(USAID)  وكالة المعونة الأمريكية: مشروعات طويلة الأجل لتحقيق الاهداف الامريكية

تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية الكثيرمن الوسائل للتأثير فيما يتعلق بتحقيق أهداف سياستها الخارجية. وتتنوع هذه الوسائل، فمنها العسكري ومنها الاقتصادي والسياسي والإنساني، وبعض هذه الوسائل من الوضوح بمكان مثلما تم استخدام الوسيلة العسكرية عندما قامت الولايات المتحدة بغزو العراق عسكريا للإطاحة بنظام صدام حسين.

ويقول موقع تقرير واشنطن ان الجهود الأخرى التي تبذلها الولايات المتحدة للتأثير في المجتمع الدولي فهي أكثر مكراً ودهاء وتتضمن مشروعات طويلة الأجل برعاية الحكومة الأمريكية، وإحدى هذه المنظمات التي تقوم بطرح المشروعات وتنفيذها ورعايتها هي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية  والتي تسمى اختصارا  USAID.

أهداف ومشروعات الوكالة

عندما وقع الرئيس كينيدي علي القرار التنفيذي لإنشاء المنظمة (USAID)  كان ينوي أن تراعي المنظمة  التركيز على الجهود التالية:

- مساندة النمو الاقتصادي من خلال التجارة وتحسين الزراعة.

- تحسين الصحة العامية.

- نشر الديمقراطية ومنع المنازعات وتوفير المساعدات الإنسانية عند الحاجة.

ولضمان فاعلية مشاريع المنظمة كان لابد من مواءمتها للظروف السيئة للدول التي تحتاج إلى المساعدة في مختلف أنحاء العالم، كما تحتم استمرارها علي المدى البعيد، وحاول مؤسسي المنظمة (ولا يزالوا يحاولون) إقناع الكونغرس والشعب الأمريكي أن تمويل هذه المنظمة يخدم المصالح الأمريكية.

وبالنسبة للقرن الواحد والعشرين فإن مهمة المنظمة لا تقل أهمية عن مهمتها عام 1961، ويخصص الكونغرس الأمريكي هذا العام مبلغ قدره 21.3 مليار دولار لبرامج المساعدات الخارجية، وطبقاً للتقرير السنوي للمنظمة فإن ميزانيتها قد بلغت العام الماضي حوالي 9 مليارات دولار تخصص أغلبها للحد من الفقر العالمي وتسريع عجلة النمو الاقتصادي، ومساندة حقوق الإنسان الأساسية عن طريق تنمية الديمقراطية للحكومات المختلفة، بالإضافة للتقليل من حدة النزاعات الدولية والرعاية الصحية التي تتفاوت احتياجاتها في عالم سكاني مستمر في النمو، كما تهتم بتنمية النواحي التعليمية، وتعتني بالمصادر الطبيعية للعالم.

المعونة الأمريكية والشرق الأوسط

تشغل المنظمة الكثير من المشروعات والبرامج في سبع دول شرق أوسطية: مصر والعراق والأردن ولبنان والمغرب والضفة الغربية (غزة) واليمن، وتشمل هذه البرامج والمشروعات النواحي التنموية في مجالات متعددة مثل الزراعة والاقتصاد والبيئة والإصلاح السياسي لدول المنطقة.

ففي مصر تمول المنظمة الكثير من المشروعات لأغراض شتى، منها توفير التدريب المهني لأصحاب الأعمال الصغيرة، وتنمية التعليم وبخاصة البنات، وتوفير المعلومات في مجال تنظيم الأسرة، وتقديم الرعاية الصحية للأطفال والأمهات، بالإضافة إلى توجيه وإرشاد النظام القضائي المصري. كذلك قامت هيئة المعونة بتنفيذ مشروعات كبري للصرف الصحي والاتصالات.

وفي العراق تمول المنظمة مشروعات عدة، جميعها تهدف إلى إعادة البنية الأساسية وإعادة تأهيل الخدمات التعليمية والصحية في البلاد، والإسراع بالتنمية الاقتصادية لدفع العراق نحو السوق الاقتصادي الحر بالإضافة إلى تشجيع الممارسات الحكيمة الرشيدة والتحول إلى الديمقراطية.

