مظاهر العنف والفوضى تنتقل الى جنوب العراق في السماوة والبصرة فما هي الاسباب؟

 

يبدو ان مظاهر العنف قد بدأت بالنزوح من احياء بغداد الى مدن الجنوب العراقي وبالخصوص مدينتا البصرة والسماوة، ويعزو البعض ان نزوح الفوضى هو للفراغ الحكومي وسوء الخدمات وانتشار الفساد وصراع الاحزاب مما زاد من نقمة المواطنين وغضبهم.

فقد قال شهود عيان في مدينة السماوة اليوم الأحد أن حالة من التوتر تسود المدينة بعد إطلاق قوات الأمن النار على متظاهرين اشتبكوا معهم احتجاجا على سوء الخدمات في المدينة.

وقال الشهود لوكالة أنباء (أصوات العراق) إن أعمال العنف اندلعت في حدود الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم عقب تظاهرة صاخبة في شارع المحافظة حيث تقع المباني الرسمية للحكومة المحلية.

وأضاف الشهود إن المتظاهرين الذين لم يتجاوزوا الإلف نسمة في البداية طالبوا بتحسين الخدمات وإقصاء من وصفوهم بالمفسدين ومعالجة شحة الكهرباء والوقود.

وتعاني محافظة المثنى من أزمة وقود حادة حيث صعد سعر اللتر الواحد من البنزين من مئتين وخمسين دينار إلى ألف وخمسمائة دينار.

وقال أحد الشهود "إن عددا من المتظاهرين شعروا بالغضب بعد استخدام العيارات النارية ضدهم مما جعلهم يهجمون على دائرة المنتجات النفطية ويحطمون زجاجها وأبوابها كما حاولوا اقتحام مصرف الرافدين ودائرة الكهرباء والماء والمجاري."

ولم ترد أي تقارير على الفور عن وقوع إصابات بين المتظاهرين أو قوات الأمن.

وتسود السماوة حالة من الترقب والتوتر حيث شوهدت السنة اللهب ترتفع من حرق الإطارات المطاطية فيما أقفلت المحال التجارية أبوابها تحسبا لحالات طارئة.

وأغلقت قوى الأمن عددا من الشوارع فيما انتشرت أعداد كبيرة من قوة مكافحة الشغب وطواريء الشرطة المعززة بقوات إسناد الجيش لحماية المباني الحكومية وكذلك دوائر الكهرباء وديوان المحافظة.

وكان محافظ المثنى قد أصدر تعليمات بثها التلفزيون المحلي ليلة أمس بمنع التظاهر بكل أشكاله ولمح إلى إمكانية استخدام القوة لفرض الأمن والقانون.

وذكرت دائرة صحة المثنى أن حصيلة الإشتباكات العنيفة التي شهدتها مدينة السماوة اليوم الاحد بين مئات المتظاهرين وقوات الشرطة بلغت ( 21 ) مصابا بينهم سبعة من رجال الشرطة ، فيما نفت سقوط أي قتيل.

وقال مصدر طبي في مستشفى السماوة العام ، فضل عدم الكشف عن هويته ، في تصريح لوكالة أنباء (أصوات العراق) المستقلة إن" ما لا يقل عن (21) شخصا أصيبوا بجراح ، معظمهم جراحهم طفيفة ، نتيجة الاشتباكات التي شهدتها مدينة السماوة صباح اليوم."

وأشار إلى أن "من بين المصابين سبعة من رجال الشرطة."

من جانبه ، قال معاون مدير شرطة محافظة المثنى المقدم غانم الياسري " كانت المظاهرة سلمية ومشروعة للمطالبة بتحسين الخدمات ، غير أن عددا من المشبوهين والمنتمين لجهات (معروفة لدينا) ساهمت في تحويل المظاهرة عن طابعها السلمي الى العنف غير المبرر وتأخذ فيما بعد الطابع التخريبي والتدميري."

ورفض الياسري تحديد تلك الجهات.

