الثلج في العراق ملك الصيف وسيد المواقف

 

يسمي العراقيون فصل الصيف(ابو الفقراء) ، لكن الصيف تخلى عن ابوته لهم!..فإرتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء جعل العراقيين يحتاجون الى متطلبات تخفف لهيبه وحدة شمسه الحارقة ،فكان الثلج احد تلك المتطلبات التي لاغنى عنها، ومن هنا سجلت اسعاره ارتفاعا كبيرا .

في مدينة الكوت حيث الانقطاعات المستمرة للكهرباء والارتفاع الكبير في درجات الحرارة ،صارت تجارة الثلج مزدهرة و تحولت إلى واحدة من أنجح الأعمال وصار لها مضاربون وسماسرة ووسطاء يعملون في العلن واحيانا في السر..هؤلاء المضاربون والسماسرة والتجار ابتكروا وسائل عدة لجذب زبائنهم ..فعلق بعضهم يافطات على المخازن يقول بعضها ،(يوجد لدينا ثلج بارد جدا جدا) ،وهناك من كتب( ثلج شبح) ،أو (ثلج نظيف وأصلي).

ومن المسميات الاخرى،( ثلج العربيد) ،والعربيد نوع من الافاعي يمتاز بقوته وطوله وسمه القاتل ويكون لونه اسود على عكس لون الثلج الابيض.

الباحث مثنى حسن مهدي قال لوكالة أنباء (أصوات العراق) "هذه المسميات الغاية منها كسب الزبون رغم ان اغلبها صحيح لكن الغريب فيها ، ثلج بارد ، فالثلج عادة هو بارد."

واعتبر"وضع اليافطات التي تحمل هذه العبارات امام (دكات) بيع الثلج أمر مشروع للمنافسة بين البائعين،وفعلا هناك ثلج (شبح) يكون قالبه سميكا عكس(البوري) الذي تكون بطنه مجوفة."

وزاد " لانعجب اذا كتب احدهم (نظيف وأصلي) ..فهذا يدل على ان مصدر الثلج من ماء الإسالة بينما هناك ثلج يكون مصدره من مياه الترع والجداول."

وقد تداول أهل واسط العام الماضي ان احدهم وجد ضفدعا ميتا ومتجمدا في قالب ثلج اشتراه من احد الباعة.. وقيل ان قضية الضفدع تحولت الى قضية عشائرية انتهت بتغريم البائع 250 ألف دينار استنادا الى عرف عشائري.

وقال الباحث مثنى إن"حاجة الناس للثلج أيام الصيف قديمة فكانت قصور الخلفاء والأمراء والسلاطين ووجهاء الناس وأعيانهم لا تخلو من خزائن الثلج."

واستطرد " كان الناس يومذاك ، ولاسيما الثلاجين، ينتهزون فرصة سقوط البرد والصقيع فيجمعونه ويكبسونه في مثالج تحت الأرض حتى إذا أقبل الصيف يبيعونه بثمن مرتفع."

واضاف إن"الثلج كان يحمل إلى بغداد من أماكن بعيدة .. وللماء المثلج أخبار طريفة في الأدب والشعر. ويعد الماء المثلج من الأشربة المفيدة وأكثر ما كان يتخذ في الحفلات."

وفي مدينة الكوت هناك 14 معملا للثلج ينتج كل منها ما بين(100 و150) قالب ثلج خلال الساعة الواحدة والإنتاج فيها يعتمد على وجود الكهرباء من عدمها وشدة الحر أيضا ومدى تزايد الطلب على الثلج.

ويتهم البعض دوائر الكهرباء بتعاونها مع اصحاب هذه المعامل بقطعها عن الاحياء السكنية في مقابل تزويد معامل الثلج بها لغر ض الاستمرار بالانتاج لكن ليست هناك تأكيدات حقيقة لذلك.

وقال السيد ساهي مهدي جبار صاحب معمل للثلج في الكوت"هذه اتهامات باطلة وكلام عار عن الصحة ،معاملنا مشمولة بالانقطاعات.. احيانا لاتأتينا الكهرباء الا ثلاث أو اربع ساعات في اليوم."

واضاف"اضطررنا لشراء مولدات كبيرة لديمومة عملنا خاصة وان مهنتنا موسمية، توارثناها عن الاباء."

واعتبر أن " شحة الكهرباء سبب رئيسي وراء ارتفاع اسعار الثلج التي تصل احيانا الى خمسة الاف دينار للقالب الواحد بينما في الظرف الاعتيادي لايزيد السعر عن ألف دينار."

ونفى ان يكون صنع الثلج من مياه الترع والجداول ، لكنه قال ان"مياه الاسالة احيانا تكون رديئة وفيها عكرة شديدة."

واتهم السيد جبار بعض اصحاب معامل الثلج في المحافظات المجاورة بزيادة الاسعار وعرض ثلج من النوع الردىء (البوري)، قائلا " يأتي في الغالب مضاربون من المحافظات الاخرى التي تكون الكهرباء فيها جيدة فيطرحون كميات كبيرة من الثلج وباسعار عالية."

وتصل حاجة العائلة اليومية إلى نصف قالب من الثلج كحد أدنى لكن العوائل الكبيرة تحتاج اكثر من ذلك بينما تتراوح حاجة اصحاب المطاعم ومحال المرطبات وباعة الاسماك وسواهم مابين خمسة الى عشرة قوالب يوميا.

وقال فراس كتاب الزاملي صاحب مقهى ومطعم في الكوت إن "الثلج صار عبئا إضافيا على كواهلنا. فهو من بين المتطلبات الكبيرة التي يجب أن نوفرها يوميا."

وقال ان"ذلك يدفعنا لزيادة الاسعار وبالتالي كلها تقع على المواطن او الزبون."

ومن جانبه ، قال عبد الله صخي (54 عاما) وهو من سكنة حي الحسين بالكوت إن "الاهتمام بالثلج والحصول عليه صار من اهم اولويات العوائل..نذهب يوميا في الساعة الرابعة فجرا وننتظر البائع الذي يتخذ مكانا في احد التقاطعات القريبة من المنطقة لشراء الثلج."

وقال بسخرية " نريد أن تعمل الحكومة الجديدة على إضافة مادة الثلج إلى مفردات البطاقة التموينية، وتلغي من تفكيرها الكهرباء وامكانية اصلاحها."

بينما يقول سليم مهدي وهو صاحب سيارة للاجرة يعمل بين بدرة والكوت ان"سواق المركبات لزاما عليهم توفير الماء البارد للركاب."

ويقول الباحث مثنى حسن مهدي إن"مهنة بيع الثلج وجدت لها تجارا من طراز خاص.. انهم طلبة المدارس الذين انهوا الامتحانات ،فهؤلاء وجدوا في تلك الأعمال بابا للرزق وكسب المال."

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس   15/حزيران /2006 -17 /جمادي الاول/1427