باكستانيون يحاولون التصدي لجرائم القتل من أجل الشرف

 

 استدرجت عائشة بالوتش الى حقل حيث طرحها شقيق زوجها أرضا بينما باعد زوجها ساقيها وشق شفتها العليا وطرف أنفها بسكين.

ويطلقون على مثل هذه الاعتداءات على النساء مسألة "شرف" في بعض المجتمعات في باكستان لكنها مصدر عار قومي بالنسبة للغالبية العظمى من الباكستانيين.

واتهمت بالوتش (18 عاما) التي تزوجت قبل أقل من شهرين في منطقة ديرا غازي خان بوسط باكستان بأنها كانت على علاقة برجل اخر قبل الزواج.

همهمت بالوتش من خلال الضمادات حول وجهها في مستشفى بمدينة مولتان قائلة "في البداية قاما بتعذيبي وضربي. بدأت في الصراخ. فأمسك أكبر بيداي وشدني الى الارض. وجلس عيسى على ساقاي وشق أنفي وشفتاي."

ومضت تقول "كنت أنزف وبدأت في الصراخ بعدما فرا على دراجة نارية. سمعني أناس وأنقذوني وأخذوني الى منزل أمي."

لكن بالوتش كانت محظوظة لانها على الاقل لم تقتل.

فهناك أكثر من ألف امرأة يقتلن على يد أزواجهن أو أقاربهن كل عام في باكستان وهو فقط ما تشير اليه البيانات وليس الرقم الفعلي "لجرائم القتل من أجل الشرف".

وفي كثير من الحالات يكون القتل مدبرا أكثر منه نتيجة نوبة غضب وغالبا ما يكون الدافع مرتبطا بالمال أو بتسوية خلافات.

وفي الاسبوع نفسه وفي مكان تفصله مسافة كبيرة عن قرية بالوتش اجتمع نشطاء اجتماعيون وبرلمانيون وزعماء مناطق في احدى ضواحي العاصمة اسلام أباد لبدء حملة تحت عنوان "يمكننا انهاء جرائم الشرف".

قالت فرحانة فاروقي ستوكر مديرة مكتب منظمة أوكسفام للمعونة الدولية في باكستان ان نحو عشرة الاف شخص يعرفون "بصناع التغيير" انضموا الى الحملة الى الان.

لكن ستوكر تعرف أن هناك منطقتين ستكونان حيويتين لنجاح الحملة.

وقالت لرويترز "يجب تغيير عقلية المشرعين من أجل الحصول على تشريع جيد."

لكنها تدرك جيدا أنه في كثير من المناطق الريفية النائية في باكستان يتمتع الشيوخ ورجال الدين بنفوذ أكبر من نفوذ الحكومة المحلية والقانون الاتحادي.

وتقول "كي نحدث تغييرا يجب أن نرتبط برجال الدين."

وفي باكستان تتعايش قرون عديدة في وقت واحد.

فنخبتها الصغيرة ذات التوجه الغربي تتبنى قيم القرن الحادي والعشرين بينما يروج رجال الدين المحافظون لتفسيرات متشددة للاسلام من العصور الوسطى بينما تحكم عادات قبلية تعود لفترة أقدم من وصول الاسلام الكثير من مجتمعاتها الريفية الفقيرة.

ويعرف القتل من أجل الشرف محليا باسم "كارو-كاري".

وتعتبر المرأة "امرأة سوداء" أو "كاري" بمجرد اتهامها بممارسة الجنس خارج الزواج وتكون معرضة للقتل. ويطلق على الرجل المتهم مثلها "كارو".

ولهذه العادة جذور قبلية وان كان التفسير الصارم للحدود في الشريعة الاسلامية يقضي برجم الزناة حتى الموت.

وجاء الرئيس الباكستاني الاسبق فاروق أحمد ليغاري من ديرا غازي خان. ويقول ان تغيير المجتمع هناك أو في أماكن مشابهة له يتطلب ما هو أكثر من القانون.

وقال ليغاري لرويترز بعد بدء الحملة المناهضة لجرائم القتل من أجل الشرف "ان محاربة هذا الخطر تتطلب حركات اجتماعية تضم أناسا من كل قطاعات المجتمع."

ويقود الرئيس الباكستاني برويز مشرف التنوير لكن منتقديه يقولون انه لم يحقق الكثير نظرا لنفوذ زعماء القبائل وامراء الاقطاعيات والاحزاب الدينية في البرلمان.

وحدد قانون أقر في العام الماضي عقوبة السجن عشر سنوات كحد أدنى لمرتكبي ما يسمى بالقتل من أجل الشرف.

لكن رشيد رحمن المحامي المدافع عن حقوق الإنسان قال إن العائلات غالبا ما تتستر على هذه الجرائم وتفضل الشرطة عدم التدخل.

وأضاف "وغالبا ما يتم الإفراج عمن يقبض عليهم لعدم كفاية الأدلة أو بعد التصالح مع عائلات الضحايا وهم من الأقارب المقربين في معظم الحالات."

وبينما احتجزت الشرطة اللذين اعتديا على عائشة بالوتش ووالدهما الذي حرضهما فإن بالوتش ليس لديها توقعات كبيرة بأن تتحقق العدالة.

وقالت "إنهم أناس اقوياء ولديهم أموال وسيخرجون بكفالة."

وتدعو مختاران ماي وهي رمز للنساء المقهورات وضحية اغتصاب جماعي في عام 2002 الشرطة لتطبيق القانون دون تحيز لكن تعليم المزيد من الفتيات أمر مهم أيضا.

وتعرضت ماي للاغتصاب بأمر من شيوخ القرية بعد اتهام شقيقها البالغ من العمر 12 عاما بأنه له علاقات مع امرأة من قبيلة أخرى. وقالت "ستستمر هذه الجرائم... إلى أن يسمح للنساء بالحصول على قسط من التعليم."

ويعيش نحو 70 بالمئة من الباكستانيين في المناطق الريفية حيث الإقطاع والقبلية لايزالان يزدهران والقوانين المستمدة من العرف هي المطبقة.

وباكستان المثقلة بعبء سكان عددهم حوالي 160 مليونا يتزايدون بمعدل يزيد على اثنين بالمئة سنويا ومتوسط دخل الفرد 800 دولار مهددة بأن تغمرها المشكلات الاجتماعية.

ويغمر المدن مهاجرون من المناطق الريفية يجلبون معهم أساليب العيش الريفية.

وتواجه الشرطة مهمة شاقة لوقف القتل من أجل الشرف الذي يتزايد ناهيك عن القضاء على الجريمة حسبما يشير فدا حسين ماستوي مساعد المفتش العام للشرطة في إقليم السند بجنوب باكستان.

وقبل أيام توفيت في كراتشي نور جيهان (14 عاما) متأثرة بجراح أصيبت بها قبل شهر عندما أطلق عليها أقارب اتهموها بسوء السلوك النار أربع مرات.

وتعقبوها في المدينة بعدما سافرت من قرية في إقليم بلوخستان وأمسكوها وأطلقوا عليها النار وتركوها تموت في حفرة. وعاشت لشهر في مستشفى حتى تلوث جرح في بطنها.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 1/حزيران /2006 -3/جمادي الاول/1427