هل يكون موت الزرقاوي بداية عهد جديد في العراق؟

 

قال وزير الداخلية العراقي الجديد جواد البولاني لقناة تلفزيون العراقية الحكومية ان قتل الزرقاوي يمثل بداية جديدة للامن العراقي واقامة سلام بين مختلف عناصر المجتمع.

لكن المسؤولين الامريكيين حذروا من توقع نهاية سريعة للعنف.

وبعد ساعات من اعلان مسؤولين امريكيين وعراقيين موت أكثر رجل مطلوب للامريكيين في العراق قتلت سلسلة تفجيرات في بغداد يوم الخميس 31 شخصا على الاقل واصابت العشرات بجروح بما في ذلك انفجار قنبلة على جانب طريق قتل 13 في سوق مزدحمة.

وقال وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني ان اختفاء الزرقاوي سيؤدي الى تحسين انتاج النفط الذي عرقلته اعمال العنف. لكن مسلحين خطفوا مسؤولا كبيرا بوزارة النفط امس الخميس. وقالت مصادر الشرطة والوزارة ان مثنى البديري مدير عام مشروعات النفط بالشركة الوطنية الحكومية كان في طريقه الى منزله عندما أوقف مسلحون سيارته.

وبينما حذر بوش من ايام صعبة قادمة فانه قال ان الضربة الجوية "أنزلت العدالة بأكبر إرهابي مطلوب في العراق."

وفي واحدة من أهم التطورات في العراق منذ القبض على صدام حسين في عام 2003 قتل الزرقاوي الاردني المولد يوم الاربعاء في عملية امريكية عراقية مشتركة ساعد فيها تلقي معلومات من عراقيين ومن المخابرات الاردنية.

وتزامنت هذه الانباء مع انفراجة سياسية حيث صدق البرلمان على ترشيحات رئيس الوزراء نوري المالكي لمنصبي وزيري الدفاع والداخلية بعد مشاحنات طويلة ومكثفة بين الشركاء في الائتلاف الحاكم.

وقال المالكي في صفحة الرأي في صحيفة تايمز البريطانية ان حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت منذ ثلاثة اسابيع ستبني على القوة الدافعة التي تلدت لتقييد العنف.

وقال المالكي ان العراق "سرعان ما سيصل الى نقطة مرجحة في معركتنا ضد الارهابيين" عندما تتولى القوات العراقية المسؤولية من الامريكيين.

وقال محللون ان أي امل في ان موت الزرقاوي سيخفف التمرد في العراق قد يثبت انه سابق لاوانه لان مقاتلي القاعدة مجرد جماعة واحدة من عدة جماعات تقاتل الحكومة التي يتزعمها الشيعة والمدعومة من الولايات المتحدة.

وقال جوست هيلترمان الباحث بالمجموعة الدولية لادار الازمات التي تتخذ من بروكسل مقرا لها ان "التمرد سيستمر بقوة لانه لم يعتمد ابدا على الزرقاوي في الهامه أو قيادته."

واذاع الجيش الامريكي صور جثة الزرقاوي الملتحي ظهر بها اثار كدمات في الوجه. ونفذ الهجوم الجوي طائرتان حربيتان من طراز اف-16 اسقطت احداهما قنبلتان موجهتان على "المنزل الامن" للزرقاوي.

وقال الميجر جنرال الامريكي وليام كالدويل ان متشددا مصريا تدرب في افغانستان يدعى أبو المصري شكل أول خلية للقاعدة في بغداد ربما يخلف الزرقاوي في زعامة التنظيم في العراق.

وقال كالدويل للصحفيين ان عملية تتبع الزرقاوي استغرقت عدة اسابيع.

واضاف كالدويل في مؤتمر صحفي "لقد كان حقا استغلالا مدروسا وبشكل مثابر للمخابرات وجمع المعلومات وللمصادر البشرية والأجهزة الالكترونية ومعلومات الإشارة والذي نفذ على مدى فترة من الوقت .. أسابيع طويلة."

