لماذا القزويني؟

علاء الزيدي

 أمر على قدر كبير من الغرابة، أن يتعرض سماحة السيد مرتضى القزويني، الخطيب المعروف، والمربي الفاضل، لمحاولة اغتيال. فهو من البعيدين، بطبيعته المعروفة للجميع، عن أية مطامح سياسية أو سلطوية، من الممكن أن تثير حفيظة أحد.

 وهو من المعروفين بالتزام النهج المعتدل والجادة الوسطى، في توجيهه الديني وإرشاده العقائدي لمختلف الأجيال. فضلا ً عن اشتهاره بالإمساك بالعصا من الوسط، أثناء تعامله مع جميع الكيانات والوجودات والشخصيات والتجمعات، سواء ً في الخارج طوال سني ِّ هجرته، أو في كربلاء المقدسة بعد عودته إليها عقب سقوط صنم صدام، في التاسع من نيسان (أبريل) العام 2003.

 أي، بكلمة أوضح: لا أحد يستطيع أن يتغاضى عن وقوف السيد القزويني من الجميع على مسافة واحدة، تقترب أو تبتعد بمقدار اتساقها مع منهجه الإلتزامي وانتمائه الحسيني.

فلماذا القزويني؟

إذا كانت جريرة وجريمة سماحة السيد القزويني مقتصرة على دعوته الصريحة إلى إبعاد العتبات المقدسة عن الصراعات والتجاذبات – كما فهمت من بعض الأنباء – فاللازم أن يغتال مقترفو الجريمة غالبية محبي أهل البيت ! فالرأي العام الشيعي مجمع على ضرورة إبعاد صروح السلام هذه عن أن تكون ميدانا ً للتنفيس عن أحقاد سياسية أو فئوية أو تجاذبات مناطقية أو إقليمية أو عائلية أو مـُلا ّئية. والرأي العام الشيعي مع النأي بالعتبات العاليات عن أي صراع، مهما كان لونه ونوعه. ومع حفظ النسبة، ليت المعترضين بالحديد والنار على السيد القزويني يرون كيف تحرص حكومة جلالة الملكة في المملكة المتحدة على إضفاء بعد جلالي وجمالي على دير " أبي " في ويستمنستر بلندن، الذي يرقد فيه بعض القديسين، منذ ما يناهز الألف عام، ورغم حرصها على عقد الاجتماعات الجليلة في صالاته، تبركا ً بمن يحتضن رفاتهم، لكنها لا تسمح مطلقا ً بكينونته مسرحا ً لأي تناقض، إجتماعيا ً كان أو من أي نوع آخر.

لماذا القزويني ؟

ليس القزويني وحده، من يحذر من تجيير العتبات العاليات لهذا أو ذاك. وليس القزويني وحده من يرفض مصادرة مساجد الله التي أمر أن ترفع ويذكر فيها اسمه لمصلحة هذا الصارخ أو ذاك الزاعق. والعتبات العاليات ملاذ لشيعة أهل البيت وللمسلمين عموما ً من أي صقع وقطر جاؤوا، ولا حق لكائن من كان أن يمنع زائرا ً من التفيؤ بظلال أهل البيت يوما ً أو يومين حسب القوانين والمقررات الرسمية التي تضعها الحكومة الوطنية.

سماحة السيد مرتضى القزويني كانت له كلمة رائعة، في وسائل الإعلام، عند عودته إلى مدينة جده الحسين عليه السلام. قال فيها إنه قدم ما في وسعه لخدمة الدين وأهله، وقد حان الوقت لأن يستريح، على مقربة من جده، لما تبقى من عمره (المديد إن شاء الله) فبماذا يخوّفه من يوجه رصاصاته إليه !

لقد تجذرت وتفرعت الشجرة الطيبة، في مختلف المهاجر، وكنت، قبل أيام فقط، أتساءل مع نفسي، وأنا أتابع محاضرتين بالإنكليزية، على شبكة سلام الفضائية ( Hotbird , 11.116 , V , 27.500 , 3/4  ) إحداهما للسيد مصطفى القزويني، والأخرى للشاب السيد محمد باقر القزويني: أليس هذا امتزاجا وتركيبا ً متداخلا ً،  يصعب تفكيكه، لمضمون الحديث الشهير: إذا مات المرء انقطع عمله إلا من ثلاث ؛ ولد صالح يدعو له، وورقة علم يـُنتـَفـع بها، وصدقة جارية؟

فبماذا تخوِّفون القزويني ؟

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد   18/حزيران /2006 -20  /جمادي الاول/1427