من مكتبة النبأ: تعليم الديمقراطية

 

الكتاب: تعليم الديمقراطية مذكرات أستاذ جامعي

المؤلف: جون ايه. ميناهان

ترجمة: د. شحدة فارع

مراجعة: فاروق جرار

الناشر: دار البشير للنشر والتوزيع (عمان الأردن)

الأوليات: طبعة سنة 1995م

(200) صفحة من القطع الكبير

 

(إن وثيقة الدستور الأمريكي، لا غيرها، تصرّح بحقنا في استرحام الحكومة لرفع الظلم الذي يحيق بنا)

من كلمة (تمهيد..) الكتاب

حوت الـ(مقدمة) على هذا التدوين العام الذي نختار منه هذه الفقرات:

عندما بدأت عملي كمعلم في أوائل عقد الثمانينات، بدأ الناس يتساءلون فجأة عن سبب تردي أوضاع مدارسنا. وكان محور النقاش الدائم يدور حول الأوضاع الأخلاقية والسياسية.

وبالرغم من اختلافنا الشديد حول قضايا معينة إلا أننا كنّا متفقين على تردي الأوضاع التربوية في أمريكا. ولذلك سيكون مجتمعنا في حالة سيئة أكان هذا التعليم مباشراً. أو غير مباشر، سلبياً أم إيجابياً.

ويمكن تعريف المجتمع الحر بأنه ذلك المجتمع الذي يُسمح فيه للسكان ويتوقع منهم المساهمة في إدارة شؤون الأمة. لكن هذا التعريف غير كافٍ.

إن الأمة التي يقرر الجهل مسيرتها لا تعتبر أمة حرة حتى لو كان ذلك جهل السكان بشكل عام. فالتعليم والديمقراطية أمران لا ينفصلان عن بعضهما بعضاً.

ولكن ماذا وكيف نتعلم في المدرسة؟ لقد نوقشت هذه المسألة في الكتب والمقالات والصحف وعلى شاشة التلفاز. وتباينت الآراء المطروحة ما بين كونها تحذيرية أو تنم عن الرضا أو معقولة.

ولكن لم يطرح الفكرة التي ارتأيت تطبيقها مؤخراً في أحد الفصول وهي استطلاع رأي الطلبة في هذه القضية.

إن للأزمة في الصف المدرسي وجه وصوت.

وحوى الجزء المعنون (ايلول) ضمن العنوان الفرعي (السادس من أيلول):

يا ترى.. هل سيتحقق الأمل..؟

في هذا اليوم أشعر أنني مفعم بالأمل، وأحس بمشاعر مختلفة تنتابني أثناء ذهابي إلى غرفة الصف، فتارة أشعر بالأمل والتوتر وتارة أحس بالفرح والقلق وأحياناً أشعر بالرهبة والتفاؤل. وها هو الدوام يعود ثانية مع بداية أيلول في الكلية حيث تستطيع أن تقول الكثير عندما تسمع السؤال المعتاد: كيف أمضيت العطلة الصيفية.

ومما حواه العنوان الفرعي (الخامس عشر من أيلول) الكلام التالي:

إن معظم الطلبة يشاركون في الصف. ولكن عدداً قليلاً منهم لم يشارك بعد... لم أكن أميز بينهم.. وفي العادة يعرف الطلبة المتكلمون من خلال أول محاضرتين في حين يظل الطلبة الذين لا يشاركون صامتين حتى نهاية الفصل الدراسي، ولكن الجميع يستمعون لما يجري.

وقد سرني أن أرى كتابة هؤلاء الطلبة رفيعة المستوى. وهذا بدوره يمكنني من القراءة بالطريقة التي ارغب وهي قراءة الأفكار.

هذا وقد حوى العنوان الفرعي الآخر (العشرون من أيلول) هذه النصوص المختارة:

في هذا اليوم قررنا أن نرجئ النقاش في قضية المعرفة الثقافية وننتقل إلى الحديث عن شخص ساهم في تعريف ثقافتنا وهو توماس جيفرسن، حيث قال: إن المجتمع لا يمكن أن يكون جاهلاً وفي الوقت نفسه حراً، ولذلك فقد اهتم بتأسيس جامعة على نحو مميز. وقد اهتم أيضاً بتصميم الملاعب والغرف الدراسية ومنازل الطلبة.

وقد كنت دائماً معجباً بجيفرسون، فهو مفكر رائع كما أنه سياسي محنك وموسيقار بارع ومهندس معماري ماهر وكاتب مجيد، وفي نفس الوقت فهو إنسان عاطفي ومتحمس ولكنه يتحكم بنفسه وهو غريب الأطوار نوعاً ما. ومع ذلك فقد كنت حريصاً على أن لا أظهر مشاعر الإعجاب به للطلبة...

كيف يمكنني أن أقدم جيفرسن بشكل أفضل؟

طلبت من طلبتي أن يقرأوا مشروع جيفرسن لتأسيس جامعة فيرجينيا مع تعليقاته حول التربية من خلال رسائله. ويبدو لي أنه من المنطقي أن نبدأ بالتركيز حول أخلاقيات التربية من أجل أن نعرف في النهاية كيف نتعلم ما نريد تعلمه.. ولماذا.. هيرش لم يقل شيئاً أكثر من (ديمقراطية أكثر فاعلية) ولكن جيفرسن لديه الكثير ليقوله.

فكيف يمكنني أن أجعل طلبتي يبحثون عن أفكار جيفرسن وينتقدونها. وكنت أنا في طريقي إلى الصف هذا الصباح في حيرة من أمري كيف أبدأ بهذا الموضوع، ومررت بصديق قديم.. يشبه.. أحد أساتذتي الذين درسوني عندما كنت طالباً في الكلية حيث كان... يبدأ المحاضرة بالدعاء. وكان ذلك في كلية كاثوليكية.. وكلية براون ليست كذلك.

آه..

وفي بداية المحاضرة وفقت كي أغلق الباب. وبينما كنت واقفاً طلبت من الطلبة أن يقفوا ويشاركوني صلاة الرب.

وقد علت الابتسامات بعض وجوه الطلبة. ولكن الدهشة بدت على معظمهم.. ولم تكن تلك الدهشة علامة عدم التصديق ولكنها إشارة الرضا، وقد تدل أيضاً على الضجر والسأم.

وكانوا يعرفون أن طلبي هذه عبارة عن حيلة...

ألا تعتقدون أني جاد فيما أقول..؟

قال ري بمنتهى الجدية: أنك لا تستطيع أن تفعل ذلك.

فقلت: لم لا؟

فقال: لأن هناك فصل بين الكنيسة ونظام الحكم، وهذا ما ذكر في التعديل الأول للدستور... والحكومة الفيدرالية لا تستطيع أن تفرض وجود كنيسة وطنية. ولا يوجد هناك شيء يمنع المعلم من أن يطلب من الطلبة أن يصلوا ويدعوا!.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس  8/حزيران /2006 -10 /جمادي الاول/1427