الثقافة ووزارتها

علي حسين عبيد

ثمة لهاث وراء المكاسب المادية وغيرها شكل سمة قائمة لعدد من المحسوبين على الادباء والمثقفين واسهم بطريقة او اخرى في تعضيد الفوضى الثقافية وتمييع الهدف الاساس في ترصين الثقافة العراقية واعلاء شأن المبدع العراقي وابداعه وكأن فورة اقتناص الفرص وغمط حقوق الآخرين انتقلت من السياسي للمثقف، ونحن هنا لا نستطيع ان نغفل الدور المؤسف الذي لعبه بعض الادباء والمثقفين في الهبوط بالواقع الثقافي العراقي الى القعر، وهكذا يتعاضد الطرفان الرسمي وغير الرسمي في تأشير خريطة ثقافية مؤسفة أثثتها مطامع ونفعيات وأخطاء واضحة للعيان وضعت ثقافتنا ومبدعينا على مفترق طرق قد يقودهم وثقافتهم وابداعهم (في حيز اسمه العراق) الى الهاوية.

 والحل يكمن بلا ادنى ريب في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، واذا اراد المثقفون والمبدعون عامة ان ينقذوا الثقافة من التشرذم والنكوص فليس عليهم سوى فرض الوزير المناسب فرضا على الجهات الرسمية وان يختاروا العنصر الفاعل والمثقف المبدع الذي ينتمي صورة وجوهرا الى خلية المبدعين حصرا لتصحيح المسار واعادته الى جادة الصواب وذلك من خلال خطوات ضاغطة هم قادرون عليها حتما.

وليس في قولنا تجن على احد اذا قلنا للسياسيين اتركوا الثقافة والمثقفين وشؤونهم بعيدا عن صراعاتكم ودعوا الثقافة تظلل رؤوسكم المنشغلة بالتناقضات والغنائم، دعو الثقافة ترسم بهدوء طريقا ومنفذا يقود العراقيين الى (ضوء نهاية النفق) وتذكروا دائما قولا لأحد المفكرين والادباء الغربيين مؤداه (اذا انحطت ثقافة امة ما انحط انسانها)، ولا تنظروا للمثقفين والمبدعين بعين واحدة، صحيح ان المثقفين والادباء والمبدعين عامة لا يتعاملون بلغة الرصاص والبارود وصحيح ان مبدأ السلام والمسالمة ديدنهم في الحياة العامة والخاصة، لكنهم يمتلكون بلا ادنى ريب ماهو اقوى من الرصاص والبارود، انهم يمتلكون سلطة الكلمة التي ارعبت الطواغيت على مر العصور وأسقطتهم من علياء عروشهم، وقطعا انهم لن يسمحوا لكائن من كان ان يصادر دورهم او يتجاوز على حقوقهم وحقوق الشعب من دون عقاب، حتى لو كان هذا العقاب يقع في خانة التأريخ الذي لا يرحم من يتجاوز على شعبه بأية طريقة او وسيلة كانت.

ان تعليق نشاطات عدد من الكتاب والادباء الذي بدأ في صيغة احتجاج على ما يجري للثقافية العراقية في ظل (التحرر الامريكي) انما هو الخطوة الاولى، التي ستقود( اذا ما بقي الحال مترديا) الى خطوات اخرى ستضع المسؤولين حتما وجها لوجه امام أخطائهم وتجاوزاتهم، واول المسؤولين هنا وزارة الثقافة التي لن نسمح لها بالاتكاء على الثقافة العراقية اسما وجوهرا إلاّ اذا كانت تستحق الاسناد من خلال بلورة ثقافة حقيقية قائمة على وضع الخطوات العملية التي ترسم للعراق والعراقيين وجها ثقافيا وانسانيا ناصعا بين الثقافات العالمية. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 4/ حزيران /2006 -6/جمادي الاول/1427