وعرضت القوات الامريكية في مؤتمر صحفي صورا لجثة الزرقاوي الملتحي وبها جروح في الوجه بينما كانت العينان مغمضتين. ونفذ الهجوم الجوي بطائرتين من طراز اف-16 أسقطتا قنبلتين تزن كل منهما 500 رطل على "الملجأ الآمن" للزرقاوي.

وأصبح الزرقاوي وهو في أواخر الثلاثينات من العمر والذي وصفه اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة بأمير القاعدة في العراق رمزا للعمليات المسلحة للمتشددين ضد الاحتلال الامريكي وقال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير انه يعتقد أن المسلحين سيسعون الان للانتقام.

وقال بلير للصحفيين "ستكون هناك محاولات شرسة مع تشكيل الحكومة ومع موت الزرقاوي للرد." واضاف ان مقتل الزرقاوي لن ينهي القتال في العراق لكنه قال انه "هام".

وكانت القوات الامريكية الخاصة تتعقب الشيخ عبد الرحمن المرشد الروحي للزرقاوي وهو ما ساعدها في كشف مكان تواجد الزرقاوي في منزل صغير ببستان به أشجار نخيل. وقتل عبد الرحمن أيضا خلال الهجوم الجوي.

وقال بوش ان مقتل الزرقاوي الذي رصد مبلع 25 مليون دولار مكافأة لمن يقدم بمعلومات تؤدي الى الايقاع به "ضربة قوية للقاعدة" ونصر في الحرب على الارهاب "وهو فرصة للحكومة العراقية الجديدة لتحويل المسار في هذا الصراع."

وأضاف خلال مؤتمر صحفي ان الضربة الجوية الامريكية "نفذت العدالة بأكبر ارهابي مطلوب في العراق."

غير أن بوش الذي بدا عابسا أشار الى أنه لا يتوقع أن يؤدي مقتل الزرقاوي الى نهاية سريعة للعنف.

وقال "أمامنا أيام عصيبة في العراق ستتطلب استمرار الصبر من جانب الشعب الامريكي. لكن التطورات التي حدثت خلال الاربع والعشرين الساعة الماضية تجدد ثقتنا في النتيجة النهائية لهذا الصراع.. هزيمة التهديدات الارهابية وعالم أكثر أمنا لاطفالنا وأحفادنا."

وانفجرت عدة قنابل في بغداد بعد ساعات قليلة من اعلان نبأ مقتل الزرقاوي. وفي أكثر تلك الهجمات دموية قالت الشرطة ان قنبلة زرعت على جانب أحد الطرق في سوق مزدحمة بحي بغداد الجديدة الشرقي انفجرت وأسفرت عن مقتل 13 شخصا واصابة 28 اخرين.

وقالت الشرطة ان سيارة ملغومة انفجرت في حي الكاظمية ذي الاغلبية الشيعية بشمال غرب بغداد مما أدى الى مقتل سبعة اشخاص واصابة 17 اخرين فيما انفجرت سيارة ملغومة ثانية في شرق العاصمة لتقتل ستة أشخاص وتصيب 13.

وانفجرت سيارة ملغومة ثالثة في حي الشعب ذي الاغلبية الشيعية شرقي نهر دجلة مما أدى الى مقتل خمسة أشخاص واصابة 10.

وتعهد أتباع الزرقاوي الذي أعلن الحرب على الشيعة مما عزز المخاوف من أنه عازم على اشعال حرب أهلية بمواصلة القتال.

وجاء في بيان نشر على موقع على شبكة الانترنت يستخدمه الاسلاميون "نقول لشيخنا وأميرنا أسامة بن لادن حفظه الله ان جندك في تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين ماضون على نفس الخطة التي رسمتها لشيخنا أبي مصعب وسنكمل مسيرة شيخنا وأميرنا أبي مصعب رحمه الله.. وبيننا وبينهم حرب سجال وسيرى الذين كفروا لمن عاقبة الدار."

