن.

أما المشاركون في باكستان ونيجيريا، حيث أعرب المسلمون باستمرار عن آراء أكثر تطرفاً من آراء المسلمين في الدول الأخرى، فقد دعمت أغلبية نسبية منهم أو أكثريتهم بن لادن.

وقد تقلصت نسبة المسلمين الذين أجابوا بأنه يمكن تبرير التفجيرات الانتحارية أو أعمال العنف الأخرى ضد أهداف مدنية في بعض الحالات في كل من الأردن وباكستان وإندونيسيا، ولكنها شهدت زيادة طفيفة في تركيا. ورغم ذلك، تسامح حوالى ثلاثة من كل عشرة مسلمين أردنيين ومصريين بشأن التفجيرات الانتحارية، كما تسامح بشأنها واحد من كل سبعة من المسلمين الأتراك والفرنسيين والإسبان والبريطانيين والباكستانيين.

وقالت الأغلبية في كل من إندونيسيا وتركيا والأردن ومصر، و56 بالمئة من المسلمين البريطانيين، إنها لا تعتقد أن مجموعات من العرب هي التي قامت بهجمات 11 أيلول/سبتمبر الإرهابية في الولايات المتحدة.  

كما كان المسلمون أقل اعتقاداً من غير المسلمين بوجود تناقض بين أن يكون المرء مسلماً ورعاً وأن يعيش في ما وصفه واضعو أسئلة الاستطلاع بأنه "مجتمع حديث."

وكشفت المعلومات عن وجود اختلافات بين المجموعتين. وقد مالت كل منهما إلى إلقاء اللوم على الأخرى وتحميلها مسؤولية ما تعتبره علاقات سيئة بين الطرفين واختلفت المجموعتان حول الأسباب الجذرية الكامنة وراء الخلاف الأخير بشأن الرسوم التي صورت النبي محمد في الدانمارك.

وأعربت الأغلبية في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا، ولكن ليس في ألمانيا ولا في إسبانيا، عن رأي إيجابي في المسلمين. في حين أعربت الأغلبية في إندونيسيا والأردن، ولكن ليس في مصر وباكستان وتركيا، عن رأي إيجابي في المسيحيين.

وأعربت الأغلبية الساحقة أو أغلبية شبه إجماعية في كل بلد مسلم أجري الاستطلاع فيه عن آراء سلبية باليهود. ووصلت النسبة في الأردن إلى 99 بالمئة، وفي مصر إلى 98 بالمئة، وفي باكستان إلى 94 بالمئة. وتطوع 28 بالمئة من الأردنيين و22 بالمئة من المصريين بالقول إن "اليهود" هم السبب في العلاقات السيئة بين المسلمين والغرب، رغم أن السؤال لم يأت على ذكر اليهود. 

وأعرب المسلمون الأوروبيون عموماً عن آراء أكثر إيجابية إزاء المسيحيين وآراء أقل سلبية إلى حد ما إزاء اليهود من آراء المسلمين في المناطق الأخرى. ووصف السناتور دانفورث تلك النتيجة بأنها "برهان على أن التفاعل يساعد. وكلما عرفنا بعضنا  أكثر، كلما كان ذلك أفضل لنا." 

وأوضح الخلاف الأخير حول نشر رسوم صورت النبي محمد اختلافات إضافية بين المسلمين وغير المسلمين. ففي حين أنحت الأغلبية في جميع الدول الغربية باللوم على "التعصب الإسلامي" في النزاع، أنحت نسب حتى أكبر من ذلك باللوم على "عدم الاحترام الغربي." 

وقالت وزيرة الخارجية السابقة أولبرايت إن الخلافات السياسية حول العراق، وإسرائيل/فلسطين، والاضطراب العام في الشرق الأوسط عوامل تسهم في العلاقات الصعبة بين المسلمين والغرب ولكنها ليست السبب الوحيد. واقترحت أن يقوم صناع السياسة باستخدام الزعماء الدينيين بشكل أفضل كمصدر للتفهم والتفاهم المتبادل وكـ" وأهل ثقة " يمكنهم تعزيز الدعم الشعبي للترتيبات الدبلوماسية.

وقال دانفورث إن كره المسلمين لما يعتبرونه قيماً غربية يشكل عاملاً أكبر. وقد استشهد بأرقام تظهر أن غالبية المسلمين من غير الأوروبيين الذين شاركوا في استطلاع مركز بيو للأبحاث يعتبرون الغربيين أنانيين ومتعجرفين ويقومون بأعمال العنف، وقال إن التلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى تساهم في نشر مثل هذه الانطباعات. 

ومشروع مركز أبحاث بيو الخاص بالمواقف العالمية، الذي ترأسه أولبرايت ودانفورث، هو سلسلة من استطلاعات الرأي العام في جميع أنحاء العالم حول تشكيلة واسعة من المواضيع من تقويم الشعوب لحياتها إلى رأيها في وضع العالم الحالي وفي قضايا الساعة المهمة.

ويمكن الاطلاع على تقرير حول الاستطلاع بعنوان "الفارق العظيم: كيف ينظر الغربيون والمسلمون إلى بعضهم بعضا،" على موقع مشروع مركز بيو الخاص بالمواقف العالمية.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد   25/حزيران /2006 -27  /جمادي الاول/1427