أرهابيون مع سبق الاصرار والترصد

بقلم: د. وليد سعيد البياتي

 

أين حارث الضاري؟؟

  منذ زيارة موسكو المشؤومة والمريبة والضاري مختف عن الانظار وإن كان مكانه ليس بخاف علينا، والمراقب المجد سيكتشف حجم ونوعية العمليات الارهابية التي اودت بحياة الالاف وهجرت الالاف خلال هذه الفترة، فالرجل جاد في تنفيذ مخطط قديم جديد يقضي بأفناء آل البيت الاطهار وشيعتهم، والهدف واضح وجلي ولا يحتاج للمزيد من التعريف، والدماء الشيعية التي تسيل يوميا لاكبر شاهد، والعوائل من شيعة آل البيت الاطهار المهجرة قسرا من مناطق العامرية والغزالية والدورة وغيرها التي صارت حكرا على العصابات السنية من اتباع الضاري والتي تكشف في مخططاتها عن عقلية اجرامية منحطة لدليل بين، وبرهان ساطع لا يمكن نقضه، ويبدو ان الوعود والاموال التي تلقاها الضاري من بعض العرب، وحتى من موسكو وغيرها قد تحولت بسرعة الى متفجرات لم تقصر في اهدار المزيد من الارواح والدماء، كما لتؤكد تلك المنهجية الوضيعة في التعامل مع النفس الانسانية التي كرمها الحق سبحانه، ثم ليأتي تصريح شيطان الارهاب، وزعيم خوارج العصر الزرقاوي ليدعو اتباعة الى المزيد من عمليات القتل ضد شيعة اهل البيت ويحض بقايا السنة على عدم الانصياع لاي موقف شيعي عقلاني، وهو في نفس الوقت يقول لنا انه ليس بيننا غير الدم، ولا بديل عن الدم او تتركوننا نحكم العراق على الطريقة الصدامية الخوارجية الارهابية، وطبعا الاطراف السنية الاخرى تنظر الى موقف الضاري وتصريحات الزرقاوي باعتبارها المنهج الصحيح الذي يحقق طموحاتها واهدافها في القضاء على الشيعة وابعادهم عن السلطة حتى وان تطلب الامر ليس فقط تفجير المراقد المقدسة في سامراء وبغداد، بل حتى ولو تطلب ازالة الكعبة نفسها كي لا يطوف الشيعة بها ( كما ذكرت ذلك في محاضرة لي حول تدمير الاثار الاسلامية) وليس ما حدث ويحدث من تدمير الاثار النبوية الشريفة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وخاصة البقيع منا ببعيد.

 منذ البدء لم يكن لنا شك في سلبية واجرامية خوارج العصر واتباعهم وحاضناتهم، وقد حذرنا الحكومة العراقية منذ ايام مجلس الحكم من ضرورة عدم التراخي والتسامح مع الاطراف السنية الارهابية، فمقولة اللعين ابو سفيان لم يزدها التاريخ الا انحطاطا، والعفن الفكري سريع الانتشار كوباء قديم، ولكن يبقى السؤآل يطرح نفسه أين الضاري؟ فالرجل لا يظهر الا وتتبعه سلسلة طويلة من العمليات الاجرامية، ولا يختفي الا للبحث عن المزيد من الارهاب،  والان لنكشف الحجاب الذي لم يعد يخفي شيئا، ولنطرح تساؤلا آخر حول الدور المصري الاسرائيلي فيما يجري في العراق والخبر الذي نشرته صحيفة العراق الجديد لاخينا الدكتور طالب الرماحي اعزه الله يكشف حقيقة الموقف بجلاء والخبر يقول: " مثنى حارث الضاري في اسرائيل.