أما في الأردن فإن المنظمة تعني بمشروعات المياه والإصلاح الاقتصادي وتحسين الاقتصاد لتوفير وظائف أكثر للشباب، كما تعمل على زيادة شفافية الحكومة. وفي لبنان تعتني المنظمة بكافة المشاريع الزراعية والبيئة كما تمول المنظمات المدنية اللبنانية وتساعد على زيادة شفافية الحكومة اللبنانية.

وفي المغرب تمول المنظمة مشروعات تنمية السياحة الريفية وتحسين الممارسات الزراعية كما تمول مشاريع التدريب المهني للشباب من أجل الحصول على فرص عمل أفضل، وكذلك تمويل المشروعات التي تزيد من شفافية الحكومة.

وفي الضفة الغربية وغزة تمول المنظمة عدداً كبيراً من المشروعات من ضمن أهدافها توفير القروض الصغيرة للأفراد لتشجيع صغار المستثمرين وكذلك برامج التدريب المهني والأخر يركز على الرعاية الصحية، والإصلاح الديمقراطي.

وأخيراً اليمن، حيث توفر المنظمة التمويل الكافي لمشروعات الرعاية الصحية والتعليم ومشروعات تنمية الدخول الصغيرة وبخاصة في الأرياف، كما تتعامل المنظمة مع دول أخري لها ثقل في منطقة الشرق الأوسط وتساندها في مجال الإصلاح الديمقراطي وتشجيع الممارسات الحاكمية الرشيدة.

تم إنشاء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عام 1961 بموجب قرار تنفيذي للرئيس الراحل جون كينيدي، ولقد شهدت الـ15 سنة اللاحقة التنفيذ الناجح لمشروع المارشال بلان  the Marshall Plan الذي مولته الولايات المتحدة بغرض إعادة إعمار الدول الأوروبية التي تضررت من جراء الحرب العالمية الثانية وتكلف حوالي 13 بليون دولار أمريكي أنذالك وتم توفيرها من الميزانية الأمريكية الفيدرالية. وأثبتت هذه المبادرة أن المعونة الأمريكية الخارجية تستطيع أن تلعب دورا فعالا في المجتمع الدولي بالإضافة إلى الاستفادة الكبيرة التي تعود على الولايات المتحدة في نواحي كثيرة من جراء تقديم هذه المساعدات.

إن نجاح مشروع المارشال أظهر للكوادر العليا في الحكومة الأمريكية مدى فاعلية المعونة  الاقتصادية في التأثير على الحكومات الأخرى، كما دلل علي وجوب تركيز الولايات المتحدة علي المعونات الاقتصادية بالنسبة للدول النامية، حيث إن التجربة الأمريكية في أوروبا أثبتت استفادة الدول الأوربية من هذه المعونة وانطلقت في ثبات على طريق النمو الاقتصادي، وعقد تحالفات طويلة مع الولايات المتحدة.

ولابد من فهم طبيعة المناخ السياسي الذي سيطر على العاصمة الأمريكية واشنطن عام 1961، حتى نفهم سبب إنشاء منظمة المعونة الأمريكية، فقد كان الاتجاه الشائع وقتها هو أن أمريكا عليها ثلاثة أنواع من الالتزامات تجاه المجتمع الدولي: اقتصادي وسياسي وأخلاقي، وبالنسبة للجانب الاقتصادي فقد كانت الولايات المتحدة آنذاك (ولا تزال) من أغنى الدول في العالم، ومع ذلك فقد استدانت مرة واحدة فقط، أما سياسيا فإن الولايات المتحدة رأت نفسها أعظم قوة في مجابهة أعداء الحرية كما اشتهرت بأنها رادع الشيوعية، وأما من الناحية الأخلاقية فقد رأت الولايات المتحدة نفسها الزعيم الحكيم الذي يقود العالم الحر والجار الطيب للدول والشعوب الأخرى.

ونتيجة لهذا الشعور بالالتزام جنباً إلى جنب مع نجاح مشروع المارشال بلان، دفع ذلك الرئيس كينيدي إلى التركيز على الدول النامية، وجاء هذا القرار نتيجة عدة أسباب من أهمها تدعيم السمعة الطيبة للولايات المتحدة في الخارج وذلك على المدى البعيد، كما اقتنعت الحكومة الأمريكية بأن هذه المعونة سوف تساعد على توطيد جسور التفاهم مع دول العالم الثالث أو الدول النامية.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 29/ايار/2006 -30/ربيع الثاني/1427