المعلومات وأهمية تحديد معطيات اتخاذ القرار لإنجاز العملية الاستثمارية

  د.عبد الرسول عبد جاسم

    لقد اكتسب مفهوم اتخاذ القرار منذ خمسينيات القرن الماضي حيث تمت الإشارة إلى الاهتمام بدراسة العلاقات الإنسانية في نظريات تنظيم الإدارة والتحليل الاقتصادي... وعليه فأن اتخاذ القرار على ضوء المعلومات يتطلب تحقيق أفضل استخدام للمعلومات كما هو شأن الاستفادة من الموارد الأخرى لتلبية احتياجات التنمية الاقتصادية على الوجه الأكمل حيث يتم اتخاذ القرار والمبادلة بين الأهداف والخيارات.

 فالمعايير والأسس التي يعتمدها متخذ القرار هو نتيجة تراكم معارف سلوكية وفنية وعلمية والتي غالباً ما تكون مبنية على التجارب والبدائل والدراسات والأبحاث إذ أن مسألة اتخاذ القرار ترتبط بمدى القدرة للحصول على المعلومات لتحديد المتطلبات ومن بينها حجم الاستثمار ومعدلات الأسعار وتفاصيل عمليات الإنتاج وشروط الحصول عليها والمستلزمات وبدائل الموقع وما إلى ذلك...

 وهكذا يمكن اعتبار عدم توفير المعلومات التفصيلية المطلوبة لإقامة مشاريع التنمية العائق المهم في تأخر تنفيذ عملية الاستثمار الأمر الذي يتطلب إنجاز العملية الاقتصادية بكفاءة وفاعلية إزاء التحولات السريعة في تقنية المعلومات واستثمارها من قبل الإدارات لتعظيم الأرباح والمردودات الاقتصادية، مقابل حالات التخلف والإجراءات الروتينية المعمول بها... ومن هنا تتضح أهمية المعلومات في التحليل الاقتصادي والربط ما بين عملية تطور المعلومات والاستفادة منها عن طريق وضع المعايير الاقتصادية بما يحقق الارتقاء بعمليات الاستثمار والإسراع بعجلة النمو... ومن هنا يتطلب الأمر تحليل:

أولاً. معطيات اتخاذ القرار.

ثانياً. عناصر اتخاذ القرار.

وذلك ضمن نطاق المعلومات المتوفرة ومراحله... ليتسنى على ضوءها تحديد الخيارات الاستثمارية والمتحكمات ضمن نطاق النظرية الاقتصادية وتحديد البدائل ليصار إلى وضع آلية اتخاذ القرار الاستثماري، بأسلوب منظم وبشفافية عالية والعمل من الجانب الآخر على تهيئة المتطلبات الأساسية لترويج عملية تطوير وتنمية أجهزة المعلومات، وبما يضمن توفير البنى التحتية لوضع برامج المعلوماتية المتخصصة في نطاق مؤسسي موجه من خلال تهيئة المعلومات وتبويبها وتنظيمها وبما يسهل تلبية احتياجات التوجهات الاقتصادية على الوجه الأكمل وصولاً إلى اتخاذ القرار والمبادلة بين الأهداف والخيارات.

 

أولاً. معطيات اتخاذ القرار.

تعتبر مسألة توفر المعلومات في المرحلة الراهنة أداة مهمة في التحليل الاقتصادي والمضي في تحديد المنهج التنموي المتمثل في تحديد أوجه الاستثمار وتحقيق الفوائض للتعجيل في عملية التراكم... والتي تعمل على ديمومة المسار التنموي... فمن المعروف أن أكثر من (5%) من الناتج المحلي الإجمالي المتحقق في معظم اقتصاديات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأوربية مبني على مدى توفر المعلومات حيث اتجهت الاستثمارات نحو تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حتى أضحت استخداماتها رأسمالاً استثمارياً في حد ذاته وخاصة في المرحلة الراهنة والتي تتجسد معطياتها بما يأتي:

1. شيوع ظاهرة اقتصاد السوق والتحول نحو المنافسة بدلاً من نظرية الميزة النسبية حيث أصبح التمييز خاضعاً لمقاييس الجودة من قبل مؤسسات دولية من بينها (International Standard Organization)(ISO) ومنظمة التجارة الدولية (WTO) وما يستلزم ذلك من استثمار للمعلومات وبأساليب منظمة.

