
تمضي روسيا قدما في طريقها وتبيع الصواريخ لسوريا وايران
والطائرات الحربية لفنزويلا وميانمار وطائرات الهليكوبتر للسودان وتبدو
محصنة ضد جدل اخلاقي يؤثر على الصناعة في كل مكان.
وفي الوقت الذي يناقش فيه الاتحاد الاوروبي امكانية رفع حظر السلاح
المفروض على الصين تتجه نحو نصف صادرات الاسلحة الروسية التي وصلت الى
ستة مليارات دولار العام الماضي الى بكين.
وبينما يسعى البيت الابيض الى اقناع الكونجرس بالموافقة على الاتفاق
النووي الامريكي الهندي الذي يخشى بعض المشرعين ان يفجر سباقا للتسلح
تقوم موسكو باستكمال بناء محطتين نوويتين لنيودلهي.
وصناعة الاسلحة في روسيا هي واحدة من الصناعات القومية القليلة التي
يمكنها المنافسة مع الشركات الغربية على قدم المساوة وهي مصدر نفوذ
وعاملا رئيسيا بالنسبة لموسكو لكسب اسواق جديدة لصادراتها.
وقال سيرجي شيميزوف رئيس شركة روسوبورون اكسوربت وهي شركة حكومية
تحتكر تصدير الاسلحة في مقابلة نادرة مع مجلة ايتوجي الاقتصادية العام
الماضي "يجب الا يكون لدينا اوهام..اذا توقفنا عن تصدير الاسلحة فان
طرفا اخرى سيفعل."
وقال شيميزوف وهو صديق مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ ان
عملا سويا في جهاز المخابرات السوفييتي السابق (كيه.جي.بي.) "تجارة
الاسلحة مربحة لدرجة يصعب على العالم الامتناع عنها. ولحسن الحظ فهمت
روسيا ذلك. ان فترة الرومانسية الديمقراطية تحولت الى فترة براجماتية
في الاعمال."
ولكن هذ البراجماتية اثارت انتقادات دولية وبعض الخبراء يقولون ان
الصحة البادية لصادرات الاسلحة تخفي في الحقيقة صناعة متراجعة ما زالت
تحقق المكاسب والاموال من مخلفات الماضي العسكري السوفييتي.
وتحصل روسيا سنويا على نحو خمسة مليارات دولار من تجارة الاسلحة وهو
مبلغ يتضائل كثيرا الى جانب صادراتها من الطاقة والمعادن والخشب.
واكبر زبائنها هما الهند والصين ولكنها حصلت ايضا على طلبيات من
ايران وسوريا وفنزويلا والفلسطينيين وهم مشترون تتجنب بعض الدول
الغربية التعامل معهم.
وتقول روسيا انها تلتزم بشدة بالحظر الدولي ولا تبرم صفقات اسلحة مع
النظم المفروض عليها حظر. ولكن جماعات حقوق الانسان تنتقدها لعدم
قيامها بالامتناع عن تصدير الاسلحة طواعية.
وتقول شبكة التحرك الدولي بخصوص الاسلحة الصغيرة (ايانسا) ان روسيا
باعت اسلحة لدول ارتكبت قواتها انتهاكات.
وقالت الشبكة وهي مجموعة تضم منظمات منها منظمة العفو الدولية
ومنظمة اوكسفام في تقرير في يونيو حزيران "لا توجد اشارة في نظام ضوابط
التصدير الروسي الى السيطرة على صادرات الاسلحة لاسباب مرتبطة باحترام
حقوق الانسان والقانون الانساني."
ورفض مسؤولو روسوبورون اكسبورت طلبات لاجراء مقابلة معهم من اجل هذا
التحقيق لكن ارقام الجمارك تشير الى ان صادرات الاسلحة الروسية التي
تسيطر الدولة على 90 في المئة منها زادت بمعدل 70 في المئة تقريبا منذ
ان أسس بوتين الوكالة عام 2000 .
ويأمل الكرملين ان يؤدي ترسيخ الصناعة المتزايد في الداخل الى جعل
تجارة الصادرات ركنا هاما لنظام رأسمالية الدولة قبل ان يصبح التدهور
الذي اصاب الانتاج في فترة ما بعد الاتحاد السوفييتي امرا لا يمكن
تغييره. ويقول بعض الخبراء ان هذه النقطة تحققت بالفعل.
وقال بافل فلجنهور وهو محلل مستقل يتابع تجارة الاسلحة الروسية عن
كثب "الصناعة تمر بازمة عميقة وشديدة. اعتقد انها لا يمكن ان تتعافى
لانه لا يتم انتاج مكونات. انهم يستخدمون مكونات قديمة. الصناعة تفككت
وباعوا المعدات."
وقال ان قليلا جدا من الاسلحة يجرى تصميمها واهم من ذلك اضطرت مصانع
المكونات الى اغلاق ابوابها بسبب الافتقار الى طلبيات جديدة كما تفرقت
عمالتها الماهرة.
واضاف "هذه ليست صناعة انها تجارة. ليس هناك نمو في الصناعة."
وقال فلجنهور ان المخزونات السوفيتية كبيرة بما يكفي للوفاء بطلبات
البيع لسنوات قادمة ولكن التجارة لا توفر وظائف او اي نمو طويل المدى.
وأضاف "انها عملية بيع من اجل الربح. انها اسلحة جيدة بالنسبة
لسريلانكا على سبيل المثال او لافريقيا. هي اسلحة يسهل استخدامها من
جانب افراد لم يتلقوا التدريب الجيد."
واضاف "اما فيما يتعلق بالمستقبل..فالامر يعتمد على أين تنشب
الحرب."
وقال الجنرال يوري باليوفسكي رئيس هيئة الاركان الروسية العام
الماضي انه يخشى الا تكون صناعة الاسلحة المحلية كبيرة بما يكفي لتغطية
امدادات القوات المسلحة الروسية بحلول عام 2011 .
ويقول الخبراء ان ذلك دفع الكرملين الى ان يحول روسوبورون اكسبورت
وهي وكالة تصدير اصلا الى بطل لتصنيع الاسلحة مملوك للدولة.
وتولت الوكالة ادارة شركة صناعة السيارات الرئيسية في البلاد
(افتوفاز) وتتطلع الى كاماز لصناعة الشاحنات وتجري محادثات لشراء
في.اس.ام.بي.او.-افيسما اكبر شركة لصناعة التيتانيوم وهو عنصر فلزي من
اجل السيطرة على الشركات الروسية التي يسهل عليها الوصول الى معدن يعد
عاملا رئيسيا في صناعة الطيران والفضاء.
وقال جينادي رايكوف وهو عضو في البرلمان عمل على مدى عقود في تصميم
الصواريخ والطيران "انه نوع من رأسمالية الدولة. وروسوبورون اكسبورت
تسيطر على كل الصادرات العسكرية ونحن نتنافس على نحو طيب في هذا المجال
لكننا بحاجة الى مزيد من العمل."
واضاف ان النظام الجديد الذي عزز في مارس اذار بوضع وزير الدفاع
سيرجي ايفانوف وزير الدفاع في موقع المسؤولية عن الصناعة كلها يمثل
عودة للنظام السوفييتي بان يكون هناك مشرف واحد على المجمع الصناعي
العسكري.
وتابع رايكوف قائلا ان العلماء الروس يمكنهم اختراع نظم في جودة نظم
القوى الغربية ولكن هناك حاجة الى الاستثمار. واستطرد "لكي نتقن
تكنولوجيتنا علينا ان نقف سويا وان نصمد." |