وأضاف "ان موت قادتنا حياة لنا ولن يزيدنا الا اصرارا على مواصلة الجهاد حتى تكون كلمة الله هي العليا."

وذكر الميجر جنرال وليام كولدويل ان متشددا مصريا تدرب في أفغانستان ويدعى أبو المصري وكان أسس أول خلية تابعة للقاعدة في بغداد قد يخلف الزرقاوي كزعيم لتنظيم القاعدة في العراق.

واضاف خلال مؤتمر صحفي "لقد كان حقا استغلالا مدروسا وبشكل مثابر للمخابرات وجمع المعلومات وللمصادر البشرية والاجهزة الالكترونية ومعلومات الاشارة والذي نفذ على مدى فترة من الوقت .. أسابيع طويلة."

وقال كولدويل انه كان هناك ستة أشخاص داخل المنزل من بينهم امرأة وطفل غير أنه لم يتم التعرف سوى على الزرقاوي وعبد الرحمن. وتم التعرف على هوية الزرقاوي من خلال بصمات أصابعه وعلامات كانت على بدنه. واشار الى أن خبراء الطب الجنائي يجرون اختبارات الحمض النووي للزرقاوي.

وقال انه نفذت 17 مداهمة لمواقع أخرى يشتبه في اختباء مساعدين للزرقاوي بها في منطقة بغداد بعد ساعات من مقتله. وأسفرت المداهمات عن "كشف ثمين" من المعلومات.

وأبلغ مستشار الامن القومي الامريكي ستيفن هادلي بوش الساعة 2035 بتوقيت جرينتش يوم الاربعاء في المكتب البيضاوي بأن من المعتقد أن الزرقاوي قتل.

وقال المتحدث باسم البيت الابيض توني سنو ان بوش رد قائلا "هذا سيكون أمرا جيدا."

وكان لنبأ مقتل الزرقاوي أثر على أسعار النفط اذ انخفضت أسعار العقود الاجلة بأكثر من دولار لتصل الى 68.17 دولار للبرميل.

وكان الزرقاوي الذي وصفه زلماي خليل زاد السفير الامريكي في العراق بأنه "الاب الروحي لأعمال القتل الطائفي بالعراق" وحكم عليه بالاعدام أربع مرات احداها لدوره في قتل دبلوماسي أمريكي في الاردن مصدر الهام لعدد كبير من المتشددين من أنحاء العالم العربي للمشاركة في تفجيرات انتحارية في العراق.

وقال الزرقاوي موجها حديثه الى بوش خلال ذبح رهينة أمريكي معصوب العينين في عملية صورت بواسطة الفيديو ان مقاتلي القاعدة يحبون الموت كما يحب بوش الحياة.

وقال وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد للصحفيين "لا يوجد اي شخص على هذا الكوكب لطخت يداه بدماء الابرياء من الرجال والنساء والاطفال اكثر من الزرقاوي."

واضاف "انه يجسد رؤية قاتمة وسادية ترجع الى العصور الوسطى."

وأثنى بعض المواطنين العرب على الزرقاوي واعتبروه بطلا لدوره في العمليات المسلحة غير أن اخرين رحبوا بمقتله باعتباره نوعا من العدالة بحق متشدد أدت هجماته الى مقتل عدد من المدنيين أكبر بكثير من القوات الاجنبية.

وذكرت وجهة نظر أخرى أن الولايات المتحدة التي تسعى الى ايجاد كبش فداء للاضطرابات التي سببتها في العراق حولت الزرقاوي الى شيطان عن عمد وضخمت من أهميته كزعيم متشدد.

وقال روهان جوماراتنا من معهد دراسات الدفاع والاستراتيجية في سنغافورة "لم يكن للزرقاوي ذراع أيمن. لا يمكنني التفكير في شخص واحد يمكنه أن يكون خليفة للزرقاوي... ليس هناك زعيم واحد في العراق يمكن أن يضاهي وحشيته واصراره."  

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت   10/حزيران /2006 -12 /جمادي الاول/1427