مشروع مصالحة ام مشروع التفاف على العملية السياسية

اسعد راشد 

 مازال السياسيون يخدعون انفسهم ويخدعون اصحاب القرار في المنطقة وفي امريكا حول ما يهدفون من وراء طرح مشاريع وهمية لن تنتهي حكومة من ولايتها حتى تطرحها الحكومة المرتقبة او القائمة .

من تلك المشاريع التي مازالت تثير السخرية والازدراء لدي الاغلبية من الشعب العراقي هو "مشروع المصالحة الوطنية" الذي يكتنفه الكثير من الغموض والالتباس بل وعليه العديد من الاستفهامات التي مازالت تنتظر الاجوبة!

المصالحة مع من؟

اذا كانت كل الفرقاء وخاصة التي كانت في السابق محط انظار اصحاب "مشاريع المصالحة" تجلس على طاولة واحدة وهي مشاركة بكل ثقلها في العملية السياسية  بعد ان قاطعتها كون انها من صنع "المحتل" واذا كانت الكتل التي امتنعت حتى قبل ستة اشهر من الاعتراف بالواقع العراقي الجديد وهي اليوم تضع احدى رجليها بـ"ثبات" في العملية السياسية وتقود الدولة من خلال تبوٌءها مناصب قيادية بل وسيادية في الدولة العراقية وقادت بها الانتخابات البرلمانية الاخيرة التي اتت بحكومة المالكي الى السلطة وقد حملت تلك الكتل طموح ناخبيها الذين يشكلون الاغلبية في التمثيل الطائفي لتلك الشريحة التي قاطعت واليوم تدفع بل دفعت نوابها الى داخل اروقة البرلمان ليمثلها ‘ واذا كانت الاغلبية من تلك الكتل و الفرقاء يشاركون اليوم في ادارة الدولة العراقية الفتية الجديدة  فما االمغزى من طرح مشروع "المصالحة الوطنية" الذي تسربت وثيقة المشروع الى الاعلام ونشرت بعض الصحف تفاصليها وقد اسهب عدد من المراقبين والسياسيين والكتاب في شرح ابعادها بل وقد واشار احد المراقبين  بوضوح الي خطورتها وخطورة ذلك المشروع الذي جاء في الوقت المنتهي وفي الظرف الذي يفترض فيه ان تسير الحكومة باتجاه ضرب يد من حديد واستخدام سياسة القبضة الحديدية ضد الارهاب واعوانه خاصة بعد ان شاركت الاغلبية من الطائفة السنية في الانتخابات وفي العملية السياسية ولها حضور كثيف في المؤسسات الرسمية والرئيسية تفوق نسبتها 33%  وهو الامر الذي يثير الاستغراب في ان يتم طرح مشروع من هذا النوع  "الركيك"  ـ صياغته ـ حسب وصف المحلل والكاتب القدير الاستاذ باسم العوادي.

بعد ان شارك السنة بغالبيتهم في العملية السياسية ودفعوا بنوابهم الى المجلس النيابي لانرى اي معنى لطرح مشروع باسم "المصالحة الوطنية" ‘ المصالحون او الذين كانوا يودون ‘في قت سابق قبل الانتخابات البرلمانية الاخيرة التي اتت بحكومة عراقية دائمية‘ في الدخول في المصالحة مع "خصومهم" يقفون اليوم في "خندق واحد" وهم يمثلون الاغلبية من الشعب العراقي وهو ما استدعى الى طرح مثل تلك الاستفهامات والاشكالات على مشروع "المصالحة" والذي نجد في توقيته وفي بنوده "الركيكة"  ما يدعوا الى القلق والخوف على العملية السياسية برمتها بل هناك من يشير الى ان المشروع  الحالي يحمل معه نذر "شر" وقد يقود البلاد الى حافة الهاوية وبالتالي يدفع بالغالبية الى ليس فقط رفض هذا المشروع الذي هو مرفوض من الاساس ورفض من البداية وانما  الوقوف في وجه تطبيقه لان فيه تجاوز كبير على حقوق الاغلبية التي شاركت بملايينها في الانتخابات والعملية السياسية سنُة وشيعة .

المشروع  ـ رغم انف واضعيه ـ سوف يهدف نحو الاعتراف بابتزاز الاقلية ويمنح المشروعية لنهج القتل والعنف وبالتالي يضع حكومة المالكي نفسها في ورطة ليس لها من مخرج سوى الدمار والخراب  والدخول في مايروج له العربان واجندتهم في جر البلاد الى الفوضى العارمة والكاسحة خاصة وان المشروع المذكور يدعو الى ادخال اصحاب السوابق السيئة والاجرامية والارهابية الى الانخراط في الجيش والمؤسسات الامنية والعودة بالعراق الى المربع الاول وهو مبتغا ليس بجديد حيث سبق وان طرحته القوى المناهضة للعراق الديمقراطي من الارهابيين وهي تختبأ خلف واجهات منها مسلحة ومنها سياسية  وقد رفضته في حينها حكومة د.علاوي عبر وفد المفاوض ابان ازمة الارهاب في الفلوجة وقد كانت من شروطهم اعادة " كبار ضباط  الجيش وعناصر الامن " ـ اي المحسوبين فقط على الطائفة السنية من البعثيين ومن تلطخت ايدهم بدماء الشيعة والكورد ـ الى الخدمة والغاء  كلمة"اشهد ان عليا ولي الله" من الفضائيات والقنوات الرسمية العراقية  وهذا الامر او المطلب قد تجدد اليوم و قد رفعه "المسلحون " الى الامريكيين والى وفد رئاسة الجمهورية مام جلال حسب ما جاء في مقال الاخ الاستاذ باسم العوادي تحت عنوان "قراءة في وثيقة نص المصالحة المنسوب الى المالكي" http://www.sotaliraq.com/articles-iraq/nieuws.php?id=33460

