
فتحت ايران البوابة الضخمة المصنوعة من الصلب لسجن ايفين
سيء السمعة أمام الصحفيين يوم الثلاثاء لاستعراض زنازين النساء الانيقة
وعيادة مجهزة بشكل جيد في خطوة تهدف الى الرد على انتقادات عن سوء
الظروف المعيشية فيه.
لكن هذه الجولة النادرة من نوعها للسجن الواقع في احدى الضواحي
الشمالية للعاصمة طهران لم تشمل المباني التي يحتجز بها فيلسوف كندي
ايراني في اتهامات بالتجسس دون الحق في الاتصال بمحام أو زنازين الرجال
الذي يمثلون اغلب نزلاء السجن البالغ عددهم 2500 سجين.
وتركزت أول زيارة يذكرها المسؤولون يقوم بها صحفيون أجانب للسجن على
عنابر النساء حيث تدخل السجينات فصولا لتعلم القراءة ويعملن بالخياطة
بأجر او يعتنين باطفالهن.
وانتقدت الجمعية الايرانية للدفاع عن السجناء يوم السبت الماضي
الظروف المعيشية في السجون الايرانية مشيرة الى حالات ضرب وعصب أعين
السجناء. وأشارت كذلك الى حالات لم يكن يسمح فيها للمتهمين باتصالات
كافية بمحامين.
وقال جمال كريمي راد وزير العدل في مؤتمر صحفي عقد في مكاتب السجن
"هذه مزاعم لا اساس لها من الصحة."
وشكا بعض السجناء من الظروف المعيشية في السجن لكن البعض الاخر قال
ان شكواه الاساسية هي ما يصفونه بنظام قضائي غير عادل.
وقالت سجينة تبلغ من العمر 60 عاما طلبت عدم نشر اسمها "أمضيت هنا
عامين بسبب شيكات رفضتها المصارف. وسأبقى هنا حتى اسدد قيمتها. لا
يمكنني الحصول على محام اذ ان هذا أمر مكلف للغاية. والقاضي رفض اطلاق
سراحي بشكل مؤقت.
وقال كريمي راد ان الفيلسوف الايراني رامين جاهان بيجلو الذي القى
محاضرات يدعو فيها الى الديمقراطية في ايران والتعامل مع الغرب لن يسمح
له بالاتصال بمحام حتى يستكمل استجوابه لان قضيته "قضية امن".
ويشتهر السجن بالمعتقلين السياسيين على الرغم من أن ايران تنفي
احتجاز اشخاص لاسباب سياسية.
وفي العيادة الانيقة التي شملتها الجولة كان ابرز معتقل سياسي في
ايران وهو أكبر جانجي قد بدأ اضرابا عن الطعام تركه هزيلا للغاية خلال
فترة سجنه التي استمرت ست سنوات وانتهت في مارس اذار. وسجن لانتقاده
بعض أبرز الشخصيات في الجمهورية الاسلامية.
ونظمت ادارة السجن هذه الزيارة الثلاثاء قبل اسبوع من اجتماع ستعقده
لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة في جنيف يتوقع ان ينظر في وضع
السجون الايرانية التي كانت موضع عدة انتقادات من قبل منظمات غير
حكومية.
ويشبه المبنى المشيد بحجارة حمراء الى حد كبير مبنى السجناء الرجال
الذين يمكن مشاهدتهم من بين اشجار مجمع السجن الذي يمتد على عشرات الاف
الامتار المربعة على سفح جبل البورز الذي يشرف على شمال العاصمة
الايرانية.
ومن سجناء ايوين ال2575 هناك 375 امراة بحسب مدير سجون محافظة طهران
سهراب سليماني.
وبين السجينات سمانه (19 عاما) التي فضلت الا تذكرى سوى اسمها
الصغير وسنها بينما تجلس منشغلة بماكينة الخياطة التي تصنع بواسطتها
سروالا في مشغل الخياطة.