وقد فرضت قوات الشرطة حظرا للتجوال ظهر اليوم في مختلف أنحاء السماوة وسيستمر حتى صباح غد الاثنين.

من جهة اخرى قال مصدر من الطب العدلي في البصرة يوم الأحد إن مستشفى الطب العدلي في المدينة تسلم حتى ظهر اليوم 31 جثة في أقل من 24 ساعة.

وأوضح المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه في إتصال هاتفي مع وكالة أنباء (أصوات العراق) المستقلة أن 23 جثة منه تعود لضحايا حادث انفجار السيارة المفخخة.

وكانت سيارة مفخخة قد إنفجرت عصر أمس في سوق الحمزة الشعبي بمدينة البصرة وأسفر الحادث عن مقتل 27 شخصا وجرح 62 اخرين.

وتابع المصدر "كما استلم المستشفى ثماني جثث لضحايا العنف الذي حدث ليلة البارحة

،واستلم اليوم جثة تاسعة لواحد من ضحايا العنف أيضا."

واعلن مصدر امني في حصيلة جديدة ان 28 شخصا قتلوا واصيب 62 آخرون بجروح عصر السبت في انفجار سيارة مفخخة كان يقودها انتحاري في سوق في البصرة جنوب العراق.

وقال مصدر في وزارة الدفاع في بغداد ان "سيارة مفخخة يقودها انتحاري انفجرت في سوق مكتظ في الحي القديم في البصرة نحو الساعة 18,30 (14,30 تغ) ما ادى الى مقتل 28 شخصا واصابة 62 اخرين آخرين بجروح". وكان حصيلة سابقة تحدثت عن سقوط 21 قتيلا و80 جريحا.

وافاد مصور وكالة فرانس برس انه شاهد بقع دم كثيرة في مكان الانفجار في حين تحطم زجاج الابنية المجاورة.

وياتي انفجار السيارة المفخخة بعد ثلاثة ايام على اعلان حالة الطوارىء في كبرى مدن الجنوب العراقي اثر زيارة لرئيس الحكومة نوري المالكي الذي ناقش مع المسؤولين المحليين سبل احلال الامن في المدينة وتوعد ب"الضرب بيد من حديد رؤوس العصابات والمتلاعبين بالامن في المدينة".

الا ان المالكي عاد واعتبر ان هناك "تضخيما" في وصف الوضع في البصرة. وقال المالكي في مؤتمر صحافي الخميس "في الحقيقة كل الذي قيل موجود لكن بقدر محدود وليس بالمبالغة التي تحدثت عنها وسائل الاعلام" مضيفا "هناك خلافات سياسية وطائفية وتهجير ولكنها ليست بالمستوى" الذي نقلته وسائل الاعلام.

ورأى المالكي ان "العصابات هي اخطر ما في العملية هناك خصوصا اولئك الذين اطلق سراحهم قبيل سقوط النظام وهؤلاء هم الذين يعيثون فسادا" في المدينة.

وحول مسألة حل الميليشيات قال المالكي "ستسير قضية الميليشيات مع القضية الامنية جنبا الى جنب لان هذه المسالة مترابطة ومرتبطة بمسالة المصالحة الوطنية".

واعلن المالكي الاربعاء حال الطوارىء في مدينة البصرة لمدة شهر في حين دان الرئيس العراقي جلال طالباني "الفلتان الامني السائد وشيوع حالة الفوضى" في البصرة.

وتستهدف اعمال العنف بصورة خاصة افرادا من الطائفة السنية التي تشكل اقلية كما يسود توتر بين ميليشيات شيعية وتنشط في المدينة عصابات اجرامية.

وينتشر ثمانية الاف جندي بريطاني في مدينة البصرة ومحيطها في اطار عمل القوات المتعددة الجنسيات المتواجدة في العراق.

وكانت البصرة قد بدأت يوم الجمعة إجراءات تنفيذ خطة الطوارىء التي أعلنها رئيس الوزراء العراقي نورى المالكى حيث لوحظ وجود كثافة أمنية لمختلف الأجهزة الأمنية وزيادة عدد السيطرات في مفارق الطرق والساحات العامة والأماكن الحيوية.