ذكرت صحيفة إيدعوت احرنوت الاسرائلية ان مثنى حارث الضاري موجود في تل ابيب في زيارة وصفتها الصحيفة بالخاصة وقالت انها تختلف عن الزيارات السابقة التي قابل بها الضاري مسؤولون إسرائيليون واضافت ان الضاري اصبح اقرب العراقيين الى إسرائيل وهو مقرب جدا الى السفير الاسرائلي في القاهرة حيث يقيم الضاري حاليا " . وطبعا لا اكلف نفسي بالتعليق على الخبر ليس لثقتي بالصحيفة الاسرائيلية، ولكن لان معلوماتي السابقة وتحقيقي في الامر منذ سقوط النظام وبحثي عن علاقات البعض باسرائيل وكمية الوثائق التي املكها قد افاد كله بأن عددا كبيرا من الشخصيات السنية والكردية ضالعة في التعامل مع اسرائيل لتحقيق اهدافها في السلطة، وقد ارسلت رسائل عدة الى اخينا الدكتور الجعفري في فترة ولايته الثانية محذرا ومنبها حول خطورة الموقف الذي تجلى في اجتماعات القاهرة، ولكن يبدو ان جماعتنا السياسيين الشيعة لا زالوا يراهنون على حسن النوايا مما يعكس خطأً سياسيا كبيرا يكاد يقترب من الجرم السياسي، وهذه المرة لا نكتفي بتحذير السيد المالكي رئيس الوزراء ولكن نؤكد انه ان لم ياخذ بنصائحنا فالقادم اشد واكثر بشاعة ونحن نرى التراخي من الاطراف السياسية، واذا كان اخونا الدكتور الرماحي قد تساءل في مقال كريم له لماذا العامرية والدورة والغزالية؟ فالجواب ان هذه المناطق هي جزء من الحزام السني المحيط ببغداد المركز، فالدورة تمثل امتدادا جغرافيا للمحمودية واللطيفية، والعامرية تقع على بداية الطريق الغربي لبغداد والتي لا يفصلها عن الغزالية الا امتداد الطريق السريع، فكل هذه المناطق محيطة ببغداد وبالتالي يمكن اعتبار ان بغداد محاصرة بشريط سني ارهابي خوارجي، وهي في الوقت نفسه تحتل مكانتها كمراكز لحاضنات الارهاب.

معامل تفريخ الارهاب!

سابقا كانت المناطق خارج بغداد تكتظ بمزارع الدواجن ومعظمها اراض سلبتها سلطة النظام البائد من اصحابها، وقدمتها هدايا او باعتها على بعض المتعاونين معها بثمن بخس، ولا ننسى كيف سيطر الكثير منهم على اقتصاد البلد، اما الان فقد تحولت هذه المناطق الى مراكز تفريخ من نوع آخر، اكثر ربحا وان كان بدماء الاخرين، وفي الوقت نفسه تحقق اغراضا دنيئة وافكارا منحطة لجماعات احترفت القتل الذي شرعه لهم رجال يدعون التدين، فإن احاطة بغداد بجدار من المناطق السنية المتطرفة سيحقق للمستقبل الارهابي اغراضا عدة،  منها:

اولا: ابعاد بقية الاطراف الشيعية عن بغداد مما يسهل عملية اغتيال الشيعة الساكنين في المركز والذين لن يجدوا من يتدخل لمساعدتهم والدفاع عنهم، وهو ما يجري بشكل يومي وباسلوب منهجي.

ثانيا: التخطيط لاحتلال بغداد بقوات سيأتي معظمها من الخارج وبمساعدة سعودية مصرية، مدعومة بأسناد اسرائيلي، وما وجود حارث الضاري في مصر ووجود ابنه مثنى في اسرائيل الا لاجل هذا الغرض كما ان بعض السياسيين السنة منهم عدنان الدليمي وطارق الهاشمي يعلمون بعدد ونوعية الضباط البعثيين الذين يتم تدريبهم في السعودية.

ثالثا: ثمة مخططات لتدمير المراقد الشيعية في بغداد مثل مرقد الامامين الكاظمين في مدينة الكاظمية ومراقد الوكلاء الاربعة للامام الحجة عجل الله فرجه الشريف وما تفجير جامع براثا الا البداية بعد ان شهدوا ضعف الحكومة في التعامل مع حادث سامراء الجسيم.

رابعا: ان المخطط العربي بقيادة الجامعة العربية وبمباركة بعض علماء الازهر امثال الطنطاوي، الذين اوكلوا حملتهم الاعلامية الى جزيرة قطر، التي تتحفنا بعدد لا يستهان به من الارهابيين، على شاشتها، حيث تحاك المخططات وتوجة التعليمات علنا ليقوم الاخرون يتنفيذها ثم لنجد رؤوسا راعشة تبارك وتهنيء الارهابيين على بطولات زائفة، ولا بأس ان ياتي الدعم والاموال من اسرائيل مادام كل ذلك سيؤدي الى اضعاف وقتل الشيعة في كل مكان، وما دامت الوعود بالعودة المزعومة للسلطة الارهابية تنثر هنا وهناك.

