بين حين وآخر ترتفع اصوات عراقية تتوزع بين المثقفين وعامة الشعب
تدعوا السياسيين الذين يقودون العملية السياسية في العراق الى إبعاد
هذه الوزارة او تلك خارج اسوار قلعة المحاصصة التي أوغلت كثيرا في مسار
تقسيم العراق تحت تبرير التوافق والتراضي بين الكتل والاحزاب السياسية
الامر الذي لم يقدنا إلاّ للمزيد من التفكك والتشرذم.
وكلنا نتذكر دعوة السيد رئيس الوزراء الذي اكد في مضمونها على ان
يكون وزيرا الداخلية والدفاع خارج الاحزاب والولاءات وتأتي هذه الدعوة
تحديا للمحاصصة في ظاهرها لكن بالنتيجة كان الرداء المذهبي في اختيار
الوزراء الامنيين واضحا، وكانت هناك دعوات لجعل وزارة الثقافة بعيدة عن
منهج المحاصصة لخصوصية هذه الوزارة ونشاطاتها قبل تشكيل المالكي
لوزارته وبعد تجاوزها لمخاض الولادة العسير.
والآن لنأت ونسأل ما هو المعيار الذي تُمنح على اساسه هذه الوزارة
او تلك لهذا الوزير او ذاك؟ سواء كان من هذه الكتلة او تلك او من هذا
الحزب السياسي او ذاك؟. أليس الصحيح ان يكون المعيار هو الولاء الوطني
والكفاءة قبل أي معيار آخر؟ واذا كان الامر كذلك والعراقيون جميعهم
يتفقون على هذا الامر (باستثناء الباحثين عن الكراسي) لماذا لا نبعد
الوزارات كلها عن منهج المحاصصة الذي اجهض المكاسب المتوقعة للعراقيين
بعد زوال الاحادية والاتجاه السياسي الشمولي.
فليس صحيحا ان نقول هذه الوزارة خاضعة للمحاصصة وتلك يمكن اخراجها
من هذا( الفخ) اذ كل الوزارات متساوية في قيمتها الاعتبارية والعملية
لدى العراقيين، فهل يجوز ان نطبق المحاصصة على وزارة النفط ونرفعها عن
وزارة الثقافة مثلا، وهل يجوز ان تدخل المحاصصة في تخصيص وزارة
الخارجية ونبعدها عن الداخلية، ان كل الوزارات هي رموز سيادية تمثل كل
العراقيين من اقصى العراق الى اقصاه، بالاضافة الى كونها المحرك العملي
الذي يقدم الخدمات والتسهيلات لكل العراقيين بلا استثناء ايضا، ولذلك
نرى ان الدعوات المجتزأة التي تدعو لادراج هذه الوزارة تحت بند
المحاصصة وابعاد تلك الوزارة عنها لا تشكل قولا او فعلا صائبا انما
تساعد في ترسيخ مبدأ سلبي يضر العراقيين اكثر مما يفيدهم وهو (مبدأ
اقتسام الكراسي على اساس الملل والطوائف والاثنيات وما شابه) وهو لعمري
مبدأ يرفضه العراقيون جملة وتفصيلا ويفضلون الوطنية الحقة والكفاءة
الراسخة على كل المبادئ والمعايير الاخرى ولذلك نقول لا سبيل الى عراق
قوي موحد إلاّ بنبذ سلطوية المحاصصة اولا ومراعاة المناطق العراقية
التي عانت من الاهمال عقودا طويلة ثانيا واشاعة الولاء للوطن والشعب
قبل غيرهما ثالثا وللحديث صلة.
* كاتب من العراق |