 وهذا يعني اننا نعود مجددا بالعراق الى  الوراء والى المربع الذي اراده ويريده الاهابيون و المسلحون والطائفيون .

نعود مجدد لطرح السؤال :

المصالحة مع من ؟!

هل المصالحة مع شرذمة مسلحة ارهابية تمارس القتل والذبح على الهوية للعودة الى الحكم  ولاقامة سلطة دموية وظلامية  او ان المقصود ان يتصالح المالكي مثلا مع المشهداني والمشهداني مع عبد المهدي وعبد المهدي مع عدنان الدليمي والدليمي مع الحكيم وهلم جر اي ان التوليفة التي تتشكل منها الدولة العراقية اليوم عليها ان تتصالح مع نفسها!وهذا غير ممكن لانه من تحصيل الحاصل بمعنى ان الجميع قد وصلوا الى نوع من التفاهم وتصالحوا على الدخول والمساهمة سويا في العملية السياسية ! او المقصود هنا وهو بيت القصيدة وكما ذكره الاخ باسم العوادي اعادة تشيكل التوازن السياسي من خلال ما يسمى مشروع المصالحة بمعنى ان المشاركين في الحكم اليوم من ابناء الاقلية السنية ليسوا مقتنعين بما استحوذوه من خلال الشرعية الانتخابية وما استحوذوه ليس كافيا وعليه يجب ان يكملوا المشوار حتى يسيطروا كاملة على السلطة ويعيدو العراق الى حكم الاقلية البغيض وهذا يعني ان القوم هم من يقود العمليات المسلحة وهم من يأمرون المسلحين بتفجير الوضع الامني من خلال المفخخات والعبوات في الاسواق ومحلات الخضار وبيع الالبسة وباستطاعتهم هم ايضا وقفها كما اوقفوها خلال اجراء عملية التصويت الانتخابية للمجلس الوطني كما جاء في تصريح الدليمي !

هنا نحن امام معادلة صعبة وخطيرة وهي اما ان اصحاب مشروع "المصالحة الوطنية" يريدون تمرير المشروع  كيف ما كان وباي وسيلة دون قراءة تداعياته المستقبلية  واما انهم يضحكون على الشارع العراقي وخاصة ضحايا المقابر الجماعية والارهاب من خلال التلاعب بالمفاهيم والمصطلحات والحال هم يعلمون ان المراد بالمصالحة هو اعطاء المزيد من السلطة على حساب الاستحقاقات الانتخابية و السياسية  والوطنية والجغرافية ولكن هذه المرة للاذرع المسلحة للمشاركين في الحكم  والتي تقاتل نيابة عن المشهداني والهاشمي والدليمي وغيرهم  وتمارس القتل والتفجير والاغتيالات وتقتل وتعذب الابرياء وتنتهك كل الحرمات من اجل يسود قانون الغاب وليس الدستور الذي قبله الجيمع بما فيهم اؤلئك الذي اكتفوا بالمشاركة في الحكم والعملية السياسية الا ان قلوبهم وعقولهم مع الارهاب ومع سياسة "الارض المحروقة"!

ليس هناك من حل ولا مخرج للازمة التي يمر بها العراق تلك الازمة التي اساسها هو الارهاب ورفض الاقلية القبول بالواقع الجديد في العراق وبحجمه الذي افرزته الانتخابات النيابية تلك الازمة سوف تستمر وسوف تستهلك الكثير وتنزف الكثير ايضا من الدماء والاموال ما لم تطبق بنود مكافحة الارهاب والابتعاد عن المشاريع الوهمية والمزيفة واللجوء الى الدستور العراقي الذي فيه الحل للكثير من المشاكل وفيه المخرج لتلك الازمة وفي غير هذه الصورة فان العراق يتجه الى ما يريده الطائفيون وما يتوقعه ويخطط له اصحاب الاجندة في الدول الجوارالعربية وبعض الكبار في العالم  ومن يريد قراءة مستقبل المظلم للعراق عليه الرجوع الى مقال نشرته صحيفة عربية هذا اليوم وهو مقال فيه الكثير من الاشارات في هذا الخصوص ويحمل بصمات اصحاب القرار! ومقال اخر ايضا في نفس الصحيفة يركز على ذات القضية ونفس الهدف!

 http://www.sotaliraq.com/iraqi-news/nieuws.php?id=27743 .

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت   24/حزيران /2006 -26  /جمادي الاول/1427