من جهة أخرى، وزعت مجموعة أطلقت على نفسها إسم (القصاص العادل) أمس بيانا قالت فيه إنها مصرة على الإستمرار في تصفية ما وصفتهم "عناصر النظام السابق والخونة".

كما حدثت الليلة الماضية إحتجاجات وتظاهرات في منطقة المشراق في البصرة القديمة (3كم عن مركز المدينة) وفي منطقة الهارثة ( 20 كم شمال البصرة) أحرقت فيها إطارات السيارات وقطعت بعض الطرق إحتجاجا على إنقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 18 ساعة يوميا.

وقال مواطنون في البصرة إنهم لم يشعروا بتغيير يذكر في المظاهر الأمنية بمدينتهم إثر بدء تنفيذ حالة الطوارئ التي أعلنها رئيس الوزراء السيد نوري المالكي خلال زيارته البصرة ،بهدف إعادة الأمن والهدوء إلى المدينة التي زادت فيها العمليات المسلحة والتوترات السياسية بصورة ملحوظة الشهور الماضية .

ويقول المواطن نصير إبراهيم ،كاسب.. (40 عاما) ،لـ ( أصوات العراق) " لم نلمس حتى الآن ما يشير إلى أن هناك خطة جادة ومؤثرة.. لقد سمعنا عن تطبيق حالة الطوارىء في البصرة ،ولكن لم نشاهد على الأرض ما يشير إلى ذلك.. فالسيطرات ورجال الشرطة أمور ليست جديدة وكانت موجودة قبل إعلان حالة الطوارىء."

وتابع "بل لاحظنا ،خلال اليومين الأخيرين.. بعد إعلان خطة الطوارىء ،إنخفاظا ملحوظا للقوى الأمنية.. عكس أيام ما قبل إعلان الخطة."

وأعرب إبراهيم عن إعتقاده بأن الأمور " إذا تبقى على هذا الحال.. فلن تنجح اللجنة المشكلة والقوى الأمنية."

وبالنظرة التشاؤمية نفسها يتحدث المواطن سعد الوزان ،مصلح أجهزة إلكترونية..(45 عاما)

،قائلا " كنا قد استبشرنا خيرا بمبادرة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي ،في أن تضع حدا لكل الذي يجري في البصرة.. وتعود المدينة إلى هدوئها الذي تميزت به دائما ،لكننا لم نلمس حتى الآن الإجراءات التي تضع حدا لما يحدث من إنفلات أمني."

لكنه استطرد "ربما أن المسؤولين في اللجنة والقوى الأمنية لم ينتهوا حتى الآن من وضع الخطط اللازمة والترتيبات المناسبة ،لكننا نرى أن الإسراع والحزم من المسائل المهمة في

إنجاح هذه الخطة."

ولفت الوزان إلى أنه " كان من الضروري أن نرى في الأيام الأولى ( لتطبيق الخطة الأمنية) مصداقا لكلام السيد المالكي ،وأن نحس بهذا على الأرض."

وعبر المواطن مناف خلف ،طالب جامعي.. (21 عاما)  عن استغرابه من أن انتشار الشرطة والقوى الأمنية " كان أكثر في الأيام السابقة منه بعد إعلان حال الطوارىء."

وأضاف "من غير المعقول أن تكون الأيام الأولى لتطبيق الخطة الأمنية بهذا الشكل الذي يبدو غير فعال بالمرة " ،واستدرك قائلا " لكن رغم هذا لم نسمع بعمليات اغتيال خلال اليومين الأخيرين."

وأعرب خلف عن خشيته من أن تكون "عصابات الإجرام تمارس عملية (جس النبض) لاختبار فاعلية الإجراءات الجديدة " ،مطالبا بأن تنفيذ الخطة "بقوة وحماس وفاعلية لكي نشعر بالأمان والطمأنينة."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين  5/حزيران /2006 -7/جمادي الاول/1427