    وبالتالي سيجد خوارج العصر جدوى مشاريعهم بتفقيس الارهابيين على حدود بغداد، فالسوق رائجة، وموت وتهجير الاف الشيعة سيبعث البهجة في نفس الضاري والدليمي، وسيعني المزيد من الامال التي تتدفق من الحاضنات وخاصة اسرائيل، فهو المشروع الحلم، بل ربما كان اكثر المشاريع الارهابية نجاحا، حيث الحكومة في سبات طويل، بل انها حتى هذه اللحظة لم تلملم اوراقها، فبينما نحن نتحرك بسرعة سلحفاة متعبة فان الارهابيين يتقافزون ويتعاوون كالضباع الناهشة.

 

مؤآمرة بغطاء سياسي

    قبل ان يصل الكثير من السياسيين السنة للسلطة بدأوا بالتحضير لتنفيذ مخططاتهم بعودة البعث الارهابي، فثمة توافق نهائي وعقد ازلي بين البعث والارهاب، فالمشهداني وقبل ان يسخن موضع جلوسه على كرسي رئاسة البرلمان يهدد بتغيير الدستور، وهو يديف السم بابتسامة صفراء، اما الزوبعي الذي لا ادري كيف استحق منصب نائب رئيس الوزراء، كان اول ابداعاته الارهابية الدعوة الى اطلاق سراح كل الارهابيين وخاصة اخوه وابن عمة، (مع العلم بانهما امسكا متلبسين)، وطارق الهاشمي يأبى الا تحريض الجماعات الارهابية على الاستمرار بقتل الشيعة ويدعو الحاضنات لمد يد العون لهم، فهل وصلوا للسلطة لتقويضها؟؟ والحقيقة ان هذا ابشع استغلال للسلطة ولا ادري كيف سيتعامل المالكي معهم؟ فان كان سيبقى على حالة التراخي ويتحجج كما فعل الجعفري بالتعاون مع السنة تحت حجة التوافق او التراضي، فانا اخبرة منذ الان اننا سنقول على الحكومة السلام، وان المشروع الشيعي الحضاري في العراق سيتم تقويضه على يد خوارج العصر الارهابيين السنة بعد ان تمكنوا من الوصول الى السلطة، فأن ما نعرفه عن السلطة هو الحزم، واية حكومة ستفشل إن لم تمارس الحزم، لقد اثبتت حكومة الجعفري هشاشتها، وبدائية تفكيرها، وضياع تخطيطها وبطأ تعاطيها مع الحدث، كما انها لم تستمع لنبض الشارع الشيعي، وخاصة للطبقة المثقفة، فليست المشلكة ان يكون فلان صاحب اختصاص او ان يحمل درجة علمية، ولكن المهم ان يستطيع توظيف معرفته وعلميته بالاتجاه الصحيح، فكم كنا كأكاديميين نرى اساتذة علماء في اختصاصهم لكن احدهم لا يستطيع ان يضبط قاعة درسة، فالادارة والحزم والشدة وحسن التعامل مع الحدث كلها نوع من الفن يجب التعرف عليه والتعامل معه، والا ما هي المعايير التي من اجلها تم تسمية الوزراء ثم ناتي بعد ايام  فقط  لنكتشف بأن بعضهم لا يصلح للمنصب؟؟     إن ضياع المنهجية خطأ جسيم يؤدي الى نتائج سلبية قاتلة، ولا يمكن ان يبقى العراق حقل تجارب، بالتأكيد سنعطي للاستاذ المالكي ولحكومته فسحة زمنية كافية ليبرهن لنا الجميع على قدراتهم في تنفيذ البرنامج الحكومي كمجموعة تعمل سوية اما الخروج عن السرب وهو ما ظهر سريعا ومنذ الساعات الاولى فسيعني الدخول في حلقات الانهيار وربما كان السقوط مدويا وهذا ما لا ارغب ان افكر فيه.

المملكة المتحدة – لندن

albayatiws@hotmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء  7/حزيران /2006 -9/جمادي الاول/1427