قمة مبارك عبد الله: لا للاعتراف بحكومة المالكي ونعم للارهاب

اسعد راشد

التصعيد الذي يجري في العراق اليوم وتزايد الهجمات الارهابية وعمليات قتل المدنيين واستهداف المساجد والحسينيات وتدمير المؤسسات الحكومية يأتي في ظل الرفض العربي للاعتراف باالحكومة الجديدة والموقف السلبي الذي مازالت الانظمة العربية تتخذه تجاه المشهد العراقي ومشاركتها القوى المناهضة للعراق الجديد في اجندتها بل ودعمها من خلال سيل الاسلحة والاموال التي تتقاطر على الارهابيين وتوجيه غول الاعلام العربي ضد العملية السياسية في العراق.

تناغم موقف الارهاب مع موقف الانظمة العربية تجاه الوضع في العراق يكشف بوجود تنسيق خفي بين الطرفين لضرب الاستقرار في العراق وتدميره و قد تجلى ذلك بشكل واضح في نمط التعاطي العربي مع الحكومة الجديدة وتماهيه مع اجندة الارهاب الذي يعيث فسادا وخرابا في العراق وهذا ما أكده اجتماع مبارك عبد الله في قمتهما الاخيرة والتي قالا بشكل صريح ان "العملية السياسية لم تكتمل في العراق لغياب كل الاطراف في لعب دور فيها" ! اي انهما يرفضان التعامل مع الحكومة الجديدة ولا يعترفان بها بل اعطت القمة الاخيرة ضوءا اخضر للارهاب للتصعيد في الوضع الامني والاستمرار في نهج القتل والمفخخات وقتل المدنيين.

تصريحات ابرز "زعيمين" عربيين في المنطقة حول العراق بان "العملية السياسية لم تكتمل في العراق" تكشف عمق تواطؤ اكبر دولتين عربيتين في المنطقة ضد العراق وشعبه وتشير بوضوح الى ان للسعوديين والمصريين دور اساسي في زعزعة الاستقرار والامن في العراق وان باستطاعة النظام المصري والسعودي الضغط على الاطراف السنية العراقية لوقف اعمال العنف والارهاب في العراق الا انهما وفقا للاجندة الطائفية واخرى لها علاقة بالمشروع الديمقراطي للمنطقة فان تلك الدولتين ليست من مصلحتهما مشاهدة عراق مستقر وامن ومزدهر تقوده التعددية السياسية وتحكمها شريعة حقوق الانسان ومبادئ الديمقراطية.

قمة ملك النظام السعودي ورئيس النظام المصري يوم امس تأتي على خلفية انتخاب الحكومة العراقية الجديدة وتصديق البرلمان العراقي لحكومة المالكي التي تشترك فيها كافة الاطياف العراقية وخاصة تلك الواجهات السياسية لجماعات العنف والارهاب المسلحة والتي رفضت في السابق المشاركة والاعتراف باالعملية السياسية اما اليوم فهي تشارك وتحتل مواقع سيادية ووزارات مهمة تعكس التنوع السياسي و"اكتمال" مشاركة الاطراف السنية في ادارة العملية السياسية اما "القمة السعودية المصرية" والتي لانشك انها اتت على تلك الخلفية رغم ان ظاهرها هي مناقشة "القضية الفلسطينية" فانها تزايد حتى على عملاءها واتباعها في العراق والذين يشاركون اليوم بقوة في العملية السياسية فيما هؤلاء  مازالوا يرون "عدم اكتمال العملية السياسية"!

ان موقف تلك الدولتين السلبي وتواطؤهما في توتير الاوضاع في العراق ودعم الاطراف الارهابية وخاصة عصابات القاعدة يثبت ان الارهاب واستمرار دوامة القتل والمجازر بحق المدنيين واستهداف القوات الامنية مصدره ومموله الاساسي هي الدولة السعودية وبعض دول الخليج وبدعم سياسي مصري حيث قرار ضرب العملية السياسية في العراق وتخريبها قرار عربي بالدرجة الاولى بدليل ان الاطراف السنية التي كانت بالامس ترفض المشاركة في العملية السياسية فهي اليوم تشارك بينما ترى الانظمة العربية ان "الامر لم يكتمل" وهو امر يثير اكثر من تساؤل حول دور تلك الانظمة وخاصة السعودية في تصعيد الوضع الامني ومشاركتها السلبية في المشهد العراقي من خلال التحريض المستمر للاطراف المجرمة والارهابية على حرق العراق وتدميره وقتل ابناءه وليس ادل على ذلك التحالف القوي القائم اليوم بين العصابات العربية المجرمة والارهابية القادمة من الدول العربية وخاصة السعودية واليمن ودول المغرب العربي بقيادة تنظيم القاعدة الاجرامي وبين بعض الاطراف السنية وخاصة البعثيين والسلفيين الطائفيين حيث ذلك التحالف بدأت تستقوي اطرافه ويشتد عوده بعد قيام الحكومة العراقية الدائمة ويتجه نحو علاقة استراتيجية اكبر مما كانت عليه علاقات الطرفين في السابق وذلك بدعم وتحريض عربي رسمي وشعبي وزخم اعلامي تساهم فيه اكثر من 150 فضائية عربية وببث موجه ضد العراق تربوا ساعاته الف ساعة في اليوم هذا عدى الصحف العربية المدعومة رسميا يتجاوز عددها الـ150 صحيفة يومية والاف المساجد في الدول العربية وخاصة في السعودية والتي تحولت الى ثكنات تجهيز واعداد للانتحاريين ومراكز تطوع لدعم الارهاب والقتل في العراق.

 ولعل تقرير البنتاغون الاخير والذي اشار فيه بوضوح الى تواطؤ بعض السُنة في العراق مع تنظيم القاعدة وانضمام المتشددين الى جماعة الزرقاي الارهابية يشير الى ما اكدنا اليه حول دور عرب الجوار والاقليم في تخريب العراق كما ان العكس يمكن ان يكون هو الصحيح اي التحريض الرسمي والتزام الصمت من قبل الاجهزة الامنية في الدول العربية ازاء دعوات التحريض و"المقاومة" في وسائلها الاعلامية ودفع مجاميع الارهاب من فئة الشباب والمراهقين للانضمام الى جماعات القتل السلفية والبعثية الارهابية هو الاكثر مألوفا وملموسا في المشهد العراقي.

ليس هناك من طريق لمواجهة التدخل العربي الوقح في الشأن العراقي ومساهمته السلبية في تأجيج الوضع في العراق كما جاء في تصريح رموز "قمة القاهرة" (مبارك عبد الله) سوى القبضة الحديدية ضد الارهاب والضرب بيد من حديد على اوكارها في الاعظمية والعامرية والغزالية والدورة ومناطق الديالي واللطيفية والانبار والموصل وحتى البصرة كما قال الدكتور مالكي وبذلك فقط يتم قصقصة اجنحة الارهاب وتجريد الانظمة العربية من اوراقها الارهابية التي تحاول من خلالها تنفيذ اجندتها الطائفية والتخريبية في العراق. 

شبكة النبأ المعلوماتية-االسبت 3/ حزيران /2006 -5/جمادي الاول/1427