2. تمثل الدراسات الاقتصادية (دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية) الحجر الأساس في إقرار مدى إمكانية تطبيق واستخدام المعلومات الكيمياوية والبايولوجية والفيزياوية والهندسية... والاختراعات التي تسهل من عملية الإنتاج، لتحديد جدواها الاقتصادية ومردوداتها مما يقتضي والحالة هذه ضرورة التنسيق والتفاعل ما بين المعرفة الاقتصادية والتقنيات المستخدمة عن طريق البحث والتحقق من المعلومات التي تؤدي بدورها إلى إنتاج وترويج المنتجات على وفق ذلك.

3. إن التطورات التكنلوجية السريعة في أنظمة مناهج الإنتاج وطريقه وفنونه تتطلب وجود شبكات متطورة للاتصالات المنظمة للارتقاء بمستويات عمليات الإنتاج من حيث الحجم والنوع.

4. إن الاضطلاع بعملية الاستثمار يستلزم أيادي عاملة ومؤهلات على وفق المواصفات الفنية الجديدة لعمليات الإنتاج... حيث يأتي دور وأهمية المعلومات في الأعداد لتنمية القوى العاملة وتأهيلها لسد الاحتياجات من فرص العمل الجديدة...

5. إن تطور تقنيات المعلومات الذي تشهده المرحلة الراهنة تسهم في تحديث العملية الإنتاجية وتعظيم أداء وتطوير أساليب المستخدمات وبما يجعل الجهاز الإنتاجي مرناً إزاء تقلبات الأسواق وتغيرات الوظائف وما يتبعها من ازدهار لعمليات الإنتاج.

6. إن مواجهة المشاكل الفنية والاقتصادية ووضع الحلول المناسبة لها لا يتم إلا من خلال المعلومات العلمية المتضمنة جملة من الاختبارات النظرية والعلمية.

7. دور المعلومات العلمية وكيفية التعامل معها لمواجهة المشاكل الفنية والاقتصادية المرافقة لعمليات الاستثمار، ووضع المعالجات المناسبة لها... عند القيام بإجراء الاختبارات النظرية والعلمية التي لا يمكن التوصل إليها إلا من خلال توفر المعلومات.

ثانياً. عناصر اتخاذ القرار.

إن تحليل واستخلاص المؤشرات عن طريق المعطيات التي أشرنا إليها للتوصل إلى اتخاذ القرار... يعتمد على المعلومات المتوفرة في السوق وكيفية تحليلها بغية تحديد الخيارات على اعتبارها تمثل الخلفية الملائمة لاتخاذ القرارات الجديدة بالإضافة إلى كونها تعتبر مورداً ضرورياً للتنمية الاقتصادية والشؤون الاقتصادية والإدارية والسياسية والاجتماعية، إلا أن ذلك لا يتحدد بوجود المعلومات وإنما بتوافر مقومات استثمارها نتيجة لما يواجهه متخذ القرار من غموض وعدم دقة في المعلومات ومستواها ونوعيتها...

 ومن هنا يتبين بأن ليس هناك نموذج محدد لاتخاذ القرار نتيجة لاختلاف الحالات والأساليب والطرق المعتمدة... والتي تعكس بدورها وضعاً مختلفاً للمتغيرات والمتحكمات ولكل حالة على حدة...

وعليه ومن أجل الاستفادة من المعلومات مهما كان مستواها ونوعيتها لابد من تحديد العناصر التي يمكن اعتمادها عند اتخاذ القرار والمتمثلة في:

1. فهم الظروف البيئية والتي لها تأثير مباشر على عملية اتخاذ القرار بعد التعرف على الظروف المحيطة والتغيرات الحاصلة وإبعادها.

2. تحديد الأهداف سواء كانت واضحة أو غير واضحة أو مستقرة وما إلى ذلك... وتحديد سبل التعامل مع تلك المتغيرات.

3. ماهية البدائل المناسبة وطرق العمل المتاحة أمام متخذ القرار واتخاذ القرار المناسب.

4. وضع وترتيب البدائل حسب أولويات نتائجها وأهمية كل منها بالنسبة لمتخذ القرار.

5. المفاضلة بالاختيار لبديل أو أكثر من البدائل المتاحة.

6. تنفيذ القرارات.

7. متابعة النتائج والتنفيذ.

*استاذ وباحث اقتصادي في مركز المستقبل للدراسات والبحوث

www.mcsr.net

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين   19/حزيران /2006 -21  /جمادي الاول/1427