وتؤكد الشابة الموضوعة في الحبس الاحترازي بتهمة السرقة ان السجينات
في المشغل "يعملن من السابعة صباحا وحتى الساعة 14,00 وينلن اجرهن على
ذلك".
وبحسب المسؤولين عن السجن يهدف المشغل الى تسهيل اعادة دمج السجينات
في المجتمع تماما مثل حصص محو الامية التي تنظم في السجن.
وفي قاعة صغيرة محاطة بقضبان حديد تجتمع 12 امراة حول كتبهن وحول
المدرسة السجينة مريم (26 عاما) التي تعطي الحصص الدراسية ل28 "طالبة"
يوميا.
ومريم نفسها تاخذ دروسا في المسرح "لتصبح مخرجة" بعد خروجها من
السجن اي بعد اكثر من خمس سنوات عندما تكون قد اتمت حكمها بالسجن 15
عاما بتهمة التواطؤ للقتل.
ويقول سليماني انه "يمكن لمن يريد ان ينتقل من مرحلة الامية الى
المرحلة الجامعية" داخل السجن مشيرا الى ان 500 من سجناء المحافظة ال
27 الفا وصلوا الى هذه المرحلة.
اما بالنسبة لحسن (52 عاما) الذي يعمل في المطبخ فزمن الدراسة قد
ولى الا انه يعتبر كالآخرين ان سجن ايوين "هو الافضل في ايران" في ما
يتعلق بظروف الاعتقال فيه.
ويرى حسن في الطعام المتوفر بكثرة في السجن دليلا على ذلك واكد ان
"الارز يقدم يوميا وغالبا ما يقدم اللحم" بينما كان زميل له في المطبخ
يقوم بتقطيع اللحم.
ومنذ سنتين بدا القسم المخصص للنساء في سجن ايوين نظاما داخليا
جديدا استغني فيه عن ابواب الزنزانات وباتت الغرف مزودة بمكيفات للهواء
للتخفيف من درجات الحرارة الخانقة في صيف طهران.
وتحتوي كل غرفة على سبعة اسرة من الحديد يتالف كل منها من ثلاث
طبقات اي ان الغرفة
تستوعب 21 شخصا للمنامة.
وفي نهاية الممر الرئيسي الذي وضع على ارضيته بلاط من الصخر وعلى
جدرانه سيراميك ثبت هاتفان عامان يمكن استخدامها للاتصال بالخارج
بواسطة بطاقات مدفوعة مسبقا.
وقال مدير السجن عباس خميزاده ان "جميع السجينات يلقين المعاملة
نفسها. اذا كن ادن بالقتل او بمجرد سرقة صغيرة".
ولسجن ايوين سمعة سيئة خصوصا لانه كان يشكل مكانا يعتقل فيه السجناء
السياسيون في عهد الشاه محمد رضا بهلوي.
وابقي على هذا الدور للسجن بعد الثورة الاسلامية عام 1979 الا انه
حول في ما بعد الى مكان يعتقل فيه "بشكل اساسي المدانون بجرائم
اقتصادية" على حد تعبير سليماني.
الا ان هذا السجن ما زال يستقبل بعد السجناء "المميزين" لدى وزارة
المعلومات مثل رامين جهانبغلو المثقف الايراني الكندي المعتقل منذ
ايار/مايو الماضي بتهمة "التعامل مع الاجانب".
وتندد منظمات اهلية عالمية وحتى ايرانية باستمرار بظروف اعتقال بعض
السجناء السياسيين في سجن ايوين. ويشير سليماني الى ان "جميع
الاوروبيين المدانين في ايران يعتقلون هنا".
وهذا ينطبق على حالة الفرنسي ستيفان ليربييه والالماني دونالد كلين
اللذين حكم عليهما بالسجن 18 شهرا بتهمة دخول المياه الاقليمية
الايرانية بشكل غير شرعي اثناء ممارستهم هواية صيد السمك. |