لماذا يبدو العالم العربي مسكون بآلامه وأوجاعه وتجاربه الفاشلة
وسياساته الحمقاء وحروبه المدمرة وإلى أين يريد الإرهابيون والظلاميون
دفع المنطقة دولاً وشعوباً؟
كيف نستطيع تجاوز المحنة وهل حقاً أن نقص الحرية ونقص المعرفة تشكل
دليلاً نحو الضوء للخروج من هذا المأزق؟ أسئلة أبرزها ما يتعلق بتوفير
الحريات وحق التعبير والتنظيم، استند إليها تقرير التنمية الإنسانية
العربية الثاني لعام 2004 مضيفاً إليها نقص تمكين المرأة، مرجحاً
السيناريو المتشائم الذي يرى بأن العرب إذا ما استمروا في أوضاعهم
الحالية، سيكونون في أحسن الأحوال على هامش مجتمع المعرفة العالمي.
ويذكر التقرير بهذا الصدد أن المعرفة تبدو طريدة في البلدان
العربية الآن بل تقوم عقبات مجتمعية تحول دون قيام مجتمع المعرفة، كما
يبين التقرير، ونخشى أن يؤدي دوام الاتجاهات الراهنة إلى تهميش دور
المعرفة في المجتمعات العربية، بما ينطوي عليه من استمرار تدني الرفاه
الإنساني في الوطن العربي، ويقلل من فرص بناء التنمية الإنسانية في
ربوعه.
وتأسيساً على هذا الطرح يقترح التقرير رؤية إستراتيجية تتضمن أركان
مجتمع المعرفة الأساسية ومن أهمها إطلاق حريات الرأي والتعبير والتنظيم
وضمانها بالحكم الصالح والنشر الكامل للتعليم راقي النوعية، فضلاً عن
توطين العلم وبناء قدرات ذاتية في البحث والتطوير التقني، وصولاً إلى
تأسيس نموذج معرفي عربي عام أصيل ومنفتح ومستنير.
فديمومة التطور تشترط الحرية لأنها الضامن لازدهار المعرفة في شتى
المجالات فضلاً عن الارتباط بين نجاح التنمية المستدامة في تحقيق
أهدافها الإستراتيجية وفي الارتقاء بنوعية الحياة وبين توفير وتوسيع
نطاق الحرية فلا تنمية بلا مشاركة ولا مشاركة فاعلة إلا بتوفير الحريات.
والسؤال الملحاح مضى على هذه الدعوة عدة سنوات وفي تاريخ العرب
والمسلمين وفي دواوينهم نتلمس أهمية الحرية وضرورتها وبقي حال الأمة
العربية والإسلامية أعمى يقود أعمى، وبقيت هذه المطالب دعوات ملحاحة
ليس لها عنوان مناسب؟
وليس أبلغ من وصف حال أمتنا بأنها ترى بعين واحدة وأذن واحدة وتسير
بقدم واحدة إلى مستقبل مجهول؟!! ورغم أننا نشهد بين فترة وأخرى بوادر
تعيد التفاؤل إلى واقعنا المظلم ولكن سرعان ما تحاصر وتضعف وتنوس ومن
ثم تنطفئ ليقودنا هذا الواقع إلى السؤال المركزي والرئيسي من المستفيد
من هذا الواقع المؤلم وإلى متى سنبقى نعمل بلساننا ونضع الحكمة، والعقل
والفعل الإيجابي والسياسات الرشيدة حبيسة أدراجنا ولمن أهدي كتاب سماحة
الإمام الراحل محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) عن أسباب تأخر المسلمون؟!!
أرشدوني؟!
aboalibassam@gawab.com |